المسائل المنتخبة

اشارة

نام كتاب: المسائل المنتخبة

موضوع: فقه فتوايى

نويسنده: قمّى، سيد محمد حسينى روحانى

تاريخ وفات مؤلف: 1418 ه ق

زبان: عربى

قطع: وزيرى

تعداد جلد: 1

ناشر: شركة مكتبة الألفين

تاريخ نشر: 1417 ه ق

نوبت چاپ: اول

مكان چاپ: كويت

[القسم الأول في أحكام العبادات]

[أحكام التقليد]

الحمد للّٰه رب العالمين، و الصلاة و السلام على رسوله محمد و عترته الطاهرين، و اللعنة الدائمة على أعداءهم أجمعين.

و بعد:

يجب على كلّ مكلّف أن يحرز امتثال التكاليف الإلزامية الموجّهة إليه في الشريعة المقدّسة، و يتحقق ذلك بأحد أمور: اليقين، الاجتهاد، التقليد، الاحتياط، و بما أنّ موارد اليقين في الغالب تنحصر في الضروريات، فلا مناص للمكلف في إحراز الامتثال من الأخذ بأحد الثلاثة الأخيرة:

الاجتهاد: هو استنباط الحكم الشرعي من مداركه المقرّرة.

ثمّ إنّ الاجتهاد واجب كفائي، فإذا تصدّىٰ له من يكتفى به سقط التكليف عن الباقين، و إذا تركه الجميع استحقّوا العقاب جميعاً.

التقليد: هو الالتزام بالعمل بفتوى المجتهد.

المقلّد قسمان:

1- العامي المحض؛ و هو الذي ليست له أيّة معرفة بمدارك الأحكام الشرعية.

2- من له حظّ من العلم و مع ذلك لا يقدر على الاستنباط.

الاحتياط: هو العمل الذي يتيقّن معه ببراءة الذمّة من الواقع

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 8

المجهول.

ثمّ إنّه قد يتعذّر العمل بالاحتياط على بعض المكلّفين، و قد لا يسعه تمييز موارده- كما ستعرف ذلك- و على هذا فوظيفة من لا يتمكّن من الاستنباط هو التقليد، الّا اذا كان واجداً لشروط العمل بالاحتياط فيتخيّر- حينئذٍ- بين التقليد و العمل بالاحتياط.

(مسألة 1): المجتهد: مطلق، و متجزّئ.

المجتهد المطلق: هو الذي يتمكّن من الاستنباط في جميع أبواب الفقه.

المتجزّئ: هو القادر على استنباط الحكم الشرعي في بعض الفروع دون بعضها.

فالمجتهد المطلق يلزمه العمل باجتهاده، أو بالاحتياط،

و كذلك المتجزي بالنسبة إلى الموارد التي يتمكّن فيها من الاستنباط، و أما فيما لا يتمكّن فيه من الاستنباط فحكمه حكم غير المجتهد، فيتخيّر فيه بين التقليد و العمل بالاحتياط.

(مسألة 2): المسائل التي يمكن أن يبتلي بها المكلّف عادة- كمسائل الشك و السهو- يجب عليه على الأحوط أن يتعلّم أحكامها، الّا إذا أحرز من نفسه عدم الابتلاء بها.

(مسألة 3): عمل العامي من غير تقليد و لا احتياط باطل، الّا إذا تحقّق معه أمران:

1- موافقة عمله لفتوى المجتهد الذي يلزمه الرجوع إليه، مع كونه

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 9

موافقاً- أيضاً- لفتوىٰ المجتهد الذي كانت وظيفته الرجوع إليه حين عمله.

2- قصد القربة منه إذا كان العمل عبادة.

(مسألة 4): المقلّد يمكنه تحصيل فتوى المجتهد الذي قلّده بأحد طرق ثلاثة:

1- أن يسمع حكم المسألة من المجتهد نفسه.

2- أن يخبره بفتوى المجتهد عادلان، أو شخص يوثق بقوله و تطمئن النفس به.

3- أن يرجع إلى الرسالة العمليّة التي فيها فتوى المجتهد مع الاطمئنان بصحّتها.

(مسألة 5): إذا مات المجتهد و لم يعلم المقلد بذلك إلّا بعد مضيّ مدّة؛ فإن أعماله الموافقة لفتوى المجتهد الذي يتعين عليه تقليده فعلًا إن وافقت- أيضاً- لفتوى المجتهد الذي كانت وظيفته الرجوع إليه حين العمل، كانت صحيحة، نعم يحكم بالصحّة في بعض موارد المخالفة على قول، و ذلك فيما إذا كانت المخالفة مغتفرة حينما تصدر لعذر شرعي، كما إذا اكتفى المقلد بتسبيحة واحدة في صلاته حسب ما كان يُفتي به المجتهد الأوّل، و لكن المجتهد الثاني يُفتي بلزوم الثلاثة، ففي هذه الصورة يحكم بصحّة صلاته على قول.

(مسألة 6): لا يبعد جواز العمل بالاحتياط، سواء استلزم التكرار أم لا.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 10

أقسام الاحتياط

الاحتياط قد يقتضي الفعل، و قد يقتضي الترك، و قد يقتضي التكرار.

أما الأوّل؛ ففي كلّ مورد تردّد الحكم فيه بين الوجوب و غير الحرمة، فالاحتياط- حينئذٍ- يقتضي الإتيان به.

و أما الثاني؛ ففي كلّ مورد تردّد الحكم فيه بين الحرمة و غير الوجوب، فالاحتياط فيه يقتضي الترك.

و أما الثالث؛ ففي كلّ مورد تردّد الواجب فيه بين الفعلين، كما إذا لم يعلم المكلّف في مكان خاصّ أنّ وظيفته الإتمام في الصلاة أو القصر فيها، فإنّ الاحتياط يقتضي- حينئذٍ- أن يأتي بها مرّة قصراً، و مرّة تماماً.

(مسألة 7): كلّ مورد لا يتمكّن المكلّف فيه من الاحتياط يتعيّن عليه الاجتهاد أو التقليد، كما إذا تردّد مال بين صغيرين أو مجنونين، أو صغير و مجنون؛ فإن الاحتياط في مثل ذلك متعذّر، فلا بد من الاجتهاد أو التقليد.

(مسألة 8): قد لا يسع العامي أن يميّز ما يقتضيه الاحتياط، مثال ذلك: إنّ الفقهاء قد اختلفوا في جواز الوضوء و الغسل بالماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر، فالاحتياط يقتضي ترك ذلك، الّا انه إذا لم يكن عند المكلّف غير هذا الماء، فالاحتياط يقتضي أن يتوضّأ أو

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 11

يغتسل به، و يتيمم- أيضاً- إذا أمكنه التيمم. و قد يعارض الاحتياط من جهة، الاحتياط من جهة أخرى، و يعسر على العامي تشخيص ذلك، مثلًا:

إذا تردّد عدد التسبيحة الواجبة في الصلاة بين الواحدة و الثلاث، فالاحتياط يقتضي الإتيان بالثلاث، لكنّه إذا ضاق الوقت و استلزم هذا الاحتياط أن يقع مقدار من الصلاة خارج الوقت- و هو خلاف الاحتياط- ففي مثل ذلك ينحصر الأمر في التقليد أو الاجتهاد.

(مسألة 9): إذا قلّد مجتهداً يُفتي بحرمة العدول- حتى إلى المجتهد الأعلم- يجب

عليه العدول إلى الأعلم.

(مسألة 10): يصح تقليد الصبي المميّز، فإذا مات المجتهد الذي قلّده الصبي قبل بلوغه يجب عليه البقاء على تقليده إن كان أعلم، كما يجب عليه أن يعدل عنه إلى غيره إذا كان الثاني أعلم.

(مسألة 11): يعتبر في من يجوز تقليده أمور:

1- البلوغ.

2- العقل.

3- الرجولة.

4- الإيمان- بمعنى أن يكون اثني عشريّاً-.

5- العدالة.

6- طهارة المولد.

7- الضبط، بمعنى أن لا يقلّ ضبطه عن المتعارف.

8- الاجتهاد.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 12

9- الحياة؛ على تفصيل سيأتي.

(مسألة 12): تقليد المجتهد الميّت قسمان: ابتدائي، و بقائي.

التقليد الابتدائي: هو أن يقلّد المكلّف مجتهداً ميّتاً من دون أن يسبق منه تقليده حال حياته.

التقليد البقائي: هو أن يقلّد مجتهداً معيّناً شطراً من حياته، و يبقى على تقليد ذلك المجتهد بعد موته.

(مسألة 13): لا يجوز تقليد الميّت ابتداءً و لو كان أعلم من المجتهدين الأحياء.

(مسألة 14): الأقوى وجوب البقاء على تقليد الميّت إذا كان أعلم من المجتهد الحيّ.

(مسألة 15): لا يجوز العدول إلى الميّت- ثانياً- بعد العدول عنه إلى الحيّ.

(مسألة 16): الأعلم: هو الأقدر على استنباط الأحكام، و ذلك بأن يكون أكثر إحاطة بجهات المدارك و أدقّ فيها و في تطبيقاتها من غيره.

(مسألة 17): يجب الرجوع في تعيين الأعلم إلى أهل الخبرة و الاستنباط، و لا يجوز الرجوع- في ذلك- إلى من لا خبرة له بذلك.

(مسألة 18): إذا كان أحد المجتهدين أعلم من الآخر يجب تقليد الأعلم منهما.

و إذا تردّد الأعلم بين شخصين أو أكثر- و لو كان ذلك من جهة تعارض البيّنتين- وجب العمل بأحوط الأقوال، و مع عدم الإمكان يقلّد

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 13

من يظنّ أعلميّته، و مع عدمه يقلّد محتمل الأعلميّة إذا كان الاحتمال

خاصّاً بأحدهما و لو كان ضعيفاً، و مع احتمالها في حقّ الجميع يحتاط في المعاملات، و أما العبادات فللقول بعدم وجوب الاحتياط فيها وجه، و إن كان الأحوط كونها كالمعاملات.

(مسألة 19): إذا لم يكن للأعلم فتوى في مسألة خاصّة، جاز للمقلّد الرجوع فيها إلى غيره مع رعاية الأعلم فالأعلم.

(مسألة 20): يثبت الاجتهاد، أو الأعلميّة بأحد أمور:

1- الاختبار؛ و هذا إنّما يتحقق فيما إذا كان المقلّد قادراً على تشخيص ذلك.

2- شهادة العدلين.

و العدالة: هي الاستقامة في العمل، و تتحقق بفعل الواجبات، و ترك المحرّمات، حتى الصغائر على الأحوط.

و يعتبر في شهادة العدلين أن يكونا من أهل الخبرة، و أن لا تعارضها شهادة مثلها بالخلاف، و لا يبعد ثبوتهما بشهادة رجل واحد من أهل الخبرة إذا كان ثقة و حصل منها الاطمئنان، و مع التعارض فلا يبعد أن يؤخذ بقول من كان منهما أكثر خبرة.

3- الشياع؛ بأن يكون اجتهاد مجتهد أو أعلميّته متسالماً عليه عند كثير من أهل الخبرة، بحيث يحصل اليقين أو الاطمئنان بذلك.

(مسألة 21): الاحتياط المذكور في هذه الرسالة قسمان: واجب، و مستحبّ.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 14

الاحتياط الواجب: هو الذي لا يكون مسبوقاً أو ملحوقاً بذكر الفتوى، و في حكم الاحتياط ما إذا قلنا: فيه إشكال، أو فيه تأمّل .. أو ما يشبه ذلك.

الاحتياط المستحبّ: ما يكون مسبوقاً أو ملحوقاً بذكر الفتوى، و قد يعبّر عنه بكلمة: الأحوط الأولى.

(مسألة 22): لا يجب العمل بالاحتياط المستحبّ، و أما الاحتياط الواجب فلا بدّ في موارده من العمل بالاحتياط، أو الرجوع إلى الغير، مع رعاية الأعلم فالأعلم.

تنبيه:

اعلم أنّ كثيراً من المستحبّات المذكورة في هذه الرسالة يبتني استحبابها على قاعدة التسامح في أدلّة السنن- و حيث

لم تثبت عندنا- فيؤتى بها برجاء المطلوبية، و كذا المكروهات فتترك برجاء المطلوبية.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 15

الطهارة

اشارة

تجب الطهارة بأمرين: الحدث، و الخبث.

الحدث: هي القذارة المعنويّة التي توجد في الإنسان فقط بأحد أسبابها، و هو قسمان: أصغر، و أكبر، فالأصغر يوجب الوضوء، و الأكبر يوجب الغسل.

الخبث: هي النجاسة الطارئة على الجسم من بدن الإنسان و غيره، و يرتفع بالغسل أو بغيره من المطهّرات الآتية.

(الوضوء)

اشارة

يتركّب الوضوء من أربعة أمور:

1- غسل الوجه؛ و حدّه من قصاص الشعر إلى طرف الذقن طولًا، و ما دارت عليه الإبهام و الوسطى عرضاً. فيجب غسل كلّ ما دخل في هذا الحدّ، و يجب أن يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل.

2- غسل اليدين من المرفق إلى أطراف الأصابع. و المرفق: هو المفصل، اي منتهى عظمي الذراع و العضد.

و يجب غسل مجمع العظام مع اليد، و يعتبر أن يكون الغسل من

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 16

الأعلى إلى الأسفل.

3- مسح مقدّم الرأس و يكفي المسمى؛ و الأحوط أن يمسح مقدار ثلاثة أصابع مضمومة طولًا و عرضاً، و الأحوط وجوباً أن يكون المسح باليد اليمنى.

4- مسح الرجلين؛ و الواجب مسح ما بين أطراف الأصابع إلى المفصل على الأحوط. و يكفي المسمى عرضاً، و الأحوط المسح بكلّ الكفّ على تمام الظهر، و يجب أن يكون مسح اليمنىٰ باليمنىٰ و اليسرى باليسرىٰ، و الأحوط تقديم اليمنىٰ على اليسرىٰ.

و يجب غسل مقدار من الأطراف زائداً علىٰ الحدّ الواجب، و كذلك المسح، تحصيلًا لليقين بتحقق المأمور به. و لا بدّ في المسح من أن يكون بالبلّة الباقية في اليد، فلو جفّ ما على اليد من البلل لعذر أخذ من سائر أعضاء الوضوء من الوجه و اليدين، إلا أن يكون عدم إمكان حفظ البلل في الماسح لحرٍّ أو غيره، فالأقوى حينئذٍ وجوب المسح

بالماء الجديد، و الأحوط المسح به ثمّ التيمم.

(مسألة 23): يجوز النكس في مسح الرجلين، بأن يمسح من المفصل إلى أطراف الأصابع، و الأولى في مسح الرأس أن يكون من الأعلى إلى الأسفل.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 17

شرائط الوضوء
اشارة

يشترط في الوضوء أمور:

الأوّل- النيّة:

بأن يكون الداعي إليه قصد القربة، و الأحوط وجوباً إخطارها بالقلب حين الشروع في العمل. و يعتبر فيها الإخلاص، و يجب استدامتها إلى آخر العمل، و لو قصد أثناء الوضوء قطعه أو تردّد في إتمامه، ثمّ عاد إلى قصده الأوّل قبل جفاف تمام الأعضاء السابقة، و لم يطرأ عليه مفسد آخر جاز له إتمام وضوئه من محل القطع أو التردّد.

الثاني- طهارة ماء الوضوء.
الثالث- إباحته؛

فلا يصحّ الوضوء بالماء النجس أو المغصوب، و في حكمهما المشتبه بالنجس و المشتبه بالحرام إذا كانت الشبهة محصورة، بأن لا تبلغ كثرة أطرافها حدّاً يوجب خروج بعض الأطراف عن مورد التكليف.

(مسألة 24): إذا انحصر الماء المباح أو الماء الطاهر بما كان مشتبهاً بغيره- و لم يمكن التمييز، و كانت الشبهة محصورة- وجب التيمم.

(مسألة 25): إذا توضّأ بماء فانكشف بعد الفراغ أنّه لم يكن مباحاً فالمشهور بين الفقهاء صحّته، إدراجاً له في باب الصلاة في اللباس المغصوب جهلًا، و لكنّه مشكل، نعم يصحّ الوضوء بالماء المغصوب نسياناً لغير الغاصب.

(مسألة 26): الوضوء بالماء النجس باطل و لو كان ذلك من جهة

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 18

الجهل أو الغفلة أو النسيان.

الرابع- إطلاق ماء الوضوء؛

فلا يصحّ الوضوء بالماء المضاف، و في حكم المضاف المشتبه به و إن كانت الشبهة غير محصورة، و لا فرق في بطلان الوضوء بالماء المضاف بين صورتي العمد و غيره.

(مسألة 27): إذا اشتبه الماء المطلق بالمضاف جاز له أن يتوضّأ بهما متعاقباً، و إذا لم يكن هناك ماء مطلق آخر وجب ذلك، و لا يسوغ له التيمم.

الخامس- أن لا يكون ماء الوضوء- إذا كان قليلًا- من المستعمل في الغسل الواجب على الأحوط.
السادس- طهارة أعضاء الوضوء؛

بمعنى أن يكون كلّ عضو طاهراً حين غسله أو مسحه، و لا يعتبر طهارة جميع الأعضاء عند الشروع فيه بل تكفي طهارة كلّ عضو حين غسله.

السابع- إباحة مكان الوضوء و مصبّ مائه، و إباحة الإناء الذي يتوضّأ منه؛

بمعنى أنه إذا انحصر المكان أو المصبّ أو الإناء بالمغصوب سقط وجوب الوضوء، و وجب التيمم.

(مسألة 28): يحرم استعمال أواني الذهب و الفضّة في الوضوء على الأحوط، فإذا انحصر الماء بما كان في شي ء من تلك الأواني، و لم يتمكّن من إراقة مائه في محل آخر بقصد التخلص لم يجب الوضوء و وجب التيمم، و أما إذا لم ينحصر الماء به فيصحّ الوضوء لو توضّأ به.

الثامن- أن لا يكون مانع من استعمال الماء شرعاً؛

و إلّا وجب

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 19

التيمم على تفصيل يأتي.

التاسع- الترتيب؛

بأن يغسل الوجه أولًا، ثمّ اليد اليمنى، ثمّ اليسرى، ثمّ يمسح الرأس، ثمّ الرجلين. و الأحوط- وجوباً- رعاية الترتيب في مسح الرجلين، فيقدم مسح الرجل اليمنى على مسح الرجل اليسرى و لا يمسحهما معاً.

العاشر- الموالاة؛

و هي تتحقق بالشروع في غسل كلّ عضو أو مسحه قبل أن تجفّ الأعضاء السابقة عليه على المشهور، و الأحوط اعتبار الموالاة العرفيّة، بمعنى اخصّ منه، نعم إذا كان الفصل بين الأعضاء لحاجة عرضت أثناء الوضوء لا يضرّ فوت الموالاة العرفية المذكورة ما لم تجف الأعضاء، كما لا يضرّ الجفاف من جهة الحرّ أو الريح إذا كانت الموالاة العرفية متحققة، و مثله التجفيف.

الحادي عشر- المباشرة؛

بأن يباشر المكلّف بنفسه أفعال الوضوء إذا أمكنه ذلك، و مع عدمه يجوز أن يوضِّئه غيره لكن يتولى النية بنفسه، و يلزم أن يكون المسح بيد نفس المتوضّئ.

(مسألة 29): من تيقّن الوضوء و شك في الحدث بنى على الطهارة، و من تيقّن الحدث و شك في الوضوء بنى على الحدث، و من تيقّنهما و شك في المتقدم و المتأخر منهما وجب عليه الوضوء إن جهل تاريخهما أو تاريخ الوضوء، و أما اذا علم تاريخ الوضوء و جهل تاريخ الحدث بنى على بقائه، و إن كان الأحوط الوضوء.

(مسألة 30): من شك في الوضوء بعد الفراغ من الصلاة- و احتمل

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 20

الالتفات إلى ذلك قبلها- بنى على صحّة الصلاة و توضّأ للصلوات الآتية، و من شك أثناء الصّلاة قطعها و أعادها بعد الوضوء.

(مسألة 31): إذا علم اجمالًا بعد الصلاة ببطلان صلاته- لنقصان ركن فيها- مثلًا- أو بطلان وضوءه- وجبت عليه إعادة الصلاة فقط.

(نواقض الوضوء)
اشارة

نواقض الوضوء ستّة:

الأوّل: البول؛

و في حكمه البلل المشتبه به قبل الاستبراء.

الثاني: الغائط؛

و لا ينتقض الوضوء بالدم أو الصديد الخارج من أحد المخرجين ما لم يكن معه بول أو غائط، كما لا ينتقض بخروج المذي- الرطوبة الخارجة بعد ملاعبة الرجل المرأة-، و الودي- الرطوبة الخارجة بعد البول-، و الوذي- الرطوبة الخارجة بعد المني.

الثالث: خروج الريح من المخرج المعتاد.
الرابع: النوم.
الخامس: كلّ ما يزيل العقل.
السادس: الاستحاضة،

على تفصيل سيأتي.

موارد وجوب الوضوء:

يجب الوضوء لثلاثة أمور:

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 21

1- الصّلاة الواجبة ما عدا صلاة الميّت؛ و أما الصلوات المستحبّة فيعتبر الوضوء في صحتها كما يعتبر في الصلوات الواجبة.

2- الأجزاء المنسيّة من الصلاة الواجبة، و كذا صلاة الاحتياط، و أما الوضوء لسجدتي السهو فهو أحوط.

3- الطواف الواجب و إن كان جزء لحجة أو عمرة مستحبّتين، دون الطواف المندوب و إن وجب بالنذر.

(مسألة 32): يحرم على غير المتوضّئ أن يمسّ ببدنه كتابة القرآن، و الأحوط أن لا يمسّ اسم الجلالة و الصفات المختصة به تعالى، و الأولى إلحاق أسماء الأنبياء و الأئمّة و الصدّيقة الطاهرة عليهم السلام به.

(مسألة 33): يجب على المكلّف حال التخلّي- بل و في سائر الأحوال أيضاً- أن يستر عورته عن الناظر المحترم- الشخص المميّز-، و يستثنى من هذا الحكم الزوج و الزوجة، و الأمة و مولاها، أو الذي حُلّلت له الأمة من قِبل مولاها، على تفصيل لا حاجة إلى بيانه.

(مسألة 34): الأحوط ترك استقبال القبلة و استدبارها حال البول أو التغوّط، و كذلك الاستقبال و الاستدبار بنفس البول أو الغائط أيضاً، و إن لم يكن الشخص مستقبلًا أو مستدبراً.

(مسألة 35): يستحبّ الاستبراء بعد البول، و هو المسح بالإصبع من مخرج الغائط إلى أصل القضيب ثلاث مرّات، و مسح القضيب بإصبعين- أحدهما من فوقه و الآخر من تحته- إلى الحشفة ثلاث مرّات، و عصر الحشفة ثلاث مرّات، و للاستبراء كيفية أخرى غير ما ذكرناها.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 22

(مسألة 36): لا يجب الاستنجاء في نفسه، و لكنّه يجب لما يعتبر فيه طهارة البدن.

(الغسل)

موجب الغسل ستّة:
اشارة

1- الجنابة.

2- الحيض.

3- النفاس.

4- الاستحاضة.

5- مس الميت.

6- الموت.

(غسل الجنابة)
تتحقق الجنابة بأمرين:
الأوّل: خروج المني؛

و في حكمه الرطوبة المشتبهة به الخارجة بعد خروجه و قبل الاستبراء بالبول.

الثاني: الجماع في قبل المرأة و دبرها- على الأحوط-؛

و هو يوجب الجنابة للرجل و المرأة. و لا يترك الاحتياط في وطء غير المرأة-

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 23

في الواطئ و الموطوء- بالجمع بين الغسل و الوضوء فيما إذا كانا محدثين بالحدث الأصغر؛ و إلّا يكفي الغسل.

(مسألة 37): يجب غسل الجنابة لأربعة أمور:

1- الصلاة الواجبة؛ ما عدا صلاة الميّت.

2- الأجزاء المنسيّة من الصلاة و كذا الاحتياط؛ و تعتبر الطهارة في سجود السهو على الأحوط.

3- الطواف الواجب؛ و إن كان جزء لحجة أو عمرة مندوبتين.

4- الصوم؛ على تفصيل سيأتي.

(مسألة 38): يحرم على الجنب أمور:

1- مسّ كتابة القرآن.

2- مسّ لفظ الجلالة على الأحوط، و كذا الصفات الخاصّة بالذات المقدّسة. و الأولى ترك مسّ أسماء المعصومين (عليهم السلام).

3- دخول المسجد لأخذ شي ء منه.

4- المكث في المساجد؛ و لا يحرم اجتيازها؛ بأن يدخل من باب و يخرج من آخر.

5- وضع شي ء في المساجد و إن كان في حال الاجتياز أو من الخارج.

6- الدخول في المسجد الحرام و مسجد النبي- صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم- و إن كان على نحو الاجتياز.

7- قراءة إحدى العزائم الأربع؛ و هي الآيات التي يجب السجود

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 24

لقراءتها، و الأحوط الأولى أن لا يقرأ شيئاً من السور التي فيها العزائم و هي: (ألم تنزيل، حم السجدة، النجم، اقرأ).

(مسألة 39): المشاهد المشرفة للمعصومين عليهم السلام تلحق- على الأحوط- بالمساجد، و الأولى إلحاق الرواق بها أيضاً. نعم الصحن المطهّر لا يلحق بها.

(كيفية الغسل)

الغسل قسمان:

ارتماسي؛ و ترتيبي.

الارتماسي: هو غمس البدن في الماء؛ و الأحوط وجوباً كونه دفعة واحدة عرفيّة، و يعتبر فيه أن يكون جميع البدن خارج الماء قبله على الأحوط.

الترتيبي: و الأحوط في كيفيته أن يغسل

البدن بثلاث غسلات.

1- غسل الرأس و الرقبة و شي ء مما يتصل بها من البدن.

2- غسل الطرف الأيمن و شي ء مما يتصل به من الرقبة و من الطرف الأيسر.

3- غسل الطرف الأيسر و شي ء مما يتصل به من الرقبة و من الطرف الأيمن.

و الأحوط- لزوماً- رعاية الترتيب بين الطرفين؛ الأيمن و الأيسر.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 25

(مسألة 40): ذكر جماعة أن الغسل الترتيبي يتحقق بتحريك كلّ من الأعضاء الثلاثة بقصد غسل ذلك العضو فيما إذا كان جميع البدن تحت الماء، و كذلك تحريك بعض العضو- و هو في الماء- بقصد غسله، لكن الأحوط عدم الاكتفاء به، و لزوم إخراج تمام العضو من الماء ثمّ إدخاله فيه، أو فصل الماء عنه و إيصاله إليه ثانياً.

شرائط الغسل:

يعتبر في الغسل جميع ما تقدم اعتباره في الوضوء من الشرائط، و لكنّه يمتاز عن الوضوء من وجهين:

الأول: أنّه لا يعتبر في غسل كلّ عضو هنا أن يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل؛ و قد تقدم اعتبار هذا في الوضوء.

الثاني: الموالاة؛ فإنّها غير معتبرة في الغسل و قد كانت معتبرة في الوضوء.

(مسألة 41): غسل الجنابة يجزئ عن الوضوء، و الأظهر ذلك في بقيّة الأغسال الواجبة، أو الثابت استحبابها- أيضاً- إلّا غسل الاستحاضة المتوسطة؛ فإنه لا بدّ معه من الوضوء كما سيأتي.

و الأحوط وجوباً ضمّ الوضوء إلى غسل مسّ الميت إن لم يكن على وضوءٍ، كما أن الأحوط استحباباً ضمّ الوضوء إلى سائر الأغسال غير غسل الجنابة.

(مسألة 42): إذا كان على المكلّف أغسال متعددة- كغسل الجنابة

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 26

و الجمعة و الحيض و غير ذلك- جاز له أن يغتسل غسلًا واحداً بقصد الجميع و يجزئه ذلك،

و أما إذا نوى أحدها- و ان كان غسل الجنابة- فلا إشكال في إجزائه عمّا قصده، و في إجزائه عن غيره كلام، و الأحوط وجوباً عدم الاجتزاء به.

(مسألة 43): إذا أحدث بالأصغر أثناء غسل الجنابة فالأحوط عليه استينافه مع التوضّي بعده.

(مسألة 44): إذا شكّ في غسل الجنابة بنى على عدمه، و إذا شك فيه بعد الفراغ من الصلاة- و احتمل الالتفات إلى ذلك قبلها- فالصلاة محكومة بالصحّة، لكنّه يجب عليه أن يغتسل للصلوات الآتية، هذا إذا لم يصدر منه الحدث الأصغر بعد الصلاة. و إلّا وجب عليه الجمع بين الوضوء و الغسل. و إذا علم إجمالًا بعد الصلاة ببطلان صلاته أو غسله- لنقصان ركن مثلًا أو بطلان غسله- وجبت عليه إعادة الصلاة فقط.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 27

(الحيض و شرائطه)
اشارة

الحيض: دم تعتاده النساء في كلّ شهر مرّة في الغالب، و قد يكون أكثر من ذلك أو أقلّ.

(مسألة 45): الغالب في دم الحيض أن يكون أسود أو أحمر، حارّاً عبيطاً، يخرج بدفق و حرقة، و أقلّه ثلاثة أيام و أكثره عشرة أيام، و يعتبر فيه الاستمرار في الثلاثة الأولى و الليلتين المتوسطتين بينهما، فلو لم يستمرّ الدم لم تجر عليه أحكام الحيض. نعم الفترات اليسيرة المتعارفة- و لو في بعض النساء- لا تخلّ بالاستمرار المعتبر فيه.

(مسألة 46): يعتبر التوالي في الأيام الثلاثة التي هي أقلّ الحيض؛ فلو رأت الدم يومين ثمّ انقطع، ثمّ رأت يوماً أو يومين قبل انقضاء عشرة أيام من ابتداء رؤية الدم فهو ليس بحيض، و إن كان الأحوط استحباباً في مثل ذلك الجمع بين تروك الحائض و أفعال المستحاضة في أيام الدم، و الجمع بين أحكام الحائض و الطاهرة في أيام

النقاء.

(مسألة 47): يعتبر في دم الحيض أن يكون بعد البلوغ و قبل اليأس، و يتحقق بلوغ المرأة بإكمال تسع سنين، و لو رأت قبل إحراز إكمال التسع دماً- و كان بصفات الحيض- فلا يبعد كونه حيضاً، يكون علامة لبلوغها. و الأوجه تحقق يأسها ببلوغ خمسين سنة، لكن الاحتياط لا يترك إلى الستين- سواء فيه القرشية و غيرها-.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 28

(مسألة 48): يجتمع الحيض مع الحمل قبل ظهوره و بعد ظهوره، نعم يلزم على الحامل- على الأحوط- الجمع بين تروك الحائض و أفعال المستحاضة في صورة واحدة؛ و هي ما إذا رأت الدم بعد مضيّ عشرين يوماً من عادتها و كان الدم بصفات الحيض، و في غير هذه الصورة حكم الحامل و غير الحامل على حدّ سواء.

(مسألة 49): لا حدّ لأكثر الطهر بين الحيضتين، و لكنّه لا يكون أقلّ من عشرة أيام و تسع ليال متوسطة بينها.

(مسألة 50): إذا تردّد الدم الخارج من المرأة بين الحيض و دم البكارة؛ استدخلت قطنة في الفرج و صبرت مليّاً ثمّ استخرجتها استخراجاً رفيقاً، فإن خرجت مطوّقة بالدم فهو دم البكارة، و إن كانت منغمسة به فهو دم الحيض، و لا يصحّ عملها بقصد الأمر الجزمي بدون ذلك ظاهراً.

أقسام الحائض:
اشارة

الحائض قسمان: ذات العادة، و غير ذات العادة.

و ذات العادة ثلاثة أقسام:

1- وقتية و عددية.

2- عددية فقط.

3- وقتية فقط.

و غير ذات العادة- أيضاً- ثلاثة أقسام:

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 29

1- مبتدئة.

2- و مضطربة.

3- و ناسية.

ذات العادة الوقتية و العددية: هي المرأة التي ترى الدم مرّتين متماثلتين من حيث الوقت و العدد؛ كأن ترى الدم في شهر من أوّله إلى اليوم السابع، و ترى في الشهر

الثاني مثل الأوّل.

ذات العادة الوقتية فقط: هي التي ترى الدم مرّتين متماثلتين من حيث الوقت دون العدد؛ كأن ترى الدم في الشهر الأول من أوّله إلى اليوم السابع، و في الشهر الثاني من أوّله إلى اليوم السادس، أو من ثانيه إلى اليوم السابع، أو ترى الدم في الشهر الأوّل من اليوم الثاني إلى اليوم السادس، و في الشهر الثاني من أوّله إلى اليوم السابع.

ذات العادة العددية فقط: هي التي ترى الدم مرّتين متماثلتين من حيث العدد دون الوقت؛ كأن ترى الدم في شهر من أوّله إلى اليوم السابع، و في الشهر الثاني من الحادي عشر إلى السابع عشر- مثلًا-.

المبتدئة: هي التي ترى الدم لأوّل مرّة.

المضطربة:- و يطلق عليها: المتحيّرة أيضاً-: هي التي تكرّرت رؤيتها للدم و لكنّها لم تستقرّ لها عادة من حيث الوقت أو العدد.

الناسية: هي التي كانت لها عادة و نسيتها.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 30

(أحكام ذات العادة)

(مسألة 51): ما تراه المرأة أيام عادتها أو قبلها بيوم أو يومين من حمرة أو صفرة فهو حيض، و ما تراه من صفرة في غير ذلك فليس من الحيض، و على هذا الأساس تتحيّض ذات العادة الوقتية برؤية الدم أيام عادتها أو قبلها بيوم أو يومين و إن لم يكن الدم بصفات الحيض، فإن لم يكن أقلّ من ثلاثة أيام كان حيضاً، و إن انقطع قبل أن تمضي عليه ثلاثة أيام كان عليها قضاء ما فات منه في أيام الدم من الصلاة.

(مسألة 52): ذات العادة العددية فقط تحتاط بالجمع بين أعمال المستحاضة و تروك الحائض برؤية الدم، سواء أ كان بصفات الحيض أم لم يكن، فإن استمرّ ثلاثة أيام تجعله حيضاً و إن لم يستمرّ

فهو استحاضة، و إن تجاوز الدم عدد العادة- و لم يتجاوز العشرة- كان الجميع حيضاً، و إن تجاوزها كان مقدار العادة حيضاً و الباقي استحاضة.

(مسألة 53): اذا رأت ثلاثة أيام متواليات و انقطع؛ ثمّ رأت ثلاثة أيام أو أزيد؛ فإن كان مجموع الدمين و النقاء المتخلّل لا يزيد عن عشرة كان الطرفان حيضاً، و في النقاء المتخلّل تحتاط وجوباً بالجمع بين تروك الحائض و أعمال الطاهرة، و إن تجاوز المجموع عن العشرة؛ فإن لم يكن واحد منهما في العادة، فالأظهر جعل الأوّل منهما حيضاً- سواء اختلفا في الصفات أم تساويا فيها-، فإن كان أحدهما في أيام العادة دون الآخر

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 31

جعلت ما في العادة حيضاً و الآخر استحاضة، و كذلك الحكم إذا كان بعض أحدهما في العادة دون الآخر فتجعل ما بعضه في العادة حيضاً، و إن كان بعض كلّ واحد منهما في العادة؛ فإن كان ما في الطرف الأوّل من العادة ثلاثة أيام أو أزيد فتجعل الدم الأوّل حيضاً، و أمّا الثاني؛ فإن كانت المرأة تراه بعد مضيّ عشرة أيام من رؤيتها الدم الأوّل فهو استحاضة، و إن كانت رأته و لم تمض عشرة أيام منها، فما كان من الدم الثاني داخلًا في العشرة فهو حيض و الباقي استحاضة، و إن كان ما في العادة في الطرف الأوّل أقلّ من ثلاثة أيام فتحتاط في تمام الدم الأوّل بالجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة، و في النقاء المتخلّل تحتاط وجوباً بالجمع بين المحرّمات على الحائض فتتركها و بين الواجبات على الطاهرة فتعملها، و أما الدم الثاني فتحتاط فيه بالجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة إلى عشرة أيام

و بعدها يكون الدم استحاضة.

(مسألة 54): إذا تجاوز الدم أيام العادة؛ فإن علمت المرأة بأنّه يتجاوز العشرة وجب عليها أن تغتسل و تعمل عمل المستحاضة فيما زاد، و لا حاجة إلى الاستظهار، و إن احتملت الانقطاع في اليوم العاشر أو قبله وجب عليها الاستظهار إلى تمام العشرة من أوّل رؤية الدم.

و الاستظهار: هو الاحتياط بترك العبادة، و يختص الاستظهار بما إذا لم يكن الدم مستمرّاً قبل أيام العادة، و إلّا فلا يجوز لها الاستظهار، و يلزمها عمل المستحاضة بعد انقضاء أيام العادة.

(مسألة 55): إذا انقطع الدم قبل العشرة وجب عليها الغسل

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 32

و الصلاة و لو ظنّت عودة الدم بعد ذلك، و أما إذا علمت عودة الدم بعد ذلك فقد تقدم حكمها في المسألة (53).

(مسألة 56): إذا رأت الدم قبل زمان عادتها بيوم أو يومين و استمرّ إلى ما بعد العادة؛ فإن لم يتجاوز مجموعه العشرة كان جميعه حيضاً، و إن تجاوزها فما كان منه في أيام العادة فهو حيض و ما كان في طرفيها فهو استحاضة، مثلًا إذا كان زمان العادة من أوّل الشهر إلى اليوم الخامس، فرأت الدّم قبله يومين و استمرّ بعد العادة إلى اليوم السابع من الشهر كان المجموع حيضاً، و إذا استمرّ إلى اليوم التاسع من الشهر؛ فما رأته من أوّله إلى اليوم الخامس فهو حيض و ما تقدّمه أو تأخّر عنه فهو استحاضة.

و كذلك الحكم إذا رأت الدم قبل زمان عادتها بثلاثة أيام أو أكثر و كان بصفات الحيض و استمرّ إلى ما بعد العادة، فإن حكمه كما إذا رأت الدم قبل العادة بيوم أو يومين.

(مسألة 57): إذا رأت الدم قبل أيام العادة

بصفات الحيض ثمّ عاد عليها الدم كذلك بعد زمان عادتها، فكل من الدمين حيض إذا كان النقاء بينهما لا يقلّ عن عشرة أيام.

(مسألة 58): إذا رأت الدم قبل أيام العادة و استمرّ إليها و زاد على العشرة، فما كان في أيام العادة فهو حيض- و إن كان بصفات الاستحاضة- و ما كان قبلها فهو استحاضة و إن كان بصفات الحيض، و إذا رأته أيام العادة و ما بعدها و تجاوز العشرة كان ما بعد العادة استحاضة.

(مسألة 59): إذا شكّت المرأة في انقطاع دم الحيض استبرأت؛

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 33

و ذلك بأن تدخل قطنة و تتركها في موضع الدم ثمّ تخرجها؛ فإن كانت نقيّة فقد انقطع حيضها فيجب عليها الاغتسال و الإتيان بالعبادة، و إلّا فلا.

(مسألة 60): المرأة التي يجب عليها الفحص إذا اغتسلت من دون فحص حكم ببطلان غسلها، إلّا إذا انكشف أن الغسل كان بعد النقاء و قد اغتسلت برجاء أن تكون نقيّة.

(أحكام المبتدئة و المضطربة و الناسية)

(مسألة 61): المرأة المبتدئة أو المضطربة أو الناسية إذا رأت الدم- سواء أ كان واجداً لصفات الحيض أم لا- تحتاط بالجمع بين أعمال المستحاضة و تروك الحائض إلى ثلاثة أيام، فإن استمرّ فيها تجعله حيضاً.

(مسألة 62): ما تراه الناسية أو المضطربة من الدم إذا تجاوز العشرة- و كان بعضه بصفات الحيض و بعضه الآخر بصفات الاستحاضة- كان ما بصفة الحيض حيضاً و ما بصفة الاستحاضة استحاضة، و إذا اختلف في اللون- فكان بعضه أحمر و بعضه أسود، أو كان بعضه أصفر و بعضه أحمر- فلا عبرة به، و تكون ذات الدم فاقدة التمييز، فيرجع إلى العدد؛ و هي الثلاثة في كلّ شهر على الأحوط.

و أما المبتدئة؛ فهي ترجع

إلى عادة أقاربها فتتحيّض بقدرها و الباقي استحاضة؛ فإن لم تكن لها أقارب أو اختلفت عادتهن و كان الدم بصفة واحدة، تجعل من كلّ شهر ثلاثة أيام حيضاً و الباقي استحاضة، و أما

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 34

إذا اختلفت عادتهن مع أوصاف الدم فالأحوط لزوم العمل بالوظيفتين.

(أحكام الحائض)

لا تصحّ من الحائض الصلاة الواجبة و المستحبّة، و لا قضاء لما يفوتها من الصلوات اليوميّة حال الحيض، و الأحوط وجوب قضاء صلاة الآيات و المنذورة في وقت معيّن. و لا يصحّ منها الصوم أيضاً، لكن يجب عليها أن تقضي ما يفوتها من الصوم في شهر رمضان، بل و المنذور في وقت معيّن على الأقوى، و لا يصحّ الطواف أيضاً من الحائض بلا فرق بين الواجب منه و المندوب.

(مسألة 63): يحرم على الحائض كلّ ما كان يحرم على الجنب، و قد تقدم ذلك في مسئلة (38).

(مسألة 64): يحرم وطء الحائض في القبل- عليها و على الفاعل-، بل الأحوط وجوباً ترك إدخال بعض الحشفة أيضاً، و أما وطؤها في الدبر في هذا الحال و في غيرها فجائز، إلّا أن الاحتياط في تركه.

و يجوز وطؤها بعد انقطاعه و قبل الغسل، و الأحوط أن يكون ذلك بعد غسل الفرج.

(مسألة 65): الأحوط استحباباً التكفير في وطء الرجل زوجته حال الحيض مع علمه بذلك. و الكفارة تختلف باختلاف زمان الوطء، فإن أيام الدم تنقسم إلى ثلاثة أقسام؛ فإذا كان الوطء في القسم الأوّل فكفارته

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 35

ثماني عشرة حبّة من الذهب المسكوك، و إذا كان في القسم الثاني فهي تسع حبّات منه، و إذا كان في القسم الثالث فأربع حبّات و نصف.

و الأحوط استحباباً دفع

الدينار نفسه مع الإمكان، و إلّا دفع قيمة الذهب وقت الدفع. و لا شي ء على الساهي و الناسي و الصبي و المجنون و الجاهل بالموضوع أو الحكم.

(مسألة 66): لا يصحّ طلاق الحائض و ظهارها، و تفصيل ذلك يأتي في محله.

(مسألة 67): غسل الحيض كغسل الجنابة من حيث الترتيب و الارتماس، و الظاهر إغناؤه عن الوضوء- كما تقدّم-.

(النفاس)

النفاس: هو الدم الذي تراه المرأة مع ظهور أوّل جزء من الولد، أو تراه بعده خلال عشرة أيام، مع العلم باستناده إلى الولادة، و تسمى المرأة- في هذه الحال- ب: النفساء، و لا نفاس لمن لا ترى الدم من الولادة إلى عشرة أيام.

(مسألة 68): لا حدّ لأقلّ النفاس، و يمكن أن يكون بمقدار لحظة فقط، و أكثره عشرة أيام، و أما إذا زاد الدم على العشرة فيأتي حكمه.

(مسألة 69): النفساء ثلاثة أقسام:

1- التي لا يتجاوز دمها العشرة، فجميع الدم في هذه الصورة

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 36

نفاس.

2- التي يتجاوز دمها العشرة و تكون ذات عادة عددية في الحيض، ففي هذه الصورة كان نفاسها بمقدار عادتها و الباقي استحاضة.

3- التي يتجاوز دمها العشرة و لا تكون ذات عادة في الحيض- كالمبتدئة و المضطربة- فالأحوط وجوباً عليها الجمع بين أعمال الطاهرة و النفساء إلى ثمانية عشر يوماً من الولادة، و إن استمرّ الدم بعدها فهو استحاضة.

(مسألة 70): إذا كانت النفساء ذات عادة في الحيض و تجاوز دمها عن عددها وجب عليها الاستظهار إلى تمام العشرة من حين رؤية الدم- و قد تقدم معنى الاستظهار في المسألة (54)-.

(مسألة 71): إذا رأت الدم في اليوم الأوّل من الولادة ثمّ انقطع، ثمّ عاد في اليوم العاشر من الولادة أو قبله

ففيه صورتان:

الصورة الأولى: أن لا يتجاوز الدم الثاني اليوم العاشر من أوّل رؤية الدم، ففي هذه الصورة كان الدم الأوّل و الثاني كلاهما نفاساً، و الأحوط وجوباً في النقاء المتخلّل الجمع بين أعمال الطاهرة و تروك النفساء.

الصورة الثانية: أن يتجاوز الدم الثاني اليوم العاشر من أوّل رؤية الدم، و هذا على أقسام:

1- أن تكون المرأة ذات عادة عددية في حيضها و قد رأت الدم الثاني في زمان عادتها؛ ففي هذه الصورة كان الدم الأوّل و ما وقع في

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 37

العادة من الدم الثاني نفاساً، و ما زاد على العادة من الدم استحاضة، و في النقاء المتخلّل تحتاط بالجمع بين أعمال الطاهرة و تروك النفساء، فإذا كانت عادتها في الحيض سبعة أيام فرأت الدم حين ولادتها يومين فانقطع، ثمّ رأته في اليوم السادس و استمرّ إلى أن تجاوز اليوم العاشر- من حين الولادة- كان زمان نفاسها اليومين الأوّلين و اليوم السادس و السابع، و ما زاد على اليوم السابع فهو استحاضة.

2- أن تكون المرأة ذات عادة و لكنّها لم تر الدم الثاني حتى انقضت مدة عادتها فرأت الدم و تجاوز اليوم العاشر؛ ففي هذه الصورة كان نفاسها هو الدم الأوّل و كان الدم الثاني استحاضة، و يجري عليها أحكام الطاهرة في النقاء المتخلّل.

3- أن لا تكون المرأة ذات عادة في حيضها و قد رأت الدم الثاني قبل مضيّ عادة أقاربها و تجاوز اليوم العاشر؛ ففي هذه الصورة تحتاط وجوباً إلى ثمانية عشر يوماً بالجمع بين أعمال المستحاضة و تروك النفساء في أيام الدم، و في النقاء المتخلّل تحتاط بين أعمال الطاهرة و تروك النفساء. و إن تجاوز عن ثمانية عشر

يوماً فيومين من بعدها استحاضة.

و ما بعد العشرين يوماً؛ إن كان الدم بصفات الحيض أو في أيام عادتها فهو حيض، و إلّا فهو استحاضة أيضاً. و إذا كانت عادتهن أقلّ من العشرة احتاطت إلى اليوم العاشر، و ما بعده استحاضة.

ثمّ إن ما ذكرناه في الدم الثاني يجري في الدم الثالث و الرابع و هكذا ..، مثلًا إذا رأت الدم في اليوم الأوّل و الرابع و السادس و لم يتجاوز

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 38

اليوم العاشر كان جميع هذه الدماء نفاساً، و في النقاء المتخلّل بينها تحتاط بين أعمال الطاهرة و تروك النفساء، و إذا تجاوز الدم اليوم العاشر- في هذه الصورة-، و كانت عادتها في الحيض تسعة أيام، كان نفاسها أيام الدم إلى اليوم التاسع، و ما زاد استحاضة، و تحتاط في النقاء المتخلل بينها، و إذا كانت عادتها خمسة أيام، كان نفاسها الأيام الأربعة الأولى و فيما بعدها كانت طاهرة أو مستحاضة.

(مسألة 72): أحكام الحائض من الواجبات و المحرّمات و المستحبّات و المكروهات تثبت للنفساء أيضاً.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 39

(الاستحاضة)
اشارة

الاستحاضة: هو الدم الذي تراه المرأة حسب ما يقتضيه طبعها غير الحيض و النفاس، فكل دم لا يكون حيضاً و لا نفاساً و لا يكون من دم العذرة أو القروح أو الجروح فهو استحاضة، و الغالب في الاستحاضة أن يكون على خلاف ما ذكرناه للحيض من الصفة، و لا حدّ لأقلّه و لا لأكثره.

(أقسام الاستحاضة و أحكامها)

الاستحاضة على ثلاثة أقسام: كثيرة، و متوسطة، و قليلة.

الكثيرة: هي أن يغمس الدم القطنة التي تحملها المرأة و يتجاوزها.

المتوسطة: هي أن يغمسها الدم و لا يتجاوزها.

و القليلة: هي أن تتلوّث القطنة بالدم و لا يغمسها.

(مسألة 73): يجب على المرأة في الاستحاضة الكثيرة ثلاثة أغسال: غسل لصلاة الصبح، و غسل للظهرين إذا جمعتهما، و غسل للعشاءين كذلك. و إذا أرادت التفريق بين الظهرين أو العشاءين وجب عليها الغسل لكل صلاة، و الأظهر كفاية الغسل عن الوضوء في الكثيرة.

(مسألة 74): يجب على المرأة في الاستحاضة المتوسطة أن تتوضّأ لكل صلاة و أن تغتسل لكل يوم مرّة، فإذا كانت الاستحاضة

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 40

متوسطة قبل أن تصلي صلاة الفجر توضّأت و اغتسلت و صلّت، و يكفي لغيرها من الصلوات الوضوء فقط. و إذا كانت قبل صلاة الظهر توضّأت و اغتسلت لها، و صلّت غيرها من الصلوات بالوضوء و هكذا.

و الضابط؛ أنها تضمّ إلى الوضوء غسلًا واحداً للصلاة التي تحدث الاستحاضة المتوسطة قبلها، و الأولى تقديم الوضوء على الغسل.

(مسألة 75): لا يجب الغسل للاستحاضة القليلة، و لكنّه يجب معها الوضوء لكل صلاة واجبة أو مستحبّة، و لا تحتاج الأجزاء المنسيّة و صلاة الاحتياط إلى تجديد الوضوء.

(مسألة 76): الأحوط وجوباً للمستحاضة أن تختبر حالها حال إرادة الصلاة؛ بإدخال القطنة في الموضع و

الصبر عليها بالمقدار المتعارف لتعرف أنّها من أيّ قسم من الأقسام الثلاثة، و إذا صلّت من دون اختبار بطلت إلّا إذا طابق عملها الوظيفة اللازمة لها، و حصل منها قصد القربة.

هذا فيما إذا تمكّنت من الاختبار و إلّا أخذت بالمقدار المتيقّن، هذا فيما اذا لم تكن لها حالة سابقة معلومة، و إلّا أخذت بها.

(مسألة 77): إذا انتقلت المرأة من الاستحاضة الأدنى إلى الأعلى- كالقليلة إلى المتوسطة- فان كان قبل الشروع في أعمال الأدنى فلا إشكال في أنّها تعمل عمل الأعلى للصلاة الآتية، و أما الصلاة التي صلّتها قبل الانتقال فلا إشكال في عدم لزوم إعادتها. و إن كان بعد الشروع في أعمال الأدنى فعليها إتيان أعمال الأعلى كلًا على الأحوط، و لا عبرة بما أتته من الأعمال قبل الانتقال، و كذا الحكم إذا كان الانتقال في أثناء

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 41

الصلاة؛ فإذا اغتسلت المتوسّطة للصبح و دخلت صلاة الصبح، و في اثنائها حصل الانتقال من المتوسّطة إلى الكثيرة تعيد الغسل و تستأنف صلاة الصبح. و إذا ضاق الوقت عن الغسل تيمّمت بدل الغسل و صلّت، و إذا ضاق الوقت عن ذلك أيضاً فالأحوط الاستمرار على عملها ثمّ القضاء.

(مسألة 78): يجب في الاستحاضة تبديل القطنة التي تحملها أو تطهيرها لكل صلاة إذا تمكّنت من ذلك على الأحوط وجوباً، و كذلك الخرقة التي تشدّها المرأة فوق القطنة في الاستحاضة الكثيرة، و يجب عليها غسل ظاهر الفرج إن أصابه الدم.

(مسألة 79): يجب على المستحاضة أن تصلّي بعد التوضّي و الاغتسال من دون فصل، لكن يجوز لها الإتيان بالأذان و الإقامة و الأدعية المأثورة و ما تجري العادة بفعله قبل الصلاة، أو يتوقّف فعل الصلاة

على فعله و لو من جهة لزوم المشقّة و العسر بدونه، و كذلك الإتيان بالمستحبّات في الصلاة.

و يجب أن تتحفّظ من خروج الدم- مع الأمن من الضرر- من حين الفراغ من الغسل إلى أن تتمّ الصلاة، فاذا قصّرت و خرج الدم أعادت الصلاة، بل الأحوط وجوباً إعادة الغسل.

(مسألة 80): إذا انقطعت الاستحاضة الكثيرة أو المتوسّطة بعد الغسل قبل الصلاة أو بعدها، وجب على المرأة أن تغتسل للصلوات الآتية لرفع حدث الاستحاضة.

(مسألة 81): يجوز للمستحاضة مسّ كتابة القرآن بمجرّد إتيانها

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 42

بالوظائف المقرّرة لها من الوضوء أو الغسل. و الأحوط تركه بعد ذلك أيضاً ما دام حدث الاستحاضة باقياً.

(مسألة 82): يجوز طلاق المستحاضة، و لا يجري عليها حكم الحائض و النفساء.

(مسألة 83): ما يترتب على الحيض- من حرمة وطء الحائض، و حرمة دخولها المساجد، و وضع شي ء فيها، أو المكث بها، و قراءة آيات السجدة- لا يترتّب شي ء من ذلك على الاستحاضة القليلة، كما أن تلك الأحكام لا تترتّب على الكثيرة أو المتوسّطة إذا قامت المرأة بوظيفتها من الأغسال، لكن الأحوط وجوباً توقّف جواز وطئها على الغسل، و الأحوط الأولى رعاية الاحتياط فيما إذا لم تقم بوظيفتها.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 43

(أحكام الميّت و غسله)
اشارة

(مسألة 84): الأحوط توجيه الميّت المسلم و من بحكمه حال نزعه إلى القبلة؛ بأن يوضع على قفاه و تُمدّ رِجلاه نحوها، و لا يعتبر فيه إذن الولي، و لا فرق في الميّت بين الرجل و المرأة و الكبير و الصغير.

و يستحبّ الإسراع في تجهيزه إلّا أن يشتبه أمر موته فينتظر حتى يتبيّن موته.

(مسألة 85): يجب تغسيل الميّت على المكلّفين كفاية؛ فيسقط عن الباقين بقيام واحد به،

و كذلك سائر واجبات الميّت التي سنذكرها، و يختصّ وجوب التغسيل بالميّت المسلم و من بحكمه- كأطفال المسلمين و مجانينهم- حتى المخالف على الأحوط، و يستثنى من ذلك صنفان:

1- من قتل رجماً أو قصاصاً، على تفصيل بُيّن في محلّه.

2- من قتل في جهاد مع الإمام عليه السلام أو نائبه الخاص أو دفاع عن الإسلام، بشرط خروج روحه في المعركة قبل انقضاء الحرب.

(مسألة 86): إذا أوصى الميّت- بتغسيله أو بسائر ما يتعلق به من التكفين و الصلاة عليه و الدفن- إلى شخص خاص فهو أولى به من غيره، و إن كان الأحوط الأولى اعتبار إذن الوليّ، و مع عدم الوصيّة فالزوج أولى بزوجته على الأحوط، و في غير الزوجة كان الأولى بميراث الميّت من

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 44

الرجال أولى بأحكامه من النساء، و البالغون مقدّمون على غيرهم على الأحوط. و إذا لم يكن للميّت وارث فيكون أمره إلى آحاد المكلّفين.

(مسألة 87): يجب تغسيل السقط و تحنيطه و تكفينه إذا تمّت له أربعة أشهر، و لا يصلّى عليه. و إذا لم تتمّ له أربعة أشهر فالأحوط أن يلفّ في خرقة و يدفن، لكن لو ولجته الروح حينئذٍ فالأحوط- إن لم يكن أقوى- جريان حكم من تمّت له أربعة أشهر عليه.

(مسألة 88): يحرم النظر إلى عورة الميّت كما يحرم النظر إلى عورة الحيّ، و لكن الغسل لا يبطل بذلك.

(مسألة 89): يعتبر في غسل الميّت إزالة النجاسة عن كلّ عضو قبل الشروع فيه، و الأحوط الأولى تطهير تمام البدن قبل أن يشرع في الغسل.

و يستحبّ أن يوضع مستقبل القبلة كالمحتضر.

شرائط المغسّل:

يعتبر في من يباشر غسل الميّت: البلوغ- على الأحوط وجوباً- و العقل، و الإيمان، و

أن يكون مماثلًا للميّت في الذكورة و الأنوثة.

و الأقوى في الزوج و الزوجة، عدم جواز تغسيل كلّ منهما للآخر إلّا مع الضرورة و فقد المماثل، و كذا الحكم في المحارم بنسب أو رضاع.

و أما الطفل الذي لم يزد سنّه على ثلاث سنين، فيجوز تغسيله لغير المماثل، فللرجل أن يغسل ابنة ثلاث سنين و من دونها، كما يجوز للمرأة

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 45

تغسيل ابن ثلاث سنين و من دونه.

(مسألة 90): إذا غسّل المسلم غير الاثني عشري من يوافقه في المذهب على مذهبه سقط الوجوب عن المؤمنين، و إذا غسّله اثنا عشري وجب أن يغسّله على الطريقة الاثنى عشرية في غير موارد التقيّة.

(مسألة 91): إذا لم يوجد مسلم اثنا عشري مماثل للميّت، جاز للزوج ان يغسّل زوجته، كما ان للزوجة ان تغسّل زوجها، و يجوز- أيضاً- ان يغسّل الميّت أحد محارمه في هذه الصورة، و إن لم يوجد واحد ممن ذكر جاز أن يغسّله المسلم المماثل غير الاثنى عشري، و إن لم يوجد هذا- أيضاً- جاز أن يغسّله الكافر الكتابي المماثل؛ بأن يأمره المسلم بالاغتسال أوّلًا على الأحوط، و بتغسيل الميّت ثانياً، و الأحوط على الآمر أن يتولّى النيّة، و الأولى نيّة كلّ من الآمر و المغسّل. و إذا أمكن التغسيل بالماء العاصم- كالكر و الجاري- تعيّن ذلك على الأحوط، إلّا إذا أمكن أن لا يمسّ الماء و لا بدن الميّت فيتخيّر حينئذٍ بينهما، و إن لم يوجد الكتابي- أيضاً- سقط وجوب الغسل و دفن بلا غسل.

كيفيّة تغسيل الميّت:

يجب تغسيل الميّت على الترتيب الآتي:

1- بالماء المخلوط بالسدر.

2- بالماء المخلوط بالكافور.

3- بالماء القراح.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 46

و الأحوط وجوباً أن لا يغسَّل

الميّت ارتماسياً إن أمكن الغسل الترتيبي؛ بأن يغسّل الرأس و الرقبة، ثمّ الطرف الأيمن، ثمّ الطرف الأيسر، و الأحوط استحباباً أن لا يرتمس كلّ واحد من الأطراف الثلاثة أيضاً، و إذا كان الميّت مُحرماً لا يُجعل الكافور في ماء غسله، إلّا إذا كان موته بعد طواف الحجّ أو العمرة.

(مسألة 92): لا بد من أن يكون السدر و الكافور بمقدار يصدق معه عرفاً أنّ الماء مخلوط بهما، و يعتبر أن لا يكونا في الكثرة بحدّ يخرج معه الماء عن الإطلاق إلى الإضافة.

(مسألة 93): إذا لم يوجد السدر أو الكافور فيجب أن يغسّل حينئذٍ بالماء القراح بدلًا من الغسل بما هو المفقود منهما، و الأحوط استحباباً أن يضاف إليه التيمّم.

و إذا لم يوجد الماء القراح؛ فإن تيسّر ماء السدر أو الكافور فالأحوط أن يغسّل به بدلًا من الغسل بالماء القراح، و يضمّ إليه التيمّم، و إلّا اكتفي بالتيمّم.

(مسألة 94): إذا كان عنده من الماء ما يكفي لغسل واحد فقط، فإن لم يوجد السدر و الكافور يغسَّل بالماء القراح، و لا حاجة إلى التيمّم بدلًا من الغسل بماء السدر و الكافور، و إن وجد السدر مع الكافور أو بدونه، يغسّل الميّت بماء السدر، ثمّ ييمّم الميّت بدلًا من الغسل بالماء القراح، و إن وجد الكافور فقط يغسّل بماء الكافور، ثمّ ييمّم بدلًا من الغسل بالماء القراح.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 47

(مسألة 95): إذا لم يوجد الماء أصلًا ييمّم مرّة واحدة على الأقوىٰ، و الأحوط التيمّم ثلاثاً برجاء المطلوبيّة. و يشترط في الانتقال إلى التيمّم الانتظار إذا احتمل تجدّد القدرة على التغسيل.

(مسألة 96): إذا كان الميّت جريحاً أو محروقاً أو مجدوراً أو نحو ذلك و خيف من

تناثر لحمه إذا غسّل، وجب أن ييمّم بيد الحيّ الميمّم، و الأحوط وجوباً مع التمكّن أن يكون بيد الميّت أيضاً.

(مسألة 97): يجوز تغسيل الميّت من وراء الثوب و إن كان المغسّل مماثلًا له، بل لا يبعد أن يكون ذلك أولى من تغسيله مجرّداً.

(مسألة 98): ما تقدّم في غسل الجنابة من شرائط الماء و الإناء و المكان و نحو ذلك يجري في غسل الميّت أيضاً، و الصخرة أو الساجة الّتي يغسّل عليها الميّت يجري عليها حكم المكان، كما أن السدر و الكافور يجري عليهما حكم الماء.

(مسألة 99): الأحوط لزوم قصد القربة في التغسيل، و لا يجوز أخذ الأجرة عليه على الأحوط. و لا بأس بأخذ الأجرة على المقدّمات.

(مسألة 100): إذا تنجّس بدن الميّت- أثناء الغسل- بنجاسة خارجية أو من الميّت، وجب تطهير الموضع، و لا تجب إعادة الغسل، نعم إذا خرج بول أو مني من الميّت في أثناء الغسل فالأحوط وجوباً استيناف الغسل حينئذٍ.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 48

(تكفين الميّت)
اشارة

يجب تكفين الميّت المسلم بقطعات ثلاث: مئزر، و قميص، و إزار.

و الواجب في المئزر أن يكون بمقدار يستر ما بين السرّة و الركبة، و الأفضل أن يكون من الصدر إلى القدم.

و الواجب في القميص أن يستر البدن من المنكبين إلى نصف الساق، و الأفضل أن يستره إلى القدمين.

و الواجب في الإزار- طولًا- أن يستر جميع البدن و يشدّ طرفاه، و- عرضاً- أن يقع أحد جانبيه على الآخر.

و الأولى في كلّ قطعة أن تكون وحدها ساترة لما تحتها، و لو حصل الستر بالمجموع كفى.

و إذا لم تتيسّر القطعات الثلاث فالأحوط تكفين الميّت بما يتمكّن منها.

و لا بدّ في التكفين من إذن الولي- على ما تقدّم في

التغسيل-. و لا يعتبر فيه نيّة القربة.

(مسألة 101): لا يجب على أحد- و إن كان ممن تجب نفقة الميّت عليه- بذل الكفن إذا لم يكن للميّت مال يكفي لكفنه، و إذا كان هناك من سهم سبيل اللّٰه من الزكاة فالأحوط صرفه فيه.

(مسألة 102): يخرج المقدار الواجب من الكفن من أصل التركة،

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 49

و كذا السدر و الكافور و الماء، و قيمة الأرض التي يدفن فيها، و أجرة حمل الميّت، و أجرة حفر القبر .. إلى غير ذلك مما يصرف في أيّ عمل من واجبات الميّت، فإنّ كلّ ذلك يخرج من أصل التركة و إن كان الميّت مديوناً أو كانت له وصيّة. هذا فيما إذا لم يوجد من يتبرع بشي ء من ذلك، و إلّا لم يخرج من التركة، و ما يخرج من أصل التركة لا بدّ أن يكون أقلّ قيمة إلّا مع رضا الورثة.

و أمّا ما يصرف فيما زاد على الواجب؛ فإن كان الميّت قد أوصى بذلك خصوصاً أو عموماً أخرج من الثلث، و إلّا توقّف جواز صرفه على إجازة الكبار من الورثة من حصصهم.

(مسألة 103): كفن الزوجة على زوجها مع تمكّنه و إن كانت مؤسرة، و كذا المطلّقة الرجعيّة، و لا يترك الاحتياط في المنقطعة و الناشزة. هذا إذا لم يتبرع غير الزوج بالكفن و إلّا سقط عنه. و كذلك إذا أوصت به من مالها، و الأحوط وجوباً وجوب الاستقراض على الزوج لكفنها في صورة عدم يساره إن لم يكن حرجياً، و كذا إذا كان محجوراً عليه، أو كان ماله متعلّقاً به حقّ غيره برهن أو غيره.

(مسألة 104): تجوز كتابة القرآن كلًّا أو بعضاً على الكفن بشرط أن لا يتنجّس

بالدم أو غيره من النجاسات. و الأولى أن يكتب على خرقة و يوضع على رأسه أو صدره، ليؤمن به من النجاسة.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 50

شروط الكفن:
اشارة

يعتبر في الكفن الإباحة، و الأحوط وجوباً أن لا يكون نجساً، و لا مُذهّباً، و لا من الحرير الخالص، و لا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه، و لا من الجلد و إن كان مما يحلّ أكله. و كلّ هذه الشروط- غير الإباحة- تختص بحال الاختيار، و يسقط في حال الضرورة. و لا بأس بالحرير غير الخالص بشرط أن يكون الخليط أزيد من الحرير على الأحوط استحباباً، فلو انحصر الكفن في المغصوب دفن عارياً، و لو انحصر في غيره من الأنواع التي لا يجوز التكفين بها اختياراً كفّن به. فإذا انحصر في واحد منها تعيّن، و إذا تعدّد و دار الأمر بين أحدها ففي الحكم بالتخيير أو تعيين بعضها دون الآخر وجهان.

(مسألة 105): الشهيد لا يُكفّن بل يدفن بثيابه، إلّا إذا كان بدنه عارياً فيجب تكفينه.

(مسألة 106): يستحبّ وضع جريدتين خضراوين مع الميّت، و الأولى أن تكونا من النخل، و إلّا فمن السدر، و إلّا فمن الرمّان، و إلّا فمن الخلاف (الصفصاف). و تكتب عليها الشهادتان و أسماء الأئمّة (عليهم السلام)، و الأولى أن تكون الكتابة بالتربة الحسينيّة.

(الحنوط)

يجب تحنيط الميّت المسلم، و هو مسح مواضعه السبعة للسجود

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 51

بالكافور المسحوق غير الزائلة رائحته، و يكفي فيه المسمّى، و الأفضل أن يكون سبعة مثاقيل، و يستحبّ خلطه بقليل من التربة الحسينيّة.

و يشترط في الكافور إباحته و طهارته على الأحوط، فيسقط وجوب التحنيط عند عدم التمكّن من الكافور المباح.

(مسألة 107): الأحوط وجوباً أن يكون المسح باليد بل بالراحة، و أن يبتدأ من الجبهة على الأحوط، و لا ترتيب في سائر الأعضاء.

و يعتبر أن يكون المحنِّط بالغاً عاقلًا على الأحوط.

(مسألة 108):

يسقط التحنيط فيما إذا مات الميّت في إحرام العمرة أو الحجّ، فيُجنَّب من الكافور- بل من مطلق الطيب- إلّا إذا كان موته بعد طواف الحجّ أو العمرة، فيجب تحنيطه كغيره من الأموات.

(مسألة 109): التحنيط واجب كفائي، إلّا أن وليّ الميّت أولى به من غيره، و قد مضى تفصيل ذلك في المسألة (86).

(الصلاة على الميّت)
اشارة

تجب الصلاة على كلّ ميّتٍ مسلم و إن كان فاسقاً، و وجوبها كفائي، و الأولوية في الصلاة كما تقدّمت في المسألة (86).

(مسألة 110): إنما تجب الصلاة على الميّت إذا كملت له ستّ سنين، و في استحبابها على غيره- و قد تولّد حيّاً- إشكال، و الأحوط الإتيان بها رجاءً.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 52

(مسألة 111): تصحّ الصلاة على الميّت من الصبي المميّز، إلّا أنّه لا يسقط بها الوجوب عن البالغين.

(مسألة 112): يجب تقديم الصلاة على الدفن، إلّا أنّه إذا دفن قبل أن يصلّى عليه- عصياناً أو لعذر- وجب أن يصلّى عليه و هو في القبر، و لا يجوز نبش قبره للصّلاة عليه.

كيفية صلاة الميّت:

الصلاة على الميّت خمس تكبيرات، و الأحوط وجوباً في كيفيتها أن يأتي بعد كلّ منها بذكر خاص ما عدا الأخيرة، و هو الشهادتان بعد الأولى، و الصلاة على محمّد و آله بعد الثانية، و الدعاء للمؤمنين بعد الثالثة، و الدعاء للميّت بعد الرابعة، و بالخامسة تتمّ الصلاة.

و الأفضل أن يقول بعد التكبيرة الأولى: «أشهد أن لا إله إلّا اللّٰه وحده لا شريك له و أشهد أن محمّداً عبده و رسوله أرسله بالحقّ بشيراً و نذيراً بين يدي الساعة»، و بعد التكبيرة الثانية: «اللّهم صلّ على محمّد و آل محمّد و بارك على محمّد و آل محمّد و ترحّم علىٰ محمّداً و آل محمّد كأفضل ما صلّيت و باركت و ترحّمت على إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميد مجيد و صلّ على جميع الأنبياء و المرسلين و الشهداء و الصدّيقين و جميع عباد اللّٰه الصالحين»، و بعد التكبيرة الثالثة: «اللّهمّ اغفر للمؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات الأحياء منهم و الأموات، تابع

اللّهمّ بيننا و بينهم بالخيرات إنّك مجيب الدعوات إنّك على كلّ شي ء قدير»،

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 53

و بعد الرابعة: «اللّهمّ إنّ هذا المُسجّى قُدّامنا عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك نزل بك و أنت خير منزول به، اللّهمّ إنّا لا نعلم منه إلّا خيراً و أنت أعلم به منّا، اللّهمّ إن كان محسناً فزد في إحسانه، و إن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته و اغفر له، اللّهمّ اجعله عندك في أعلى علّيّين و أخلف على أهله في الغابرين و ارحمه برحمتك يا أرحم الراحمين» ثمّ يكبّر، و بها تتمّ الصلاة.

و لا بد من رعاية تذكير الضمائر و تأنيثها بالنسبة إلى الميّت.

و تختص هذه الكيفية بما إذا كان الميّت مؤمناً بالغاً.

و في الصلاة على أطفال المؤمنين يقول بعد التكبيرة الرابعة: «اللّهمّ اجعله لأبويه و لنا سلفاً و فرطاً و أجراً».

(مسألة 113): يعتبر في صلاة الميّت أمور:

1- النية؛ و المعتبر منها قصد القربة مطلقاً دون الوجوب أو الندب.

2- استقبال المصلّي للقبلة.

3- أن يكون رأس الميّت على يمين المصلّي.

4- أن يوضع على قفاه.

5- أن يكون الميّت أمام المصلّي محاذياً لبعضه إلّا أن يكون مأموماً و قد استطال الصفّ حتى خرج عن المحاذاة.

6- أن لا يكون بين الميّت و المصلّي بُعد على نحو لا يصدق الوقوف عنده إلّا مع اتصال الصفوف في الصلاة جماعة، و الأحوط وجوباً أن لا يكون أحدهما أعلى من الآخر علوّاً مفرطاً.

7- أن لا يكون حائل بينهما، و لا يضرّ الستر بمثل التابوت و نحوه.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 54

8- القيام مع القدرة عليه.

9- الموالاة بين التكبيرات و الأذكار؛ بأن لا يفصل بينهما بمقدار تنمحي به صورة الصلاة.

10- أن

تكون بعد الغسل و التحنيط و التكفين، و إلّا بطلت، و لا بدّ من إعادتها. و إذا تعذّر غسل الميّت- أو التيمّم بدلًا عنه- و كذلك التكفين و التحنيط لم تسقط الصلاة عليه.

11- أن يكون الميّت مستور العورة و لو بنحو الحجر و اللبن إن تعذّر الكفن.

12- إباحة مكان المصلّي على الأحوط الأولى.

13- إذن الولي مع عدم وصيّة الميّت بصلاة شخص معيّن عليه، و إلّا فالأحوط الأولى اعتبار إذنه.

(دفن الميّت)

يجب دفن الميّت المسلم وجوباً كفائياً. و الوليّ أولى به من غيره كما تقدّم في المسألة (86).

و يجب أن يراعى في دفنه حفظ بدنه من السباع، و أن لا تظهر رائحته في الخارج.

و يجب أن يوضع في القبر على طرفه الأيمن مستقبل القبلة.

(مسألة 114): يجب دفن الجزء المبان من الميّت حتّى إذا كان شعراً

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 55

أو سنّاً أو ظفراً على الأحوط.

(مسألة 115): من مات في السفينة و لم يمكن دفنه- و لو بتأخيره لخوف فساده، أو غير ذلك- يوضع في خابية و نحوها و يشدّ رأسها باستحكام، فإن لم يتيسّر ذلك يُشدّ برجله ما يثقله من حجر أو نحوه، ثمّ يلقى في البحر، و الأحوط وجوباً اختيار الأوّل مع الإمكان.

(مسألة 116): لا يجوز دفن الميّت في مكان يستلزم هتك حرمته كالبالوعة، و المواضع القذرة.

(مسألة 117): لا يجوز الدفن في المكان المملوك إلّا بإذن المالك، أمّا الموقوف لغير الدفن- كالمدارس و الحسينيات و نحوهما- فعدم جواز الدفن فيها محلّ تأمّل.

(مسألة 118): إذا دفن الميّت في مكان لا يجوز دفنه فيه، وجب نبش قبره و إخراجه- إذا لم يلزم هتك حرمته- و دفنه في موضع يجوز دفنه فيه.

(مسألة 119): إذا دفن الميّت

بلا غسل أو كفن أو حنوط وجب إخراجه مع القدرة لإجراء الواجب عليه و دفنه ثانياً إن لم يلزم منه هتك حرمته.

(مسألة 120): لا يجوز نبش القبر من غير ضرورة تقتضيه. نعم يجوز ذلك للنقل إلى المشاهد المشرَّفة و نحو ذلك من الغايات الراجحة شرعاً، فإنّ في ذلك تعظيماً للميّت و إظهاراً لعلوّ شأنه.

(مسألة 121): إذا كان الميّت ناقصاً- كما إذا لم تكن له يد أو رجل

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 56

أو رأس، أو تناثر لحمه و لم يبق منه إلّا هيكله العظمي- تجري عليه جميع الأحكام المتقدّمة، و أما إذا كان الموجود منه لا يصدق عليه عنوان الميّت، فالأحوط وجوباً رعاية ما يأتي:

1- إذا كان الموجود تمام الصدر أو بعضه، و كان فيه القلب تجري عليه جمع الأحكام المتقدّمة، و يقتصر في التكفين على القميص و الإزار، و لا يترك الاحتياط فيما لم يكن فيه القلب.

2- إذا كان الموجود منه العظم المجرّد، أو هو مع اللّحم، يُغسّل و يُحنّط و يُلفّ في خرقة و يدفن على الأحوط وجوباً.

3- إذا كان الموجود منه لحماً مجرداً يُلفّ في خرقة و يدفن على الأحوط وجوباً، و لا يجب تغسيله، و كذلك الحال في السنّ و الشعر و الظفر.

(صلاة ليلة الدفن)

روى الشيخ الكفعمي عن ابن فهد عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله أنّه قال: «لا يأتي على الميّت أشدّ من أوّل ليلة، فارحموا موتاكم بالصدقة، فإن لم تجدوا فليُصلّ أحدكم ركعتين له: يقرأ في الأولى- بعد الحمد- آية الكرسي، و في الثانية- بعد الحمد- سورة القدر عشر مرّات، فيقول بعد السلام: «اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد و ابعث ثوابها إلى قبر ... فلان»

و يسمّي الميّت.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 57

و رويت لهذه الصلاة كيفية أخرى أيضاً، و الأحوط قراءة آية الكرسي، إلى: «هُمْ فِيهٰا خٰالِدُونَ».

(غسل مسّ الميّت)

يجب الغسل على من مسّ الميّت بعد برده، و قبل إتمام غسله، و لا فرق في الممسوس و الماسّ بين أن يكون من الظاهر و الباطن، كما لا فرق- على الأحوط- بين كونهما ممّا تحلّه الحياة و ما لا تحلّه- كالظفر-، و الأحوط استحباباً الغسل بمسّ العظم و السنّ، نعم المسّ بالشعر لا يوجبه، و كذا مسّ الشعر. و لا يختص الوجوب بما إذا كان الميّت مسلماً، فيجب في مسّ الميّت الكافر أيضاً، و أما مسّ من لا يجب تغسيله- كالمقتول في المعركة في جهاد أو دفاع عن الإسلام، أو المقتول بقصاص أو رجم بعد الاغتسال بأمر الحاكم- فلا يوجب الغسل.

(مسألة 122): يجوز لمن عليه غسل المسّ دخول المساجد و المشاهد و المكث فيها و قراءة العزائم، نعم لا يجوز له مسّ كتابة القرآن و نحوها ممّا لا يجوز للمحدث مسّه، و لا يصحّ له كلّ عمل مشروط بالطّهارة- كالصلاة- إلّا بالغسل، و الأحوط ضمّ الوضوء إليه إن لم يكن على وضوء.

(مسألة 123): يجب الغسل بمسّ القطعة المبانة من الميّت أو الحيّ إذا كانت مشتملة على العظم دون الخالية منه.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 58

(مسألة 124): إذا يُمّم الميّت بدلًا من تغسيله لعذر، فالظاهر وجوب الغسل بمسّه.

(الأغسال المستحبة)

قد ذكر الفقهاء- قدّس اللّٰه أسرارهم- كثيراً من الأغسال المستحبّة، و لكنّه لم يثبت استحباب جملة منها، و الثابت منها ما يلي:

1- غسل الجمعة، و هو من المستحبّات المؤكّدة، و وقته من طلوع الفجر الثاني يوم الجمعة إلى الغروب، و الأحوط استحباباً عدم الاجتزاء به عن الوضوء إذا وقع بعد الزوال. و إذا فاته إلى الغروب فيجوز قضاؤه إلى غروب يوم السبت، و يجوز تقديمه يوم

الخميس رجاءً إذا خيف إعواز الماء يوم الجمعة، و يعيده في يوم الجمعة إذا وجد الماء فيه، و إذا فاته حينئذٍ يعيده يوم السبت رجاءً.

2- 7- غسل الليلة الأولى، و ليلة السابع عشر، و التاسع عشر، و الحادي و العشرين، و الثالث و العشرين، و الرابع و العشرين من شهر رمضان المبارك.

8، 9- غسل يومي العيدين- الفطر و الأضحى-، و وقته من طلوع الفجر إلى الزوال، و لا بأس بالإتيان به بعده رجاءً، و الأولى أن يؤتى به قبل صلاة العيد.

10- غسل ليلة عيد الفطر، و الأولى أن يؤتى به أوّل الليل.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 59

11- 12- غسل اليوم الثامن و التاسع من ذي الحجّة الحرام، و الأولى في اليوم التاسع أن يؤتى به قريباً من الزوال.

13- الغسل لقضاء صلاة كسوف الشمس إذا تركها متعمداً عالماً به مع احتراق القرص.

14- غسل من مسّ الميّت بعد تغسيله.

15- غسل الإحرام.

16- غسل دخول الحرم.

17- غسل دخول مكّة.

18- غسل زيارة الكعبة المشرّفة.

19- غسل دخول الكعبة المشرّفة.

20- غسل النحر و الذبح.

21- غسل الحلق.

22- غسل دخول المدينة المنوّرة.

23- غسل دخول حرم النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم.

24- غسل المباهلة مع الخصم.

25- غسل وداع قبر النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم.

26- غسل الاستخارة.

27- غسل الاستسقاء.

28- الغسل عند احتراق الشمس في الكسوف.

29- الغسل لزيارة الحسين عليه السلام.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 60

و الأظهر أنّ هذه الأغسال تجزى عن الوضوء، و أما غيرها فيؤتى بها رجاءً، و لا بدّ معها من الوضوء فنذكر جملة منها:

1- الغسل في ليالي الفرد من شهر رمضان المبارك، و تمام ليالي العشر الأخيرة، و أوّل يوم منه.

2- غسل آخر في

الليلة الثالثة و العشرين من شهر رمضان المبارك قبيل الفجر.

3، 4- غسل الثامن عشر من ذي الحجّة الحرام و هو يوم الغدير، و كذا يوم الرابع و العشرين منه.

5- 9- غسل يوم عيد النيروز، و أوّل رجب، و آخره، و نصفه، و يوم المبعث- و هو السابع و العشرون منه-.

10- غسل يوم النصف من شعبان.

11- 14- غسل اليوم التاسع و السابع عشر من ربيع الأوّل، و اليوم الخامس و العشرين من ذي القعدة.

15- الغسل لزيارة سائر المعصومين- عليهم السلام- من قريب أو بعيد.

16- الغسل لقتل الوزغ.

17- غسل المرأة التي تطيّبت لغير زوجها.

18- غسل من نام على سكر.

19- غسل من مشى لرؤية المصلوب.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 61

(أحكام الجبائر)

الجبيرة: هي ما يوضع على العضو من الألواح أو الأدوات الحديثة أو الخرق و الأدوية و نحوها إذا حدث فيه كسر أو جرح أو قرح، و في ذلك صورتان:

1- أن يكون شي ء من ذلك في مواضع الغسل كالوجه و اليدين.

2- أن يكون في مواضع المسح كالرأس و الرجلين. و على التقديرين؛ فإن لم يكن في غسل الموضع أو مسحه ضرر أو حرج وجب غسل ما يجب غسله و مسح ما يجب مسحه؛ و أما إذا استلزم شيئاً من ذلك ففيه صور:

الأولى: أن يكون الكسر أو الجرح أو القرح في أحد مواضع الغسل، و لم تكن في الموضع جبيرة، ففي هذه الصورة يكفي غسل ما حول الكسر و الجرح و القرح، و الأحوط الأولى مع ذلك أن يضع خرقة على الموضع و يمسح عليها.

الثانية: أن يكون الكسر أو الجرح أو القرح في أحد مواضع الغسل، و كان عليه جبيرة؛ ففي هذه الصورة يغسل ما حوله و يمسح

على الجبيرة بمقدار من الماء؛ أي باقلّ ما يتحقق به الغسل في الوضوء.

الثالثة: أن يكون شي ء من ذلك في أحد مواضع المسح، و كانت عليه جبيرة، ففي هذه الصورة يجزئ المسح على الجبيرة.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 62

الرابعة: أن يكون شي ء من ذلك في أحد مواضع المسح و لم تكن عليه جبيرة، فالأحوط لزوماً في هذه الصورة أن يضع خرقة عليه و يمسح عليها، ثمّ يتيمّم.

(مسألة 125): يعتبر في الجبيرة أمران:

الأوّل: طهارة ظاهرها؛ فإذا كانت الجبيرة نجسة و لا يمكن تطهيرها، فالأحوط فيها أن يشدّ عليها خرقة طاهرة فيمسح عليها، و إن لم توجد خرقة طاهرة فالأحوط غسل غير موضع الجبيرة مع التيمّم، هذا فيما إذا كان وجوب المسح على الجبيرة- على تقدير طهارتها- معلوماً، و أما فيما إذا كان المسح عليها من باب الاحتياط، و لم يتمكّن المكلّف من المسح على الجبيرة الطاهرة، فالأحوط الجمع بين الوضوء- من دون أن يمسح على الجبيرة- و بين التيمّم.

الثاني: إباحتها؛ فلا يجوز المسح عليها إذا لم تكن مباحة، فيجب تبديلها، أو استرضاء مالكها، و إن لم يتمكّن منهما سقط وجوب الوضوء، أو وجوب المسح على الجبيرة على التفصيل المتقدّم.

(مسألة 126): يعتبر في جواز المسح على الجبيرة أمور:

الأوّل: أن يكون في العضو كسر أو جرح أو قرح، فإذا لم يتمكّن من غسله أو مسحه لأمر آخر- كنجاسته مع تعذّر إزالتها، أو لزوم الضرر من استعمال الماء- يتعيّن عليه التيمّم، و أمّا إذا كان على أعضاء الوضوء حاجب لا يمكن إزالته بغير حرج، فيشكل جريان حكم الجبيرة فيه، و الأحوط ضمّ التيمّم إلى الوضوء أو الغسل، و كذلك إذا كان اللاصق

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص:

63

بالعضو دواء.

الثاني: ان لا تزيد الجبيرة على المقدار المتعارف، و إلّا وجب رفع المقدار الزائد و غسل ما تحته، إذا كان ممّا يغسل، و مسحه إذا كان ممّا يمسح. و إن لم يتمكّن من رفعه، أو كان فيه حرج؛ ففي الاكتفاء بحكم الجبيرة إشكال، و الأحوط ضمّ التيمّم إليه.

الثالث: أن يكون الجرح أو نحوه في نفس مواضع الوضوء، فلو كان في غيرها، و كان مما يضرّ به الوضوء تعيّن عليه التيمّم، و كذلك الحال فيما إذا كان الجرح أو نحوه في جزء من أعضاء الوضوء، و كان ممّا يضرّ به غسل جزء آخر، كما إذا كان الجرح في إصبعه، و اتّفق أنّه يتضرّر بغسل الذراع، فإنه يتعيّن التيمّم في مثل ذلك أيضاً.

(مسألة 127): إذا كان تمام الوجه أو إحدى اليدين مجبّراً، فالأحوط لزوماً أن يجمع بين الوضوء- مع المسح على الجبيرة- و بين التيمّم، و كذا إذا كان تمام الرأس أو إحدى الرجلين مجبّراً.

(مسألة 128): إذا كانت الجبيرة في باطن الكف مستوعبة لها، و مسح المتوضّئ عليها بدلًا من غسل العضو، يمسح رأسه و رجليه بهذه الرطوبة، كما لو كانت غير مجبّرة.

(مسألة 129): إذا توضّأ مع المسح على الجبيرة، و صلّى ثمّ ارتفع العذر- بعد خروج الوقت- لم يجب عليه قضاء تلك الصلاة بلا إشكال، بل يجوز له أن يصلّي صلوات أخرى واجبة أو مستحبّة بذلك الوضوء بعينه، و أما إذا زال العذر قبل خروج الوقت، و تمكّن المكلّف من إعادة الصلاة مع

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 64

الوضوء الاختياري وجبت إعادتها على الأحوط.

(مسألة 130): إذا خاف الضرر من غسل العضو الذي فيه جرح أو نحوه، فمسح على الجبيرة و صلّى، ثمّ

انكشف خارج الوقت أنّه لم يكن فيه ضرر، أو اعتقد أنّ العضو فيه قرح أو جرح أو كسر فصلّى مع الوضوء عن جبيرة، ثمّ انكشف بعد خروج الوقت سلامة العضو، فالظاهر في الصورتين وجوب القضاء.

(مسألة 131): يجري حكم الجبيرة في الأغسال- غير غسل الميّت- كما كان يجري في الوضوء، و لكنّه يختلف عنه في الجملة، فإن كان المحلّ مجبوراً تعيّن عليه الاغتسال مع المسح على الجبيرة على الأحوط، و كذا إذا كان مكشوفاً، و الأحوط أن يلفّ خرقة علىٰ الموضع- بعد غسل أطرافه- و يمسح عليها، و إن كان الأظهر جواز الاجتزاء بغسل أطرافه.

و أما غسل الميت فلا يجري فيه حكم الجبيرة، فإن أمكن الغسل من غير جبيرة فهو و إلا فييمم الميّت.

(التيمّم و أحكامه)

اشارة

يصحّ التيمّم بدلًا من الغسل أو الوضوء في تسعة مواضع:

الأوّل: ما إذا لم يجد من الماء مقدار ما يفي بوظيفته الأولية من غسل أو وضوء. و يجب الفحص عن الماء إذا احتمل وجوده في رحله

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 65

على الأحوط إلى أن يحصل العلم أو الاطمئنان بعدمه، و أما إذا كان في البرّ فيجب الفحص في الجوانب الأربعة غلوة سهم في الحزنة- أي الأرض الوعرة-، و غلوة سهمين في الأرض السهلة. و لا يجب الفحص أكثر من ذلك، و يسقط وجوب الفحص عند عدم التمكّن منه.

(مسألة 132): إذا تيمّم من غير فحص- فيما يلزمه الفحص- و تمشّى منه قصد القربة، و انكشف أنّ الماء لم يكن، أو أنّه لم يكن يصل إليه لو طلبه صحّ.

(مسألة 133): إذا انحصر الماء الموجود عنده بما يحرم التصرف فيه- كما إذا كان مغصوباً، أو كان في إناء من ذهب أو فضة و

لم يمكن تخليصه منه بإراقته في إناء آخر- لم يجب الوضوء، و وجب عليه التيمّم.

و الماء الموجود- حينئذٍ- بحكم المعدوم.

الثاني: ما إذا خاف على نفسه، أو عرضه، في وصوله إلى الماء الموجود، و كذا إن خاف علىٰ ماله المعتدّ به بحيث يقع في الحرج لو تلف، و أمّا إذا لم يكن كذلك لزمه تحصيل الماء و إن خاف ضياعه أو تلفه.

الثالث: ما إذا خاف ضرراً على نفسه من استعمال الماء، كما إذا خاف حدوث مرض أو امتداده أو شدّته، و إنّما يشرع التيمّم في هذه الصورة إذا لم تكن وظيفته الطهارة المائية مع المسح على الجبيرة، و إلّا وجبت، و قد مرّ تفصيل ذلك.

الرابع: ما إذا خاف من استعمال الماء في الطهارة المائية تلف النفس أو تضرّرها بالعطش، و في ذلك صور:

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 66

1- أن يخاف من استعمال الماء تلف نفسه فعلًا، أو بعد ذلك، أو أن يبتلي بمرض، أو يقع في حرج، بأن يحتمل حدوث العطش و أن لا يكون عنده آنذاك من الماء ما يكفي لرفع عطشه.

2- أن يخاف من استعمال الماء في الطهارة تلف شخص آخر أو مرضه ممن يجب عليه حفظه من التلف أو المرض.

3- أن يخاف العطش على غيره ممن يهمّه أمره على نحو يتوجّه إليه من عطشه حرج، و يندرج في هذه الصورة ما إذا خاف تلف حيوان أو مرضه الموجب لوقوعه في حرج، ففي جميع هذه الصور يسقط وجوب الوضوء، و ينتقل الأمر إلى الطهارة الترابية.

الخامس: ما إذا استلزم تحصيل الماء مشقّة لا تتحمّل عادة، و من هذا القبيل ما إذا كان في شراء الماء أو تملّكه مجاناً منّة من المالك لا تتحمّل

عادة.

السادس: ما إذا توقف تحصيل الماء على بذل مال يضرّ بحاله، بمعنى أنّه يوقعه في الحرج، و مع عدمه يجب الشراء، و إن كان بأضعاف قيمته.

السابع: ما إذا استلزم تحصيل الماء فوات الصلاة في وقتها.

الثامن: ما إذا استلزمت الطهارة المائية فوات الصلاة في وقتها على المشهور، لكن الأحوط إتيان الصلاة بالطهارة الترابيّة في الوقت ثمّ القضاء خارجه مع الطهارة المائية.

التاسع: ما إذا كان بدن المكلّف أو لباسه متنجّساً و لم يكف الماء

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 67

الموجود عنده للطهارة الحدثية و الخبثية معاً، فإنّ الأولىٰ في هذه الصورة أن يصرف الماء في إزالة النجاسة أوّلًا، ثمّ يتيمّم بعد ذلك.

(ما يصحّ به التيمّم)

يجوز عند تعذّر الطهارة المائية التيمّم بالتراب اليابس دون غيره من وجوه الأرض، ثمّ التراب النديّ- اي المرطوب-، و ليتحرّ الأجفّ فالأجفّ. و إذا تعذّر جميع ذلك يتمّم بالغبار، و إذا تعذّر الغبار تيمّم بالطين.

و يجب حفظ هذا الترتيب في التيمّم على الأقوىٰ. و إذا تعذّر جميع ذلك فهو فاقد الطهورين، و الظاهر وجوب القضاء عليه و سقوط الأداء، و إن كان الأحوط هو الجمع.

(مسألة 134): إذا كان طين و تمكّن من تجفيفه وجب ذلك، و لا تصل معه النوبة إلى التيمّم بالغبار أو الطين.

(مسألة 135): إذا اشتبه ما يصحّ به التيمّم بما لا يصحّ، لزم تكرار التيمّم ليتيقّن معه بالامتثال.

(كيفية التيمّم و شرائطه)

(مسألة 136): يجب في التيمّم أمور:

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 68

1- ضرب باطن اليدين معاً على ما يصحّ التيمّم به دفعة واحدة معاً.

2- مسح الجبهة و الجبينين باليدين من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى، و إلى الحاجبين، و الأحوط مسحهما أيضاً.

3- المسح بباطن اليد اليسرى تمام ظاهر اليد اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع، ثمّ المسح بباطن اليمنى تمام ظاهر اليسرى، و تقديم اليمنى على اليسرى مبني على الاحتياط الوجوبي، و الأظهر الاجتزاء بضربة واحدة مطلقاً سواء أ كان بدلًا من الوضوء أم من الغسل. و الأحوط الأولى أن يضرب بيديه مرّة أخرى على ما يصحّ التيمم به قبل مسح اليدين، فيمسح ظاهر يده اليمنى بباطن اليسرى، ثمّ يمسح ظاهر اليسرى بباطن اليمنى قاصداً بذلك إدراك الواقع.

(مسألة 137): يشترط في التيمّم أمور:

1- أن يكون المكلّف معذوراً من الطهارة المائية؛ فلا يصحّ التيمّم في موارد الأمر بالوضوء أو الغسل.

2- إباحة نفس ما يتيمّم به و محلّه؛ و الأحوط اعتبار إباحة الفضاء الذي

يقع فيه التيمّم.

3- طهارة ما يتيمّم به.

4- أن لا يمتزج طهارة ما يتيمّم به بغيره ممّا لا يصحّ التيمّم به- كالتبن أو الرماد-؛ نعم لا بأس بذلك إذا كان المزيج مستهلكاً.

5- طهارة أعضاء التيمّم على الأحوط الأولى مع التمكّن.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 69

6- أن لا يكون حائل بين الماسح و الممسوح؛ فإن كان على بعض الأعضاء مانع أو نجاسة لها جرم و لا يمكن رفعهما، أو كانت عليه جبيرة، أو كان المكلّف أقطع بإحدى يديه، فالأظهر عدم انتقال وظيفته إلى الضرب بظاهر الكف، بل يكون فاقد الطهورين.

و الأحوط التيمّم بما يمكنه و الصلاة معه، و يجب القضاء بعد ذلك.

7- أن يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل على الأحوط وجوباً.

________________________________________

قمّى، سيد محمد حسينى روحانى، المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، در يك جلد، شركة مكتبة الألفين، كويت، اول، 1417 ه ق

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)؛ ص: 69

8- النيّة؛ على تفصيل مرّ في الوضوء.

9- الترتيب بين الأعضاء؛ على ما مرّ.

10- الموالاة؛ و المناط فيها أن لا يفصل بين الأفعال ما يخلّ بهيئته عرفاً.

11- المباشرة؛ مع التمكّن منها.

12- أن يكون التيمّم بعد دخول وقت الصلاة على الأحوط وجوباً.

نعم إذا تيمّم لأمر واجب أو مستحبّ قبل الوقت- و لم ينقض تيمّمه حتى دخل وقت الصلاة- لم تجب عليه إعادة التيمّم، و جاز أن يصلّي مع ذلك التيمّم إذا كان عذره باقياً.

(مسألة 138): لا يجوز التيمّم مع العلم بارتفاع العذر و التمكّن من الطهارة المائية قبل خروج الوقت. و الأحوط وجوباً تأخير التيمّم و الصلاة مع رجاء التمكّن في الوقت، و أما مع اليأس من تحصيل الطهارة المائية فلا إشكال في جواز البدار، و إذا ارتفع العذر

أثناء الوقت فلا تجب الإعادة.

(مسألة 139): إذا تيمّم بعد دخول الوقت فصلّى، ثمّ دخل وقت

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 70

صلاة أخرى و لم يرتفع العذر جاز له أن يصلّيها بذلك التيمّم، و لم يحتج إلى تيمّم آخر، و إذا كان التيمّم لفقدان الماء فوجده بعد الصلاة، بل أثنائها بعد الدخول في الركوع من الركعة الاولى لم يحتج إلى الإعادة، و أما إذا كان الوجدان قبل الركوع فالأحوط وجوباً الإتمام و الإعادة بالطهارة المائية.

(مسألة 140): إذا صلّى مع التيمّم الصحيح ثمّ ارتفع عذره صحّت صلاته، و لا تجب إعادتها لا في الوقت و لا في خارجه.

(مسألة 141): تيمّم المجنب مجزٍ عن الوضوء، فإذا تيمّم لعذر ثمّ أحدث بالحدث الأصغر فالأحوط وجوباً أن يجمع بين التيمّم و الوضوء مع التمكّن، و أن يأتي بالتيمّم بدلًا منه أيضاً إذا لم يتمكّن من الوضوء، و أما تيمّم المحدث بالحدث الأكبر- غير الجنابة- فلا يجزي عن الوضوء، و لا بد من ضمّ الوضوء إلى التيمّم، و إذا أحدث بالأصغر و لم يتمكّن من الغسل لزمه التيمّم بدلًا من الغسل مع الوضوء، فإن لم يتمكّن من الوضوء- أيضاً- تيمّم بدلًا منه أيضاً.

(دائم الحدث)

من استمرّ به البول أو الغائط أو النوم و نحو ذلك، يختلف حكمه باختلاف الصور الآتية:

الأولى: أن يجد فترة في جزء من الوقت يمكنه أن يأتي فيها

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 71

بالصلاة متطهّراً- و لو مع الاقتصار على واجباتها-، ففي هذه الصورة يجب ذلك، و يلزمه التأخير إذا كانت الفترة في أثناء الوقت أو في آخره، نعم إذا كانت الفترة في أوّل الوقت أو في أثنائه- و لم يصلّ حتى مضى زمان الفترة-

صحّت صلاته إذا عمل بوظيفته الفعلية، و إن أثم بالتأخير.

الثانية: أن لا يكون له فترة أصلًا، أو تكون له فترة يسيرة لا تسع الطهارة و بعض الصلاة، أو أن تكون له فترة كذلك و لكن يشقّ عليه تجديد الطهارة كلّما خرج منه البول أو غيره، ففي هذه الصور يتوضأ أو يغتسل أو يتيمّم حسبما يقتضيه تكليفه الفعلي، ثمّ يصلّي، و لا يعتني بما يخرج منه بعد ذلك قبل الصلاة أو في أثنائها، و الأحوط لزوماً أن يبادر إليها بعد الطهارة.

الثالثة: أن يكون له فترة تسع الطهارة و بعض الصلاة و لا يشقّ عليه تجديد الطّهارة كلّما خرج منه البول أو نحوه، فحكمه الوضوء و الصلاة في الفترة و يجعل في جنبه الماء، فإذا خرج منه شي ءٌ يتوضأ ثمّ يبني على صلاته من حيث قطعها.

(مسألة 142): يجب على المسلوس و نحوه أن يتحفّظ من تعدّي النجاسة إلى بدنه و لباسه مع القدرة عليه، كأن يتّخذ كيساً فيه قطن، و الأحوط وجوباً تغييره لكلّ من الصلاتين- الظهر و العصر، و المغرب و العشاء-.

(مسألة 143): إذا احتمل حصول فترة يمكنه الإتيان فيها بالصلاة متطهّراً فالأحوط تأخيرها إلى أن ينكشف له الحال، فلو بادر إليها

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 72

و انكشف بعد ذلك وجود الفترة لزمته إعادتها. و كذلك الحال فيما إذا اعتقد عدم الفترة ثمّ انكشف خلافه. نعم لا يضرّ بصحة الصلاة وجود الفترة في خارج الوقت، أو بُرؤه من مرضه فيه.

(النجاسات و أحكامها)

اشارة

النجاسات إحدىٰ عشرة:

1، 2- البول و الغائط من الإنسان و من كلّ حيوان لا يحل أكل لحمه بالأصل، أو بالعارض- كالجلّال، و موطوء الإنسان- إذا كانت له نفس سائلة. و لا بأس ببول

الطائر و ذرقه، و إن كان مما لا يؤكل لحمه.

و الأحوط الاجتناب عن بول ما يشكّ في أن له نفس سائلة.

3- المني من الإنسان و من كلّ حيوان له نفس سائلة و إن كان مأكول اللحم، و الأحوط نجاسة مني ما لا نفس له سائلة أيضاً.

4- ميتة الإنسان و كلّ حيوان له نفس سائلة، و لا بأس بما لا تحلّه الحياة من أجزائها، كالوبر و الصوف، و الشعر و الظفر، و القرن و العظم و نحو ذلك. و في حكم الميتة القطعة المبانة من الحيّ إذا كانت مما تحلّه الحياة، و لا بأس بما ينفصل من الأجزاء الصغار، كالثالول، و البثور، و الجلدة التي تنفصل من الشفة أو من بدن الأجرب و نحو ذلك، كما لا بأس بالإنفحة المستخرجة من الجدي الميّت، و هي ما يستحيل إليه اللبن الذي يرتضعه الجدي قبل أن يأكل، و الأحوط الاجتناب عن كيسها- أي الكرش-، و أما

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 73

اللبن في الضرع فإنّه طاهر، و إن كان الأحوط الاجتناب عنه.

(مسألة 144): يطهر الميّت المسلم بتغسيله، فلا يتنجّس ما يلاقيه مع الرطوبة. و قد تقدم وجوب غسل مسّ الميّت بملاقاته بعد برده و قبل تغسيله، و إن كانت الملاقاة بغير رطوبة.

5- الدم الخارج من الإنسان و من كلّ حيوان له نفس سائلة، و يستثنى من ذلك الدم المتخلّف في ذبيحة مأكول اللحم، فإنّه محكوم بالطهارة إذا خرج الدم بالمقدار المتعارف بذبح شرعي. و الأحوط الأولى الاجتناب عمّا تخلّف في عضو يحرم أكله كالطحال و النخاع و نحو ذلك.

(مسألة 145): الدم الذي قد يوجد في اللبن عند الحلب نجس و منجّس، و أما المتكوّن في صفار

البيض فهو نجس على الأحوط، و لكنه لا ينجّس سائر الأجزاء إذا لم يعلم ملاقاته لها، و لو من جهة احتمال انفصاله عنها بحائل.

6، 7- الكلب و الخنزير البرّيّان بجميع أجزائهما.

8- الكافر، و المشهور بين الفقهاء نجاسته مطلقاً، و إن كان من أهل الكتاب، و هو الأحوط.

و أمّا الناصب فالأحوط نجاسته و إن كان مظهراً للشهادتين و الاعتقاد بالمعاد. و من أنكر حكماً من أحكام الدين مع علمه بثبوته على وجه يرجع إلى إنكار الرسالة يحكم بكفره، و كذلك من علم إنكاره من فعله، كمن استهزأ بالقرآن. أو أحرقه- و العياذ باللّٰه- متعمّداً.

(مسألة 146): لا فرق في نجاسة الكافر و الكلب و الخنزير بين

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 74

الحيّ و الميّت، و لا بين ما تحلّه الحياة من أجزائه و غيره.

9- الخمر على الأحوط، و كذا كلّ مسكر مائع بالأصالة، و الأظهر طهارة (الإسبرتو) بجميع أنواعه، سواء في ذلك المتّخذ من الأخشاب و غيره.

(مسألة 147): العصير العنبي لا ينجس بغليانه بنفسه أو بالنار أو بغير ذلك، و لكنّه يحرم شربه ما لم يذهب ثلثاه بالنار أو ينقلب خلّاً.

و الظاهر عدم كفاية ذهاب الثلثين بغير النار في الحلّية، و أما عصير التمر أو الزبيب فالأظهر أنّه لا ينجس و لا يحرم بالغليان، و لا بأس بوضعهما في المطبوخات مثل المرق و المحشيّ و الطبيخ و غيرها، و إن كان الأحوط الاجتناب عنها.

(مسألة 148): الدنّ الدسم لا بأس بأن يجعل فيه العنب للتخليل إذا لم يعلم إسكاره بعد الغليان، أو علم و كانت الدسومة خفيفة لا تعدّ عرفاً من الأجسام. و أما إذا علم إسكاره و كانت الدسومة معتدّاً بها، فالظاهر أنّه يبقى على

نجاسته و لا يطهر بالتخليل.

10- الفقّاع على الأحوط، و هو قسم من الشراب يتّخذ من الشعير- غالباً- و لا يظهر إسكاره، و يحرم شربه، و أما ماء الشعير الذي يصفه الأطبّاء و يؤخذ من الشعير فهو طاهر و حلال.

11- عرق الإبل الجلّالة و غيرها من الحيوان الجلّال على الأحوط، و لا تجوز الصلاة فيه إذا كان على البدن أو اللباس.

(مسألة 149): الأظهر طهارة عرق الجنب من الحرام، و لا تجوز

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 75

الصلاة فيه على الأحوط وجوباً، و منه عرق الرجل الذي يقارب زوجته في زمان يحرم مقاربتها فيه كزمان الحيض. نعم إذا كان الوطء مع الجهل بالحال أو الغفلة فلا إشكال في طهارة عرقه و جواز الصلاة فيه.

(مسألة 150): ينجس الملاقي للنجس مع الرطوبة المسرية في أحدهما، و كذلك الملاقي للمتنجّس بملاقاة النجس، و أما المتنجّس بملاقاة المتنجّس فان لاقى ماء قليلًا أو مثله من المائعات فينجّسه أيضاً، و أمّا غير الماء فالأقوى عدم نجاسته، و الأحوط استحباباً تطهيره.

(ما تثبت به الطهارة أو النجاسة)

كلّ ما شك في نجاسته مع العلم بطهارته سابقاً فهو طاهر. و كذلك فيما إذا لم تُعلم حالته السابقة، و لا يجب الفحص عما شك في طهارته و نجاسته و إن لم يحتج الفحص إلى مئونة، و أما إذا شك في طهارته- بعد العلم بنجاسته سابقاً- فهو محكوم بالنجاسة.

و تثبت النجاسة بالعلم الوجداني، و بالبيّنة العادلة، أما ثبوتها بإخبار ذي اليد، أو بإخبار مطلق الثقة- و إن لم يكن عادلًا- إذا لم يحصل من قولهما الاطمئنان فمشكل، و الأحوط وجوباً نجاسته، و كذلك إخبار العادل الواحد. و لا تثبت النجاسة بالظن و إن كان قوياً، و أما إذا أخبرت الزوجة

أو الخادمة بنجاسة ما في يدها من ثياب الزوج أو ظروف البيت كفى في الحكم بالنجاسة على الأحوط، و كذا إذا أخبرت المربّية للطفل أو

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 76

المجنون بنجاسته أو نجاسة ثيابه.

و تثبت الطهارة بما تثبت به النجاسة.

(المطهّرات)

اشارة

المطهّرات اثنا عشر:

الأوّل: الماء المطلق:

و هو الذي يصحّ إطلاق الماء عليه من دون إضافته إلى شي ء، و هو على أقسام:

الجاري، ماء الغيث، ماء البئر، الماء الراكد الكثير- الكرّ و ما زاد-، الماء الراكد القليل- ما دون الكرّ-.

(مسألة 151): الماء المضاف- و هو الذي لا يصحّ إطلاق الماء عليه من دون إضافة، كماء العنب، و ماء الرمّان، و ماء الورد و نحو ذلك- لا يرفع حدثاً و لا خبثاً، و يتنجّس بملاقاة النجاسة حتّى الكثير منه. و يستثنى من ذلك ما إذا جرى من العالي إلى السافل، أو من السافل إلى العالي بدفع، ففي مثل ذلك ينجس المقدار الملاقي للنجس فقط؛ فإذا صبّ ما في الإبريق من ماء الورد على يد كافر لم يتنجّس ما في الإبريق و إن كان متّصلًا بما في يده.

(مسألة 152): الماء الجاري- و هو ما ينبع من الأرض و يجري في النهر و نحوه- لا ينجس بملاقاة النجس و إن كان قليلًا إلّا إذا تغيّر أحد

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 77

أوصافه- اللون، و الطعم، و الريح-، و العبرة بالتغيّر بأوصاف النجس، و لا بأس بالتغيّر بأوصاف المتنجّس.

(مسألة 153): يطهر الماء المتنجّس- غير المتغير بالنجاسة فعلًا- باتّصاله بالماء الجاري أو بغيره من المياه المعتصمة- كالماء البالغ كراً، و ماء البئر، و المطر- و يعتبر مزجه بشي ء من ذلك.

(مسألة 154): المطر حال نزوله في حكم الجاري، فلا ينجس بملاقاة النجس ما لم يتغيّر أحد أوصافه، على ما تقدّم آنفاً في الماء الجاري.

(مسألة 155): لا يتنجّس ماء البئر بملاقاة النجاسة و إن كان قليلًا، لاعتصامه بالمادّة، نعم إذا تغيّر أحد أوصافه المتقدّمة يحكم بنجاسته، و يطهر بزوال تغيّره بنفسه مع مزجه بما

ينبع من المادّة، أو بنزح مقدار يزول به التغيّر.

(مسألة 156): الماء الراكد ينجس بملاقاة النجس إذا كان دون الكر، إلّا أن يكون جارياً على النجس من العالي إلى السافل، أو من السافل إلى العالي مع الدفع، فلا ينجس حينئذٍ إلّا المقدار الملاقي للنجس، كما تقدّم آنفاً في الماء المضاف. و أما إذا كان كرّاً فما زاد فهو لا ينجس بملاقاة النجس، إلّا إذا تغيّر أحد أوصافه- على ما تقدّم-.

و مقدار الكرّ- وزناً- (74/ 376) كيلوغراماً، و مساحةً ما يبلغ مكعّبه (656/ 33) شبراً.

(مسألة 157): الغسالة التي تتعقّبها طهارة المحلّ، إذا جرت من

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 78

الموضع النجس لم يتنجّس ما اتّصل به من المواضع الطاهرة، و لا يحتاج إلى التطهير، من غير فرق بين البدن و الثوب و غيرهما من المتنجّسات.

(مسألة 158): الظاهر أنّ غسالة الاستنجاء من الغائط أو البول نجسة لكنّها معفو عنها- بمعنى عدم وجوب الاجتناب عن ملاقيها- بشروط:

1- أن لا تتميّز فيها عين النجاسة.

2- أن لا تتغير بملاقاة النجاسة.

3- أن لا تتعدّى النجاسة من المخرج على نحو لا يصدق معه الاستنجاء.

4- أن لا تصيبها نجاسة أخرى من الداخل أو الخارج.

(مسألة 159): تختلف كيفية التطهير باختلاف المتنجّسات و المياه، و هذا تفصيله.

1- اللباس و الفرش المتنجّس بالبول يطهر بغسله في الماء الجاري مرّة، و لا يعتبر العصر فيه، و الأحوط استحباباً تحريكه بمقدار يسير، و لا بدّ من غسله- مرّتين- إذا غسل في الماء القليل، بشرط العصر أو الدلك، و الأحوط وجوباً كون الكرّ و ماء المطر كالقليل في اعتبار العصر و التعدّد.

2- البدن المتنجّس- بالبول أو غير البدن من الأجسام- يطهر بغسله في الماء الجاري مرّة واحدة، و

بالماء القليل مرّتين، و الأحوط اعتبار التعدّد في الكرّ.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 79

3- الأواني المتنجّسة بالخمر- على القول بنجاسته- لا بدّ في طهارتها من الغسل ثلاث مرّات، سواء في ذلك الماء القليل و غيره.

4- يكفي في طهارة المتنجّس ببول الصبي الرضيع صبُّ الماء عليه مرّة، و إن كانت المرّتان أحوط، و لا حاجة- معه- إلى العصر فيما إذا كان المتنجّس لباساً أو نحوه، و لكن يشترط أن لا يكون الصبي متغذّياً معتاداً بالغذاء، و لا يضرّ تغذّيه اتّفاقاً، و أن يكون ذكراً لا أنثىٰ على الأحوط.

5- الإناء المتنجّس بولوغ الكلب، الأحوط في كيفيّة تطهيره أن يمسح الإناء بالتراب اليابس أوّلًا، ثمّ يختلط التراب بمقدار من الماء فيمسح الإناء به، ثمّ يغسل الإناء بالماء القليل ثلاثاً، و تكفي في الكرّ أو الجاري مرّة واحدة، و الأحوط استحباباً ذلك فيما إذا تنجّس الإناء بلطع الكلب، بل بمطلق مباشرته حتى وقوع شعره أو عرقه فيه.

6- الإناء المتنجّس بولوغ الخنزير، أو بموت الجرذ فيه، لا بد في طهارته من غسله سبع مرّات، من غير فرق بين الماء القليل و غيره.

7- إذا تنجّس داخل الإناء- بغير الخمر و ولوغ الكلب أو الخنزير و موت الجرذ فيه- يطهر بغسله في الجاري مرّة واحدة. و بالماء القليل ثلاث مرّات، و كذا في الكرّ على الأحوط، و يجري هذا الحكم فيما إذا تنجّس الإناء بملاقاة المتنجّس أيضاً. و يدخل في ذلك ما إذا تنجّس بالمتنجّس بالخمر، أو بولوغ الكلب، أو الخنزير، أو موت الجرذ، فإنّه يكفي في جميع ذلك غسله مرّة واحدة في الجاري، و بالماء القليل ثلاث مرّات، و كذا بالكرّ أيضاً على الأحوط وجوباً.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)،

ص: 80

8- يكفي في طهارة المتنجّس- غير ما ذكرناه- أن يغسل بالماء مرّة واحدة و إن كان الماء قليلًا، و لا تكفي الغسلة المزيلة، و الأحوط الغسل مرّتين، و لا بد في طهارة اللباس و نحوه من العصر أو الدلك إذا غسل في غير الجاري.

(مسألة 160): الماء القليل المتصل بالكرّ، أو بغيره من المياه المعتصمة- و إن كان الاتّصال بوساطة أنبوب و نحوه- يجري عليه حكم الكرّ، فلا ينفعل بملاقاة النجاسة، و يقوم مقام الكرّ في تطهير المتنجّس به.

(مسألة 161): إذا تنجّس اللباس المصبوغ، يغسل كما يغسل غيره، و لا يضرّه خروج الغسالة عنه ملوّنة و إن بلغت حدّ الإضافة إذا كان الماء حين الوصول إليه باقياً على إطلاقه.

(مسألة 162): إذا نفذت النجاسة في الحبّ، أو الكوز، أو الحنطة، أو الشعير أو نحو ذلك كفى في طهارة ظاهرها أن توضع في الماء الجاري، و أما طهارة باطنها بذلك ففيه إشكال.

(مسألة 163): العجين أو الدقيق أو الحليب لا يمكن تطهيره إذا تنجس.

(مسألة 164): يعتبر في التطهير بالماء القليل انفصال الغسالة عن المغسول بالمقدار المتعارف و لو كان المغسول غير الإناء و اللباس.

الثاني من المطهّرات: الأرض:

و هي تطهّر باطن القدم و النعل بالمشي عليها أو المسح بها، بشرط

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 81

أن تزول عين النجاسة إن كانت.

و يعتبر في الأرض- على الأحوط وجوباً- أن تكون يابسة و طاهرة. و الأحوط الاقتصار على النجاسة الحادثة من المشي على الأرض النجسة، و الأحوط استحباباً المشي خمسة عشر خطوة.

و لا فرق في الأرض بين التراب و الرمل و الحجر، و في كفاية المفروشة بالآجر أو الجصّ أو النورة إشكال.

الثالث من المطهّرات: الشمس:

و هي تطهّر ظاهر الأرض بشرط زوال عين النجاسة، و رطوبة المحلّ، و استناد اليبوسة إلى إشراق الشمس عرفاً و إن شاركها غيرها في الجملة من ريح أو غيره، و في تطهيرها لباطن الأرض إشكال.

الرابع من المطهّرات: الاستحالة:

و هي تبدّل شي ء إلى شي ء آخر مختلفين في الصورة النوعية عرفاً.

فإذا استحالت عين النّجس أو المتنجّس إلى جسم طاهر- كالعذرة تصير تراباً و البول بخاراً، و الكلب ملحاً- طهرت، و من هذا القبيل البخار المتصاعد من الأجسام النجسة أو المتنجّسة، و الماء المتكوّن من البخار المتصاعد من الماء المتنجّس و نحوه، و كذلك ما يتكوّن من الأجسام النجسة بشرط أن لا يصدق عليه أحد العناوين النجسة- كالمتكوّن من بخار الخمر-، و أما صيرورة الخشبة المتنجّسة فحماً بالنار أو رماداً

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 82

فطهارتها بها محل إشكال، بل الأحوط وجوباً نجاستها.

الخامس من المطهّرات: الانقلاب.

كالخمر إذا انقلب خلّا، سواء أ كان الانقلاب بعلاج أم كان بغيره.

السادس من المطهّرات: الانتقال:

و ذلك كانتقال دم الإنسان إلى جوف ما لا نفس له، كالبقّ و القُمّل و البرغوث. و يعتبر فيه أن يكون على وجه يعدّ النجس المنتقل من أجزاء المنتقل إليه. و أما إذا لم يُعدّ من ذلك أو شك فيه لم يحكم بطهارته، و ذلك كالدم الذي يمصّه العلق من الإنسان فإنّه لا يطهر بالانتقال. و أما إذا وقع البقّ على جسد الشخص فقتله و خرج منه الدم فلا يحكم بنجاسته إلّا إذا علم أنّ الذي تلوّث به الجسد من الدم تلوّث به حين امتصاصه فإنّه نجس.

السابع من المطهّرات: الإسلام:

فإنّه مطهّر لبدن الكافر من النجاسة الناشئة من كفره. و أما النجاسة العرضية- كما إذا لاقى بدنه البول مثلًا- فهي لا تزول بالإسلام، بل لا بدّ من إزالتها بغسل البدن. و الأقوى أنّه لا فرق بين الكافر الأصلي و غيره، فإذا تاب المرتدّ- و لو كان فطرياً- يحكم بطهارته.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 83

الثامن من المطهّرات التبعية:

و هي في عدّة موارد:

1- إذا أسلم الكافر يتبعه ولده غير البالغ في الطهارة، بشرط أن لا يظهر الكفر إن كان مميّزاً، و كذلك الحال فيما إذا أسلم الجدّ أو الجدة أو الأمّ.

2- إذا أسر المسلمُ ولد الكافر فهو يتبعه في الطهارة إذا لم يكن معه أبوه أو جدّه، و الحكم بالطهارة- هنا أيضاً- مشروط بعدم إظهاره الكفر إن كان مميّزاً.

3- إذا انقلب الخمر خلًّا يتبعه في الطهارة الإناء الذي حدث فيه الانقلاب، بشرط أن لا يكون الإناء متنجّساً بنجاسة أخرى.

4- إذا غُسّل الميّت تتبعه في الطهارة يد الغاسل و السدّة التي يُغسّل عليها و الثياب يغسل فيها، و أما سائر الآلات المستعملة في التغسيل، و لباس الغاسل و سائر بدنه فالحكم بطهارتها تبعاً للميّت مشكل.

(مسألة 165): إذا تغيّر ماء البئر بملاقاة النجاسة، فقد مرّ سابق في مسألة: (155) أنّه يطهر بزوال تغيره بنفسه مع مزجه بما ينبع منه، أو بنزح مقدار منه، و قد ذكر بعضهم أنّه إذا نزح حتّى زال تغيّره تتبعه في الطهارة أطراف البئر و الدلو و الحبل و ثياب النازح إذا أصابها شي ء من الماء المتغيّر، و لكنّه لا دليل على ذلك، فالظاهر أنّها لا تتبع ماء البئر في الطهارة.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 84

التاسع من المطهّرات: غياب المسلم البالغ أو المميّز:

فإذا تنجّس بدنه أو لباسه و نحو ذلك مما في حيازته، ثمّ غاب يحكم بطهارة ذلك المتنجّس بشروط:

1- أن يحتمل تطهيره، فمع العلم بعدمه لا يحكم بطهارته.

2- أن يكون من في حيازته المتنجّس عالماً بنجاسته، فلو لم يعلم بها لم يحكم بطهارته مع الغياب.

3- أن يستعمله فيما هو مشروط بالطهارة، كأن يصلّي في لباسه الذي كان متنجّساً، أو يشرب في الإناء الذي قد

تنجّس، أو يسقى فيه غيره و نحو ذلك، مع احتمال أن يكون المستعمل عالماً بالاشتراط.

و في حكم الغياب العمى و الظلمة، فإذا تنجّس بدن المسلم أو ثوبه و لم ير تطهيره- لعمى أو لظلمة- يحكم بطهارته عند تحقّق الشروط المزبورة.

العاشر من المطهّرات: زوال عين النجاسة:

و تتحقق الطهارة بذلك في ثلاثة مواضع:

الأوّل: بواطن الإنسان؛- كباطن الأنف و الأذن و العين و نحو ذلك- فإذا خرج الدم من داخل الفم أو أصابته نجاسة خارجية فإنّه يطهر بزوال عينها، بل في ثبوت النجاسة لبواطن الإنسان إلى ما دون الحلق منع.

الثاني: بدن الحيوان؛ فإذا أصابته نجاسة خارجية أو داخلية فإنّه يطهر بزوال عينها، بل في ثبوت النجاسة لجسد الحيوان منع.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 85

الثالث: مخرج الغائط؛ فإنّه يطهر بزوال عين النجاسة، و لا حاجة معه إلى الغسل، و يعتبر في طهارته بذلك أمور:

1- أن لا تتعدّى النجاسة من المخرج إلى أطرافه زائداً على المقدار المتعارف، و أن لا يصيب المخرج نجاسة أخرى من الخارج أو الداخل كالدم.

2- أن تزول العين بحجر أو خرقة أو قرطاس و نحو ذلك.

3- طهارة ما تزول به العين؛ فلا تجزي إزالتها بالأجسام المتنجسة، و كذا يعتبر جفافه، نعم لو كانت الرطوبة فيه بنحو لا يسري إلى المخرج فلا بأس بها.

4- ثلاث مسحات و إن زالت العين بمسحة واحدة مثلًا؛ و إذا لم تزل العين بها لزم المسح إلى أن تزول، و الأحوط استحباباً أن تكون المسحات بثلاث قطع.

(مسألة 166): يحرم الاستنجاء بما هو محترم في الشريعة الإسلامية، و الأقرب عدم حرمة الاستنجاء بالعظم أو الروث، و يطهر المحل بهما أيضاً.

(مسألة 167): الملاقي للنجس- في باطن الإنسان أو الحيوان- لا يحكم بنجاسته إذا خرج و هو

غير ملوّث به؛ فالنواة أو الدود أو ماء الاحتقان الخارج من الإنسان كلّ ذلك لا يحكم بنجاسته إذا لم يكن ملوّثاً بالنجس، و من هذا القبيل الإبرة المستعملة في التزريق إذا خرجت من بدن الإنسان و هي غير ملوّثة بالدم.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 86

الحادي عشر من المطهّرات: استبراء الحيوان:

كلّ حيوان مأكول اللحم إذا كان جلّالًا- أي تعوّد أكل عذرة الإنسان- يحرم أكل لحمه، و الأحوط نجاسة بوله و مدفوعه، و يحكم بطهارتهما بعد الاستبراء.

و الاستبراء: أن يُمنع ذلك الحيوان عن أكل النجاسة مدّةً يخرج بعدها عن صدق الجلّال عليه. و الأحوط- مع ذلك- أن يراعى في الاستبراء المدّة المنصوص عليها، فللدجاجة ثلاثة أيام، و للبطّة خمسة، و للغنم عشرة، و للبقرة عشرون، و للإبل أربعون يوماً.

الثاني عشر من المطهّرات: خروج الدم بالمقدار المتعارف من الذبيحة:

فإنّه بذلك يحكم بطهارة ما يتخلّف منه في جوفها، و هذا الحكم مختصّ بالحيوان المحلّل أكله، و قد مرّ تفصيل ذلك في أحكام النجاسات.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 87

(الصلاة)

اشارة

الصلوات الواجبة في زمان الغيبة ستّة أنواع:

الأوّل: الصلوات اليوميّة.

الثاني: صلاة الآيات.

الثالث: صلاة الطواف الواجب.

الرابع: الصلاة الواجبة بالإجارة، و النذر، و العهد، و نحو ذلك.

الخامس: الصلاة الفائتة عن الوالد، فتجب على الولد الأكبر قضاؤها بعد موت أبيه، و أما الأمّ فلا تجب على الولد قضاء الصلاة الفائتة عنها، و الأولى القضاء عنها أيضاً.

السادس: الصلاة على الميّت.

(النوافل اليوميّة)

يستحبّ التنفّل في اليوم و الليلة بأربع و ثلاثين ركعة؛ ثمان ركعات لصلاة الظهر قبلها، و ثمان ركعات لصلاة العصر كذلك، و أربع ركعات بعد صلاة المغرب لها، و ركعتان بعد صلاة العشاء من جلوس لها، و تحسبان بركعة، و ثمان ركعات نافلة الليل بعد تجاوز نصفه، و أفضله السحر،

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 88

و الظاهر أنّه الثلث الأخير من الليل، و كلّما قرب من الفجر كان أفضل، و ركعتا الشفع بعد صلاة الليل، و ركعة الوتر بعد الشفع، و ركعتا نافلة الفجر قبل فريضته، و وقتها السدس الأخير من الليل، و ينتهي بطلوع الحمرة المشرقية على المشهور، و يجوز دسّها في صلاة الليل قبل ذلك.

(مسألة 168): النوافل ركعتان .. ركعتان إلّا صلاة الوتر، فإنّها ركعة واحدة، و يجوز الاكتفاء فيها بقراءة الحمد من دون سورة، كما يجوز الاكتفاء ببعضها دون بعض، و يستحبّ القنوت فيها.

و الأولى أن يقنت قبل الركوع في صلاة الوتر بالدعاء الآتي:

«لا إله إلا اللّٰه الحليم الكريم لا إله إلّا اللّٰه العليّ العظيم سبحان اللّٰه ربّ السموات السبع و ربّ الأرضين السبع و ما فيهنّ و ما بينهنّ و ربّ العرش العظيم و الحمد للّٰه ربّ العالمين» و أن يدعو لأربعين مؤمناً أمواتاً و أحياءً.

و أن يقول: «أستغفر اللّٰه ربّي و أتوب إليه» سبعين

مرّة.

و أن يقول: «أستغفر اللّٰه الذي لا إله إلّا هو الحيّ القيّوم ذو الجلال و الإكرام لجميع ظلمي و جرمي و إسرافي على نفسي و أتوب إليه» سبع مرّات.

و أن يقول: «هذا مقام العائذ بك من النار» سبع مرّات.

و أن يقول: «ربّ أسأت و ظلمت [نفسي] و بئس ما صنعت، و هذه يداي يا ربّ جزاء ما كسبت، و هذه رقبتي خاضعة لما أتيت، و ها أنا ذا بين يديك فخذ لنفسك من نفسي الرضا حتى ترضى، لك العتبىٰ، لا

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 89

أعود».

و أن يقول: «العفو» ثلاثمائة مرّة.

و أن يقول: «ربّ اغفر لي و ارحمني و تب عليّ إنك أنت التوّاب الرحيم».

(مسألة 169): تسقط- في السفر- نوافل الظهر و العصر، و لا تسقط بقيّة النوافل، و في سقوط الوتيرة إشكال، و لا بأس بإتيانها رجاءً.

(مسألة 170): صلاة الغفيلة ركعتان ما بين فرضي المغرب و العشاء، يقرأ في الركعة الأولى بعد سورة الحمد «وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغٰاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ، فَنٰادىٰ فِي الظُّلُمٰاتِ أَنْ لٰا إِلٰهَ إِلّٰا أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ فَاسْتَجَبْنٰا لَهُ وَ نَجَّيْنٰاهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ» و يقرأ في الركعة الثانية بعد سورة الحمد «وَ عِنْدَهُ مَفٰاتِحُ الْغَيْبِ لٰا يَعْلَمُهٰا إِلّٰا هُوَ وَ يَعْلَمُ مٰا فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مٰا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلّٰا يَعْلَمُهٰا وَ لٰا حَبَّةٍ فِي ظُلُمٰاتِ الْأَرْضِ وَ لٰا رَطْبٍ وَ لٰا يٰابِسٍ إِلّٰا فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ» ثمّ يقنت فيقول: «اللّهُمَّ إِنّي أَسْأَلُكَ بِمَفاتِحِ الغَيْبِ الّتي لَا يَعْلَمُها إلّا أنْتَ أنْ تُصَلِّي عَلى مُحَمّدٍ وَ آلِ مُحَمّدٍ و أن تفعل بي ..»

و يطلب حاجته، ثمّ

يقول: «اللّهُمَّ أنْتَ وَليُّ نِعْمَتِي وَ القادِرُ عَلَى طَلِبَتي تَعْلَمُ حَاجَتِي فَأسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلهِ عَلَيهِ وَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ لَمَّا [و في نسخة: إلّا] قَضَيْتَها لِي»-.

و يجوز الإتيان بركعتين من نافلة المغرب بصورة الغفيلة، فيكون من تداخل المستحبّين.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 90

(مقدّمات الصلاة)

اشارة

مقدّمات الصلاة خمس:

الأولى: الوقت.

(مسألة 171): وقت صلاة الظهرين من زوال الشمس إلى الغروب، و تختص صلاة الظهر من أوّله بمقدار أدائها، كما تختصّ صلاة العصر من آخره بمقدار أدائها، و لا تزاحم كلّ منهما الاخرى في وقت اختصاصها.

و لو صلّى الظهر قبل الزوال معتقداً دخول الوقت و دخل الوقت و هو في الصلاة فالمشهور أنّ صلاته صحيحة، لكن الأحوط لزوماً إتمامها و إعادتها.

(مسألة 172): يعتبر الترتيب بين الصلاتين، فلا يجوز تقديم العصر على الظهر اختياراً، نعم إذا صلّى العصر قبل أن يأتي بالظهر لنسيان و نحوه صحّت صلاته، فإن التفت في أثناء الصلاة عدل بها إلى الظهر و أتمّ صلاته، و إن التفت بعد الفراغ يجعلها ظهراً، ثمّ يأتي بأربع ركعات بقصد ما في الذمّة من دون تعيين للظهر أو العصر.

(مسألة 173): لا يجوز تأخير صلاة الظهرين عن سقوط قرص الشمس على الأظهر.

(مسألة 174): وقت صلاة العشاءين من أوّل الغروب إلى نصف

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 91

الليل، و تختصّ صلاة المغرب من أوّله بمقدار أدائها، كما تختصّ العشاء من آخره بمقدار أدائها- كما تقدّم في الظهرين- و يعتبر الترتيب بينهما، و لكنّه لو صلّى العشاء قبل أن يصلّي المغرب- لنسيان و نحوه-، و لم يتذكّر حتى فرغ منها صحّت صلاته، و أتى بصلاة المغرب بعدها، و لو كان في الوقت المختص بالعشاء على الأحوط.

(مسألة 175): الأحوط استحباباً تأخير صلاة المغرب إلى ذهاب الحمرة المشرقية، و الأولى عدم تأخيرها عن غروب الشفق.

(مسألة 176): إذا دخل في صلاة العشاء، ثمّ تذكّر أنّه لم يُصلّ المغرب، عدل بها إلى صلاة المغرب إذا كان تذكّره قبل أن يقوم إلى الركعة الرابعة، و إذا كان تذكره بعد

القيام إلىٰ الركعة الرابعة فالأحوط أن يعدل إلى المغرب فيجلس و يتمّ صلاته، ثمّ يأتي بصلاة المغرب احتياطاً و بعدها يأتي بصلاة العشاء، و قد مرّ آنفاً حكم التذكّر بعد الصلاة.

(مسألة 177): إذا لم يُصلّ صلاة المغرب أو العشاء حتى انتصف الليل، وجب عليه أن يصلّيهما قبل أن يطلع الفجر بقصد ما في الذمّة من دون نيّة الأداء أو القضاء.

(مسألة 178): وقت صلاة الصبح من الفجر إلى طلوع الشمس، و يعرف الفجر باعتراض البياض في الافق، و يسمّى ب: الفجر الصادق.

(مسألة 179): يعتبر في جواز الدخول في الصلاة أن يستيقن بدخول الوقت، أو تقوم به البيّنة، و لا يبعد الاعتماد على أذان الثقة العارف بالوقت، بل لا يبعد جواز الاعتماد على إخباره إذا حصل الاطمئنان منه،

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 92

و الظاهر عدم جواز الاكتفاء بالظنّ في الغيم و غيره من الأعذار النوعية أيضاً فلا يترك الاحتياط بالتأخير إلى أن يتيقّن بدخول الوقت.

(مسألة 180): إذا صلّى معتقداً دخول الوقت- بأحد الأمور المذكورة- ثمّ انكشف له أنّ الصلاة وقعت بتمامها خارج الوقت بطلت صلاته، بل إذا انكشف وقوع بعضها فيه أعادها أيضاً على الأحوط لزوماً.

(مسألة 181): لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها اختياراً، و لا بدّ من الإتيان بجميعها في الوقت، و لكنّه لو أخّرها عصياناً أو نسياناً حتّى ضاق الوقت، و تمكّن من الإتيان بها- و لو بركعة- وجبت المبادرة إليها، و كانت الصلاة أداءً على الأقوى.

(مسألة 182): الأقوى جواز التنفل لمن عليه الفريضة أدائية أو قضائية ما لم تتضيّق.

الثانية: القبلة و أحكامها:

(مسألة 183): يجب استقبال المكان الواقع فيه البيت الشريف- الذي هو من تخوم الارض إلى عنان السماء- في الفرائض و توابعها من الأجزاء

المنسية، بل سجود السهو على الأحوط الأولىٰ، و حجر إسماعيل خارج عنها. نعم لا بد من إدخاله في الطواف، و أما النوافل فلا يعتبر فيها استقبال القبلة حال المشي أو الركوب، و الأحوط اعتباره فيها حال الاستقرار.

(مسألة 184): ما كان من الصلوات الواجبة زمان الحضور- كصلاة

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 93

العيدين- يعتبر فيها استقبال القبلة و إن كانت مستحبّة فعلًا، و أما ما عرض عليه الوجوب بنذر و شبهه فالأقوى عدم اعتبار الاستقبال فيه، و إن كان الاستقبال أحوط.

(مسألة 185): لا بدّ من إحراز استقبال القبلة بتحصيل العلم، و تقوم مقامه البيّنة إن لم يتمكّن من العلم، و إخبار الثقة الموجب للاطمئنان، و كذا قبلة بلد المسلمين في صلواتهم و قبورهم و محاريبهم إذا لم يعلم بناؤها على الغلط، و مع عدم التمكّن يبذل جهده في تحصيل المعرفة بها و يعمل على ما تحصّل له و لو كان ظنّاً، و مع عدم التمكّن منه أيضاً يجزئ التوجّه إلى الجهة العرفية، و مع الجهل بها يصلّي إلى أيّ طرف شاء، و الأحوط استحباباً أن يصلّي إلى أربع جهات مع سعة الوقت.

(مسألة 186): إذا اعتقد أنّ القبلة في جهة فصلّى إليها، ثمّ انكشف له الخلاف، فإن كان انحرافه لم يبلغ حدّ اليمين أو اليسار توجه إلى القبلة و أتمّ صلاته فيما إذا كان الانكشاف أثناء الصلاة، و إذا كان بعد الفراغ منها لم تجب الإعادة، نعم إذا كان ذلك عن جهل بالحكم فالأقوى لزوم الإعادة في الوقت و القضاء في خارجه. و أما إذا بلغ الانحراف حدّ اليمين أو اليسار، أو كانت صلاته إلى دبر القبلة؛ فإن كان الانكشاف قبل مضيّ الوقت أعادها، و

لا يجب القضاء إذا انكشف الحال بعد مضيّ الوقت.

الثالثة: الطهارة في الصلاة.

(مسألة 187): تعتبر في الصلاة طهارة ظاهر البدن حتى الظفر

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 94

و الشعر، و طهارة اللباس، نعم لا بأس بنجاسة ما لا تتمّ فيه الصلاة من اللباس- كالقلنسوة و التكّة و الجورب- و لا بأس بحمل المتنجّس في الصلاة إذا كان ممّا لا تتمّ الصلاة فيه، بل لا يبعد جواز الحمل مطلقاً.

(مسألة 188): لا بأس بنجاسة البدن أو اللباس من دم القروح أو الجروح قبل البرء إذا كانت في التطهير أو التبديل مشقة نوعاً و إن لم تكن فيه مشقة شخصاً. و الأحوط وجوباً في غير موارد المشقة النوعية هو التطهير أو التبديل.

(مسألة 189): لا بأس بالصلاة في الدم إذا كان أقلّ من الدرهم بلا فرق بين اللباس و البدن، و لا بين أقسام الدم، و يستثنى من ذلك دم نجس العين، و دم الميتة، و دم الحيوان المحرّم أكله عدا الإنسان، فلا يعفى عن شي ء منها و إن قلّ. و الأحوط إلحاق دم الحيض بها، و أما دم النفاس و الاستحاضة فالأقوى جواز الصلاة فيهما، و الأحوط استحباباً إزالتهما.

و إذا شك في دم أنّه أقلّ من الدرهم أم لا، أو علم أنّه أقلّ من الدرهم و شك في كونه من الدماء المذكورة المستثناة فالأحوط عدم العفو.

(مسألة 190): إذا صلّى جاهلًا بنجاسة البدن أو اللباس ثمّ علم بها بعد الفراغ منها صحّت صلاته. و إذا علم بها في الأثناء؛ فإن احتمل حدوثها فعلًا و تمكَّن من التجنُّب عنها- و لو بغسلها على نحو لا ينافي الصلاة- فعل ذلك و أتمّ صلاته و لا شي ء عليه، و إن علم أنها كانت

قبل ذلك؛ فان كان الوقت واسعاً بطلت و استأنف الصلاة، و إن كان الوقت ضيقاً حتى عن إدراك ركعة فالأحوط إتمامها و الإتيان بها بعد الوقت.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 95

(مسألة 191): إذا علم بنجاسة البدن أو اللباس فنسيها و صلّى بطلت صلاته، و لا فرق بين أن يتذكّرها أثناء الصلاة، و بين أن يتذكّرها بعد الفراغ منها، بل لو تذكّرها بعد مضي الوقت قضاها.

(مسألة 192): تجب الطهارة من الحدث بالوضوء أو الغسل أو التيمم، و قد مَرّ تفصيل ذلك في مسائل الوضوء و الغسل و التيمّم.

الرابعة: مكان المصلّي:

(مسألة 193): لا تجوز الصلاة على الأحوط- فريضة أو نافلة- في مكان يكون المسجَد- بل المواضع السبعة- فيه مغصوباً عيناً أو منفعة، و الأحوط استحباباً اعتبار الإباحة فيه إذا كان الركوع أو السجود بالإيماء.

و لا فرق في ذلك بين العالم بحكم الغصب و الجاهل به على الأظهر. نعم إذا نسي الغصب أو كان معتقداً عدمه و صلّى فيه ثمّ تذكّر صحّت صلاته إذا لم يكن هو الغاصب، و كذا تصحّ صلاة من كان مضطرّاً.

(مسألة 194): إذا أوصى الميّت بصرف الثلث- من داره مثلًا في مصرف ما- لم يجز التصرف فيه قبل إخراج الثلث، فلا يجوز الوضوء أو الغسل و لا الصلاة في ذلك المكان.

(مسألة 195): إذا كان على الميّت حق واجب- من خمس أو زكاة- لم يجز التصرف في تركته قبل أدائه، و لا يجوز الوضوء أو الصلاة فيها قبل أداء ذلك الحق إلّا إذا ضمنوا أدائه.

(مسألة 196): لا تجوز الصلاة- و لا سائر التصرفات- في مال الغير

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 96

إلّا بإذنه و رضاه، و هو يتحقق بوجوه:

1- الإذن الصريح من

المالك.

2- الإذن بالفحوى؛ فلو أذن له بالتصرف في داره- مثلًا- بالجلوس و الأكل و الشرب و النوم فيها، و علم منه إذنه في الصلاة أيضاً جاز له أن يصلّي فيها، و إن لم يأذن للصلاة صريحاً.

3- شاهد الحال؛ و ذلك بأن تدلّ القرائن على رضى المالك بالتصرف في ماله.

(مسألة 197): لا بأس بالصلاة في الأراضي الواسعة- المزروعة منها و غير المزروعة- فيما إذا لم يكن مالكها صغيراً أو مجنوناً، و لم يكن لها حائط، و لم يحرز منع المالك و عدم رضاه، و إذا كان المالك صغيراً أو مجنوناً، أو كانت كراهة المالك معلومة أو مظنونة فالأحوط الاجتناب عنها.

و لا بأس بالتصرف في البيوت المذكورة في القرآن الكريم و الأكل منها ما لم تعلم كراهة المالك، و تلك البيوت هي: بيوت الأب، و الأم، و الأخ، و الأخت، و العمّ، و العمّة، و الخال، و الخالة، و الصديق، و البيت الذي كان مفتاحه بيد الإنسان.

(مسألة 198): الأرض المفروشة لا تجوز الصلاة عليها إذا كان الفرش أو الأرض مغصوباً على المشهور.

(مسألة 199): الأرض المشتركة لا تجوز فيها الصلاة و لا سائر التصرفات، إذا لم يأذن فيها جميع الشركاء.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 97

(مسألة 200): العبرة في الأرض المستأجرة بإجازة المستأجر دون المؤجر.

(مسألة 201): إذا كانت الأرض المملوكة متعلقة لحقّ موجب لعدم جواز التصرف فيه، فلا بدّ في جواز التصرف فيها من إجازة المالك وذي الحقّ معاً.

(مسألة 202): المحبوس بغير حقّ في الأرض المغصوبة- إذا لم يتمكَّن من التخلّص- تصحّ صلاته فيها.

(مسألة 203): يعتبر في مكان المصلّي أن لا يكون نجساً على نحو تسري النجاسة منه إلى اللباس أو البدن، و مع عدم السراية لا

بأس بالصلاة عليها. نعم تعتبر الطهارة في مسجد الجبهة، كما سيأتي.

(مسألة 204): لا يجوز التقدّم في الصلاة على قبور المعصومين (عليهم السلام)- بمعنىٰ استدبار القبر الشريف- إذا كان فيه هتك و إساءة أدب.

(مسألة 205): الأقوى صحّة صلاة كلّ من الرجل و المرأة إذا كانا متحاذيين حال الصلاة، أو كانت المرأة متقدّمة إذا كان الفصل بمقدار شبر أو أكثر، و إن كان الأحوط استحباب أن يتقدّم الرجل بموقفه على مسجد المرأة، أو يكون بينهما حائل، أو بُعد عشرة أذرع بذراع اليد، و لا فرق بين المحارم و غيرهم، و الزوج و الزوجة و غيرهما.

(مسألة 206): يستحبّ للرجل أن يأتي بفرائضه في المسجد، و الأفضل للمرأة أن تصلّي في بيتها.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 98

الخامسة: لباس المصلّي:

(مسألة 207): يعتبر في الصلاة و توابعها ستر العورة مع الاختيار، و هي في الرجل القبل و الدبر و البيضتان، و في المرأة جميع بدنها غير الوجه الواجب غسله في الوضوء و اليدين إلى الزند، و أما القدمين إلى الساقين ظاهرهما و باطنهما فالأحوط سترهما، و لا يعتبر ستر الرأس و شعره و الرقبة في صلاة غير البالغة و الأمة.

و الأحوط استحباباً ستر العورة في سجود السهو.

(مسألة 208): يعتبر في الستر أن يكون باللباس، و مع عدم التمكُّن جاز الستر بغير المنسوج من القطن أو الصوف و نحوهما، و كذا يجزئ الستر بالطين و الحناء و نحوهما.

(مسألة 209): إذا انكشف له أثناء الصلاة أنّ عورته لم تستر فعلًا، أعاد صلاته على الأحوط استحباباً بعد إتمام الأولى، و إذا كان الانكشاف بعد الفراغ من الصلاة صحّت و لم تجب الإعادة، و كذلك إذا كان الانكشاف أثناء الصلاة و كانت العورة مستورة

عند ذاك.

(مسألة 210): إذا لم يتمكّن المصلي من الساتر بوجه صلّى عارياً، فإن لم يأمن من الناظر المحترم صلّى جالساً، و أومأ للركوع و السجود، و جعل إيماءه للسجود أكثر من إيماءه للركوع على الأحوط، و أما إذا أمن من الناظر المحترم صلّى قائماً مومياً للركوع و السجود- كما مرّ-، و الأحوط وضع يديه على سوأته.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 99

شرائط لباس المصلّي:

اشارة

يشترط في لباس المصلّي أمور:

الأول: الطهارة،

و قد مرّ تفصيله في المسألة: (187) و ما بعدها.

الثاني: إباحته؛

فيما إذا كان ساتراً للعورة فعلًا، و الأحوط الأولى ذلك في غير الساتر، بل في المحمول أيضاً إذا لم يتحرك بالحركات الصلاتية، و أما إذا تحرك بها فالأحوط هو البطلان.

(مسألة 211): إذا صلّى في ثوب ثمّ انكشف له حرمته صحّت صلاته، و كذلك إذا نسي حرمته و تذكّرها بعد الصلاة إذا لم يكن هو الغاصب.

(مسألة 212): إذا اشترى ثوباً بما فيه الحقّ- كالمرهون- لم تجز الصلاة فيه قبل أداء ذلك الحقّ، بل اذا اشترى ثوباً بعين مال فيه الخمس أو الزكاة- مع عدم أدائهما من مال آخر- كان حكمه حكم المغصوب على الأحوط.

الثالث: أن لا يكون من أجزاء الميتة التي تحلّها الحياة،

من دون فرق بين ما تتمّ الصلاة فيه و ما لا تتمّ فيه الصلاة، و لا فرق بين الميتة النجسة و الطاهرة على الأحوط. و أما ما لا تحلّه الحياة من ميتة حيوان يحلّ أكل لحمه- كالشعر و الصوف- فلا بأس بالصلاة فيه.

(مسألة 213): لا يبعد جواز حمل أجزاء الميتة في الصلاة إن لم يكن ملبوساً، و كذلك كلّ ما لم تثبت تذكيته شرعاً.

(مسألة 214): اللحم أو الجلد و نحوهما المأخوذ من يد المسلم

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 100

يحكم عليه بالتذكية، و يجوز أكله و الصلاة فيه، إلّا إذا علم أنّ المسلم قد أخذه من كافر فلا يترتّب عليه آثار الطهارة في بعض الصور، و في حكم المأخوذ من يد المسلم ما صنع في بلاد الإسلام، و كذا ما وجد فيها و كان عليه أثر الاستعمال.

(مسألة 215): اللحم أو الجلد و نحوهما المأخوذ من الكافر أو المجهول إسلامه، أو ما وجد في بلاد الكفر لا يجوز أكله، و لا تصحّ الصلاة فيه، و أما المأخوذ من المجهول إسلامه فهو

بمنزلة المأخوذ من المسلم إذا كان في بلاد يغلب عليها المسلمون.

(مسألة 216): تجوز الصلاة في ما لم يحرز أنّه جلد و إن أخذ من يد الكافر.

(مسألة 217): إذا صلّى في ثوب جهلًا ثمّ علم أنّه كان ميتة فالأحوط إعادة صلاته. و أما إذا نسي ذلك و تذكّره بعد الصلاة؛ فإن كان الثوب ممّا تتمّ فيه الصلاة، و كانت الميتة نجسة أعادها، و إلّا لم تجب الإعادة.

الرابع: أن لا يكون ممّا لا يؤكل لحمه من الحيوان على الأحوط وجوباً،

و لا فرق هنا بين ما تتمّ الصلاة فيه و ما لا تتمّ الصلاة فيه، بل و لا فرق بين الملبوس و المحمول، و يستثنى من ذلك جلد الخزّ و السنجاب، و كذلك وبرهما، ما لم يمتزج بوبر غيرهما ممّا لا يؤكل لحمه- كالأرنب و الثعلب و غيرهما-، و الأحوط ترك الصلاة في جلد السنجاب.

(مسألة 218): لا بأس بالصلاة في شعر الإنسان من نفس المصلّي

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 101

أو غيره. و الأحوط أن لا يصلّي فيما نسج منه، و إن كان الأظهر جوازه أيضاً.

(مسألة 219): لا بأس بالصلاة في فضلات الحيوان الذي لا لحم له، و إن كان محرّم الأكل، كدم البقّ و البرغوث و القمّل و نحو ذلك.

(مسألة 220): لا بأس بالصلاة في ما يحتمل أنه من غير المأكول- كالماهوت و الفاستونة، و غيرها-، و كذلك فيما إذا لم يعلم أنّه من أجزاء الحيوان- كالصدف العادي الموجود في الأسواق-.

(مسألة 221): إذا صلّى في ما لا يؤكل لحمه جهلًا أو نسياناً حتى فرغ من الصلاة صحّت صلاته، و إن كان الأحوط استحباب إعادتها.

الخامس: أن لا يكون من الذهب للرجال.

و المراد من اللباس هنا مطلق ما يلبسه الإنسان، و إن لم يكن من الثياب- كالخاتم و الزناجير المعلقة-، و الأحوط أن لا يكون زرّ اللباس من الذهب. نعم لا بأس بشدّ الأسنان بالذهب أو تلبيسها به، بل الظاهر عدم حرمة جعل الأسنان من الذهب، كما لا بأس بحمل الذهب في الصلاة، و من هذا القبيل حمل الساعة الذهبية، أما إذا كان مذهّبا بالتمويه و الطلي على نحو يُعدّ عند العرف لوناً فلا بأس به.

(مسألة 222): يحرم لبس الذهب للرجال في غير حال الصلاة أيضاً.

(مسألة 223): إذا شك

في فلزّ و لم يعلم أنّه من الذهب جاز لبسه في نفسه، و لا يضرّ بالصلاة.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 102

(مسألة 224): لا فرق في حرمة لبس الذهب و إبطاله الصلاة بين أن يكون ظاهراً و بين عدمه.

(مسألة 225): إذا صلّى في فلزّ لم يعلم أنّه من الذهب، أو نسيه ثمّ التفت إليه بعد الصلاة صحّت صلاته.

السادس: أن لا يكون اللباس من الحرير الخالص للرجال،

من دون فرق بين ما تتمّ الصلاة فيه و ما لا تتمّ الصلاة فيه على الأحوط وجوباً. و أما إذا امتزج بغيره و لم يصدق عليه الحرير الخالص جاز لبسه و الصلاة فيه.

(مسألة 226): لا بأس بكفّ الثوب بالحرير الخالص. و الأحوط أن لا يزيد على أربعة أصابع مضمومة.

(مسألة 227): لا بأس بحمل الحرير في الصلاة، و إن كان مما تتمّ الصلاة فيه.

(مسألة 228): القَمِل- من به مرض القمل- يجوز له لبس الحرير الخالص، كما يجوز لبسه في الحرب، و في حال الاضطرار، و لكن الظاهر أنّه لا يجوز الصلاة فيه في هذه الموارد أيضاً. نعم إذا كان الاضطرار حال الصلاة جازت الصلاة فيه.

(مسألة 229): إذا صلّى في الحرير نسياناً، ثمّ انكشف له الحال بعد الصلاة صحّت صلاته، و أما إذا صلّى فيه جهلًا فالأحوط الإعادة.

(مسألة 230): إذا شك في لباس، و لم يعلم أنّه من الحرير أم لا جاز لبسه و الصلاة فيه.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 103

(مسألة 231): تختصّ حرمة لبس الذهب و الحرير بالرجال، و لا بأس به للنساء في الصلاة و غيرها. و كذلك الحال في الأطفال الذكور في غير حال الصلاة.

(مسألة 232): يحرم لبس لباس الشهرة إذا استلزم الهتك، و إن صلّى فيه- في هذه الصورة- فلا يبعد بطلان

صلاته إذا لم يكن له ساتر سواه.

(مسألة 233): الأحوط أن لا يتزيّا كلّ من الرجل و المرأة بزيّ الآخر في اللباس، كأن يجعل لباسها لباساً لنفسه، و أما إذا لبسه بداع آخر فلا بأس به. و فيما إذا حرم اللبس لم يضرّ لبسه بالصلاة إذا لم يكن ساتراً له بالفعل حالها.

(مسألة 234): إذا انحصر لباس المصلي بالمغصوب أو الحرير أو الذهب أو الميتة أو غير مأكول اللحم من الحيوان، و اضطرّ إلى لبسه جاز و صحّت صلاته فيه، و إن لم يضطرّ صلّى عارياً في الثلاثة الأول، و أما النجس و ما لا يؤكل لحمه فالأحوط الجمع بين الصلاة فيهما و بين الصلاة عارياً.

(مسألة 235): الظاهر جواز الصلاة في جورب يستر ظهر القدم و لا يستر الساق، إلّا أن الأحوط تركه.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 104

(الأذان و الإقامة)

يستحبّ الأذان و الإقامة استحباباً مؤكّداً في الصلوات اليومية أداء و قضاء، حضراً و سفراً، في الصحة و المرض، للجامع و المنفرد، رجلًا كان أو امرأة. و كيفية الأذان أن يقول:

(اللّٰه أكبر) أربع مرّات، (أشهد أنّ لا إله إلّا اللّٰه) مرّتين، (أشهد أنّ محمّداً رسول اللّٰه) مرّتين، (حيّ على الصلاة) مرّتين، (حيّ على الفلاح) مرّتين، (حيّ على خير العمل) مرّتين، (اللّٰه أكبر) مرّتين، (لا إله إلا اللّٰه) مرّتين.

و كيفية الاقامة؛ أن يقول: (اللّٰه أكبر) مرّتين، ثمّ يمضي على ترتيب الأذان إلى (حيّ على خير العمل)، و بعد ذلك يقول: (قد قامت الصلاة) مرّتين، (اللّٰه أكبر) مرّتين، (لا إله إلا اللّٰه) مرّة واحدة.

و تستحبّ الصلاة على محمّد و آل محمّد عند ذكر اسمه الشريف، و تحسن الشهادة بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، و هي مكمّلة للشهادة بالرسالة.

(مسألة 236):

الأحوط للرجال عدم ترك الإقامة للصلاة، و إن كان الأقوى جواز الترك مطلقاً.

(مسألة 237): يسقط الأذان و الإقامة في موارد:

1- ما إذا دخل في صلاة الجماعة و قد أُذّن لها و أقيم و إن لم يسمع.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 105

2- ما إذا دخل المسجد للصلاة- جماعة أو فرادى- و الجماعة قائمة، أو لم تتفرّق صفوفها بعد التمام بشرط الاتّحاد في المكان عرفاً، و صحة الصلاة جماعة، و كونهما أدائيّتين و مشتركتين في الوقت، و كونها بالأذان و الإقامة.

3- المشهور انّه إذا سمع أذان و إقامة غيره للصلاة، فإنّه يجزي عن أذانه و إقامته، هذا إذا سمع تمام الفصول، و إن سمع بعضها أتمّ ما بقي بشرط مراعاة الترتيب، و إن سمع أحدهما لا يجزي عن الآخر.

(مسألة 238): يسقط الأذان- عزيمة- للعصر يوم عرفة إذا جمعت مع الظهر، و للعشاء ليلة المزدلفة إذا جمعت مع المغرب.

(مسألة 239): يستحبّ في الأذان و الإقامة الطهارة، و القيام، و الاستقبال، بل الظاهر اشتراط الإقامة بالطهارة و القيام و الاستقبال و الاستقرار، و لا بأس بالتكلم في أثنائها و ان كان مكروهاً، و تشتدّ كراهته بعد قول المقيم: «قد قامت الصلاة»، إلّا فيما يتعلّق بالصلاة.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 106

أجزاء الصلاة و واجباتها

اشارة

الصلاة لها أحد عشر جزءاً: النية، و تكبيرة الإحرام، و القيام، و القراءة، و الذكر، و الركوع، و السجود، و التشهد، و التسليم، و الترتيب، و الموالاة، و تأتي أحكامها في ضمن فصول:

الأوّل: في النيّة:

و هي من الأركان، فتبطل الصلاة بنقصانها و لو كان عن سهو. و معنى النيّة: أن يقصد المكلف عنوان عمله قاصداً به التقرّب إلى اللّٰه تعالى، فلو أتى به لا بقصد التقرّب، أو بضميمة غيره بطل العمل.

و يعتبر إخطار النيّة و استمرارها. بمعنى أنه لا بدّ من وقوع جميع أجزاء الصلاة بقصد التقرّب إلى اللّٰه تعالى، و لا يضرّ غيابها عن القلب في الأثناء كما كان يضرّ عند الشروع، بل لو كان حاله بحيث لو التفت إلى نفسه لرأى أنه يفعل عن قصد الأمر، و إذا سئل أجاب بذلك، كفى.

(مسألة 240): إذا تردّد المصلّي في إتمام صلاته، أو عزم على القطع، فإن لم يأت بشي ء من أجزائها في الحال، و لم يأت بمبطل آخر جاز له الرجوع إلى نيّته الأولى و إتمام صلاته.

(مسألة 241): إذا دخل في صلاة معيّنة، ثمّ قصد بسائر الأجزاء صلاة أخرى غفلة و اشتباهاً صحّت صلاته على ما نواه أوّلًا، و لا فرق في ذلك بين أن يلتفت إلى ذلك بعد الفراغ من الصلاة أو في أثنائها، مثلًا: إذا

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 107

شرع في فريضة الفجر، ثمّ تخيّل أنّه في نافلة الفجر فأتمّها كذلك، أو أنّه التفت إلى ذلك قبل الفراغ و عدل إلى الفريضة صحّت صلاته.

(مسألة 242): إذا شك في النيّة- و هو في الصلاة- فعليه الإعادة مطلقاً، سواء علم بنيّته فعلًا، أو لم يعلم بها.

الثاني: في تكبيرة الإحرام:

و هي أيضاً من الأركان، فتبطل الصلاة بنقصانها عمداً أو سهواً.

و المشهور أنّ زيادتها السهويّة مبطلة أيضاً، و لكن الأظهر خلافه.

(مسألة 243): الواجب في التكبيرة أن يقول: (اللّٰه أكبر)، و لا يجزي مرادفها بالعربيّة، و لا ترجمتها بغير العربيّة، و

الأحوط أن لا يوصلها بجملة أخرى قبلها، بل الأحوط أن يقتصر على هيئتها، و لا يقول: اللّٰه أكبر من أن يوصف، أو من كلّ شي ء، و لكنّ الأقوى جواز وصلها بما بعدها من الاستعاذة أو البسملة.

(مسألة 244): الجاهل يلقّنه غيره أو يتعلّم، فان لم يتمكّن اجتزأ منها بما أمكنه، و إن عجز جاء بمرادفها، و مع عدم التمكّن بوجه يأتي بترجمتها.

(مسألة 245): الأخرس يأتي بالتكبيرة على قدر ما يمكنه، فإن عجز عن النطق أخطرها بقلبه و أشار بإصبعه، و الأحوط الأولى أن يحرّك بها لسانه إن أمكن، و كذلك حاله في القراءة و في سائر أذكار الصلاة.

(مسألة 246): يعتبر في تكبيرة الإحرام- مع القدرة- القيام

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 108

و الاستقرار، و مع عدم التمكّن من أيّ منهما يسقط وجوبه، و الأحوط رعاية الاستقلال أيضاً؛ بأن لا يتّكئ على شي ءٍ مع الإمكان.

(مسألة 247): إذا كبّر و هو غير قائم بطلت صلاته و إن كان عن سهو على الأحوط، و لا تبطل بعدم الاستقرار إذا لم يكن عن عمدٍ، هذا إذا التفت إليه بعد الدخول في الركوع.

(مسألة 248): الأحوط الأولى أن يكون القيام على القدمين، و لا بأس بأن يجعل ثقله على إحداهما أكثر منه على الأخرى. و يجب أن لا يفصل بينهما بمقدار لا يصدق معه القيام.

(مسألة 249): إذا لم يتمكَّن من القيام كبَّر على الترتيب الآتي:

1- جالساً.

2- مضطجعاً على الجانب الأيمن مستقبل القبلة.

3- مضطجعاً على الجانب الأيسر كذلك.

4- مستلقياً على قفاه كالمحتضر.

و هذه المراتب مرتّبة؛ بمعنى أنّه مع التمكّن من السابق لا تصل النوبة إلى اللاحق.

(مسألة 250): إذا شك في تكبيرة الإحرام بعد الدخول في القراءة لم يعتن به، و يجب

الاعتناء به قبله. و إذا شك في صحّتها بعد الفراغ، فإن دخل في الجزء الذي بعدها لم يعتن به إن كان منشأ شكه في الصحّة من ناحية غير الموالاة و الترتيب، و إلّا فيجب الاعتناء به.

(مسألة 251): يشرع الإتيان بستّ تكبيرات مضافاً إلى تكبيرة

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 109

الإحرام، فيكون المجموع سبعاً، و يجوز الاقتصار على الخمس، و على الثلاث.

الثالث: في القراءة:

و هي واجبة في الصلاة، و لكنّها ليست بركن، و هي عبارة عن قراءة سورة الفاتحة و سورة كاملة بعدها على الأحوط إلّا في المرض و الاستعجال و في ضيق الوقت أو الخوف و نحوها، فتسقط قراءة السورة فيها، و الأحوط استحباباً الاقتصار على صورة المشقّة- في الجملة- بقراءتها، و الأظهر كفاية الضرورة العرفيّة، و محلّ تلك القراءة الركعة الأولى و الثانية من الفرائض اليوميّة.

و إذا قدّم السورة على الحمد؛ فإن كان متعمّداً بطلت صلاته، و إن كان ساهياً أو ناسياً و ذكر قبل الركوع أعادها بعد الحمد، و إن ذكر بعد الركوع مضىٰ في صلاته.

(مسألة 252): يجب أن يأتي بالقراءة صحيحة، فيجب عليه التعلّم مع الإمكان، فإن أخَّره عمداً حتّى ضاق الوقت وجب عليه الائتمام بمن يحسنها على الأحوط لزوماً إذا لم يكن عليه حرجيّاً، و كذا إذا لم يتمكّن من التعلّم، و إلّا جاز أن يأتي بما تيسّر منها، نعم إذا كان مقصّراً في ترك التعلّم وجب عليه أن يصلّي مأموماً.

و الأحوط القراءة بإحدى القراءات السبع، كما أنّ الأحوط وجوباً فيها ترك الوقف بحركة و الوصل بسكون، و كذا في سائر الأذكار الواجبة

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 110

في الصلاة.

(مسألة 253): إذا نسي القراءة في الصلاة حتّى ركع

مضى في صلاته، و لا شي ء عليه، و الأحوط الأولى أن يسجد سجدتين للسهو بعد الصلاة.

(مسألة 254): البسملة جزء من كلّ سورة عدا سورة التوبة.

(مسألة 255): لا يجوز قراءة السور الطوال فيما إذا استلزمت وقوع شي ء من الصلاة خارج الوقت. و لا يجوز أن يقرأ شيئاً من سور العزائم على إشكال، و لا بأس بقراءتها في النوافل، فإن قرأها فيها وجب عليه السجود أثناء النافلة عند قراءة آية السجدة، و يعود إلى صلاته.

(مسألة 256): يجب السجود فوراً على من قرأ آية السجدة أو أصغى إليها. و أما من سمعها بغير اختيار لم يجب عليه السجود مطلقاً على الظاهر. و لو قرأ آية السجدة في صلاة الفريضة سهواً، أو أنّه أصغى إليها أو سمعها وجب عليه أن يومي برأسه إلى السجدة و هو في الصلاة، ثمّ يأتي بها بعد الفراغ منها على الأحوط.

(مسألة 257): لا بأس بقراءة أكثر من سورة واحدة في النوافل، و الأحوط الأولى أن لا يزيد على الواحدة في الفرائض.

(مسألة 258): سورة (الفيل) و سورة (قريش) هما بحكم سورة واحدة بمعنى أنّه لا يجوز الاكتفاء بقراءة إحداهما في صلاة الفريضة، و كذلك الحال في سورتي (الضحى) و (الانشراح).

(مسألة 259): لا بدّ من تعيين البسملة حين قراءتها، و أنّها لأيّة

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 111

سورة، و لا تجزئ قراءتها من دون تعيين.

(مسألة 260): يجوز العدول في الفريضة من سورة إلى سورة أخرى قبل أن يتجاوز نصفها، و الأحوط عدم العدول ما بين النصف و الثلثين، و لا يجوز العدول بعد ذلك. هذا في غير سورتي (التوحيد) و (الكافرون)، فإنّه لا يجوز العدول عن كلّ منهما إلى أيّة سورة و إن لم

يتجاوز النصف، و يستثنى من هذا الحكم مورد واحد؛ و هو ما إذا قصد المصلّي في صلاة الظهر يوم الجمعة قراءة سورة (الجمعة) في الركعة الأولى و قراءة سورة (المنافقون) في الركعة الثانية، إلّا أنّه ذهل عمّا نواه، فقرأ سورة أخرى و تجاوز النصف، أو قرأ سورة (الإخلاص) أو (الكافرون) بدل إحداهما، فيجوز له أن يعدل حينئذٍ إلى ما نواه إلّا عن سورة (الكافرون)، و الأحوط وجوباً عدم العدول عن سورتي (الجمعة) و (المنافقون) يوم الجمعة إلى غيرهما حتّى إلى سورتي (التوحيد) و (الكافرون) إلّا مع الضرورة، فيعدل إلى إحداهما دون غيرهما على الأحوط.

(مسألة 261): إذا لم يتمكّن المصلّي من إتمام السورة لنسيانه كلمة أو جملة منها و لم يتذكّرها، جاز له أن يعدل إلى أيّة سورة شاء و إن كان قد تجاوز النصف، أو كان ما شرع فيه سورة (الإخلاص) أو (الكافرون).

(مسألة 262): الأحوط وجوباً المدّ فيما إذا كانت واو و ما قبلها مضموم، أو ياء و ما قبلها مكسور، أو ألف و ما قبلها مفتوح إذا كان بعدها سكون لازم، و يكفي في المدّ الصدق العرفي و لا يعتبر الزائد عليه، بل

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 112

الأحوط المدّ في مثل (جاء)، و (جي ء)، و (سوء).

(مسألة 263): إذا اجتمع حرفان متجانسان أصليّان في كلمة واحدة وجب الإدغام ك (مدّ) و (ردّ)، و كذا يجب إدغام لام التعريف إذا دخلت على التاء و الثاء و الدال و الذال و الراء و الزاء و السين و الشين و الصاد و الضاد و الطاء و الظاء و اللام و النون، و إظهارها في بقيّة الحروف، و الأحوط لزوماً الإدغام فيما إذا وقعت النون الساكنة

أو التنوين قبل حروف يرملون (ي، ر، م، ل، و، ن).

(مسألة 264): يجب حذف همزة الوصل في الدرج، مثل همزة:

(اللّٰه) و (الرحمن)، فإذا أثبتها بطلت القراءة، و كذا يجب إثبات همزة القطع مثل همزة: (إياك) و (أنعمت)، فإذا حذفها بطلت القراءة.

(مسألة 265): الأحوط أنّه يجب على الرجل فيما إذا صلّى منفرداً أو كان إماماً أن يجهر بالقراءة في فريضة الفجر، و في الركعتين الأوّلتين من المغرب و العشاء، و أن يخافت بها في الظهرين، و يستحبّ له الجهر بالبسملة فيهما، و يأتي حكم قراءة المأموم في أحكام صلاة الجماعة.

و يجب على المرأة أن تخفت في الظهرين، و تتخيّر في غيرهما، و الأولى لها الخفوت عند سماع الأجنبي صوتها، و العبرة في الجهر و الخفوت بالصدق العرفي.

(مسألة 266): يستحبّ للمصلّي في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر يوم الجمعة الجهر.

(مسألة 267): إذا جهر في القراءة موضع الخفوت، أو خفت موضع

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 113

الجهر- جهلًا منه بالحكم أو نسياناً- صحّت صلاته. و إن كان الأحوط الأولىٰ الإعادة، و إذا علم بالحكم أو تذكّر أثناء القراءة فالأحوط- إن لم يكن أقوى- وجوب إعادة القراءة.

(مسألة 268): لا بأس بقراءة الحمد و السورة في المصحف و بالتلقين، و إن كان الأحوط استحباباً الاقتصار في ذلك على حال الاضطرار.

(مسألة 269): يتخيّر المصلّي في الركعة الثالثة من المغرب و الأخيرتين من الظهرين و العشاء بين قراءة الحمد و التسبيحات الأربع، و الأحوط لزوماً للمأموم في الصلاة الجهريّة اختيار التسبيح، ويتعيّن الخفوت في هذه الركعات. و الأحوط وجوباً أن لا يجهر بالبسملة فيما إذا اختار قراءة الحمد. و يجزئ في التسبيحات أن يقول: «سبحان اللّٰه و الحمد للّٰه و

لا إله إلا اللّٰه و اللّٰه أكبر» مرّة واحدة، و أمّا تكرارها ثلاث مرّات، فالأولى إتيانها بقصد القربة المطلقة دون الجزئية و لو استحباباً، و الأحوط الإتيان بالاستغفار بعد التسبيحات.

(مسألة 270): إذا لم يتمكّن من التسبيحات تعيّن عليه قراءة الحمد.

(مسألة 271): يجوز التفريق في الركعتين الأخيرتين؛ بأن يقرأ في إحداهما سورة فاتحة الكتاب، و يسبّح في الأخرىٰ.

(مسألة 272): من نسي قراءة الحمد في الركعة الأولى و الثانية فالأحوط أن يختارها على التسبيحات في الركعة الثالثة أو الرابعة.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 114

(مسألة 273): من نسي القراءة أو التسبيحة حتى ركع فلا شي ء عليه، و الأولى أن يسجد سجدتين للسهو بعد الصلاة.

(مسألة 274): حكم القراءة و التسبيحات- من جهة اعتبار القيام، و الطمأنينة، و الاستقلال فيها- كما مرّ في تكبيرة الإحرام، و ما ذكرناه من الفروع هناك يجري بتمامه هنا، غير أنّهما يفترقان من جهتين:

1- إذا نسي القيام حال القراءة، فإن تذكّره قبل الركوع تداركه، و إلّا صحّت صلاته.

2- إذا لم يتمكّن من القيام في تمام القراءة وجب القيام فيها بالمقدار الممكن، و كذلك إذا لم يتمكّن من الجلوس في تمام القراءة أو من الاضطجاع على الجانب الأيمن أو الأيسر- على الترتيب الذي ذكرناه في المسألة: (249)-.

(مسألة 275): إذا شكّ في القراءة؛ فإذا كان شكّه في صحّتها- بعد ما دخل في الجزء الذي بعدها، بأن دخل في القنوت مثلًا- لم يعتن بالشكّ في بعض الموارد، كما تقدّم في المسألة: (250)، و إذا شكّ في نفس القراءة بعد ما دخل في الجزء اللاحق لم يعتن به، و أمّا إذا شكّ فيها قبل الدخول في الجزء اللاحق لزمت عليه القراءة.

(مسألة 276): إذا شكّ في قراءة الحمد-

بعد ما دخل في السورة- لم يعتن بالشكّ، و إذا دخل في جملة و شك في جملة سابقة عليها، أو كان في آخر الآية و شك في أوّلها، فعدم الاعتناء بالشك مشكل.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 115

الرابع: في الركوع:
اشارة

و هو من الأركان أيضاً، و تبطل الصلاة بنقيصته عمداً أو سهواً، و كذلك تبطل بزيادته عمداً أو سهواً على الأحوط، إلّا في صلاة الجماعة- على تفصيل يأتي إن شاء الهّٰل تعالى-.

و يجب الركوع في كلّ ركعة مرّة واحدة إلّا في صلاة الآيات، ففي كلّ ركعة منها خمس ركوعات- و سيأتي بيان ذلك إن شاء اللّٰه تعالى-.

واجبات الركوع:
اشارة

تجب في الركوع أمور:

الأوّل: أن يكون الانحناء بقصد الركوع بمقدار تصل أطراف الأصابع إلى الركبة في مستوي الخلقة؛

و من كانت يده طويلة يرجع في مقدار الانحناء إلى مستوى الخلقة.

الثاني: القيام قبل الركوع؛

و تبطل الصلاة بتركه عمداً، و في تركه سهواً صورتان:

1- أن يتذكّر القيام المنسي بعد دخوله في السجدة الثانية، أو بعد الفراغ منها، ففي هذه الصورة تبطل الصلاة أيضاً.

2- أن يتذكّره قبل دخوله في السجدة الثانية، فيجب عليه حينئذٍ القيام ثمّ الركوع، و تصحّ صلاته. و الأحوط- استحباباً- إعادة الصلاة بعد الإتمام، و أن يسجد سجدتي السهو إذا كان تذكّره بعد دخوله في السجدة الأولى.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 116

(مسألة 277): إذا لم يتمكّن من الركوع عن قيام و كانت وظيفته الصلاة قائماً فالأحوط الجمع بالصلاة قائماً مع الإيماء و جالساً مع الركوع عن جلوس، و إن لم يتمكّن من الركوع جالساً يُؤمِ إليه برأسه إن أمكن، و إلا أومأ بعينيه تغميضاً له، و فتحاً للرفع منه.

(مسألة 278): إذا شكّ في القيام قبل الركوع؛ فإن كان شكّه بعد الدخول في السجود لم يعتن به و مضى في صلاته، و إن كان قبل ذلك لزمه القيام ثمّ الركوع، و الأحوط حينئذٍ إعادة الصلاة بعد إتمامها.

الثالث: الذكر؛

و الأحوط اختيار التسبيح من أفراده، و يجزئ منه أن يقول: «سبحان اللّٰه» ثلاثاً، أو «سبحان ربّي العظيم و بحمده» مرّة واحدة، و الأحوط عدم ترك التكبير للركوع قبله، و كذلك بعد رفع الرأس منه.

(مسألة 279): يعتبر في الذكر الطمأنينة مع القدرة، و تسقط مع العجز. و إذا نسي الذكر أو الطمأنينة فيه حتّى رفع رأسه من الركوع فالأحوط الرجوع و التدارك ثمّ إعادة الصلاة، و إن تذكّر بعد الدخول في السجدة الثانية صحّت صلاته، و إذا تذكّر عدم الطمأنينة- و هو في الركوع- أعاد الذكر على الأحوط وجوباً.

الرابع: القيام بعد الركوع؛

و يعتبر فيه الانتصاب و الطمأنينة.

(مسألة 280): إذا شك في الركوع أو في القيام بعده- و قد دخل في السجود- لم يعتن بشكه، و كذلك إذا شك في القيام و لم يدخل في السجود، و إن كان الأحوط فيه الرجوع و تدارك القيام المشكوك فيه

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 117

رجاءً، و أما إذا شك في الركوع و لم يدخل في السجود وجب عليه الرجوع لتداركه.

(مسألة 281): إذا نسي الركوع حتّى دخل في السجدة الثانية بطلت صلاته، و إن تذكّره قبل ذلك لا يبعد الاجتزاء بتدارك الركوع و الإتمام، و الأحوط استحباباً الإعادة أيضاً، و يجب على الأحوط أن يسجد سجدتي السهو لزيادة السجدة الواحدة.

(مسألة 282): من كان على هيئة الراكع في أصل الخلقة أو لعارض؛ فإن تمكّن من القيام منتصباً- و لو بأن يتّكئ على شي ء- لزمه ذلك حال التكبيرة و القراءة و قبل الركوع و بعده، و إلّا فإن تمكّن من رفع بدنه بمقدار يصدق على الانحناء بعده الركوع في حقّه عرفاً لزمه ذلك، و إن لم يتمكّن من ذلك و لكن

تمكّن من الانحناء بمقدار لا يخرج عن حدّ الركوع فالأحوط عليه ذلك مع الإيماء برأسه، و إلّا أومأ برأسه، و إن لم يتمكّن فبعينيه.

(مسألة 283): يعتبر في الانحناء أن يكون بقصد الركوع، فلو انحنى بمقداره لا بقصد الركوع، بل لغاية أخرى- كقتل العقرب و نحوه- فالأحوط بطلان صلاته.

(مسألة 284): إذا انحنى للركوع و في أثناء الهويّ غفل و جلس للسجود نسياناً ففيه صور ثلاث:

1- أن يكون نسيانه قبل أن يصل إلى حدّ الركوع، فيلزمه- حينئذٍ- الرجوع و الانحناء للركوع.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 118

2- أن يكون نسيانه بعد تحقّق مسمّى الركوع، فتصحّ صلاته، و الأحوط استحباباً أن يقوم منتصباً ثمّ يهوي إلى السجود، و إذا التفت إلى ذلك و قد سجد سجدة واحدة مضى في صلاته، و الأحوط استحباباً إعادة الصلاة بعد الإتمام، و إذا التفت إلى ذلك و قد سجد سجدتين صحّ سجوده و مضى.

3- أن يكون نسيانه قبل تحقق مسمّىٰ الركوع حتى هوى إلى السجود و خرج عن حدّ الركوع، فيلزمه أن يرجع إلى القيام ثمّ ينحني إلى الركوع ثانياً، و يُتمّ صلاته.

الخامس: في السجود:
اشارة

و يجب في كلّ ركعة سجدتان، و هما معاً من الأركان، فتبطل الصلاة بنقيصتهما عمداً أو سهواً، و بزيادتهما كذلك على الأحوط.

و سيأتي حكم زيادة السجدة الواحدة و نقصانها.

و يعتبر في السجود أمور:
الأوّل: أن يكون على سبعة أعضاء؛

و هي: الجبهة، و الكفّان، و الركبتان، و الإبهامان من الرّجل.

و المدار في تحقّق مفهوم السجدة على وضع الجبهة بقصد التعظيم، و على هذا المعنى تدور الزيادة و النقيصة. و أما وضع غيرها- من الأعضاء المذكورة- على الأرض فهو و إن كان واجباً حال السجود إلّا أنه ليس بركن، فلا يضرّ بالصلاة تركه من غير عمد، و إن كان الترك في كلتا

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 119

السجدتين.

(مسألة 285): يعتبر فيما يصحّ السجود عليه اتّصال أجزائه على الأحوط، فلا يجوز السجود على السبحة غير المطبوخة.

(مسألة 286): الواجب وضعه على الأرض من الجبهة ما يصدق على وضعه السجود عرفاً، و من اليدين باطن الكفّ، و في الضرورة ينتقل إلى الظاهر، ثمّ الأقرب فالأقرب على الأحوط، و من الركبتين بمقدار المسمّى، و من الإبهامين طرفاهما على الأحوط. و لا يعتبر في وضع هذه المواضع أن يجعل ثقله على جميعها و إن كان أحوط.

و يعتبر أن يكون السجود على النحو المتعارف، فلو وضعها على الأرض- و هو نائم على وجهه- لم يجزه ذلك، نعم لا بأس بإلصاق الصدر و البطن بالأرض حال السجود، و الأحوط تركه.

(مسألة 287): الأحوط لمن قطعت يده من الزند، أو لم يتمكّن من وضعها على الأرض أن يسجد على ذراعه، مراعياً لما هو الأقرب إلى الكفّ، و إن لم يتمكّن من السجدة على باطن كفّه يسجد على ظاهرها، و من قطع إبهام رجله يسجد على سائر أصابعها على الأحوط.

الثاني: أن لا يكون المسجد أعلى من الموقف و لا أسفل منه بما يزيد علىٰ مقدار لبنة؛

و قُدّر بأربع أصابع مضمومة، فلو وضع جبهته سهواً على مكان مرتفع أو سافل- و كان التفاوت أزيد من المقدار المزبور-؛ فإن لم يصدق معه السجود لزمه أن يرفع رأسه و يسجد، و

إن صدق معه السجود فالأحوط جرّ الجبهة إلى المكان المستوي من غير رفع، هذا إذا كان سهواً،

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 120

و لو كان عمداً بطلت صلاته.

الثالث: يعتبر في مسجد الجبهة أن يكون من الأرض أو نباتها

غير ما يؤكل أو يلبس؛ فلا يجوز السجود على الحنطة و الشعير و القطن- و لو قبل الغزل و النسج- و نحو ذلك، نعم لا بأس بالسجود على ما يأكله الحيوان من النبات، و يشكل السجود على الأعشاب الطبيّة- كالخوبة، و عنب الثعلب، و ورد لسان الثور و نحوها- مما له طعم و ذوق حسن، و الأحوط وجوباً ترك السجدة على ورق الكرم قبل جفافه، و على ورق الشاي، و يجوز السجود على قشر اللوز و الجوز، و على نواة التمر و سائر النوى، و على القرطاس اختياراً و إن اتّخذ مما لا يصحّ السجود عليه.

و السجود على الأرض أفضل من السجود على غيرها، و السجود على التراب أفضل من السجود على غيره، و أفضل اقسامه التربة الحسينية على مشرّفها آلاف السلام و التحية.

و لا يجوز السجود على الذهب و الفضة و سائر الفلزات، و على القير و الزفت، و على الزجاج و البلور، و على الرماد و الفحم، و غير ذلك ممّا لا يصدق عليه الأرض أو نباتها، و كذا لا يجوز أن يسجد على الخزف و الآجر، و على النورة بعد طبخها، و على العقيق و الفيروزج، و الياقوت و الألماس و نحوها، أما الجصّ- بعد طبخه- فلا يبعد صحّة السجود عليه إلا أن الأحوط تركه.

(مسألة 288): لا يجوز السجود على ما يؤكل في بعض البلدان و إن لم يؤكل في بلد آخر.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 121

(مسألة 289): إذا لم يتمكّن

من السجود على ما يصحّ السجود عليه- لفقدانه أو من جهة الحرّ أو البرد أو غير ذلك- سجد على ثوبه، فإن لم يتمكّن منه أيضاً سجد على ظهر كفّه.

(مسألة 290): إذا سجد سهواً على ما لا يصحّ السجود عليه جاز أن يرفع رأسه و يسجد على ما يصحّ السجود عليه، و إن كان الأحوط الجرّ على ما يصحّ السجود عليه، و إذا وضعها على ما يصحّ السجود عليه جاز جرّها إلى الأفضل و الأسهل.

(مسألة 291): لا بأس بالسجود على ما لا يصحّ السجود عليه اختياراً حال التقيّة، و لا يجب التخلّص منها بالذهاب إلى مكان آخر، نعم لو كان في ذلك المكان وسيلة لترك التقيّة؛ بإن يصلّي على البارية أو نحوها ممّا يصحّ السجود عليه وجب اختيارها.

الرابع: يعتبر الاستقرار في المسجد؛

فلا يجزي وضع الجبهة على الوحل و الطين، أو التراب الذي لا تتمكّن الجبهة عليه، و لا بأس بالسجود على الطين إذا تمكّنت الجبهة عليه، و لكن إذا لصق بها شي ء من الطين أزاله للسجدة الثانية على الأحوط.

الخامس: يعتبر في المسجد الطهارة، و الإباحة،

و تجزئ طهارة الطرف الذي يسجد عليه، و لا تضرّ نجاسة الباطن أو الطرف الآخر، و اللازم طهارة المقدار الذي يعتبر وقوع الجبهة عليه في السجود. فلا بأس بنجاسة الزائد عليه على الأظهر. إلّا إذا كانت مسرية إلى بدنه و لباسه، و قد تقدّم الكلام في اعتبار الحليّة في مكان المصلّي في المسألة: (193).

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 122

السادس: يعتبر الذكر في السجود؛

و الحال فيه كما ذكرناه في ذكر الركوع، و الأحوط في التسبيحة الكبرى هنا «سبحان ربّي الأعلى و بحمده».

السابع: يعتبر الجلوس بين السجدتين؛

و أمّا الجلوس بعد السجدة الثانية- جلسة الاستراحة- في الركعة الأولى و الثالثة ممّا لا تشهّد فيه فالأحوط إتيانه.

الثامن: يعتبر استقرار المواضع السبعة

- المتقدّم ذكرها- على الأرض حال الذكر؛ فلو حرّكها متعمداً وجبت الإعادة حتى في غير الجبهة على الأحوط، و لا بأس بتحريكها في غير حال الذكر، بل لا بأس برفعها و وضعها ثانياً في غير حال الذكر ما عدا الجبهة. و لو تحرّكت المواضع حال الذكر من غير عمد أعاد الذكر على الأحوط.

(مسألة 292): من لم يتمكّن من الانحناء للسجود وجب عليه أن يرفع ما يسجد عليه إلى حدّ يتمكّن من وضع الجبهة عليه، فإن لم يتمكّن من ذلك أيضاً أومأ برأسه للسجود، و مع العجز عنه أومأ له بعينيه، و جعل إيماءه للسجود أكثر من إيماءه للركوع على الأحوط الأولى.

(مسألة 293): إذا ارتفعت الجبهة من المسجد قهراً؛ فإن كان قبل الذكر فلا تحتسب له السجدة فيرجع و يسجد، و إن كان بعده حسبت له، و عليه؛ فإن أمكن حفظها عن الوقوع ثانياً فهو، و إلا يرفع رأسه و يأتي بما يجب عليه من سجدة أو غيرها.

(مسألة 294): إذا كان في الجبهة جرح لا يتمكّن معه من وضعها

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 123

على الأرض لزمه حفر الأرض، ليقع موضع الجرح في الحفرة و يضع الموضع السالم من الجبهة على الأرض، فإن لم يتمكّن من ذلك سجد على الحاجب إن أمكن، ثمّ الذقن، ثمّ على أحد طرفي الجبهة مقدّما للأيمن على الأحوط استحباباً، ثمّ الأنف، و الأحوط ضمّ الإيماء مع كلّ منهما برجاء المطلوبيّة، فان تعذّر ذلك كلّه أومأ إلى السجود.

(مسألة 295): من نسي السجدتين حتى دخل في الركوع بطلت صلاته على الأحوط، و

إن تذكّرهما قبل ذلك رجع و تداركهما، و من نسي سجدة واحدة، فإن ذكرها قبل الركوع رجع و تداركها، و إن ذكرها بعد ما دخل في الركوع مضى في صلاته و قضاها بعد الصلاة مع سجدتي السهو على الأحوط.

(مسألة 296): من نسي السجدتين من الركعة الأخيرة حتّى سلّم؛ فإن ذكرهما بعد أن يأتي بما ينافي الصلاة عمداً و سهواً بطلت صلاته، و كذا إذا ذكرهما قبل الإتيان به على الأحوط.

(مسألة 297): من نسي سجدة من الركعة الأخيرة و ذكرها بعد السلام قبل الإتيان بما ينافي الصلاة عمداً و سهواً، رجع على الأحوط و تداركها و أتمّ صلاته، ثمّ يقضي المنسيّ و سجد سجدتي السهو، و إذا ذكرها بعد الإتيان بالمنافي قضاها، و سجد سجدتي السهو على الأحوط.

(مسألة 298): من نسي وضع عضو من الأعضاء السبعة- غير الجبهة- على الأرض و ذكره بعد رفع الجبهة، فإنّه يرجع و يتدارك المنسيّ في محلّه.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 124

(مسألة 299): إذا ذكر- بعد رفع الرأس من السجود- أنّ مسجده لم يكن ممّا يصحّ السجود عليه، ففي المسألة صور:

1- أن يكون ذلك في السجدة الواحدة، و يكون الالتفات إليه بعد ما دخل في ركن آخر؛ ففي هذه الصورة يتمّ الصلاة و يقضي تلك السجدة بعدها، و يسجد سجدتي السهو على الأحوط.

2- أن يكون ذلك في السجدة الواحدة، و يكون التفاته إليه قبل الدخول في ركن آخر، فالأحوط في هذه الصورة لزوم الرجوع لتدارك السجدة و الإتيان بما بعدها، و إعادة الصلاة.

3- أن يكون ذلك في السجدتين، و يكون التفاته إليه حينما لا يمكنه التدارك، كما إذا دخل في ركن، أو أن ذلك كان في الركعة الأخيرة، و

قد أتى بشي ء من المنافيات بعد ما سلّم، ففي هذه الصورة يحكم بصحة الصلاة على الأظهر.

4- أن يكون ذلك في السجدتين و أمكنه التدارك، و الأحوط في هذه الصورة أن يتدارك السجدتين ثمّ يعيد صلاته.

(مسألة 300): إذا نسي الذكر أو الطمأنينة حال الذكر، و ذكره بعد رفع الرأس من السجود فالأحوط هو الرجوع و التدارك و إعادة الصلاة إذا كان الترك في كلتا السجدتين معاً.

(مسألة 301): إذا نسي الجلسة بين السجدتين حتى سجد الثانية صحّت صلاته.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 125

السادس: في التشهّد:

و هو واجب في الثنائية مرّة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة من الركعة الثانية، و في الثلاثية و الرباعية مرّتين؛ الأولى كما ذكر، و الثانية بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة من الركعة الأخيرة من صلاة الظهرين و المغرب، و العشاء، و لكلّ من صلاتي الاحتياط و الوتر تشهّد، و الأحوط في كيفيّته أن يقول: «أشهد أن لا إله إلّا اللّٰه وحده لا شريك له، و أشهد أن محمّداً عبده و رسوله، اللّهم صلّ على محمّد و آل محمّد».

و يجب تعلّم التشهّد مع الإمكان، و العاجز عن التعلّم- إذا لم يجد من يلقّنه- اقتصر على ما يسعه من الشهادة و الصلوات إن صدق عليه الشهادة، و إن عجز فالأحوط وجوباً أن يأتي بترجمته رجاءً، و الأحوط من ذلك تكرار الصلاة بالإتيان بما أمكنه من التشهّد، و إذا عجز عنها أتى بسائر الأذكار بقدره.

(مسألة 302): يعتبر في التشهّد أمور:

1- أداؤه صحيحاً:

2- الجلوس حاله مع القدرة عليه، و لا تعتبر في الجلوس كيفيّة خاصّة.

3- الطمأنينة عند اشتغاله بالذكر.

4- الموالاة بين أجزائه؛ بأن يأتي بها متعاقبة على نحو يصدق عليه عنوان التشهّد.

(مسألة 303): إذا

نسي التشهّد الأوّل، و ذكره قبل أن يدخل في

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 126

الركوع الذي بعده، لزمه الرجوع لتداركه، و الأحوط وجوباً أن يسجد سجدتي السهو للقيام في غير محلّه، و لو تذكّره بعده فالأحوط أن يقضيه بعد الصلاة، و يسجد سجدتي السهو. و لو نسي الجلوس فيه تداركه مع الإمكان، و إلّا مضى في صلاته و سجد بعدها سجدتي السهو على الأحوط، و من نسي الطمأنينة فيه مضىٰ، و من نسي التشهّد الأخير حتّى سلّم؛ فإن ذكره قبل الإتيان بما ينافي الصلاة فإنّه يرجع على الأحوط و يتدارك المنسيّ و يتمّ صلاته، ثمّ يقضي المنسيّ و يسجد سجدتي السهو، و إن ذكره بعد الإتيان بالمنافي، فهو كمن نسي التشهّد الأوّل و ذكره بعد الدخول في الركوع.

(مسألة 304): إذا تشهّد فشك في صحّته و دخل في الجزء الذي بعده لم يعتن بشكه في بعض الموارد كما تقدّم في المسألة: (250)، و إذا شك في الإتيان بالشهادتين حال الصلاة على محمّد و آل محمّد، أو شكّ في مجموع التشهّد، أو في الصلاة على محمّد و آله بعد ما قام، أو حين السلام الواجب لم يعتن بشكّه، و أما إذا كان شكّه قبل التسليم و قبل أن يصل إلى حدّ القيام لزمه التدارك، و كذا إذا تشهّد و شك في صحّته قبل الدخول في الجزء اللاحق.

السابع: في السلام:

و هو واجب في الركعة الأخيرة من الصلاة بعد التشهّد، و يعتبر أداؤه صحيحاً حال الجلوس مع الطمأنينة كما في التشهّد. و صورته: «السلام

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 127

علينا و على عباد اللّٰه الصالحين» أو «السلام عليكم»، و يجزئ كلّ من هاتين الجملتين. و إذا

اقتصر على الجملة الثانية: فالأحوط الأولى أن يقول: «السلام عليكم و رحمة اللّٰه و بركاته».

و يستحبّ الجمع بين الجملتين، و أن يقول قبلهما: «السلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّٰه و بركاته». و العاجز عن السلام كالعاجز عن التشهّد في الحكم المتقدّم.

(مسألة 305): من نسي السلام تداركه إذا ذكره قبل أن يأتي بشي ء من منافيات الصلاة، و إن ذكره بعد ذلك- كأن يذكره بعد ما صدر منه الحدث، أو بعد فصل طويل مخلّ بهيئة الصلاة- صحّت صلاته و لا شي ء عليه، و إن كان الأحوط إعادتها.

(مسألة 306): إذا شك في صحّة السلام أو في أصله بعد ما أتى بشي ء من المنافيات و لو سهواً لم يعتن بالشك. و إذا شك في أحدهما- أصل السلام أو صحّته- قبل أن يدخل في شي ء منها لزمه التدارك، سواء دخل في التعقيب أم لم يدخل.

الثامن: في الترتيب و الموالاة:

يجب الإتيان بواجبات الصلاة مرتّبة على النحو الذي ذكرناه، فإذا خالف الترتيب- عمداً- بطلت صلاته، و قد بيّنا حكم المخالفة سهواً في المسائل المتقدّمة.

و تجب الموالاة بين أجزاء الصلاة؛ بأن يؤتى بها متوالية على نحو

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 128

ينطبق على مجموعها عنوان الصلاة، و لا يضرّ بالموالاة تطويل الركوع، أو السجود، أو القنوت، أو الإكثار من الأذكار، أو قراءة السور الطوال .. و نحو ذلك.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 129

القنوت

يستحب القنوت في كلّ صلاة- فريضة كانت أو نافلة- مرّة واحدة، و يتعدّد القنوت في صلوات العيدين و الآيات، و محلّه في بقيّة الصلوات قبل الركوع من الركعة الثانية، و القنوت في صلاة الوتر قبل ما يركع، و في استحباب القنوت الثانية فيها بعد الركوع إشكال.

و يتأكّد استحباب القنوت في الصلوات الجهريّة- و لا سيّما صلاة الفجر و المغرب- و في الوتر من النوافل.

(مسألة 307): لا يعتبر في القنوت ذكر مخصوص، و يكفي فيه كلّ دعاء أو ذكر أو حمد أو ثناء، و الظاهر أنّه لا تتحقّق وظيفة القنوت بالدعاء الملحون أو بغير العربيّة و إن كان لا يقدح ذلك في صحّة الصلاة، و الأولى قراءة المأثور عن المعصومين عليهم السلام، و قد وردت أذكار خاصّة في بعض النوافل فلتطلب من مظانّها.

(مسألة 308): من نسي القنوت حتّى ركع؛ يستحبّ له أن يأتي به بعد الركوع، و إن ذكره بعد ما سجد فيستحبّ له أن يأتي به بعد الصلاة جالساً مستقبلًا.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 130

مبطلات الصلاة

اشارة

مبطلات الصلاة أحد عشر أمراً:

الأوّل: أن تفقد الصلاة شيئاً من الأجزاء أو مقدّماتها؛

على التفصيل المتقدّم في المسائل المرتبطة بها-.

الثاني: أن يحدث المصلّي أثناء صلاته و لو في الآنات المتخلّلة؛

و لا فرق في ذلك بين العمد و السهو، و لا بين الاختيار و الاضطرار، و قد تقدّم في صفحة: (70) و ما بعدها حكم دائم الحدث، و في المسألة:

(305) حكم ناسي السلام حتى أحدث.

الثالث: التكفير في الصلاة؛

و هو أيضاً مبطل لها- حال الاختيار- إذا كان بقصد الجزئيّة، و إلّا فالأحوط الإتمام ثمّ الإعادة، نعم هو حرام حرمة تشريعيّة مطلقاً، سواء أ كان بقصد الجزئيّة أم لم يكن كذلك، و لا بأس به حال التقيّة.

و التكفير: هو أن يضع المصلّي إحدى يديه على الأخرى خضوعاً و تأدّباً، و لا بأس بالوضع المزبور لغرض آخر كالحكّ و نحوه.

الرابع: الالتفات عن القبلة متعمّداً بتمام البدن أو بالوجه فقط

و لو سهواً أو قهراً من ريح أو نحوها.

و تفصيل ذلك أن الالتفات إلى اليمين أو اليسار قد يكون يسيراً،

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 131

و لا يخرج معه المصلّي عن كونه مستقبلًا للقبلة فهذا لا يضرّ بالصلاة، و لكنّه مكروه، و إذا كان كثيراً؛ فقد يصل الانحراف إلى حدّ يواجه نقطة اليمين أو اليسار أو يزيد على ذلك، فهذا يبطل الصلاة، بل الحكم كذلك مع السهو أيضاً، فتجب الإعادة في الوقت، نعم إذا انكشف الحال بعد خروج الوقت لم يجب القضاء؛ و قد لا يصل الانحراف إلى هذا الحدّ، بل يكون الانحراف فيما بين نقطتي اليمين و اليسار، ففي هذه الصورة تبطل الصلاة إذا كان الانحراف عن عمد دون ما إذا كان عن سهو، لكنّه إذا علم به- و هو في الصلاة- لزمه التوجّه إلى القبلة فوراً.

الخامس: التكلّم في الصلاة بكلام الآدميين متعمداً إذا كان مؤلّفاً من حرفين،

و يلحق به الحرف الواحد المفهم مثل (قِ)، و لا فرق في ذلك بين صورتي الاختيار و الاضطرار، و استثنى من ذلك ما إذا سلّم شخص على المصلّي، فإنّه يجب عليه أن يردّ عليه سلامه بمثله. فإذا قال:

(السلام عليك) وجب ردّه بمثله، و الأحوط وجوباً المماثلة في التعريف و التنكير و الإفراد و الجمع، و يختصّ هذا الاستثناء بما إذا وجب الردّ على المصلّي، و أما فيما إذا لم يجب عليه كان ردّه مبطلًا لصلاته، و هذا كما إذا لم يقصد المسلّم بسلامه تحيّة المصلّي، و إنّما قصد به أمراً آخر من استهزاء أو مزاح و نحوهما، و كما إذا سلّم المسلم على جماعة منهم المصلِّي- و كان فيهم من يردّ سلامه- فإنّه لا يجوز للمصلِّي أن يردّ عليه سلامه، و لو ردّه بطلت صلاته.

(مسألة 309):

لا بأس بالدعاء، و بذكر اللّٰه سبحانه، و بقراءة القرآن

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 132

في الصلاة، و لا يندرج شي ء من ذلك في كلام الآدميين.

(مسألة 310): لا تبطل الصلاة بالتكلّم أو بالسلام فيها سهواً، و إنّما تجب بذلك سجدتان للسهو بعد الصلاة على الأحوط.

السادس:: القهقهة؛

و هي تُبطل الصلاة و إن كانت بغير اختيار؛ و لا بأس بها إذا كانت عن سهو.

و القهقهة: هي الضحك المشتمل على الصوت و الترجيع.

السابع: البكاء متعمّداً؛

و هو يُبطل الصلاة إذا كان مع الصوت، و لأمر من أمور الدنيا، و الأحوط وجوباً ترك ما لا يشتمل على الصوت أيضاً، و لا فرق في بطلان الصلاة به بين صورتي الاختيار و الاضطرار، نعم، لا بأس به إذا كان عن سهو، كما لا بأس بالبكاء اختياراً إذا كان لأمر أخروي- كخوف من العذاب، أو طمع في الجنّة، أو كان خضوعاً للّٰه سبحانه و لو لأجل طلب أمر دنيوي-، و كذلك البكاء لشي ء من مصائب أهل البيت سلام اللّٰه عليهم، لأجل التقرّب به إلى اللّٰه.

الثامن: كلّ عمل يخلّ بهيئة الصلاة عند المتشرعة؛

و منه الأكل أو الشرب إذا كان على نحو تنمحي به صورة الصلاة، و لا فرق في بطلان الصلاة بذلك بين العمد و السهو، نعم لا بأس بابتلاع ما تخلّف من الطعام في فضاء الفم أو خلال الأسنان، كما لا بأس بأن يضع شيئاً قليلًا من السكر في فمه ليذوب و ينزل إلى الجوف تدريجاً، و لا بأس أيضاً بالأعمال اليسيرة؛ كالإيماء باليد لتفهيم أمر ما، و كحمل الطفل أو إرضاعه، و عدّ الركعات بالحصاة .. و نحوها، فإن كلّ ذلك لا يضرّ بالصلاة، كما لا يضرّ بها

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 133

قتل الحيّة أو العقرب.

(مسألة 311): من كان مشتغلًا بالدعاء في صلاة الوتر عازماً على الصوم جاز له أن يتخطّى إلى الماء الذي أمامه بخطوتين أو ثلاثة ليشربه إذا خشي مفاجأة الفجر و هو عطشان، و الأحوط الاقتصار على الوتر المندوب دون الواجب كالمنذور، و لا يتعدّى من الدعاء إلى سائر الأحوال، و لا يبعد التعدّي من الوتر إلى سائر النوافل، و لا يجوز التعدّي من الشرب إلى الأكل.

التاسع: التأمين؛ عامداً في غير حال التقيّة،

و لا بأس به معها أو سهواً.

و التأمين هو: قول (آمين) بعد قراءة سورة الفاتحة، و يختصّ البطلان بما إذا قصد الجزئية، أو لم يقصد به الدعاء، فلا بأس به إذا قصده و لم يقصد الجزئيّة.

العاشر: الشك في عدد الركعات؛

على تفصيل سيأتي.

الحادي عشر: أن يزيد في صلاته أو ينقص منها شيئاً متعمّداً؛

و يعتبر في الزيادة أن يقصد بها الجزئيّة فلا تتحقّق الزيادة بدونه. نعم تبطل الصلاة بزيادة الركوع، و كذا بزيادة السجود عمداً و إن لم يقصد بها الجزئيّة على الأحوط.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 134

أحكام الشك في الصلاة

اشارة

(مسألة 312): من شك في الإتيان بصلاة في وقتها لزمه الإتيان بها، و لا يعتني بالشك إذا كان بعد خروج الوقت.

(مسألة 313): من شك في الإتيان بصلاة الظهر- بعد ما صلّى العصر- لزمه الإتيان بها، و الأحوط أن يجعل ما أتىٰ به ظهراً ثمّ يأتي بصلاة أخرى بقصد ما في الذمّة. و من شك في الإتيان بصلاة المغرب- بعد ما صلّى العشاء- لزمه الإتيان بها.

(مسألة 314): من شك في الإتيان بالظهرين- و لم يبق من الوقت إلّا مقدار فريضة العصر- لزمه الإتيان بها، و لا يجب عليه قضاء صلاة الظهر، و كذلك الحال في العشاءين.

(مسألة 315): من شك في صحّة صلاته بعد الفراغ منها لم يعتن بشكه، و إذا شك في صحّة جزء من الصلاة بعد الدخول في الجزء المترتب عليه لم يعتن بالشك اذا كان منشأ الشك في الصحّة من ناحية غير الموالاة و الترتيب، و إذا شك في أصل الإتيان به بعد ما دخل في الجزء المترتّب عليه لم يعتن به، و أمّا إذا كان الشك في الصحّة أو الإتيان قبل الدخول في الجزء اللاحق لزمه الإتيان، و قد مرّ تفصيل ذلك في مسائل واجبات الصلاة.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 135

الشك في عدد الركعات

(مسألة 316): من شك في صلاة الفجر أو غيرها من الصلوات الثنائيّة الواجبة أو في صلاة المغرب- و لم يحفظ عدد ركعاتها- بطلت صلاته.

(مسألة 317): من شك في عدد ركعات الصلوات الرباعيّة فالأحوط لزوماً التروّي يسيراً، فإن استقرّ الشك و كان في الثنائيّة أو الثلاثيّة أو الأوليين من الرباعيّة بطلت، و إن كان في غيرها- و قد أحرز الأوليين برفع الرأس عن السجدة الثانية من الركعة الثانية- عمل بوظيفة الشاكّ

في تسعة مواضع، و أعاد صلاته في ما عداها؛ و المواضع التسعة كما يلي:

1- من شك بين الاثنتين و الثلاث بعد إكمال السجدتين- برفع الرأس عن السجدة الثانية- بنى على الثلاث، و أتمّ صلاته، ثمّ أتى بركعة من قيام احتياطاً.

2- من شك بين الثلاث و الأربع- أينما كان الشك- بنى على الأربع و أتمّ صلاته، ثمّ أتى بركعتين من جلوس أو بركعة من قيام، و الأحوط استحباباً اختيار الأوّل، و إن كانت وظيفته الصلاة جالساً احتاط بركعة جالساً.

3- من شك بين الاثنتين و الأربع بعد السجدتين بنى على الأربع،

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 136

و أتى بركعتين من قيام بعد الصلاة.

4- من شك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع بعد السجدتين، بنى على الأربع، و أتمّ صلاته، ثمّ أتى بركعتين قائماً، ثمّ بركعتين جالساً.

5- من شك بين الأربع و الخمس- بعد السجدتين- بنى على الأربع، و سجد سجدتي السهو بعد الصلاة، و لا شي ء عليه.

6- من شك بين الأربع و الخمس- حال القيام-، هدم قيامه و أتى بوظيفة الشاكّ بين الثلاث و الأربع.

7- من شك بين الثلاث و الخمس- حال القيام-، هدم قيامه و أتى بوظيفة الشاكّ بين الاثنتين و الأربع.

8- من شك بين الثلاث و الأربع و الخمس- حال القيام-، هدم قيامه و أتى بوظيفة الشاكّ بين الاثنتين و الثلاث و الأربع.

9- من شك بين الخمس و الستّ- حال القيام-، هدم قيامه و أتى بوظيفة الشاكّ بين الأربع و الخمس بعد السجدتين.

و الأحوط في المواضع الأربعة الأخيرة أن يسجد سجدتي السهو بعد صلاة الاحتياط لأجل القيام الذي هدمه.

(مسألة 318): إذا شك في صلاته، ثمّ انقلب شكّه إلى الظنّ- قبل أن يُتمّ صلاته- لزمه

العمل بالظنّ، و لا يعتني بشكّه الأوّل، و إذا ظنّ ثمّ انقلب إلى الشك لزمه ترتيب أثر الشك، و إذا انقلب ظنّه إلى ظنّ آخر، أو انقلب شكّه إلى شك آخر لزمه العمل على طبق الظنّ أو الشك الثاني.

و على الجملة؛ يجب على المصلّي أن يراعي حالته الفعليّة و لا

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 137

عبرة بحالته السابقة، مثلًا إذا ظنّ أنّ ما بيده هي الركعة الرابعة، ثمّ شك في ذلك لزمه العمل بوظيفة الشاكّ، و إذا شك بين الاثنين و الثلاث فبنى على الثلاث، ثمّ انقلب شكّه إلى الظنّ بأنّها الثانية، عمل بظنّه، و إذا انقلب إلى الشك بين الاثنتين و الأربع لزمه أن يعمل بوظيفة الشك الثاني، و إذا ظنّ أن ما بيده الركعة الثانية، ثمّ تبدّل ظنّه بأنَّها الثالثة، بنى على أنها الثالثة و أتمّ صلاته.

الشكوك التي لا يعتنى بها

لا يعتنى بالشك في ستة مواضع:

1- ما إذا كان الشك بعد الفراغ من العمل؛ كما إذا شك بعد ما صلّى الفجر في أنّها كانت ركعتين أو أقلّ أو أكثر، و أمّا اذا شك في صحّة الجزء بعد الفراغ منه و قبل الدخول في الجزء اللاحق فلا بد من الاعتناء بالشك، بل قد يجب الاعتناء به بعد الدخول أيضاً، و قد مرّ تفصيله في المسألة:

(315).

2- ما إذا كان الشك بعد خروج الوقت؛ كما إذا شك في الإتيان بصلاة الفجر بعد ما طلعت الشمس.

3- ما إذا كان الشك في الإتيان بجزء بعد ما دخل في جزء آخر مترتّب عليه.

4- ما إذا كثر شكه؛ فإذا شك في الإتيان بواجب بنىٰ على الإتيان

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 138

به، كما إذا شك- كثيراً- بين السجدة و

السجدتين، فإنه يبني- حينئذٍ- على أنّه أتى بسجدتين، و إذا شك في الإتيان بمفسد بنى على عدمه، كمن شك- كثيراً- في صلاة الفجر بين الاثنتين و الثلاث فإنّه يبني على أنّه لم يأت بالثالثة، و يُتمّ صلاته، و لا شي ء عليه، و لا فرق في عدم الاعتناء بالشك- إذا كثر- بين أن يتعلّق بالأجزاء أو أن يتعلّق بالشرائط.

و على الجملة؛ لا يعتنى بشك كثير الشك، و يبنى معه على صحّة العمل المشكوك فيه. و تتحقّق كثرة الشك بزيادة الشك على المقدار المتعارف بحدّ يصدق معه عرفاً أنّ صاحبه كثير الشك، و تتحقّق- أيضاً- بأن لا تمضي عليه ثلاث صلوات إلّا و يشك في واحدة منها، و يعتبر في صدق الكثرة أن لا يكون ذلك من جهة عروض عارض من خوف أو غضب أو همّ أو نحو ذلك.

________________________________________

قمّى، سيد محمد حسينى روحانى، المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، در يك جلد، شركة مكتبة الألفين، كويت، اول، 1417 ه ق

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)؛ ص: 138

ثمّ أنّه يختصّ عدم الاعتناء بشك كثير الشك بموضع كثرته، فلا بدّ من أن يعمل في ما عداه بوظيفة الشاكّ كغيره من المكلّفين، مثلًا إذا كانت كثرة شكّه في خصوص الركعات لم يعتن بشكّه فيها، فإذا شك في الإتيان بالركوع أو السجود أو غير ذلك- مما لم يكثر شكّه فيه- لزمه الإتيان به إذا كان الشك قبل الدخول في الغير.

5- ما إذا شك الإمام و حفظ عليه المأموم، أو بالعكس، فإذا شك الإمام بين الثلاث و الأربع- مثلًا- و كان المأموم حافظاً لم يعتن الإمام بشكه و رجع إلى المأموم، و كذلك العكس، و يختصّ رجوع كلّ منهما إلى الآخر بالشك في

الركعات دون الأفعال.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 139

(مسألة 319): لا فرق في رجوع الشاك- من الإمام أو المأموم- إلى الحافظ منهما بين أن يكون حفظه على نحو اليقين، أو أن يكون على نحو الظنّ، فالشاكّ منهما يرجع إلى الظانّ كما يرجع إلى المتيقّن، و إذا اختلفا بالظنّ و اليقين عمل كلّ منهما بوظيفته، مثلًا إذا ظنّ المأموم في الصلوات الرباعية أن ما بيده هي الثالثة و جزم الإمام بأنّها الرابعة، وجب على المأموم أن يضمّ إليها ركعة متّصلة، و لا يجوز له أن يرجع إلى الإمام.

(مسألة 320): إذا اختلف الإمام و المأموم في جهة الشك؛ فإن لم تكن بينهما جهة مشتركة عمل كلّ منهما بوظيفته، كما إذا شك المأموم بين الاثنتين و الثلاث، و شك الإمام بين الأربع و الخمس، و إن كانت بينهما جهة مشتركة أخذ بها و ألغى كل منهما جهة الامتياز من طرفه، مثلًا إذا شك الإمام بين الثلاث و الأربع، و كان شك المأموم بين الاثنتين و الثلاث بنيا على الثلاث؛ فإنّ المأموم يرجع إلى الامام في أن ما بيده ليست بالثانية، و الإمام يرجع إلى المأموم في أنها ليست بالرابعة، و لا حاجة- حينئذٍ- إلى صلاة الاحتياط.

6- ما إذا كان الشك في عدد الركعة من النوافل، فإنّ هذا الشك لا يعتنى به، و المصلّي يتخيّر بين البناء على الأقلّ و البناء على الأكثر فيما إذا لم يستلزم البطلان، ويتعيّن البناء على الأقلّ فيما إذا استلزمه، كما إذا شك بين الاثنتين و الثلاث. و الأفضل البناء على الأقلّ في موارد التخيير.

(مسألة 321): يعتبر الظنّ بالركعات في غير الأوليين من الفريضة كاليقين، و أمّا الظنّ بالأفعال فيها فالظاهر حكمه حكم

الشك، فإذا ظن

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 140

بإتيان جزء في محلّه لزمه الإتيان به، و إذا ظنّ بعدم الإتيان بعد تجاوز المحل مضىٰ، و ليس له أن يرجع و يتدارك، و الأحوط استحباباً إعادة الصلاة في الصورتين.

(مسألة 322): إذا وجبت النافلة لعارض- كنذر و شبهه- فالظاهر أن حكم الشك في النافلة جارٍ عليها أيضاً.

(مسألة 323): إذا ترك في صلاة النافلة ركناً- سهواً- و لم يمكن تداركه بطلت، كما إذا خرج من الصلاة، و لا تبطل بزيادة الركن سهواً كما هو المشهور، و عليه إذا ترك ركناً- مثل الركوع- سهواً و تذكّر بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة رجع و تدارك، و لا تبطل بزيادة الأركان.

صلاة الاحتياط

صلاة الاحتياط واجبة، و لكن يجوز أن يدعها و يعيد الصلاة.

و يعتبر فيها أمور:

1- أن يؤتى بها بعد الصلاة قبل الإتيان بشي ء من منافياتها.

2- أن يؤتى بها تامّة الأجزاء و الشرائط على النحو المعتبر في أصل الصلاة، غير أن صلاة الاحتياط ليس لها أذان و لا إقامة، و ليس فيها سورة- غير فاتحة الكتاب- و لا قنوت.

3- أن يخفت في قراءتها، و إن كانت الصلاة الأصليّة جهريّة، و الأحوط الأولى الإخفات في البسملة أيضاً.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 141

(مسألة 324): من أتى بشي ء من المنافيات- قبل صلاة الاحتياط- لزمته إعادة أصل الصلاة على الأحوط.

(مسألة 325): إذا علم قبل أن يأتي بصلاة الاحتياط أن صلاته كانت تامّة سقط وجوبها، و إذا علم أنها كانت ناقصة فالأحوط استيناف الصلاة مطلقاً و في جميع الفروض.

(مسألة 326): إذا علم بعد صلاة الاحتياط نقص صلاته بالمقدار المشكوك فيه لم تجب عليه الإعادة، و قامت صلاة الاحتياط مقامه، مثلًا إذا شك

بين الثلاث و الأربع فبنى على الأربع و أتمّ صلاته، ثمّ تبين له- بعد صلاة الاحتياط- أنّ صلاته كانت ثلاثاً صحّت صلاته، و كانت الركعة من قيام أو الركعتان من جلوس بدلًا من الركعة الناقصة.

(مسألة 327): إذا شك في الإتيان بصلاة الاحتياط، فإن كان شكه بعد خروج الوقت، أو بعد الإتيان بما ينافي الصلاة عمداً و سهواً، أو بعد فوت الموالاة لم يعتن بشكّه، و إلّا لزمه الإتيان بها.

(مسألة 328): إذا شك في عدد الركعات في صلاة الاحتياط فالأحوط وجوباً أن يستأنفها إن كان الشك قبل الإتيان بالمنافي، و إلّا فيعيد أصل الصلاة.

(مسألة 329): إذا شك في شي ء من أفعال صلاة الاحتياط جرى عليه حكم الشك في أفعال الصلاة.

(مسألة 330): إذا نقص أو زاد ركناً في صلاة الاحتياط- عمداً أو سهواً- بطلت كما في الصلاة الأصليّة، و لا بدّ- حينئذٍ- من إعادة أصل

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 142

الصلاة، و لا تبطل بزيادة غير الركن أو نقصانه فيها سهواً، و لا تجب سجدتا السهو في تلك الحال، نعم الأحوط وجوباً تدارك المنسيّ بعد الصلاة إن كانت سجدة أو تشهداً.

قضاء الأجزاء المنسيّة

(مسألة 331): من ترك سجدة واحدة سهواً و لم يمكن تداركها في الصلاة قضاها بعدها، و الأحوط وجوباً أن يأتي بسجدتي السهو أيضاً.

و من ترك التشهّد في الصلاة سهواً أتى بسجدتي السهو، و الأحوط قضاؤه أيضاً، و يعتبر في قضائهما ما يعتبر في أدائهما من الطهارة و الاستقبال و غير ذلك، و يجري هذا الحكم فيما إذا كان المنسيّ سجدة واحدة في أكثر من ركعة، بمعنى أنّه يجب قضاء كلّ سجدة و الإتيان بسجدتي السهو لكلّ منها على الأحوط، و يجري الحكم المزبور على

الأحوط فيما إذا نسى سجدة واحدة و التشهّد من الركعة الأخيرة و لم يذكر إلّا بعد التسليم و الإتيان بالمنافي، و أمّا إذا ذكره بعد التسليم و قبل المنافي فالأحوط تدارك المنسيّ و الإتيان بالتشهّد و التسليم، ثمّ الإتيان بسجدتي السهو للسلام الزائد على الأحوط وجوباً، و إذا كان المنسيّ (الصلاة على محمد و آله) أو بعض التشهّد فالأحوط قضاؤه أيضاً.

(مسألة 332): يعتبر في قضاء السجدة و التشهّد أن يؤتى بها بعد الصلاة قبل صدور ما ينافيها، و لو صدر المنافي فالأحوط أن يقضيها، ثمّ

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 143

يعيد الصلاة.

(مسألة 333): يجب تقديم قضاء السجدة أو التشهّد على سجدتي السهو، و إذا كان على المكلّف سجود السهو من جهة أخرى لزم تأخيره عن القضاء أيضاً. و إذا كان على المكلّف قضاء السجدة و قضاء التشهّد، تخيّر في تقديم أيّهما شاء. و إذا كان عليه صلاة الاحتياط و قضاء السجدة أو التشهّد، قدّم صلاة الاحتياط على الأحوط.

(مسألة 334): من شك في الإتيان بقضاء السجدة وجب الإتيان بها إذا كان الشك قبل خروج الوقت. و الأحوط وجوباً أن يأتي به إذا شك بعد خروجه، و أمّا إذا شك في قضاء التشهّد فالأحوط وجوباً أن يأتي به مطلقاً، خرج الوقت أم لم يخرج.

(مسألة 335): إذا نسي قضاء السجدة أو التشهّد حتى دخل في صلاة فريضة أو نافلة فالأحوط قطعها و الإتيان بالقضاء.

سجود السهو

تجب سجدتان للسهو في موارد:

منها: ما إذا نسي سجدة واحدة، على ما مرّ في المسألة: (331).

و منها: ما إذا نسي التشهّد في الصلاة.

و منها: ما إذا شك بين الأربع و الخمس، على ما مرّ في المسألة:

(317).

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 144

و منها: ما إذا تكلّم في الصلاة سهواً على الأحوط وجوباً.

و منها: ما إذا سلّم في غير موضعه على الأحوط وجوباً، كما إذا اعتقد أن ما بيده هي الركعة الرابعة فسلّم، ثمّ انكشف أنها كانت الثانية، و المراد بالسلام هو جملة: «السلام علينا و على عباد اللّٰه الصالحين» أو جملة «السلام عليكم» و أمّا جملة «السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّٰه و بركاته» فالظاهر أن زيادتها- سهواً- لا توجب سجدتي السهو، و إن كان إتيانهما أحوط.

و منها: ما إذا قام موضع الجلوس أو جلس موضع القيام سهواً على الأحوط وجوباً.

و الأحوط الأولى أن يسجد لكلّ زيادة و نقيصة.

(مسألة 336): إذا تعدّد ما يوجب سجدتي السهو لزم الإتيان بهما بتعداده. نعم إذا سلّم في غير موضعه بكلتا الجملتين المتقدمتين، أو تكلّم سهواً بكلام طويل لم يجب الإتيان بسجدتي السهو إلّا مرّة واحدة.

(مسألة 337): تجب المبادرة إلى سجدتي السهو على الأحوط، و لو أخّرهما عمداً عصى و تجب عليه المبادرة، و لو أخّرهما سهواً لزم الإتيان بهما فوراً إذا تذكّر، و لا حاجة إلى إعادة أصل الصلاة.

(مسألة 338): تعتبر النيّة في سجدتي السهو.

و الأحوط في كيفيّتهما أن يسجد و يقول في سجوده: «بسم اللّٰه و باللّٰه السلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّٰه و بركاته»، ثمّ يرفع رأسه و يجلس، ثمّ يسجد و يأتي بالذكر المتقدّم، ثمّ يرفع رأسه و يتشهّد تشهّد

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 145

الصلاة، ثمّ يقول «السلام عليكم»، و الأولى أن يضيف إليه جملة:

«و رحمة اللّٰه و بركاته»، و لا يعتبر فيهما التكبير.

(مسألة 339): يعتبر في سجود السهو على الأحوط أن يكون على ما يصحّ السجود عليه في الصلاة، و

أن يضع مواضعه السبعة على الأرض، و لا تعتبر فيه بقيّة شرائط السجود أو الصلاة على الأظهر، و إن كان الأحوط رعايتها.

(مسألة 340): من شك في تحقّق ما يوجب سجدتي السهو لم يعتن به. و من شك في الإتيان بهما مع العلم بتحقّق موجبهما وجب عليه الإتيان بهما و إن كان بعد خروج الوقت.

(مسألة 341): إذا علم بتحقّق ما يوجب سجدتي السهو، و شك في الأقلّ و الأكثر بنى على الأقلّ، مثلًا إذا علم أنّه سلّم في غير موضعه و لم يدر أنه كان مرّة واحدة أو مرّتين، أو احتمل أنّه تكلّم أيضاً، لم يجب عليه إلّا الإتيان بسجدتي السهو مرّة واحدة.

(مسألة 342): إذا شك في الإتيان بشي ء من أجزاء سجدتي السهو وجب الإتيان به إن كان شكه قبل أن يدخل في الجزء المترتب على المشكوك فيه، و إلّا لم يعتن به.

(مسألة 343): إذا شك و لم يدر أنّه أتى بسجدتين أو بثلاث لم يعتن به، سواء شك قبل دخوله في التشهّد أم شك بعده. و إذا علم أنّه أتى بثلاث لم يقدح على إشكال ضعيف.

(مسألة 344): إذا نسي سجدة واحدة من سجدتي السهو، فإن

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 146

أمكنه التدارك- بأن ذكرها قبل أن يتحقّق فصل طويل- لزمه التدارك، و إلّا أتى بسجدتي السهو من جديد.

صلاة الجماعة

اشارة

تستحبّ الجماعة في الصلوات اليوميّة، و يتأكّد استحبابها في صلاة الفجر، و في العشاءين، و في الحديث. «الصلاة خلف العالم بألف ركعة، و خلف القرشيّ بمائة»، و عليه فالصلاة خلف العالم القرشيّ أفضل، و كلّما زاد عدد الجماعة زاد فضلها.

(مسألة 345): قد تجب الجماعة في الصلوات اليوميّة، و هو في موارد:

1- ما إذا أمكن المكلف

تصحيح قراءته و تسامح حتى ضاق الوقت عن التعلّم و الصلاة، و قد تقدم ذلك في المسألة: (252).

2- ما إذا ابتلي المكلف بالوسواس لحدٍّ تبطل معه الصلاة، و توقّف دفعه على أن يصلّي جماعة.

3- ما إذا لم يسع الوقت أن يصلّي فرادى و وسعها جماعة، كما إذا كان المكلف بطيئاً في قراءته أو لأمر آخر غير ذلك.

4- ما إذا تعلّق النذر أو اليمين أو العهد و نحو ذلك بأداء الصلاة جماعة.

و إذا أمر أحد الوالدين ولده بالصلاة جماعة و كان تركها موجباً

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 147

للعقوق يجب عليه امتثاله.

موارد مشروعيّة الجماعة:

تشرع الجماعة في جميع الصلوات اليوميّة و إن اختلفت صلاة الإمام و صلاة المأموم من حيث الجهر و الإخفات، أو القصر و التمام، أو القضاء و الأداء، و من هذا القبيل أن تكون صلاة الإمام ظهراً و صلاة المأموم عصراً، و بالعكس، و كذلك في العشاءين.

(مسألة 346): لا تشرع الجماعة فيما إذا اختلفت صلاة الإمام و صلاة المأموم في النوع- كالصلوات اليوميّة و الآيات و الأموات-، نعم يجوز أن يأتمّ في صلاة الآيات بمن يصلّي تلك الصلاة، و كذلك الحال في صلاة الأموات. و في مشروعية الائتمام في صلاة الطواف- و لو كان بمن يصلّي صلاة الطواف- إشكال، و الاحتياط لا يترك.

(مسألة 347): لا يجوز الائتمام في الصلوات اليومية بمن يصلّي صلاة الاحتياط، كما لا يجوز الائتمام في صلاة الاحتياط حتى بمن يصلّي صلاة الاحتياط، و أمّا إذا كان الاحتياط في كلتا الصلاتين من جهة واحدة؛ كما إذا شك كلّ من الإمام و المأموم بين الثلاث و الأربع و بنيا على الأربع فلصحّة الائتمام وجه.

(مسألة 348): يجوز لمن يريد إعادة صلاته من

جهة الاحتياط الوجوبي أو الاستحبابي أن يأتمّ فيها، و لا يجوز لغيره أن يأتمّ به فيها، و يستثنى من هذا الحكم ما إذا كان كلّ من صلاتي الإمام و المأموم

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 148

احتياطيّة، و كانت جهة الاحتياط فيهما واحدة، كأن يعلم الشخصان إجمالًا بوجوب القصر أو التمام فيصلّيان جماعة قصراً و تماماً.

(مسألة 349): لا تشرع الجماعة في النوافل و إن وجبت بنذر و شبهه، و لا فرق في ذلك بين أن يكون كلّ من صلاتي الإمام و المأموم نافلة، و أن تكون إحداهما نافلة، و تستثنى من ذلك صلوات الاستسقاء، و العيدين، فإن الجماعة مشروعة فيها.

(مسألة 350): يجوز لمن يصلّي عن غيره- تبرّعاً أو استيجاراً- أن يأتمّ فيها مطلقاً، كما يجوز لغيره أن يأتمّ به إذا علم فوت الصلاة عن المنوب عنه.

(مسألة 351): من صلّى منفرداً جاز له أن يعيد صلاته جماعة- إماماً أو مأموماً-، و كذا يجوز لمن صلّى جماعة إماماً و مأموماً أن يعيد صلاته إماماً، و يشكل ذلك فيما إذا صلّيا منفردين، ثمّ أرادا إعادتها جماعة بائتمام أحدهما بالآخر، من دون أن يكون في الجماعة من لم يؤدّ فريضته، نعم لا بأس بالإعادة رجاءً.

شرائط الإمامة:

تعتبر في الإمامة أمور:

1- بلوغ الإمام؛ فلا يجوز الائتمام بالصبي و إن كان مميّزاً، نعم لا بأس بإمامته للصبيان تمريناً.

2- عقله؛ فلا يجوز الاقتداء بالمجنون و إن كان أدوارياً، نعم لا

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 149

بأس بالاقتداء به حال إفاقته.

3- إيمانه و عدالته، و قد مرّ تفسيرها في المسألة: (20)، و يكفي في إحرازها حسن الظاهر، و تثبت بالشياع المفيد لليقين أو الاطمئنان، و بشهادة عدلين، و لا يبعد ثبوتها

بشهادة العدل الواحد، بل بشهادة مطلق الثقة إذا حصل منهما الاطمئنان، بل يكفي الوثوق الحاصل من أيّ سبب كان.

4- طهارة مولده؛ فلا يجوز الائتمام بولد الزنا.

5- صحّة قراءته على الأحوط؛ فلا يجوز الائتمام بمن لا يجيد القراءة و إن كان معذوراً في عمله. نعم لا بأس بالائتمام بمن لا يجيد الأذكار الأُخر كذكر الركوع و السجود و التشهّد و التسبيحات الأربع- إذا كان معذوراً من تصحيحها.

6- ذكوريته إذا كان المأموم ذكراً؛ و لا بأس بائتمام المرأة بالمرأة على الأظهر، و إذا أمّت المرأة النساء وجب أن تقف في صفّهنّ من دون أن تتقدّم عليهنّ على الأحوط.

7- أن لا يكون أعرابيّاً- أي من سكّان البوادي-؛ و لا ممّن جرى عليه الحدّ الشرعي على الأحوط.

8- أن تكون صلاته عن قيام إذا كان المأموم يصلّي عن قيام؛ و لا بأس بإمامة الجالس للجالسين. و الائتمام بالمستلقي أو المضطجع- و إن كان المأموم مثله- مشكل.

9- توجّهه إلى جهة يتوجّه إليها المأموم؛ فلا يجوز لمن يعتقد أن

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 150

القبلة في جهة أن يأتمّ بمن يعتقد أنّها في أخرى، نعم يجوز ذلك إذا كان الاختلاف بينهما يسيراً تصدق معه الجماعة عرفاً.

10- صحّة صلاة الإمام عند المأموم؛ فلا يجوز الائتمام بمن كانت صلاته باطلة بنظر المأموم- اجتهاداً أو تقليداً- مثال ذلك:

1- إذا تيمّم الإمام في موضع باعتقاد أنّ وظيفته التيمم، فلا يجوز لمن يعتقد أنّ الوظيفة في ذلك الموضع هي الوضوء أو الغسل أن يأتمّ به.

2- إذا علم أنّ الإمام نسي ركناً من الأركان لم يجز الاقتداء به و إن لم يعلم الإمام به و لم يتذكّره.

3- إذا علم أنّ لباس الإمام أو بدنه تنجّس- و

كان عالماً به فنسيه-، لم يجز الاقتداء به.

نعم إذا علم بنجاسة بدن الإمام أو لباسه- و هو جاهل بها- جاز ائتمامه به، و لا يلزمه إخباره، و ذلك لأنّ صلاة الإمام حينئذٍ صحيحة في الواقع، و بهذه الأمثلة تظهر الحال في سائر موارد الاختلاف بين الإمام و المأموم إذا كانت صلاة الإمام صحيحة واقعاً، مثال ذلك:

1- إذا رأى الإمام جواز الاكتفاء بالتسبيحات الأربع في الركعة الثالثة و الرابعة مرّة واحدة جاز لمن يرى وجوب الثلاث أن يأتمّ به.

2- إذا اعتقد الإمام عدم وجوب السورة في الصلاة، جاز لمن يرى وجوبها أن يأتمّ به بعد ما دخل في الركوع، و كذلك الحال في بقيّة الموارد إذا كان الاختلاف من هذا القبيل.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 151

شرائط صلاة الجماعة:

يعتبر في صلاة الجماعة أمور:

1- قصد المأموم الائتمام، و لا يعتبر في الجماعة قصد القربة بالنسبة إلى الإمام، و أما المأموم فلا يبعد كون الجماعة عباديّة بالنسبة إليه، فيضرّ بها كلّ ما ينافي القربة إلّا إذا كان في طولها.

و لا يعتبر قصد الإمامة إلّا في موارد:

منها: الصلاة المعادة جماعة فيما إذا كان المعيد إماما.

و منها: صلاة العيدين.

2- تعيّن الإمام لدى المأموم؛ و يكفي تعيّنه إجمالًا، كما لو قصد الائتمام بالإمام الحاضر و إن لم يعرف شخصه.

(مسألة 352): إذا ائتمّ باعتقاد أن الإمام زيد فظهر أنه عمرو؛ فان لم يكن عمرو عادلًا بطلت جماعته، بل صلاته إذا وقع في جماعته ما يبطل الصلاة، و إن كان عادلًا صحّت جماعته مطلقاً.

(مسألة 353): لا يجوز للمأموم أن يعدل في صلاة الجماعة عن إمام إلى آخر، إلّا أن يحدث للإمام الأوّل ما يعجز به عن إكمال صلاته، و في مثله جاز للمأمومين

تقديم إمام آخر من المأمومين و إتمام الصلاة جماعة.

3- استقلال الإمام في صلاته؛ فلا يجوز الائتمام بمن ائتمّ في صلاته بشخص آخر.

4- أن يكون الائتمام من أوّل الصلاة، فلا يجوز لمن شرع في

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 152

صلاته فرادى أن يأتمّ في أثنائها.

5- نيّة المأموم بأن لا ينفرد أثناء صلاته على الأحوط؛ و لا بأس بقصد الانفراد أثناء الصلاة إذا كان لحاجة، و إن لم تصل إلى حدّ الضرورة.

6- إدراك المأموم الإمام حال القيام قبل الركوع، أو في الركوع و إن كان بعد الذكر، و لو لم يدركه- حتى رفع الإمام رأسه و خرج عن حدِّ الركوع- لم تنعقد له الجماعة.

(مسألة 354): لو ائتمّ بالإمام حال ركوعه و ركع و لم يدركه راكعاً؛ بأن رفع الإمام رأسه و خرج عن حدِّ الركوع- قبل أن يصل المأموم إلى حدّ الركوع- بطلت صلاته.

(مسألة 355): لو كبَّر بقصد الائتمام- و الإمام راكع- و رفع الإمام رأسه و خرج من الركوع قبل أن يركع المأموم بطلت، و استأنف الصلاة.

(مسألة 356): لو أدرك الإمام- و هو في التشهّد من الركعة الأخيرة- جاز له أن يكبّر بنيّة الجماعة، و يجلس قاصداً به التبعيّة، و يتشهّد بنيّة القربة المطلقة على الأحوط وجوباً، فإذا سلَّم الإمام قام و أتمّ صلاته، و يكتب له ثواب الجماعة.

7- أن لا ينفصل الإمام عن المأموم بحائل، و كذلك كلّ صفّ مع الصفّ المتقدم عليه، و كذا كلّ مأموم مع مأموم آخر الذي هو الواسطة بينه و بين الإمام، هذا إذا كان المأموم رجلًا، و أمّا إذا كان امرأة فلا بأس بالحائل بينها و بين الإمام أو المأمومين إذا كان الإمام رجلًا.

و المراد بالحائل كلّ

ما يمنع من الرؤية، من ستار أو جدار أو شجرة

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 153

أو غير ذلك، و لو كان شخصاً واقفاً. و الثوب الرقيق الذي يُرىٰ الشبح من ورائه حائل لا يجوز الاقتداء معه. فلا بأس باسطوانة المسجد إذا كان المأموم متّصلًا بمأموم آخر عن يمينه أو يساره.

8- أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأموم بمقدار شبر أو أكثر، و لا بأس بما دون ذلك، كما لا بأس بالعلوّ التسريحي (التدريجي) الذي يصدق معه كون الأرض منبسطة و إن كان موقف الإمام أعلى من موقف المأموم بمقدار شبر أو أكثر إذا قيس ذلك بالمقاييس الدقيقة.

و لا بأس بأن يكون موقف المأموم أعلى من موقف الإمام و إن كان العلوّ دفعيّاً ما لم يبلغ حدّاً لا تصدق معه الجماعة.

9- أن لا يكون الفصل بين المأموم و الإمام، أو بينه و بين من هو سبب الاتصال بالإمام أكثر من ما يشغله إنسان متعارف حال سجوده.

(مسألة 357): من نوى الائتمام- و كانت بينه و بين الجماعة مسافة يحتمل أن لا يدرك الإمام راكعاً بطيّها- جاز له أن يدخل في الصلاة و هو في مكانه و يهوي إلى الركوع ثمّ يلحق بالجماعة حال الركوع أو بعده، و يختصّ هذا الحكم بما إذا لم يكن هناك مانع من الائتمام إلّا البعد، و يلزمه أن لا ينحرف- أثناء مشيه- عن القبلة. و يجب أن لا يشتغل- حال مشيه- بالقراءة أو ذكر تعتبر فيه الطمأنينة، و الأولى جرّ الرجلين حاله.

10- أن لا يتقدّم المأموم على الإمام في الموقف، و الأحوط أن لا يحاذيه أيضاً، و أن لا يتقدّم عليه في مكان سجوده و ركوعه و جلوسه،

بل الأحوط وجوباً أن يقف خلفه إذا كان المأموم متعدّداً، هذا في جماعة

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 154

الرجال، و أمّا في جماعة النساء فالأحوط أن تقف في وسطهنّ و لا تتقدّمهن.

(مسألة 358): إذا اقيمت الجماعة في المسجد الحرام لزم وقوف المأمومين- بأجمعهم- خلف الإمام. و تشكل إقامتها مستديرة.

أحكام صلاة الجماعة

(مسألة 359): تسقط القراءة في الظهرين عن المأموم في الركعة الأولى و الثانية و يتحمّلها الإمام، و الأفضل له أن يشتغل بالتسبيح أو التحميد أو غير ذلك من الأذكار، و أما في صلاة الفجر و في العشاءين إذا سمع المأموم صوت الإمام- و لو همهمته- وجب عليه ترك القراءة، بل الأحوط الأولى أن ينصت لقراءة الإمام، و أمّا إذا لم يسمع شيئاً من القراءة و لا الهمهمة جازت له القراءة بقصد القربة و بقصد الجزئيّة، و الأحوط استحباباً الأوّل، هذا كلّه فيما إذا كان الإمام في الركعة الأولى أو الثانية من صلاته، و أمّا إذا كان في الركعة الثالثة أو الرابعة؛ فلا يتحمّل عن المأموم شيئاً، فلا بدّ للمأموم من أن يعمل بوظيفته، فإن كان في الركعة الأولىٰ أو الثانية لزمته القراءة، و إن كان في الركعة الثالثة أو الرابعة تخيّر في الظهرين بين القراءة و التسبيحات، و التسبيح أفضل، و الأحوط الاولىٰ اختيار التسبيح في العشاءين. و لا فرق في بقيّة الأذكار بين ما إذا أتى بالصلاة جماعة و بين ما إذا أتى بها فرادى.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 155

(مسألة 360): يختصّ سقوط القراءة عن المأموم في الركعة الأولى و الثانية بما إذا استمرّ في ائتمامه، فإذا انفرد أثناء القراءة لزمته القراءة من أوّلها، بل إذا انفرد بعد القراءة قبل أن

يركع مع الإمام لزمه القراءة على الأحوط.

(مسألة 361): إذا ائتمّ بالإمام و هو راكع، سقطت عنه القراءة، و إن كان الائتمام في الركعة الثالثة أو الرابعة للإمام.

(مسألة 362): يختص لزوم القراءة على المأموم في الركعة الاولىٰ و الثانية له- اذا كان الإمام في الركعة الثالثة أو الرابعة- بما إذا أمهله الإمام للقراءة، فإن لم يمهله جاز له أن يكتفي بقراءة سورة الفاتحة و يركع معه، و إن لم يمهله لذلك أيضاً؛ بأن لم يتمكّن من إدراك الإمام راكعاً إذا أتمّ قراءته، فالأحوط لزوماً أن ينفرد و يتمّ صلاته ثمّ يعيدها، بل الأحوط استحباباً له- إذا لم يحرز التمكّن من إتمام الفاتحة قبل ركوع الإمام- عدم الدخول في الجماعة حتى يركع الإمام، و لا قراءة عليه حينئذٍ.

(مسألة 363): تعتبر في صلاة الجماعة متابعة الإمام في الأفعال، فلا يجوز التقدّم عليه فيها، و لا بأس بالتأخّر اليسير، و تبطل الجماعة فيما إذا كان التأخّر بحدّ لا تصدق معه المتابعة؛ بأن يتأخّر عنه بركعة أو بركن، و يستثنى من ذلك ما إذا أدرك الإمام قبل ركوعه و منعه الزحام عن الالتحاق بالإمام حتى رفع رأسه و خرج عن حدّ الركوع. ففي هذه الصورة يجوز له أن يركع وحده، و يلتحق بالإمام في سجوده.

(مسألة 364): إذا ركع المأموم أو سجد سهواً، فالأحوط وجوباً أن

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 156

يأتي بذكر الركوع أو السجود و أن يرجع و يتابع الإمام في ركوعه أو سجوده، و لا يلزمه الذكر في الركوع أو السجود عند متابعة الإمام، و إذا لم يتابع عمداً بطلت جماعته، و في صحّة صلاته إشكال.

(مسألة 365): إذا رفع المأموم رأسه من الركوع سهواً لزمه العود

إليه لمتابعة الإمام، و لا تضرّه زيادة الركن، فإن لم يرجع عمداً فالأحوط الإتمام ثمّ الإعادة، و إذا رجع و ركع للمتابعة و رفع الإمام رأسه و خرج عن حدّ الركوع قبل وصوله إلى حدّ الركوع بطلت صلاته، و إذا رفع رأسه قبل الإمام متعمّداً بطلت جماعته و صلاته إن كان قبل الذكر، و إن كان بعده فالأحوط إتمام الصلاة فرادىٰ ثمّ إعادتها، و كذلك الحال في السجود.

(مسألة 366): إذا رفع المأموم رأسه من السجود فرأى الإمام ساجداً، و اعتقد أنّها السجدة الاولى فسجد للمتابعة، ثمّ انكشف أنّها الثانية حسبت له سجدة ثانية، و لا تجب عليه السجدة الأخرى.

(مسألة 367): إذا رفع المأموم رأسه من السجدة فرأى الإمام في السجدة، و اعتقد أنّها الثانية فسجد، ثمّ انكشف أنها كانت الأولى لم تحسب له الثانية، و لزمته سجدة أخرى مع الإمام.

(مسألة 368): الأحوط وجوب متابعة الإمام في الأقوال إلّا في صورة عدم سماع صوت الإمام، و أمّا تكبيرة الإحرام فلا يجوز التقدّم فيها على الإمام بلا إشكال.

(مسألة 369): في جواز تكبير المأموم قبل أن يكبّر المتقدّم المتهيّئ له إشكال.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 157

(مسألة 370): إذا كبَّر المأموم قبل الإمام سهواً كانت صلاته فرادى على إشكال، و يجوز له أن يعدل بها إلى النافلة فيتمّها، أو يقطعها ثمّ يأتمّ.

(مسألة 371): إذا ائتمّ و الإمام في الركعة الثانية من الصلوات الرباعيّة لزمه التخلّف عنه لأداء وظيفة التشهّد، ثمّ يلحق بالإمام و هو قائم، فإن لم يمهله حتّى ركع فالأحوط وجوباً قصد الانفراد ثمّ إعادة الصلاة.

(مسألة 372): إذا ائتمّ و الإمام قائم، و لم يدر أنّه في الركعة الأولى أو الثانية- لتسقط القراءة عنه- أو أنّ

الإمام في الثالثة أو الرابعة- لتجب عليه القراءة- جاز له الإتيان بالقراءة قاصداً بها القربة.

(مسألة 373): إذا ائتمّ و الإمام في الركعة الثانية، تجب متابعته في القنوت، و الأحوط وجوباً التشهّد حال التجافي، و هو أن يضع يديه على الأرض، و يرفع ركبتيه عنها قليلًا.

(مسألة 374): لا تجب الطمأنينة على المأموم حال قراءة الإمام و لكنّها أحوط.

(مسألة 375): إذا انكشف بعد الصلاة فسق الإمام صحّت صلاته.

أحكام صلاة المسافر

اشارة

يجب على المسافر التقصير في الصلوات الرباعيّة؛ و هو أن يقتصر على الأوليين و يسلّم في الثانية.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 158

و للتقصير شرائط:
الشرط الأوّل: قصد المسافة؛

بأن يكون سفره عن قصد و نيّة، فإذا خرج غير قاصد للمسافة- لطلب ضالّة أو غريم و نحوه- لم يقصّر في صلاته، نعم إذا قصد المسافة بعد ذلك- و لو كانت تلفيقيّة- لزمه التقصير.

و المسافة هي ثمانية فراسخ، و الفرسخ ثلاثة أميال، و الميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد، و عليه فالمسافة تقرب من (44) كيلومتراً.

(مسألة 376): تتحقّق المسافة على أنحاء:

1- أن يسير ثمانية فراسخ مستقيماً.

2- أن يسيرها غير مستقيم؛ بأن يكون سيره في دائرة أو خطّ منكسر.

3- أن يسير أربعة فراسخ و يرجع مثلها؛ و أمّا إذا كان الذهاب أقلّ من أربعة فراسخ- و إن بلغ مجموع الذهاب و الإياب ثمانية فراسخ أو أكثر- فالأحوط لزوماً الجمع بين القصر و التمام، و أما اذا كان الذهاب أزيد من الأربعة- كالخمسة- و الإياب ثلاثة فقد يقرب إيجابه القصر، و لكن الاحتياط فيه الجمع أيضاً.

(مسألة 377): لا يعتبر في المسافة الملفّقة أن يكون الذهاب و الإياب في يوم واحد، فلو سافر أربعة فراسخ قاصداً الرجوع- قبل عشرة أيام- وجب عليه التقصير.

(مسألة 378): تثبت المسافة بالعلم، و البيّنة، و الشياع و ما في حكمه مما يفيد الاطمئنان، و لا يبعد ثبوتها بخبر العادل الواحد، بل بإخبار

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 159

مطلق الثقة إذا حصل منه الوثوق و الاطمئنان، و إذا لم تثبت المسافة بشي ء من ذلك وجب التمام.

(مسألة 379): إذا قصد المسافر محلًّا خاصّاً، و اعتقد أنّ مسيره لا يبلغ المسافة، أو أنّه شك في ذلك فأتمّ صلاته، ثمّ انكشف

أنّه كان مسافة أعادها قصراً فيما إذا بقي الوقت، و وجب عليه التقصير فيما بقي من سفره، و إذا اعتقد أنه مسافة فقصّر صلاته ثمّ انكشف خلافه، أعادها- في الوقت أو في خارجه- تماماً، و يتمّها فيما بقي من سفره، ما لم ينشئ مسافة جديدة.

(مسألة 380): تبتدأ المسافة من سور البلد، فإن لم يكن له سور فمن آخر البيوت.

(مسألة 381): لا يعتبر البلوغ في قصد المسافة، فلو قصد المسافة ثمّ بلغ أثنائها قصّر في صلاته، و إن كان الباقي من سفره لا يبلغ المسافة.

(مسألة 382): لا يعتبر الاستقلال في قصد المسافة، فمن سافر بتبع غيره- من زوج أو سيّد، بإكراه أو بإجبار أو غير ذلك- وجب عليه التقصير، إذا علم أن مسيره ثمانية فراسخ، و إذا شك في ذلك لزمه الإتمام، و لا يجب الاختبار و إن تمكّن منه، إلّا أنّه أحوط.

(مسألة 383): إذا اعتقد التابع أن مسيره لا يبلغ ثمانية فراسخ، أو أنّه شكّ في ذلك فأتمّ صلاته، ثمّ انكشف خلافه، لم تجب عليه الإعادة على الأظهر، و يجب عليه التقصير إذا كان الباقي بنفسه مسافة، و إلّا لزمه الإتمام.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 160

الشرط الثاني: استمرار القصد؛

فلو قصد المسافة و عدل عنه أثناءها أو تردّد في ذلك أتمّ صلاته إلّا إذا كان عدوله بعد مسيره أربعة فراسخ، و كان عازماً على الرجوع، ففي هذه الصورة يبقى على تقصيره.

(مسألة 384): إذا سافر قاصداً للمسافة فعدل عنه، ثمّ بدا له السفر، ففي ذلك صورتان:

1- أن يبلغ الباقي من سفره مقدار المسافة و لو كان بضميمة الرجوع إليه، ففي هذه الصورة يتعيّن عليه التقصير عند شروعه في السفر، و إن لم يشرع في السفر فالأحوط هو

الجمع بين القصر و التمام.

2- أن لا يكون الباقي مسافة و لكنّه يبلغها بضمّ مسير الأوّل إليه.

فالأحوط وجوباً في هذه الصورة أن يجمع بينه و بين القصر.

(مسألة 385): إذا قصد المسافة و صلّى قصراً ثمّ عدل من سفره فالظاهر عدم لزوم إعادة ما صلّاه قصراً، و إذا كان العدول قبل خروج الوقت لزم الإمساك في بقيّة النّهار إن كان قد أفطر قبل ذلك.

(مسألة 386): لا يعتبر في قصد المسافة أن يقصد المسافر موضعاً معيّناً. فلو سافر قاصداً ثمانية فراسخ متردّداً في مقصده وجب عليه التقصير، و كذلك الحال فيما إذا قصد موضعاً خاصّاً و عدل في الطريق إلى موضع آخر و كان المسير إلى كلّ منهما مسافة.

(مسألة 387): يجوز العدول من المسير في المسافة الامتدادية إلى المسير في المسافة التلفيقيّة، و بالعكس، و لا يضرّ شي ء من ذلك بلزوم

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 161

التقصير، نعم قد تقدّم أن الذهاب لو كان أقلّ من أربعة فراسخ فالأحوط وجوباً الجمع بين القصر و التمام.

الشرط الثالث: أن لا يتحقّق أثناء المسافة شي ء من قواطع السفر

- كالمرور بالوطن، أو قصد الإقامة عشرة أيام، أو التوقف ثلاثين يوماً في محل متردّداً، و سيأتي تفصيل ذلك-، فلو خرج قاصداً طيّ المسافة- الامتدادية أو التلفيقيّة- و علم أنّه يمرّ بوطنه أثناء المسافة، أو أنّه يقيم في أثناء المسافة عشرة أيام لم يشرع له التقصير من الأوّل، و كذلك الحال فيما إذا خرج قاصداً المسافة و احتمل أنّه يمرّ بوطنه، أو يقيم عشرة أيام أثناء المسافة، أو أنّه يبقى في أثناء المسافة ثلاثين يوماً متردّداً، فإنّه في جميع ذلك يتمّ صلاته من أوّل سفره و إن لم يعرض ما احتمل عروضه، نعم إذا اطمأنّ من نفسه أنّه لا يتحقّق

شي ء من ذلك قصّر صلاته.

(مسألة 388): إذا خرج قاصداً المسافة و اتّفق أنّه مرّ بوطنه، أو قصد إقامة عشرة أيام، أو أقام ثلاثين يوماً متردّداً، أو أنّه احتمل شيئاً من ذلك أثناء المسافة احتمالًا لا يطمأنّ بخلافه، ففي جميع هذه الصور يتمّ صلاته، و ما صلّاه قبل ذلك قصراً يعيده تماماً، و لا بدّ في التقصير- بعد ذلك- من إنشاء مسافة جديدة، و إلّا أتمّ فيما بقي من سفره أيضاً.

الشرط الرابع: أن يكون سفره سائغاً؛

فإن كان السفر بنفسه حراماً، أو قصد الحرام بسفره أتمّ صلاته، و من هذا القبيل ما إذا سافر قاصداً به ترك واجب-

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 162

كسفر الغريم فراراً من أداء دينه مع وجوبه عليه- و إذا سافر في الأرض المغصوبة أو على الدابّة المغصوبة فالأحوط الجمع بين القصر و التمام.

(مسألة 389): العاصي بسفره يجب عليه التقصير إذا شرع في إيابه و كان مسافة و لم يكن الإياب من سفر المعصية، و لا فرق في ذلك بين من تاب عن معصيته و من لم يتب.

(مسألة 390): إذا سافر سفراً سائغاً، ثمّ تبدّل سفره إلى سفر المعصية؛ فإن كان قبل بلوغ المسافة أتمّ صلاته، و أمّا ما صلّاه قصراً سابقاً فالأحوط وجوب إعادته في الوقت، و إن كان بعد بلوغ المسافة فالأحوط الجمع، و إن عدل عنه إلى سفر الطاعة، فإن كان ما بقي مسافة- و لو ملفّقة، و شرع في السير- قصّر، و الّا فالأحوط هو الجمع بين القصر و التمام.

(مسألة 391): إذا كانت الغاية من سفره أمرين: أحدهما مباح، و الآخر حرام، أتمّ صلاته، إلّا إذا كان الحرام تابعاً و كان الداعي إلى سفره هو الأمر المباح.

(مسألة 392): إتمام الصلاة- إذا كانت

الغاية محرّمة- يتوقّف على تنجّز حرمتها، فإن لم تتنجّز أو لم تكن الغاية محرّمة في نفس الأمر لم يجب الإتمام، مثلًا إذا سافر لغاية شراء دار يعتقد أنّها مغصوبة فانكشف- أثناء سفره أو بعد الوصول إلى المقصد- خلافه، كانت وظيفته التقصير، و كذلك إذا سافر قاصداً شراء دار يعتقد جوازه ثمّ انكشف أنّها مغصوبة.

الشرط الخامس: أن لا يكون سفره للصيد لهواً

- كما يستعمله أبناء الدّنيا-؛ و إلّا أتمّ

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 163

صلاته في ذهابه و قصّر في إيابه إذا كان وحده مسافة، و إذا كان الصيد لقوت نفسه أو عياله وجب التقصير، و إذا كان الصيد للتجارة فالأحوط لزوماً الجمع بين القصر و التمام، و لا فرق في ذلك بين صيد البرّ و البحر.

الشرط السادس: أن لا يكون ممّن لا مقرّ له؛

بأن يكون بيته معه، فيرتحل رحلة الشتاء و الصيف، كما هو الحال في عدّة من الأعراب- سكنة البادية- فإنّ هؤلاء يُتمّون صلاتهم، و تكون بيوتهم بمنزلة الوطن، نعم إذا سافر أحدهم من بيته لمقصد آخر- كحجّ أو زيارة أو شراء ما يحتاج من قوت أو حيوان و نحو ذلك- قصّر، و يدخل في ذلك من كان له وطن و خرج معرضاً عنه، و لم يتخذ لنفسه مقرّاً و لا مقاماً إذا لم يكن بانياً على اتّخاذ الوطن، و إلّا ففي وجوب القصر أو التمام عليه إشكال، و الأحوط هو الجمع.

الشرط السابع: أن لا يكون السفر عملًا له؛

فلا يجوز التقصير للمكاري و الملّاح و السائق، و كذلك من يدور في تجارته و نحو ذلك. نعم إذا سافر أحد هؤلاء في غير عمله وجب عليه التقصير كغيره من المسافرين.

(مسألة 393): الحطّاب، أو الراعي، أو السائق أو نحوهم إذا كان عمله فيما دون المسافة، و اتّفق أنّه سافر إلى المسافة، قصّر.

(مسألة 394): من كان السفر عمله في بعض السنة دون جميعها- كمن يدور في تجارته، أو يشتغل بالمكاراة أو الملاحة أيام الصيف فقط- يتمّ صلاته حينما يسافر في عمله و إن كان الأحوط استحباباً الجمع. و أمّا

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 164

من كان السفر عمله في كلّ سنة مرّة واحدة- كمن يؤجر نفسه للنيابة في حجّ، أو زيارة، أو لخدمة الحجّاج أو الزائرين، أو لإراءتهم الطريق- فالأحوط أن يجمع بين القصر و التمام، نعم إذا كان زمان سفرهم قليلا- كما هو الغالب في من يسافر جوّاً في عصرنا الحاضر- فلا يبعد وجوب القصر عليهم.

(مسألة 395): يعتبر في وجوب التمام تكرّر السفر ثلاث مرّات، و في كفاية المرّة الأولى- إذا كان السفر

عملا له- إشكال، و الأحوط هو الجمع.

(مسألة 396): من كان مقرّه في بلد و عمله في بلد آخر من تجارة، أو تعليم، أو تعلّم و نحوه، و يسافر إليه في كلّ يوم أو يومين- مثلًا- و كانت بينهما مسافة فالأظهر جواز الاقتصار فيه على الصلاة تماماً.

(مسألة 397): إذا أقام المكاري عشرة أيام في بلده مطلقاً، أو في غير بلده بنيّة الإقامة وجب عليه التقصير في سفره الأوّل دون الثاني فضلًا عن الثالث، و الأحوط لغير المكاري ممّن كان عمله السفر هو الجمع بين القصر و الإتمام في السفر الأوّل بعد الإقامة كذلك.

الشرط الثامن: أن يصل إلى حدّ الترخص؛

فلا يجوز التقصير قبله. و حدّ الترخص هو: المكان الذي لا يسمع فيه أذان البلد أو يتوارى عن المسافر أهل ذلك البلد، و الأقرب اعتبار اختفاء كليهما، و العبرة في سماع الأذان سماعه بما هو أذان، و إذا سمع الصوت و لم يعلم أنّه صوت الأذان أو غيره، أو علم أنّه

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 165

أذان و لكن لم يميّز أنّه أذان فالأحوط هو الجمع، و يعتبر في الأذان أن يكون في آخر البلد إذا كان البلد كبيراً، كما أنّه يعتبر كون الأذان على مرتفع معتاد في أذان البلد غير خارج عن المتعارف في العلوّ، و العبرة في الرؤية و السماع بالمتعارف، فلا عبرة بسماع أو رؤية من خرج سماعه أو رؤيته في الحدّة عن المتعارف، و كذلك الحال في بقيّة الجهات من صفاء الجوّ، و هبوب الريح و غير ذلك ممّا له دخل في السماع، أو الرؤية، ففي جميع ذلك يرجع إلى المتعارف.

(مسألة 398): يعتبر حدّ الترخص في الإياب كما يعتبر في الذهاب، فإذا وصل المسافر في رجوعه إلى

مكان يسمع أذان بلده و يرى أهله أتمّ صلاته.

(مسألة 399): إنّما يعتبر حدّ الترخص ذهاباً و إياباً فيما إذا كان السفر من بلد المسافر، و أمّا إذا كان من المكان الذي أقام فيه عشرة أيام، أو بقي فيه ثلاثين يوماً متردّداً فلا يلحقان بالوطن، فالأحوط فيهما الجمع بين القصر و التمام فيما بين البلد و حدّ الترخص.

(مسألة 400): إذا شك المسافر في وصوله إلى حدّ الترخص بنىٰ على عدمه و أتمّ صلاته، فإذا انكشف بعد ذلك خلافه أعادها قصراً، و كذلك الحال في من اعتقد عدم وصوله حدّ الترخص ثمّ بان خطاؤه. و إذا شك الراجع من سفره في بلوغه حدّ الترخص، أو اعتقد عدمه، قصّر في صلاته، فإذا انكشف الخلاف أعادها تماماً. و لو اعتقد الراجع من سفره بلوغه حدّ الترخص و أتمّ صلاته فبان خطاؤه لزمته إعادتها قصراً.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 166

قواطع السفر
اشارة

إذا تحقّق السفر واجداً للشرائط الثمانية المتقدّمة، بقي المسافر على تقصيره في الصلاة ما لم يتحقّق أحد الأمور- القواطع- الآتية:

الأوّل: المرور بالوطن؛

فإنّ المسافر إذا مرّ به في سفره وجب عليه الإتمام ما لم ينشئ سفراً جديداً، و نعني بالوطن: المكان الذي اتّخذه مقرّاً لنفسه و مسكناً دائميّاً له لو خلّي و نفسه، بحيث إذا لم يعرض ما يقتضي الخروج منه لم يخرج، سواء أ كان مسقط رأسه أو استجدّه، و لا فرق في ذلك بين أن يكون ذلك بالاستقلال أو يكون بتبعيّة غيره من زوج أو غيره، و لا يعتبر أن يكون له فيه ملك، و لا أن يكون قد أقام فيه ستّة أشهر. و لا يكفي مجرّد نيّة الوطن، بل لا بدّ من الإقامة بمقدار يصدق معها عرفاً أن البلد وطنه.

أما المكان الذي يملك فيه منزلًا قد أقام فيه ستة أشهر متّصلة عن قصد و نيّة، فالظاهر انّه يجري عليه حكم الوطن.

و الوطن قد يتعدّد في الخارج؛ و ذلك كأن يتّخذ إنسان على نحو الدوام و الاستمرار- مساكن لنفسه يسكن أحدها- مثلًا- أربعة أشهر أيام الحرّ، و يسكن ثانيها أربعة أشهر أيام البرد، و يسكن الثالث باقي السنة.

و إذا أعرض عن الوطن و مرّ في سفره به؛ فإن لم يتّخذ وطناً في بلد آخر و لم يكن بانياً على اتّخاذه وطناً يجب عليه التمام فيه، و إلّا فالأحوط

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 167

وجوب الجمع بين القصر و التمام.

تنبيه: لو قصد الإقامة في مكان مدّة طويلة و جعله مقرّاً لنفسه- كما هو ديدن المهاجرين إلى النجف الأشرف أو غيره من المعاهد العلميّة لطلب العلم قاصدين الرجوع إلى أوطانهم بعد قضاء وطرهم- لم يكن

ذلك وطناً له، نعم هو بحكم الوطن يتمّ الصلاة فيه، فإذا رجع إليه من سفر الزيارة- مثلًا- أتمّ و إن لم يعزم على الإقامة فيه عشرة أيام، كما أنّه يعتبر في جواز القصر في السفر منه إلى بلد آخر أن تكون المسافة ثمانية فراسخ امتدادية أو تلفيقيّة، فلو كانت أقلّ وجب التمام، و كما ينقطع السفر بالمرور بالوطن ينقطع بالمرور بالمقرّ.

الثاني: قصد الإقامة في مكان واحد عشرة أيام،

أو العلم ببقائه المدّة المذكورة فيه؛ و بذلك ينقطع حكم السفر، و يجب عليه الإتمام، سواء أ كانت الإقامة اختياريّة أم كانت اضطراريّة أو إكراهيّة، فلو حبس المسافر في مكان و علم أنّه يبقى فيه عشرة أيام وجب عليه الإتمام. و لو عزم على إقامة عشرة أيام، و لكنّه لم يطمئنّ بتحقّقه في الخارج- بأن احتمل سفره قبل إتمام إقامته لأمر ما- وجب عليه التقصير و إن اتّفق أنّه أقام عشرة أيام.

(مسألة 401): من تابع غيره في السفر و الإقامة- كالزوجة و الخادم و نحوهما-، إن اعتقد أنّ متبوعه لم يقصد الإقامة، أو أنّه شك في ذلك قصَّر في صلاته، فإذا انكشف له أثناء الإقامة أنّ متبوعه كان قاصداً لها من أوّل الأمر بقي على تقصيره على الأظهر، إلّا إذا علم أنّه يقيم بعد ذلك عشرة

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 168

أيام، و أمّا إذا اعتقد التابع أنّ متبوعه قصد الإقامة فأتمّ ثمّ انكشف أنّه لم يكن قاصداً لها فالأحوط عليه الجمع بين القصر و التمام.

(مسألة 402): إذا قصد المسافر الإقامة في بلد مدّة معلومة، و لكنّه أخطأ في التطبيق و تخيّل أنّ ما قصده لا يبلغ عشرة أيام، فقصّر في صلاته فانكشف خطاؤه أعادها تماماً، و يتمّ فيما بقي من زمان

إقامته، مثال ذلك:

إذا دخل المسافر بلدة النجف الاشرف في شهر رمضان، و عزم على الإقامة فيها إلى نهاية القدر، معتقداً أنّ اليوم الذي دخل فيه هو اليوم الخامس عشر من الشهر، و أن مدّة إقامته تبلغ تسعة أيام فقصَّر في صلاته، ثمّ انكشف أنّ دخوله كان في اليوم الرابع عشر منه، ففي مثل ذلك يجب عليه الإتمام بعد ما انكشف له الحال، و الصلوات التي صلّاها قصراً لزمته إعادتها تماماً، و أمّا إذا دخلها اليوم الحادي و العشرين عازماً على الإقامة إلى يوم العيد، و لكنّه شك في نقصان الشهر و تمامه، فلم يدر أنّه يقيم فيها تسعة أيام أو عشرة قصّر في صلاته و إن اتّفق أنّ الشهر لم ينقص.

(مسألة 403): لا يعتبر في قصد الإقامة وجوب الصلاة على المسافر؛ فالصبي المسافر إذا قصد الإقامة في بلد و بلغ أثناء إقامته أتمّ صلاته، و إن لم يقم بعد بلوغه عشرة أيام، و كذلك الحال في الحائض أو النفساء إذا طهرت أثناء إقامتها.

(مسألة 404): إذا قصد الإقامة في بلد ثمّ عدل عن قصده، ففيه صور:

1- أن يكون عدوله بعد ما صلّى تماماً، ففي هذه الصورة يبقى

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 169

على حكم التمام ما بقي في ذلك البلد.

2- أن يكون عدوله قبل أن يصلّي تماماً، ففي هذه الصورة يجب عليه التقصير.

3- أن يكون عدوله أثناء صلاته تماماً، ففي هذه الصورة يعدل بها إلى القصر ما لم يدخل في ركوع الركعة الثالثة و يتمّ صلاته، و الأحوط أن يعيدها بعد ذلك، و إذا كان العدول بعد ما دخل في ركوع الركعة الثالثة بطلت صلاته و لزمه استئنافها قصراً.

(مسألة 405): لا يعتبر في قصد

الإقامة أن لا ينوي الخروج من محل الإقامة، فلا بأس بأن يقصد الخروج لتشييع جنازة، أو لزيارة قبور المؤمنين، أو للتفرّج و غير ذلك مما يتعارف وصول أهل البلد إليه من جهة كونهم أهل ذلك البلد، نعم يشكل الخروج إلى حدّ الترخص- فضلًا عمّا زاد- إلى ما دون المسافة، كما إذا قصد الإقامة في النجف الأشرف مع قصد الخروج إلى مسجد الكوفة أو السهلة، و الأحوط حينئذٍ هو الجمع.

(مسألة 406): يشترط التوالي في الأيام العشرة، و لا عبرة باللّيلة الأولى و الأخيرة، فلو قصد المسافر إقامة عشرة أيام كاملة مع الليالي المتوسّطة بينها وجب عليه الإتمام، و الظاهر كفاية التلفيق أيضاً؛ بأن يقصد الإقامة من زوال يوم الدخول إلى زوال اليوم الحادي عشر مثلًا.

(مسألة 407): إذا قصد إقامة عشرة أيام في بلد و أقام فيها، أو أنّه صلّى تماماً، ثمّ عزم على الخروج إلى ما دون المسافة ففي ذلك صور:

1- أن يكون عازماً على الإقامة عشرة أيام بعد رجوعه، ففي هذه

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 170

الصورة يجب عليه الإتمام في ذهابه و إيابه و مقصده.

2- أن يكون عازماً على الإقامة أقلّ من عشرة أيام بعد رجوعه، ففي هذه الصورة يجب عليه الإتمام أيضاً في الإياب و الذهاب و المقصد.

3- أن لا يكون قاصداً للرجوع و كان ناوياً للسفر من مقصده، ففي هذه الصورة يجب عليه التقصير من حين خروجه من بلد الإقامة.

4- أن يكون ناوياً للسفر من مقصده، و لكنّه يرجع فيقع محل إقامته في طريقه؛ و الظاهر في هذه الصورة أنّه يتمّ صلاته في الذهاب و في المقصد، و يقصّر من حين رجوعه.

5- أن يغفل عن رجوعه و سفره، أو يتردّد

في ذلك فلا يدري أنّه يسافر من مقصده أو يرجع إلى محلّ الإقامة، و على تقدير رجوعه لا يدري بإقامته فيه و عدمها ففي هذه الصورة يجب عليه الإتمام.

الثالث: بقاء المسافر في محلّ خاصّ ثلاثين يوماً؛

فإذا دخل المسافر بلدةً اعتقد أنّه لا يقيم فيها عشرة أيام، أو تردّد في ذلك حتى تمّ له ثلاثون يوماً؛ وجب عليه الإتمام بعد ذلك ما لم ينشئ سفراً جديداً، و الظاهر كفاية التلفيق هنا كما تقدّم في إقامة عشرة أيام، و لا يكفي البقاء في أمكنة متعدّدة؛ فلو بقي المسافر في بلدين- كالكوفة و النجف- ثلاثين يوماً لم يترتّب عليه حكم الإتمام.

(مسألة 408): لا يضرّ الخروج من البلد لغرض ما أثناء البقاء ثلاثين يوماً بمقدار لا ينافي صدق البقاء في ذلك البلد- كما تقدّم في إقامة عشرة أيام- و إذا تمّ له ثلاثون يوماً و أراد الخروج إلى ما دون المسافة، فالحكم

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 171

فيه كما ذكرناه في المسألة السابقة، و الصورة المذكورة هناك جارية هنا أيضاً.

أحكام الصلاة في السفر

(مسألة 409): من أتمّ صلاته في موضع التقصير عالماً عامداً بطلت صلاته، و في غير ذلك صور:

1- أن يكون ذلك لجهله بأصل وجوب التقصير، ففي هذه الصورة تصحّ صلاته و لا تجب إعادتها.

2- أن يكون ذلك لجهله بالحكم في خصوص المورد و إن علم به في الجملة، و ذلك كمن أتمّ صلاته في المسافة التلفيقيّة لجهله بوجوب القصر فيها، و إن علم به في المسافة الامتداديّة، فالأحوط لزوماً في هذه الصورة إعادة الصلاة، و لا قضاء إذا علم بالحكم بعد مضيّ الوقت.

3- أن يكون ذلك لخطئه و اشتباهه في التطبيق مع علمه بالحكم، ففي هذه الصورة تجب الإعادة في الوقت على الأحوط، و لا قضاء إذا انكشف له الحال بعد مضي الوقت.

4- أن يكون ذلك لنسيانه سفره أو وجوب القصر على المسافر، ففي هذه الصورة تجب الإعادة في الوقت على الأحوط، و

لا يجب القضاء إذا تذكّر بعد مضيّ الوقت.

5- أن يكون ذلك لأجل السهو أثناء العمل مع علمه بالحكم

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 172

و الموضوع فعلًا، ففي هذه الصورة تجب الإعادة في الوقت، فإن لم يتذكّر حتى خرج الوقت قضاها في خارجه.

(مسألة 410): إذا قصّر في صلاته في موضع يجب فيه الإتمام بطلت، و لزمته الإعادة أو القضاء من دون فرق بين العامد و الجاهل و الناسي و الخاطي. و أمّا إذا قصد المسافر الإقامة في مكان و قصّر في صلاته لجهله بأنّ حكمه الإتمام ثمّ علم به، فالأحوط وجوب الإعادة عليه.

(مسألة 411): إذا كان في أول الوقت حاضراً فأخّر صلاته حتى سافر يجب عليه التقصير حال سفره. و لو كان أوّل الوقت مسافراً فأخّر صلاته حتى أتى أهله، أو قصد الإقامة في مكان وجب عليه الإتمام.

فالعبرة في التقصير و الإتمام بوقت الأداء دون وقت الوجوب، و سيأتي حكم القضاء في هاتين الصورتين في المسألة: (417).

التخيير بين التقصير و الإتمام

يتخيّر المسافر بين التقصير و الإتمام في مواضع أربعة: مكّة المعظّمة، و المدينة المنوّرة، و مسجد الكوفة، و حرم الحسين عليه السلام، بل الإتمام أفضل و إن كان التقصير أحوط.

و ذكر جماعة اختصاص التخيير في مكّة و المدينة بالمسجدين، و لكن الظاهر ثبوت التخيير في البلدين مطلقاً، و في تحديد حرم الحسين

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 173

عليه السلام إشكال، و الظاهر جواز الإتمام في تمام الروضة المقدّسة دون الرواق و الصحن.

(مسألة 412): إذا شرع المسافر في الصلاة في مواضع التخيير قاصداً بها التقصير جاز له أن يعدل بها إلى الإتمام على الأظهر، و كذلك العكس إذا لم يتجاوز محله.

قضاء الصلاة

من لم يؤدّ فريضة الوقت حتّى ذهب وقتها وجب عليه قضاؤها خارج الوقت، سواء في ذلك الناسي، و الجاهل، و السكران، و كذلك يجب القضاء على العامد العالم و النائم تمام الوقت على الأحوط. و يستثنى من هذا الحكم موارد:

1- ما فات من الصلوات من الصبيّ أو المجنون.

2- ما فات من المغمى عليه إذا لم يكن الإغماء بفعله و اختياره، و إلّا وجب عليه القضاء على الأحوط.

3- ما فات من الكافر الأصلي، فلا يجب عليه القضاء بعد إسلامه.

4- الصلوات الفائتة من الحائض أو النفساء، فلا يجب قضاؤها بعد الطهر مع استيعاب المانع تمام الوقت.

(مسألة 413): إذا بلغ الصبي أو أسلم الكافر، أو أفاق المجنون، أو المغمى عليه- أثناء الوقت؛ فإن تمكَّن من الصلاة- و لو بإدراك ركعة في

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 174

الوقت- وجبت، و إن لم يصلّها وجب القضاء خارج الوقت، و إن لم يتمكّن من ذلك فلا شي ء عليه أداء و قضاءً، و أما الحائض المنقطع دمها أثناء

الوقت فيختلف حكمها باختلاف الصور الآتية:

1- ما إذا كانت وظيفتها الاغتسال، و يسعها أن تغتسل و تصلّي؛ فيجب عليها ذلك، و إن لم تفعل وجب عليها القضاء خارج الوقت.

2- ما إذا كانت وظيفتها الاغتسال، و لا يسعها أن تصلّي مع الغسل لضيق الوقت، فيجب عليها أن تتيمّم و تصلّي على الأحوط، و إن فاتتها الصلاة يجب القضاء على الأحوط.

3- ما إذا كانت وظيفتها التيمّم لمانع آخر غير ضيق الوقت- كالمرض- فيجب عليها أن تتيمّم و تصلّي، فإن فاتتها وجب عليها القضاء.

(مسألة 414): من تمكّن من الصلاة أوّل وقتها- و لو بتحصيل شرائطها قبل ذلك- و لم يأت بها ثمّ جُنّ أو أغمي عليه حتى خرج الوقت وجب عليه القضاء.

(مسألة 415): إذا تمكّنت المرأة بعد دخول الوقت من تحصيل الطهارة و أداء الفريضة و لم تفعل حتى حاضت وجب عليها القضاء و إلّا لم يجب.

(مسألة 416): إذا استبصر المخالف لا يجب عليه أن يقضي الصلوات التي صلّاها صحيحة علىٰ مذهبه، بل لا تجب إعادتها إذا استبصر و قد بقي من الوقت ما يسع إعادتها و إن كان أحوط.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 175

(مسألة 417): الفرائض الفائتة يجب قضاؤها كما فاتت، فإن فاتت قصراً يقضيها قصراً، و إن فاتت تماماً يقضيها تماماً، و يجوز القضاء في أيّ وقت من الليل أو النهار، في السفر أو في الحضر، فما فات المكلف من الفرائض في الحضر يجب قضاؤه تماماً و إن كان في السفر، و ما فاته في السفر يجب قضاؤه قصراً و إن كان في الحضر. و ما فات المسافر في مواضع التخيير يجب قضاؤها قصراً و إن كان القضاء في تلك المواضع.

(مسألة 418): من فاتته

الصلاة و هو مكلّف بالجمع بين القصر و التمام- لأجل الاحتياط الوجوبي- وجب عليه الجمع في القضاء أيضاً.

(مسألة 419): من فاتته الصلاة و قد كان حاضراً في أوّل وقتها و مسافراً في آخره أو بعكس ذلك، فالأحوط الجمع في كلا الفرضين.

(مسألة 420): لا ترتيب بين الفرائض على الأظهر، فيجوز قضاء المتأخر فوتاً قبل قضاء المتقدّم عليه. و الأولى رعاية الترتيب، هذا في غير ما كان مرتّباً من أصله- كالظهرين أو العشاءين من يوم واحد- و أمّا ما كان مرتّباً من أصله فيجب الترتيب في قضائه.

(مسألة 421): إذا لم يعلم بعدد الفوائت، و دار أمرها بين الأقلّ و الأكثر جاز أن يقتصر على المقدار المتيقّن، و لا يجب عليه قضاء المقدار المشكوك فيه و إن كان أحوط.

(مسألة 422): إذا فاتته صلاة واحدة و تردّدت بين صلاتين مختلفتي العدد- كما إذا تردّدت بين صلاة الفجر و صلاة المغرب- وجب عليه الجمع بينهما في القضاء، و إن تردّدت بين صلاتين متساويتين في

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 176

العدد- كما إذا تردّدت بين صلاتي الظهر و العشاء- جاز له أن يأتي بصلاة واحدة عمّا في الذمّة، و يتخيّر بين الجهر و الإخفات إذا كانت إحداهما إخفاتيّة و الأخرى جهريّة.

(مسألة 423): وجوب القضاء موسّع؛ فلا بأس بتأخيره ما لم ينته إلى المسامحة في أداء الوظيفة.

(مسألة 424): لا ترتيب بين الحاضرة و الفائتة، فمن كانت عليه فائتة و دخل عليه وقت الحاضرة تخيّر في تقديم أيّهما شاء إذا وسعهما الوقت، و إذا كان القضاء ليومه فالأحوط تقديمه على الحاضرة، و في ضيق الوقت تتعيّن الحاضرة، و لا تزاحمها الفائتة.

(مسألة 425): إذا شرع في صلاة حاضرة و تذكّر أنّ عليه

فائتة جاز له أن يعدل بها إلى الفائتة إذا أمكنه العدول.

(مسألة 426): يجوز التنفّل لمن كانت عليه فائتة، سواء في ذلك النوافل المرتّبة و غيرها.

(مسألة 427): من لم يتمكّن من الصلاة التامّة لعذر، فالأحوط تأخير القضاء إذا علم بارتفاع عذره فيما بعد، و لا بأس بالبدار إذا اطمأنّ ببقاء عذره و عدم ارتفاعه. بل لا بأس به مع الشك أيضاً، إلّا أنّه إذا قضاها مع الاطمئنان بالبقاء أو مع الشك في الارتفاع ثمّ ارتفع عذره لزمه القضاء ثانياً في الأركان و في غيرها أيضاً على الأحوط. مثال ذلك: إذا لم يتمكّن المكلّف من الركوع أو السجود لمانع، و اطمأنّ ببقائه إلى آخر عمره، أو أنّه شك في ذلك فقضى ما فاته من الصلوات مع الإيماء بدلًا عن الركوع

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 177

و السجود، ثمّ ارتفع عذره وجب عليه القضاء ثانياً، و إذا لم يتمكّن من القراءة الصحيحة لعيب في لسانه، و اطمأنّ ببقائه أو شك في ذلك فقضى ما عليه من الفوائت، ثمّ ارتفع العذر يجب عليه القضاء ثانياً على الأحوط.

(مسألة 428): لا يختص وجوب القضاء بالفرائض اليوميّة، بل يجب قضاء كلّ ما فات من الصلوات الواجبة عدا العيدين حتى المنذورة في وقت معيّن على الأحوط.

(مسألة 429): من فاتته الفريضة لعذر و لم يقضها مع التمكّن منه حتى مات وجب قضاؤه على الأولى بميراثه، و يمكن أن يكون المراد به ولده الأكبر، و يلحق به ما أتى به فاسداً، و في إلحاق الأمّ بالأب تأمّل و إن كان أحسن، و لا يعتبر في الولد البلوغ و العقل حال موت أبيه، فإذا بلغ الولد أو زال جنونه بعد ذلك وجب عليه القضاء،

و يختصّ وجوب القضاء عليه بما وجب على الميّت نفسه، و أمّا ما وجب عليه باستيجار و نحو ذلك فلا يجب على الولد الأكبر قضاؤه، و من هذا القبيل ما وجب على الميّت من فوائت أبيه و لم يؤدّه حتى مات، فإنّه لا يجب قضاء ذلك على ولده.

(مسألة 430): إذا تعدّد الولد الأكبر وجب القضاء عليهما وجوباً كفائياً، فلو قضى أحدهما سقط عن الآخر.

(مسألة 431): لا يجب على الولد الأكبر أن يباشر قضاء ما فات أباه من الصلوات، بل يجوز أن يستأجر غيره للقضاء، بل لو تبرّع أحد فقضى عن الميّت سقط الوجوب عن الولد الأكبر، و كذلك إذا أوصى الميّت باستئجار شخص لقضاء فوائته و عمل بوصيّته.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 178

(مسألة 432): إذا شكّ الولد الأكبر في فوت الفريضة عن أبيه لم يجب عليه القضاء، و إذا دار أمر الفائتة بين الأقلّ و الأكثر اقتصر على الأقلّ، و إذا علم بفوتها و شك في قضاء أبيه لها وجب عليه القضاء على الأحوط وجوباً.

(مسألة 433): لا تخرج أجرة قضاء ما فات الميّت من الصلوات من أصل التركة، فلو لم يكن له ولد أكبر، و لم يوص بذلك لم يجب القضاء من صلب المال، و إن كان القضاء أحوط استحباباً بالنسبة إلى غير القاصرين من الورثة.

(مسألة 434): لا تفرغ ذمّة الولد الأكبر و لا ذمّة الميّت بمجرّد الاستيجار ما لم يتحقّق العمل في الخارج، فإذا مات الأجير- قبل الإتيان بالعمل- أو منعه مانع عنه وجب على الوليّ القضاء بنفسه أو باستيجار غيره.

صلاة الاستيجار

يجب على المكلّف أن يقضي بنفسه ما فاته من الصلوات كما مرّ، فإن لم يتمكّن من ذلك وجب عليه أن يتوسّل

إلى القضاء عنه بالإيصاء، أو بإخباره ولده الأكبر، أو بغير ذلك، و لا يجوز القضاء عنه حال حياته باستيجار أو تبرّع.

(مسألة 435): لا تعتبر العدالة في الأجير حال الإخبار، بل يكفي

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 179

الوثوق بأدائه على وجه صحيح إذا أخبر بالتأدية، و يعتبر فيه البلوغ و العقل و الإيمان و أن يكون عارفاً بأحكام القضاء على وجه يصحّ منه الفعل، و لا يجوز استيجار ذي العذر كالعاجز عن القيام، و لا تعتبر المماثلة بين القاضي و المقضيّ عنه؛ فالرجل يقضي عن المرأة و بالعكس. و العبرة في الجهر و الإخفات بحال القاضي، فيجب الجهر في القراءة في الصلوات الجهريّة فيما إذا كان القاضي رجلًا و إن كان القضاء عن المرأة، و تتخيّر المرأة فيها بين الجهر و الإخفات و إن كان القضاء عن الرّجل، و يجب أن ينوي بعمله الإتيان بما في ذمّة الميّت.

(مسألة 436): يجب على الأجير أن يأتي بالعمل على النحو المتعارف إذا لم تشترط في عقد الإجارة كيفيّة خاصّة، و إلّا لزمه العمل بالشرط.

صلاة الآيات

تجب صلاة الآيات عند كسوف الشمس و خسوف القمر و لو بعضهما، و كذا بالزلزلة على الأحوط، و إن لم يحصل الخوف بشي ءٍ من ذلك، و تجب بكلّ حادثة سماويّة مخوّفة لأغلب الناس- كهبوب الريح السوداء، أو الحمراء، أو الصفراء، و ظلمة الجوّ الخارقة للعادة، و الصاعقة و نحو ذلك-. و لا يترك الاحتياط في الحوادث الأرضية المخوّفة- كخسف الأرض، و سقوط الجبل، و غور ماء البحر، و نحو ذلك-.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 180

و تتعدّد صلاة الآيات بتعدّد موجبها.

(مسألة 437): وقت صلاة الآيات في الكسوف و الخسوف من ابتداء حدوثهما

إلى الشروع في الانجلاء على الأحوط لزوماً، و الأحوط في غيرهما المبادرة إليها فوراً ففوراً.

(مسألة 438): صلاة الآيات ركعتان، و في كلّ ركعة منها خمس ركوعات، و كيفيّة ذلك؛ أن يكبّر و يقرأ سورة الفاتحة و سورة تامّة غيرها، ثمّ يركع، فإذا رفع رأسه من الركوع قرأ سورة الفاتحة و سورة تامّة، ثمّ يركع، و هكذا إلى أن يركع الركوع الخامس، فإذا رفع رأسه منه هوى إلى السجود و سجد سجدتين- كما في الفرائض اليومية- ثمّ يقوم فيأتي في الركعة الثانية بمثل ما أتى به في الركعة الأولى، ثمّ يتشهّد و يُسلِّم كما في سائر الصلوات.

و يجوز الاقتصار في كلّ ركعة على قراءة سورة الفاتحة مرّة و قراءة سورة أُخرى؛ بأن يقرأ- بعد سورة الفاتحة- شيئاً من السورة، ثمّ يركع فإذا رفع رأسه من الركوع يقرأ جزءاً آخر من تلك السورة من حيث قطعها، ثمّ يركع، و هكذا و يتمّ السورة بعد الركوع الرابع ثمّ يركع، و كذلك في الركعة الثانية.

و يجوز له التبعيض؛ بأن يأتي بالركعة الأولى على الكيفيّة السابقة، و يأتي بالركعة الثانية على الكيفيّة التالية، أو بالعكس، و لها كيفيّات اخر لا حاجة إلى ذكرها.

(مسألة 439): يستحبّ القنوت في صلاة الآيات قبل الركوع

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 181

الثاني، و الرابع، و السادس، و الثامن، و العاشر، و يجوز الاكتفاء بقنوت واحد قبل الركوع العاشر.

(مسألة 440): سورة التوحيد خمس آيات إحداها البسملة، و عليه فيجوز أن يقتصر في كل ركعة على قراءتها مرّة واحدة مُقسطاً لها على الركوعات على النحو المزبور.

(مسألة 441): يجوز الإتيان بصلاة الآيات جماعة، كما يجوز أن يؤتى بها فرادى، و تدرك بإدراك الإمام في الركوع الأوّل

من الركعة الأولى أو الركعة الثانية، أمّا إذا أدركه في غيره منهما ففيه إشكال.

(مسألة 442): ما ذكرناه في الصلوات اليوميّة من الشرائط و المنافيات و أحكام الشك و السهو كلّ ذلك يجري في صلاة الآيات.

(مسألة 443): إذا شك في عدد الركعات في صلاة الآيات و لم يرجّح أحد طرفيه على الآخر بطلت صلاته، بل مع الترجيح أيضاً على الأحوط، و إذا شك في عدد الركوعات لم يعتن به إذا كان بعد تجاوز المحلّ، و إلّا بنى على الأقلّ و أتى بالمشكوك فيه إلّا أن يرجع إلى الشك في الركعات، كما إذا شك في أن المشكوك هو الخامس أو السادس، فتبطل.

(مسألة 444): اذا علم بالكسوف أو الخسوف و لم يصلّ عصياناً أو نسياناً حتى تمّ الانجلاء وجب عليه القضاء على الأحوط، بلا فرق بين الكلّي و الجزئي منهما، و إذا لم يعلم به حتى تمّ الانجلاء؛ فإن كان الكسوف أو الخسوف كليّاً؛ بأن احترق القرص كلّه وجب القضاء على

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 182

الأحوط، و إلّا فلا.

و يجب على الأحوط الإتيان بها في غير الكسوفين، سواء علم بحدوث الموجب- حينه- أم لم يعلم به.

(مسألة 445): لا تجب صلاة الآيات على الحائض و النفساء.

(مسألة 446): إذا اشتغلت ذمّة المكلّف بصلاة الآيات و بالفريضة اليوميّة، تخيّر في تقديم أيّتهما شاء إن وسعهما الوقت، و إن وسع إحداهما دون الاخرى قدّم المضيّق ثمّ أتى بالموسّع، و إن ضاق وقتهما قدّم اليوميّة.

و إذا شرع في اليوميّة فانكشف ضيق وقت صلاة الآيات قطع اليوميّة و أتى بالآيات، و أمّا إذا شرع في صلاة الآيات فانكشف ضيق وقت اليوميّة قطعها و أتى باليوميّة، و يعود إلى صلاة الآيات من

محلّ القطع إذا لم يقع منه مناف غير الفصل باليوميّة.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 183

الصوم و شرائط وجوبه

اشاره

يجب على كلّ إنسان أن يصوم شهر رمضان عند تحقّق هذه الشروط:

1- البلوغ؛ فلا يجب على غير البالغ من أوّل الفجر، و في صحّة صوم غير البالغ و سائر عباداته إشكال.

2- العقل في مجموع النهار؛ فلو جنّ- و لو في آن من النهار- لم يجب الصوم عليه، و لا يصحّ منه.

3- عدم الإغماء؛ فلو أُغمي عليه قبل الفجر- و لم يتحقّق منه قصد الصوم، و أفاق بعد الفجر- لم يجب عليه الصوم، نعم لو قصد الصوم قبل الفجر ثمّ أغمي عليه، ثمّ أفاق بعد الغروب فيجب القضاء عليه على الأحوط.

4- الطهارة من الحيض و النفاس؛ فلا يجب على الحائض و النفساء و لا يصحّ منهما، و لو كان الحيض أو النفاس في جزء من النهار.

5- الأمن من الضرر؛ فلو خاف المرض أو الرمد أو غير ذلك لم يجب عليه الصوم، و لا فرق بين أن يخاف حدوث المرض أو شدّته أو طول مدّته، كلّ ذلك بالمقدار المعتدّ به، ففي جميع هذه الصور لا يجب عليه الصوم، و إذا أمن من الضرر على نفسه، و لكنّه خاف من الصوم على

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 184

عرضه أو ماله مع الحرج في تحمّله لم يجب عليه الصوم، و كذلك فيما إذا خاف على عرض غيره أو ماله مع وجوب حفظه عليه.

6- الحضر أو ما بحكمه؛ فلو كان في سفر تقصر فيه الصلاة لم يصحّ منه الصوم، نعم السفر الذي يجب فيه التمام لا يسقط فيه الصوم.

(مسألة 447): الأماكن التي يتخيّر المسافر فيها بين القصير و الإتمام يتعيّن عليه

فيها الإفطار و لا يصحّ منه الصوم.

(مسألة 448): يعتبر في جواز الإفطار للمسافر أن يتجاوز حدّ الترخص الذي يعتبر في قصر الصلاة، و قد مرّ بيانه في الشرط الثامن للتقصير صفحة: (164) و ما بعدها.

(مسألة 449): يجب إتمام الصوم على من سافر بعد الزوال إن لم يكن ناوياً للسفر من الليل، و أما إذا كان ناوياً من الليل فالأحوط أن يتمّ صومه ثمّ يقضيه، و أما إذا سافر قبل الزوال؛ فإن كان نوى السفر من الليل فلا إشكال في جواز الإفطار معه بعد التجاوز عن حدّ الترخص و وجوب القضاء، و أما إذا لم يكن نواه ليلًا و اتّفق له السفر قبل الزوال، فالأحوط له أن يتمّ صومه ثمّ يقضيه.

(مسألة 450): إذا رجع المسافر إلى وطنه أو محلّ إقامته ففيه صور:

1- أن يرجع إليه بعد الزوال؛ فلا يجب عليه الصوم في هذه الصورة.

2- أن يرجع قبل الزوال و قد أفطر في سفره؛ فلا يجب عليه الصوم أيضاً.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 185

3- أن يرجع قبل الزوال و لم يفطر في سفره؛ ففي هذه الصورة يجب عليه أن ينوي الصوم، و يصوم بقيّة النهار.

(مسألة 451): إذا صام المسافر جهلًا بالحكم و علم به بعد انقضاء النهار صحّ صومه، و لم يجب عليه القضاء.

(مسألة 452): يجوز السفر في شهر رمضان من غير ضرورة، و لا بدّ من الإفطار فيه كغيره من الأسفار، و كذلك سائر أقسام الصوم الواجب المعيّن- كالمنذور و نحوه- على الأظهر، و إن كان الأولى ترك السفر فيها من غير ضرورة، بل لو كان المكلف مسافراً فالأولى أن يقصد الإقامة و يأتي بالواجب المعيّن.

(مسألة 453): لا فرق في عدم صحّة الصوم في

السفر بين الفريضة و النافلة إلّا في موارد:

منها: ثلاثة أيام للحاجة في المدينة، و الأحوط أن يكون في الأربعاء، و الخميس، و الجمعة.

و منها: الصوم المنذور إيقاعه في السفر، أو في الأعمّ من الحضر و السفر.

و منها: صوم الثلاثة أيام من العشرة التي تكون بدل هدي التمتع لمن عجز عنه.

و منها: صوم الثمانية عشر يوماً التي هي بدل البدنة كفارّة لمن أفاض من عرفات قبل الغروب.

(مسألة 454): يعتبر في صحّة صوم النافلة أن لا تكون ذمّة المكلف

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 186

مشغولة بصوم فريضة؛ فلو كان عليه صوم واجب- من قضاء أو كفّارة أو نحوهما- لم يصحّ منه صوم النافلة. نعم إذا كان على ذمّته بالإجارة و نحوها صوم واجب على غيره فالظاهر صحّة صوم النافلة منه، نعم إذا نسي أنّ عليه صوماً واجباً فصام تطوّعاً فذكر بعد الفراغ صحّ صومه.

(مسألة 455): إذا كان الصوم علىٰ الشيخ و الشيخة حرجاً و مشقّة جاز لهما الإفطار، و يكفّران عن كلّ يوم بمدّ من الطعام، و الأفضل كونها من الحنطة، بل كونها مدّين، بل هو الأحوط استحباباً، و إذا تعذّر عليهما الصوم سقطت الكفّارة، و يجري هذا الحكم على ذي العطاش- من به داء العطش-، فإذا كان عليه الصوم حرجياً و مشقّة كفَّر عن كلّ يوم بمدّ، و إذا تعذّر عليه الصوم سقطت الكفّارة، و لا يجب عليهم القضاء، و الأحوط القضاء لذى العطاش إذا تمكّن.

(مسألة 456): الحامل المقرب إذا خافت على جنينها أفطرت، و كفّرت عن كلّ يوم بمدّ، و يجب عليها القضاء، و أما إذا خافت على نفسها أفطرت من دون كفّارة، و يلزمها القضاء.

(مسألة 457): المرضع القليلة اللبن إذا خافت الضرر

على نفسها أو على الطفل الرضيع أفطرت، و يجب عليها القضاء، و إذا كان الضرر على الطفل كفّرت عن كلّ يوم بمدّ، و إذا كان الضرر على نفسها فالأحوط عليها وجوب الفدية، و لا فرق في المرضع بين الأمّ و المستأجرة و المتبرّعة.

و لو وُجدت من ترضع الطفل بأجرة أو مجّاناً، و لم يكن مانع من إرضاعها لم يجز لها الإفطار.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 187

(مسألة 458): المدّ يساوي ثلاثة أرباع الكيلو تقريباً، و الأفضل أن يكون من الحنطة، و الأظهر إجزاء مطلق الطعام من الحنطة و الشعير و الخبز و غيرها.

ثبوت الهلال في شهر رمضان

يعتبر في وجوب صيام شهر رمضان ثبوت الهلال بأحد هذه الطرق:

1- أن يراه المكلف بنفسه.

2- أن يتيقّن أو يطمئنّ بثبوته من الشياع و نحوه.

3- مضيّ ثلاثين يوماً من شهر شعبان.

4- شهادة رجلين عادلين إذا لم يحتمل الاشتباه في حقّهما احتمالًا معتدّاً به؛ فلو ادّعى أحدهما الرؤية في طرف و ادّعى الآخر رؤيته في طرف آخر لم يثبت الهلال بذلك، و كذا لا يثبت الهلال بشهادة النساء إلّا إذا حصل اليقين أو الاطمئنان به من شهادتهنّ.

(مسألة 459): لا يثبت الهلال بحكم الحاكم، و في ثبوته برؤيته قبل الزوال في اليوم الثلاثين من أول شعبان إشكال، و كذا في ثبوته بتطوّق الهلال ليدلّ على أنه لليلة السابقة إشكال، و لا عبرة بغير ما ذكرناه- من قول المنجم و نحو ذلك-.

(مسألة 460): إذا أفطر المكلّف يوم الشك من شهر رمضان ثمّ انكشف ثبوت الهلال بأحد الطرق المزبورة وجب عليه القضاء، و إذا بقي من النهار شي ء وجب عليه الإمساك فيه.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 188

(مسألة 461): الظاهر كفاية ثبوت الهلال في بلد

آخر و إن لم يُرَ في بلد الصائم، و لا فرق في ذلك بين اتّحاد الأفق و عدمه مع اشتراكهما في كون ليلة واحدة ليلة لهما، و إن كان أوّل ليلة أحدهما آخر ليلة لآخر.

(مسألة 462): لا بدّ في ثبوت هلال شوّال من تحقّق أحد الأمور المتقدّمة، فلو لم يثبت بشي ء منها لم يجز الإفطار.

(مسألة 463): إذا صام يوم الشك من شهر شوّال، ثمّ ثبت الهلال أثناء النهار وجب عليه الإفطار.

(مسألة 464): لا يجوز أن يصوم يوم الشك من شهر رمضان على أنّه منه، نعم يجوز صومه استحباباً أو قضاءً، فإذا انكشف- حينئذٍ- أثناء النهار أنه من شهر رمضان عدل بنيّته و أتمّ صومه، و لو انكشف الحال بعد مضيّ الوقت حسب له صومه و لا يجب عليه القضاء.

(مسألة 465): المحبوس إذا لم يتمكَّن من تحصيل العلم بدخول شهر رمضان عمل بالظنّ، و مع عدمه يختار شهراً فيصومه، فإن لم ينكشف الخلاف فهو، و إلّا ففيه صورتان:

الأولىٰ: أن ينكشف أن صومه قد وقع بعد شهر رمضان، فلا شي ء عليه في هذه الصورة.

الثانية: أن ينكشف أن صومه كان قبل شهر رمضان، فيجب عليه في هذه الصورة أن يقضي صومه إذا كان الانكشاف بعد شهر رمضان.

نيّة الصوم:

يجب على المكلّف قصد الإمساك عن المفطرات من أوّل الفجر إلى

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 189

الغروب متقرّباً به إلى اللّٰه تعالى، و الأحوط عدم الاكتفاء بنيّة واحدة قبل الشهر، بل يعتبر تجديد النيّة في كلّ ليلة.

(مسألة 466): كما تعتبر النيّة في صيام شهر رمضان تعتبر في غيره من الصوم الواجب- كصوم الكفّارة و النذر و القضاء، و الصوم نيابة عن الغير- و لو كان على المكلّف أقسام من

الصوم الواجب وجب عليه التعيين زائداً على قصد القربة، نعم لا حاجة إلى التعيين في شهر رمضان، لأنّ الصوم فيه متعيَّن بنفسه.

(مسألة 467): يكفي في نيّة الصوم أن ينوي الإمساك عن المفطرات على نحو الإجمال، و لا حاجة إلى تعيينها تفصيلًا.

(مسألة 468): إذا نسي النيّة في شهر رمضان؛ فإن تذكّر بعد الزوال أو قبل الزوال بعد ما أتى بالمفطِّر وجب عليه الإمساك بقيّة النهار، و القضاء بعد ذلك؛ و إن كان التذكّر قبل الزوال قبل أن يأتي بالمفطِّر فالأحوط عليه الإمساك بقيّة النهار و القضاء بعد ذلك. و أما سائر أقسام الصوم الواجب فإن فاتته النيّة فيها و تذكّر بعد الزوال بطل صوم ذلك اليوم، و كذلك إن تذكّر قبل الزوال و قد أتى بشي ء من المفطّرات، و إذا كان التذكّر قبل الزوال- و لم يأت بشي ء من المفطّرات- جاز له تجديد النيّة، و حكم بصحّة صومه، و أما صوم النافلة فيمتدّ وقت نيّته إلى الغروب؛ بمعنى أنّ المكلّف إذا لم يكن قد أتى بمفطّر جاز له أن يقصد صوم النافلة و يمسك بقيّة النهار و لو كان الباقي شيئاً قليلًا، و يحسب له صوم هذا اليوم.

(مسألة 469): يعتبر في النيّة الاستمرار، فلو قصد الإفطار أثناء

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 190

النهار بطل صومه، و إن لم يأت بشي ءٍ من المفطّرات، هذا في الواجب المعيّن، و أما الواجب غير المعيّن فلا يقدح قصد الإفطار و التردّد و غيرهما ممّا يقدح في استمرار النيّة إذا رجع إلى نيّته قبل الزوال، نعم إذا تردّد للشك في صحّة صومه فالظاهر الصحّة في الصوم الواجب المعيّن.

(مسألة 470): إذا نوى ليلًا صوم الغد، ثمّ نام و لم يستيقظ

طول النهار صحّ صومه على إشكال.

المفطِرات:

و هي عشرة:
الأوّل و الثاني: تعمّد الأكل و الشرب؛

و لا فرق في المأكول و المشروب بين المتعارف و غيره، و لا بين القليل و الكثير، كما لا فرق في الأكل و الشرب بين أن يكونا من الطريق العادي أو من غيره، فلو شرب الماء من أنفه بطل صومه، و يبطل الصوم ببلع الأجزاء الباقية من الطعام بين الأسنان اختياراً.

(مسألة 471): لا يبطل الصوم بالأكل أو الشرب بغير عمد، كما إذا نسي صومه فأكل أو شرب، كما لا يبطل بما إذا أوجر في حلقه بغير اختياره و نحو ذلك.

(مسألة 472): لا يبطل الصوم بزرق الإبرة في العضلة أو العرق، و الأحوط وجوباً الاجتناب عن الإبرة المستعملة بدل الطعام، و الإبرة المستعملة للتقوية، و لا يبطل بالتقطير في الأذن أو العين إذا لم يصل إلى الجوف من طريق الحلق.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 191

(مسألة 473): يجوز للصائم بلع ريقه اختياراً ما لم يخرج من فضاء فمه، نعم إذا اجتمع الريق الكثير بتخيّل الحامض- مثلًا- فالأحوط وجوباً بطلان الصوم ببلعه.

(مسألة 474): لا بأس على الصائم أن يبلع ما يخرج من صدره أو ينزل من رأسه من الأخلاط ما لم يصل إلى فضاء الفم، و إلّا فالأحوط تركه.

(مسألة 475): يجوز للصائم الاستياك، لكن إذا أخرج المسواك لا يردّه إلى فمه و عليه رطوبة، إلّا أن يبصق ما في فمه من الريق بعد الردّ.

(مسألة 476): يجوز لمن يريد الصوم ترك تخليل الأسنان بعد الأكل ما لم يعلم بدخول شي ءٍ من الأجزاء الباقية بين الأسنان إلى الجوف في النهار، و إن علم بدخول شي ءٍ منها إلى الجوف في النهار، و ترك التخليل و دخل بطل صومه.

(مسألة 477): لا بأس على الصائم

أن يمضغ الطعام للصبي أو الحيوان، و أن يتذوّق المرق و نحو ذلك ممّا لا يتعدّى إلى الحلق، و لو اتّفق تعدّي شي ءٍ من ذلك إلى الحلق من غير قصد لم يبطل صومه.

(مسألة 478): يجوز للصائم المضمضة بقصد الوضوء أو لغيره ما لم يبتلع شيئاً من الماء متعمّداً، و الأولى بعد المضمضة أن يبزق ريقه ثلاثاً.

(مسألة 479): إذا تمضمض الصائم و سبق الماء إلى جوفه بغير اختياره ففيه صور:

1- أن يتّفق ذلك في مضمضته لوضوء الصلاة الواجبة، فلا شي ء

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 192

عليه في هذه الصورة.

2- أن يتّفق ذلك في مضمضته لوضوء غير الصلاة الواجبة، فالأحوط وجوباً في هذه الصورة أن يقضي صومه.

3- أن يتّفق ذلك في مضمضته لداع آخر غير الوضوء، ففي هذه الصورة لا بد من القضاء.

الثالث من المفطِرات: تعمّد الكذب على اللّٰه، أو على رسوله، أو على أحد الأئمة المعصومين عليهم السلام،

بل الأحوط وجوباً إلحاق سائر الأنبياء و أوصياؤهم عليهم السلام، و الأحوط وجوباً أن لا يكذب على الصدّيقة الطاهرة عليها السلام.

(مسألة 480): إذا اعتقد الصائم صدق خبره عن اللّٰه، أو عن أحد المعصومين عليهم السلام، ثمّ انكشف له كذبه لم يبطل صومه، نعم إذا أخبر عن اللّٰه أو عن رسوله- مع احتمال كذبه- و كان الخبر كذباً في الواقع جرى عليه حكم التعمّد على الأحوط.

(مسألة 481): لا بأس بقراءة القرآن على وجه غير صحيح و لا يبطل بذلك صومه.

الرابع من المفطِرات: تعمّد الارتماس في الماء على الأحوط،

و لا فرق بين رمس تمام البدن و رمس الرأس فقط، و لا يبطل الصوم بوقوف الصائم تحت المطر و نحوه و إن أحاط الماء بتمام بدنه، و الأظهر اختصاص الحكم بالماء، فلا بأس بالارتماس في غيره حتى إذا كان من المياه المضافة، و إن كان الترك أحوط.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 193

(مسألة 482): إذا ارتمس الصائم في شهر رمضان بقصد الغسل متعمّداً بطل غسله و صومه، و أما في الواجب المعيّن في غير شهر رمضان فيبطل صومه بنيّة الارتماس، و الظاهر صحّة غسله، إلّا أنّ الاحتياط لا ينبغي تركه، و أما في غيرهما من الصوم الواجب أو المستحبّ فلا ينبغي الإشكال في صحّة غسله و إن بطل صومه، و أما إذا كان ناسياً للصوم ففي جميع الصور صحّ صومه و غسله.

الخامس من المفطِرات: تعمّد الجماع؛

و لا يبطل الصوم به إذا لم يكن عن عمد.

السادس من المفطِرات: الاستمناء

بملاعبة أو تقبيل أو ملامسة أو غير ذلك، بل إذا أتى بشي ء من ذلك و لم يطمئنّ من نفسه بعدم خروج المني فاتّفق خروجه بطل صومه على الأظهر، بل لو اطمئنّ من نفسه بعدم الخروج فاتّفق خروجه فالأحوط وجوباً بطلان صومه أيضاً.

(مسألة 483): إذا احتلم في شهر رمضان جاز له الاستبراء بالبول و إن تيقّن بخروج ما بقي من المني في المجرى، و الأحوط أن يؤخِّر البول إلى ما بعد المغرب فيما إذا اغتسل قبل البول.

السابع من المفطِرات: تعمّد البقاء على الجنابة حتّى يطلع الفجر،

و يختصّ ذلك بصوم شهر رمضان، و لا يصحّ القضاء ممّن بقي على الجنابة حتّى يطلع الفجر في فرض عدم التعمّد أيضاً، و أما في غيرهما من أقسام الصوم، فالظاهر عدم بطلانه بذلك و إن كان الأولى تركه في سائر أقسام الصوم الواجب.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 194

(مسألة 484): البقاء على حدث الحيض أو النفاس في حكم البقاء على الجنابة على الأحوط، إلّا أنّه يختصّ بصوم شهر رمضان، و لا يجري في غيره حتّى في قضائه، و إن كان الأحوط أن تغتسل.

(مسألة 485): من أجنب في شهر رمضان ليلًا، ثمّ نام غير قاصد للغسل سواء أ كان ناوياً لترك الغسل أم كان متردّداً فيه، فاستيقظ بعد الفجر جرى عليه حكم تعمّد البقاء على الجنابة، و أما إذا كان ناوياً للغسل و معتاداً للانتباه فاتّفق أنه لم يستيقظ إلّا بعد الفجر صحّ صومه، و الأحوط مع ذلك أن يقضي ذلك اليوم، نعم إذا استيقظ ثمّ نام و لم يستيقظ حتّى طلع الفجر وجب عليه القضاء، و كذلك الحال في النومة الثالثة، إلّا أنّ الأحوط الأولى فيه الكفّارة أيضاً.

(مسألة 486): إذا أجنب في شهر رمضان ليلًا، و لم يكن

من عادته الاستيقاظ فالأحوط- لزوماً- أن يغتسل قبل النوم، فإن نام و لم يستيقظ فالأحوط القضاء حتّى في النومة الأولى، بل الأحوط الأولى الكفّارة أيضاً في النومة الثالثة.

(مسألة 487): إذا علم بالجنابة و نسي غسلها حتّى طلع الفجر بطل صومه و عليه قضاؤه، و أما إذا لم يعلم بالجنابة، أو علم بها و نسي وجوب صوم الغد حتّى طلع الفجر صحّ صومه، هذا في صوم شهر رمضان، و أما قضاؤه فالظاهر بطلانه إذا أصبح جنباً، و لا يصحّ منه ذلك اليوم قضاءً و إن لم يتعمّد ذلك، كما مرّ.

(مسألة 488): إذا لم يتمكّن الجنب من الاغتسال ليلًا، وجب عليه

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 195

أن يتيمّم قبل الفجر بدلًا من الغسل، فإن تركه بطل صومه، و إن تيمّم وجب عليه أن لا ينام بعده حتّى يطلع الفجر على الأحوط.

(مسألة 489): حكم المرأة في الاستحاضة القليلة حكم الطاهرة، و أما في الاستحاضة الكثيرة فيعتبر في صحّة صومها أن تغتسل الأغسال النهاريّة و الليليّة السابقة على الأحوط، و لا يجب تقديم غسل الصبح على الفجر، بل لا يجزي لصلاة الصبح و لو مع عدم الفصل المعتدّ به على الأحوط، و أما في الاستحاضة المتوسّطة فالأحوط اعتبار الغسل في صحّة صومها.

الثامن من المفطِرات: تعمّد إدخال الغبار الغليظ، أو غير الغليظ في الحلق على الأحوط؛

بل الأحوط الاجتناب عن الدخان أيضاً.

التاسع من المفطِرات: تعمّد القي ء، و يجوز التجشّؤ للصائم إن لم يتيقّن بخروج شي ءٍ من الطعام أو الشراب معه، و الأحوط وجوباً ترك ذلك مع اليقين بخروجه.

(مسألة 490): لو رجع شي ء من الطعام أو الشراب بالتجشّؤ أو بغيره إلى حلق الصائم قهراً لم يجز ابتلاعه ثانياً، و يجري على الابتلاع حكم الأكل أو الشرب- من وجوب القضاء و الكفّارة- على

الأحوط.

العاشر من المفطِرات: تعمّد الاحتقان بالماء أو بغيره من المائعات؛

و لا بأس بغير المائع.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 196

أحكام المفطِرات

(مسألة 491): تجب الكفّارة بارتكاب أحد المفطِرات عمداً، و التكفير يتحقّق بتحرير رقبة، أو إطعام ستّين مسكيناً، أو صوم شهرين متتابعين؛ بأن يصوم الشهر الأوّل بتمامه و من الشهر الثاني و لو يوماً واحداً، و يصوم بقيّته متى شاء؛ هذا فيما إذا كان الإفطار بحلال، و أما إذا كان بحرام وجب عليه الجمع بين الأمور المذكورة على الأحوط، و إذا لم يتمكّن من الجمع اقتصر على ما تمكّن منه.

(مسألة 492): إذا أكره الصائم زوجته على الجماع في نهار شهر رمضان- و هي صائمة- وجبت عليه كفّارتان، و عزّر بخمسين سوطاً، و مع عدم الإكراه و رضاء الزوجة بذلك يعزّر كلّ منهما بخمسة و عشرين سوطاً، و على كلّ منهما كفّارة واحدة.

(مسألة 493): من ارتكب شيئاً من المفطِرات في صيام شهر رمضان بطل صومه و وجب عليه الإمساك بقيّة النهار، و لا يجوز له ارتكابه ثانياً، لكنّه لا تجب الكفارة إلّا بأوّل مرتبة من الإفطار، و لا تتعدّد بتعدّده إلّا في الجماع، فإنّه تجب الكفّارة به و لو كان الصائم قد أفطر قبل ذلك به أو بغيره؛ فلو أفطر بالأكل متعمّداً، ثمّ جامع، أو جامع مرّتين وجبت عليه كفّارتان، و الاستمناء في حكم الجماع على الظاهر.

(مسألة 494): من أفطر في شهر رمضان متعمّداً ثمّ سافر لم يسقط عنه وجوب الكفّارة و إن كان سفره قبل الزوال.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 197

(مسألة 495): يختصّ وجوب الكفارة بالعالم بالحكم، و لا كفّارة على الجاهل القاصر أو المقصّر على الأظهر، فلو ارتمس في الماء عمداً- مثلًا- باعتقاد أنّه لا يبطل الصوم به لم تجب عليه

الكفّارة، هذا فيما إذا لم يعلم بحرمته، و إلّا لم يبعد وجوب الكفّارة مع الجهل أيضاً؛ فلو كذب على اللّٰه تعالى متعمّداً عالماً بحرمته معتقداً عدم بطلان الصوم به وجبت عليه الكفّارة على الأحوط كما إذا كان عالماً بالحكم، و لا يعتبر في وجوب الكفّارة العلم بوجوبها.

موارد وجوب القضاء فقط

(مسألة 496): من أفطر في شهر رمضان لعذر- من سفر أو مرض و نحوهما- وجب عليه القضاء في غيره من أيام السنة إلّا يومي العيدين- الفطر و الأضحى- فلا يجوز الصوم فيهما قضاءً و غير قضاء من سائر أقسام الصوم حتّى النافلة.

(مسألة 497): من أكره على الإفطار في شهر رمضان أو اضطرّ إليه جاز له الإفطار بمقدار الضرورة، و وجب عليه قضاء الصوم بعد ذلك، و كذلك الحال في ما إذا أفطر عن تقيّة.

(مسألة 498): تقدّمت جملة من الموارد التي يجب فيها القضاء، و البقيّة كما يلي:

1- ما إذا أخلّ بالنيّة في شهر رمضان و لكنّه لم يرتكب شيئاً من

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 198

المفطّرات المزبورة.

2- ما إذا ارتكب شيئاً من المفطّرات من دون فحص عن طلوع الفجر، فانكشف طلوع الفجر حين الإفطار، و أما إذا فحص و اطمأنّ ببقاء الليل فأتى بمفطّر ثمّ انكشف طلوع الفجر لم يجب عليه القضاء.

3- ما إذا أتى بمفطّر متعمّداً على من أخبره ببقاء الليل ثمّ انكشف خلافه.

4- ما إذا أُخبر بطلوع الفجر فأتى بمفطّر بزعم أنّ المخبر إنّما أخبر مزاحاً، ثمّ انكشف أن الفجر كان طالعاً.

5- ما إذا أخبر من يعتمد على قوله شرعاً بغروب الشمس فأفطر، و انكشف خلافه.

6- ما إذا أفطر الصائم لظلمة باعتقاد غروب الشمس و لم يكن في السماء غيم ثمّ انكشف عدمه، بل

الأحوط- إنّ لم يكن أقوى- وجوب الكفّارة، نعم إذا اعتقد الغروب أو ظنّ به- من جهة الغيم في السماء- فأفطر ثمّ انكشف خلافه فلا يجب القضاء فيه.

أحكام القضاء

(مسألة 499): لا يعتبر الترتيب و لا الموالاة في القضاء، فيجوز التفريق فيه، كما يجوز قضاء ما فات ثانياً قبل أن يقضي ما فاته أوّلًا.

(مسألة 500): الأحوط وجوباً عدم تأخير ما فاته في شهر رمضان

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 199

اثناء سنته عن رمضان الآتي، و لو أخَّره عمداً كفّر عن كلّ يوم بمدّ، و الأحوط ذلك في التأخير بغير عمد أيضاً، نعم إذا استند التأخير إلى استمرار المرض إلى رمضان الآتي و لم يتمكّن المكلّف من القضاء في مجموع السنة سقط وجوب القضاء و لزمته الكفّارة فقط.

(مسألة 501): إذا تعيّن وجوب القضاء في يوم لم يجز على الأحوط الإفطار فيه قبل الزوال و بعده، و أما إذا كان موسّعاً جاز الإفطار قبل الزوال و لم يجز بعده؛ و لو أفطر بعد الزوال لزمته الكفّارة- إطعام عشرة من المساكين، يعطي كل واحد منهم مدّاً من الطعام، فلو عجز عنه صام بدله ثلاثة أيام-، و أما الواجب غير القضاء فإن كان معيّناً، لم يجز الإفطار فيه مطلقاً، و إن كان موسّعاً جاز الإفطار فيه قبل الظهر و بعده، و الأحوط أن لا يفطر بعد الزوال.

(مسألة 502): يجب على الولد الأكبر للميّت أن يقضي ما فات أباه من الصيام لعذر أو أتى به فاسداً، و الأولى ذلك في الأمّ أيضاً، و إذا كان للميّت تركة فالأحوط التصدّق من تركته عن كلّ يوم بمدّ أيضاً فيما إذا رضيت الورثة بذلك، و ما ذكرناه في المسألة: (429) إلى المسألة: (434)

من الأحكام الراجعة إلى قضاء الصلوات يجري في قضاء الصوم أيضاً.

(مسألة 503): إذا فاته الصوم لمرض أو حيض أو نفاس و لم يتمكّن من قضائه؛ كأن مات قبل البرء من المرض، أو قبل النقاء من الحيض أو النفاس، أو مات قبل دخول شهر شوّال لم يجب القضاء عنه.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 200

الزكاة

اشارة

الزكاة؛ من الواجبات التي اهتمّ الشارع المقدّس بها، و قد قرنها اللّٰه تبارك و تعالى بالصلاة في غير واحد من الآيات الكريمة، و أنها إحدى الخمس التي بُني عليها الإسلام، و قد ورد: أنّ الصلاة لا تقبل من مانعها، و أنّ من منع قيراطاً من الزكاة فليمت إن شاء يهوديّاً أو نصرانيّاً.

و هي على قسمين: زكاة الأموال، و زكاة الأبدان.

زكاة الأموال

(مسألة 504): تجب الزكاة في ثلاثة أشياء:

1- في الأنعام: الغنم- بقسميها: المعز و الضأن- و الإبل، و البقر حتّى الجاموس.

2- في النقدين- الذهب و الفضّة-.

3- في الغلّات- الحنطة، و الشعير، و التمر، و الزبيب-، و لا تجب فيما عدا ذلك، نعم تستحبّ في غيرها من الحبوب التي تنبت في الأرض كالسمسم و الأرز و الدخن و غيرها، و لا تستحبّ في الخضروات مثل البقل و القثّاء و غيرهما. و تستحبّ في مال التجارة، و في الخيل الإناث دون

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 201

الذكور، و الحمير و البغال.

و يعتبر في وجوبها أمور:

1- البلوغ.

2- العقل.

3- الحريّة.

فلا تجب الزكاة في أموال الصبي و المجنون و الرقّ.

4- الملكيّة الشخصيّة؛ فلا تجب في الأوقاف العامّة، و لا في المال الذي أوصِي بأن يُصرف في التعازي أو المساجد أو المدارس و نحوها.

5- تمكّن المالك من التصرّف؛ فلا تجب في المغصوب، و المسروق، و المال الضائع الذي لا يعلم المالك بمكانه.

زكاة الحيوان

(مسألة 505): يشترط في وجوب الزكاة في الأنعام أمور؛ فلا تجب بفقدان شي ءٍ منها:

1- استقرار الملكيّة في مجموع الحول؛ فلو خرجت عن ملك مالكها أثناء الحول لم تجب فيها الزكاة، و المراد بالحول هنا: مضيّ أحد عشر شهراً و الدخول في الشهر الثاني عشر، و ابتداء السنة فيها من حين تملّكها، و في نتاجها من حين ولادتها.

2- السوم؛ فلو كانت معلوفة- و لو في بعض السنة- لم تجب فيها

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 202

الزكاة. نعم في انقطاع السوم بعلف اليوم و اليومين و الثلاثة إشكال، و الأحوط- إن لم يكن أقوى- عدم الانقطاع، و لا بدّ من احتساب مدّة رضاع النتاج من الحول و إن

لم تكن أمّهاتها سائمة.

3- بلوغها حدّ النصاب، و سيأتي بيانه.

(مسألة 506): صدق السائمة على ما رعت من الأرض المستأجرة أو المشتراة للرعي مشكل، و إن كان الأحوط في هذه الصورة إعطاء الزكاة.

(مسألة 507): يشترط في وجوب الزكاة في البقر و الإبل- زائداً على ما ذكر- أن لا تكون عوامل، فلو استعملت- و لو في بعض الحول- في السقي أو الحمل أو نحو ذلك لم تجب الزكاة فيها، نعم إذا كان استعمالها في الحول يوماً أو يومين وجبت فيها الزكاة على الأحوط.

(مسألة 508): في الغنم خمسة نصب:

1- أربعون، و فيها شاة.

2- مائة و إحدى و عشرون، و فيها شاتان.

3- مائتان و واحدة، و فيها ثلاثة شياه.

4- ثلاثمائة و واحدة، و فيها أربع شياه.

5- أربعمائة فصاعداً، ففي كلّ مائة شاة، و لا شي ء في ما بين النصابين.

و الأحوط وجوباً في الشاة المخرجة زكاة أن تكون داخلة في السنة الثالثة إن كانت معزاً، و أن تكون داخلة في السنة الثانية إن كانت ضأناً.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 203

(مسألة 509): في الإبل اثنى عشر نصاباً:

1- خمسة، و فيها شاة.

2- عشرة، و فيها شاتان.

3- خمسة عشر، و فيها ثلاث شياه.

4- عشرون، و فيها أربع شياه.

5- خمس و عشرون، و فيها خمس شياه.

6- ست و عشرون، و فيها بنت مخاض؛ و هي الداخلة في السنة الثانية.

7- ست و ثلاثون، و فيها بنت لبون؛ و هي الداخلة في السنة الثالثة.

8- ست و أربعون، و فيها حقّة، و هي الداخلة في السنة الرابعة.

9- إحدى و ستّون، و فيها جذعة، و هي التي دخلت في السنة الخامسة.

10- ستّ و سبعون، و فيها بنتا لبون.

11- إحدى و تسعون، و فيها حقّتان.

12- مائة و

إحدى و عشرون فصاعداً، و فيها حقّة لكلّ خمسين، و بنت لبون لكل أربعين، بمعنى أنه يتعيّن عدّها بما يكون عادّاً لها من خصوص الخمسين، أو الأربعين، ويتعيّن عدّها بهما إذا لم يكن واحد منها عادّاً له، و يتخيّر بين العدّين إذا كان كل منهما عادّاً له.

(مسألة 510): في البقر نصابان:

1- ثلاثون، و زكاتها ما دخل منها في السنة الثانية.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 204

2- أربعون، و زكاتها مسنّة، و هي الداخلة في السنة الثالثة، و في ما زاد على أربعين يعدّ بثلاثين أو أربعين على التفصيل المتقدّم.

و لا شي ء فيما بين النصابين في البقر و الإبل، كما تقدم في الغنم.

(مسألة 511): لا يجوز إخراج المريض زكاة إذا كان جميع النصاب في الأنعام صحاحاً، كما لا يجوز إخراج المعيب إذا كان النصاب بأجمعه سليماً، و كذلك لا يجوز إخراج الهرم إذا كان الجميع شباباً، بل الأمر كذلك مع الاختلاف على الأحوط، نعم إذا كان كلّ واحد من أفراد النصاب مريضاً أو معيباً أو هرماً جاز الإخراج منها.

(مسألة 512): إذا ملك من الأنعام بمقدار النصاب ثمّ ملك مقداراً آخر، ففيه صور:

الأولى: أن يكون ملكه الجديد بعد تمام الحول لما ملكه أوّلًا، ففي هذه الصورة يبتدئُ الحول للمجموع، مثلًا إذا كان عنده من الإبل خمس و عشرون، و بعد انتهاء الحول ملك واحداً، فحينئذٍ يبتدئ الحول لستّ و عشرين.

الثانية: أن يكون ملكه الجديد أثناء الحول، و كان هو بنفسه بمقدار النصاب، ففي هذه الصورة لا ينضمّ الجديد إلى الملك الأوّل، بل يعتبر لكلّ منهما حول بانفراده، فإذا كان عنده خمسة من الإبل، فملك خمسة أخرى بعد مضيّ ستّة أشهر، لزم عليه إخراج شاة عند تمام

السنة الأولى، و إخراج شاة أخرى عند تمام السنة من حين تملّكه الخمسة الأخرى.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 205

الثالثة: أن يكون ملكه الجديد مكمّلًا للنصاب اللاحق، ففي هذه الصورة يجب إخراج الزكاة للنصاب الأوّل عند انتهاء سنته، و بعده يضمّ الجديد إلى السابق، و يعتبر لهما حولًا واحداً؛ فإذا ملك ثلاثين من البقر، و في أثناء الحول ملك أحد عشر رأساً من البقر، وجب عليه- بعد انتهاء الحول- إخراج الزكاة للثلاثين، و يبتدأ الحول للأربعين.

الرابعة: أن لا يكون ملكه الجديد نصاباً مستقلًّا، و لا مكمّلًا للنصاب اللاحق، ففي هذه الصورة لا يجب عليه شي ء لملكه الجديد، و إن كان هو بنفسه نصاباً لو فرض أنه لم يكن مالكاً للنصاب السابق، فإذا ملك أربعين رأساً من الغنم، ثمّ ملك أثناء الحول أربعين غيرها، لم يجب شي ء في ملكه ثانياً، ما لم يصل إلى النصاب الثاني.

(مسألة 513): لو تلف شي ء من الأنعام أثناء الحول؛ فإن نقص الباقي عن النصاب لم تجب الزكاة فيه، و إلّا وجبت الزكاة في ما بقي منها، و لو كان التلف بعد تمام الحول، فالأحوط هي المصالحة مع الحاكم الشرعي، سواء نقص النصاب بالتلف أم لم ينقص.

(مسألة 514): لا يجب إخراج الزكاة من شخص الأنعام التي تعلّقت الزكاة بها، فلو ملك من الغنم أربعين، جاز له أن يعطي شاة من غيرها زكاةً.

زكاة النقدين

يعتبر في وجوب الزكاة في الذهب و الفضّة ثلاثة أمور:

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 206

الأول: بلوغ النصاب؛ و لكلّ منهما نصابان، و لا زكاة فيما لم يبلغ النصاب الأوّل منهما، و لا في ما بين النصابين.

فنصابا الذهب؛ خمسة عشر مثقالًا صيرفيّاً، ثمّ ثلاثة فثلاثة.

و نصابا الفضة؛ مائة

و خمسة مثاقيل، ثمّ واحد و عشرون فواحد و عشرون مثقالًا .. و هكذا. و المقدار الواجب إخراجه في كلّ منها ربع العشر.

الثاني: أن يكونا مسكوكين بسكّة المعاملة؛ سواء في ذلك السكّة الإسلاميّة و غيرها، و لا فرق في السكّة بين الكتابة و النقش.

(مسألة 515): لا زكاة في سبائك الذهب و الفضّة، و الأواني المتّخذة منهما، و في غير ذلك ممّا لا يكون مسكوكاً، و في وجوب الزكاة في المسكوك المتّخذ حلية- الباقي على رواجه في المعاملات- إشكال، و الأحوط إخراجها، و أما إذا خرج بذلك عن رواج المعاملات، فلا إشكال في عدم وجوب الزكاة فيه.

الثالث: مضيّ الحول؛ بأن يبقى في ملك مالكه واجداً للشروط تمام الحول، فلو خرج عن ملكه أثناء الحول، أو نقص عن النصاب، أو الغيت سكّته- و لو بجعله سبيكة- لم تجب الزكاة فيه.

و يتمّ الحول بمضيّ أحد عشر شهراً، و دخول الشهر الثاني عشر.

(مسألة 516): لا فرق في وجوب الزكاة في النقدين بين الخالص و المغشوش، بشرط أن لا يكون الغشّ بمقدار لا يصدق معه عنوان الذهب و الفضّة، و إلّا ففي وجوب الزكاة فيه إن بلغ خالصه النصاب إشكال.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 207

(مسألة 517): تجب الزكاة في النقدين في كلّ سنة، فلو أدّاها في السنة الأولى و كان الباقي بحدّ النصاب، وجبت الزكاة في السنة الثانية أيضاً، و هكذا الحال في الأنعام.

زكاة الغلّاة الأربع

يعتبر في وجوب الزكاة في الغلّات الأربع أمران:

الأوّل: بلوغ النصاب؛ و لها نصاب واحد، و هو ثمانمائة و سبعة و أربعون كيلوغراماً تقريباً، و لا تجب الزكاة في ما لم يبلغ النصاب، فإذا بلغت وجبت فيه و في ما يزيد عليه و إن كان

الزائد قليلًا.

الثاني: اعتبار النموّ في الملك على الأقرب؛ فلا يكفي مجرّد الملك عند تعلّق الزكاة و إن كان الأحوط هو الاكتفاء به.

(مسألة 518): تتعلّق الزكاة بالغلّات حينما يصدق عليها اسم الحنطة أو الشعير أو التمر أو العنب، و يشترط في وجوبها بلوغها حدّ النصاب بعد يبسها، فإذا كانت الغلّة حينما يصدق عليها أحد هذه العناوين بحدّ النصاب، و لكنّه لا تبلغه بعد اليبس لم تجب الزكاة فيها.

(مسألة 519): لا تجب الزكاة في الغلّات الأربع إلّا مرّة واحدة، فإذا أدّى زكاتها لم تجب في السنة الثانية، و لا يشترط فيها الحول، و بهذين تفترق عن النقدين و الأنعام.

(مسألة 520): يختلف مقدار الزكاة في الغلّات باختلاف الصور

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 208

الآتية:

________________________________________

قمّى، سيد محمد حسينى روحانى، المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، در يك جلد، شركة مكتبة الألفين، كويت، اول، 1417 ه ق

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)؛ ص: 208

الأولى: أن يكون سقيها بالمطر، أو بماء النهر، أو بمصّ عروقها الماء من الأرض و نحو ذلك مما لا يحتاج السقي فيه إلى العلاج، ففي هذه الصورة يجب إخراج عُشرها (10%) زكاةً.

الثانية: أن يكون سقيها بالدلو و الرشا و الدوالي و المضخّات و نحو ذلك، ففي هذه الصورة يجب إخراج نصف العُشر (5%).

الثالثة: أن يكون سقيها بالمطر أو نحوه تارة، و بالدلو أو نحوه تارة أخرى، و لكن كان الغالب أحدهما بحدّ يصدق عرفاً أنّه سقي به، و لا يعتدّ بالآخر، ففي هذه الصورة يجري عليه حكم الغالب.

الرابعة: أن يكون سقيها بالأمرين على نحو الاشتراك، بأن لا يزيد أحدهما على الآخر، أو كانت الزيادة على نحو لا يسقط بها الآخر عن الاعتبار، ففي هذه الصورة يجب

إخراج ثلاثة أرباع العُشر (5/ 7%).

(مسألة 521): الأحوط في بلوغ الغلّات حدّ النصاب عدم استثناء ما صرفه المالك في المؤن، فلو كان الحاصل يبلغ حدّ النصاب- و لكنّه إذا وضعت المؤن لم يبلغه- وجبت الزكاة فيه، بل الأحوط إخراج الزكاة من مجموع الحاصل قبل وضع المؤن، نعم ما تأخذه الحكومة من أعيان الغلّات لا تجب زكاته على المالك.

(مسألة 522): إذا تعلّقت الزكاة بالغلّات لم يجب على المالك تحمّل مئونتها إلى أوان الحصاد أو الاجتناء، و يمكنه التخلص عن ذلك بعدّة طرق:

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 209

1- أن يقوّمها حال تعلق الزكاة بها، و يخرجها من مال آخر، و يراعي في التقويم بقاؤها إلى أوان الحصاد أو الاجتناء مع حاجتها في بقائها إلى صرف شي ء من المال.

2- أن يسلّمها إلى مستحقّها، و هي على الساق أو على الشجر، ثمّ يشترك معه في المؤن.

3- أن يستجيز الحاكم الشرعي أو نائبه في صرف المئونة على الزكاة، ثمّ استيفاؤها منها.

(مسألة 523): لا يعتبر في وجوب الزكاة أن تكون الغلّة في مكان واحد، فلو كان له نخيل أو زرع في بلد لم يبلغ حاصله حدّ النصاب، و كان له مثل ذلك في بلد آخر، و بلغ مجموع الحاصلين في سنة حدّ النصاب وجبت الزكاة فيه.

(مسألة 524): إذا ملك شيئاً من الغلّات و تعلّقت به الزكاة ثمّ مات وجبت على الورثة إخراجها، و إذا مات قبل تعلّقها به انتقل المال بأجمعه إلى الورثة، فمن بلغ نصيبه حدّ النصاب- حين تعلّق الزكاة به- وجبت عليه، و من لم يبلغ نصيبه حدّه لم تجب عليه.

(مسألة 525): من ملك نوعين من غلّة واحدة- كالحنطة الجيدة و الرديئة- جاز له إخراج الزكاة منهما

مراعياً للنسبة، و في إخراج تمامها من القسم الردي ء إشكال، و الأحوط وجوباً العدم.

(مسألة 526): إذا اشترك اثنان أو أكثر في الغلّة- كما في المزارعة و غيرها- لم يكف في وجوب الزكاة بلوغ مجموع الحاصل حدّ النصاب،

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 210

بل يختصّ الوجوب بمن بلغ نصيبه حدّه.

أحكام الزكاة

يعتبر في أداء الزكاة قصد القربة حين تسليمها إلى المستحق أو إلى الوكيل ليضعها في مواضعها. و الأحوط استمرار النيّة حتّى يوصلها الوكيل إلى مصرفها.

(مسألة 527): لا يجب إخراج الزكاة من عين ما تعلّقت به، فيجوز إعطاء قيمتها من النقود و ما بحكمها من الأثمان كالأوراق النقديّة.

(مسألة 528): من كان له على الفقير دين جاز له أن يحتسبه زكاة، سواء في ذلك موت المديون و حياته، نعم يعتبر في المديون الميّت أن لا تفي تركته بأداء دينه.

(مسألة 529): يجوز إعطاء الفقير الزكاة و لا يعتبر إعلامه بالحال.

(مسألة 530): إذا أدّى الزكاة إلى من يعتقد فقره ثمّ انكشف خلافه، فإن كانت متعيّنة بالعزل وجب عليه استرجاعها على المشهور و صرفها في مصرفها إذا كانت العين باقية، و إذا تلفت العين و قد علم الآخذ أنّ ما أخذه زكاة فيجوز له أن يرجع الى الآخذ، و أما إذا لم يكن الآخذ عالماً بذلك فليس له الرجوع إلى الآخذ، و يجب عليه في هذه الصورة و في صورة عدم إمكان الاسترداد في الفرض الأوّل إخراجها ثانياً، نعم إذا كان أداؤه مستنداً إلى الحجّة الشرعية فالظاهر عدم وجوبه، و إذا سلّم الزكاة إلى

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 211

الحاكم الشرعي فصرفها في غير مصرفها باعتقاد أنّه مصرف لها برئت ذمّة المالك، و لا يجب عليه إخراجها ثانياً.

(مسألة

531): يجوز نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر، و إذا كان في بلد النقل مستحق كانت أجرة النقل على المالك، و لو تلفت الزكاة بالنقل ضمنها، و إذا لم يجد المستحق في بلده و لم يكن رجاء وجود الفقير بعدُ، و لم يمكن صرفها في غيره من المصارف، فيجب نقلها لغاية الإيصال إلى مستحقّه، و كانت الأجرة على الزكاة، و لم يضمنها إذا تلفت بغير تفريط، و كذا اذا وكّله الفقيه في قبضها عنه فقبضها ثمّ نقلها بأمره.

(مسألة 532): يجوز عزل الزكاة و إبقاؤها عنده أمانة، فلو تلفت بغير تفريط لم يضمنها، إلّا اذا كان في البلد مستحقها و تساهل في إيصالها إليه من دون غرض صحيح، و إذا أخّره لانتظار من يريد إعطاءه أو للإيصال إلى المستحق تدريجاً في ضمن شهر أو شهرين أو ثلاثة فالظاهر عدم الضمان.

(مسألة 533): ليس للفقير أن يهب الزكاة بعد تملّكها إلى المالك الأوّل، و لا أن يصالحه على تعويضها بمال قليل، و نحو ذلك مما فيه تضييع لحقّ الفقراء، و تفويت لغرض الشارع المقدّس، نعم إذا صار من عليه الزكاة فقيراً و كانت في ذمّته زكاة كثيرة و لا يقدر على تفريغ ذمّته بإعطاء الزكاة، و تاب عن معصية التأخير فللغير أن يهبها له بعد تملّكها.

(مسألة 534): إذا تلف شي ء من الغلّات بعد تعلّق الزكاة به و قبل إخراجها من غير تفريط فالأحوط المصالحة مع الحاكم.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 212

(مسألة 535): إذا اشترى شيئاً ممّا تعلّقت به الزكاة، ففيه صور:

1- أن يشتري مقداراً منه و يبقى عند البائع مقدار الزكاة أو ما يزيد عليه، ففي هذه الصورة تصحّ المعاملة، و يجب على المالك أداء

الزكاة من المقدار الباقي عنده أو من قيمته.

2- أن يشتري تمام ما تعلّقت به الزكاة مع احتماله أن البائع قد أدى زكاته من مال آخر، ففي هذه الصورة لا بأس بالشراء أيضاً.

3- أن يشتري تمام ما تعلّقت به الزكاة مع العلم بأنّ البائع لم يؤدِّها قبل البيع، و لكنّه أدّاها بعده، ففي هذه الصورة تصحّ المعاملة، و ينتقل المال بتمامه إلى المشتري على الأظهر.

4- أن يشتري جميع ما تعلّقت به الزكاة، مع العلم بأنّ المالك لم يؤدّها لا قبل البيع و لا بعده، ففي هذه الصورة لا يصحّ البيع في مقدار الزكاة و يجب على المشتري أن يراجع الحاكم الشرعي أو نائبه، فإن أمضى المعاملة أدّى ثمن الزكاة إليه أو صرفه بإجازته في مصارفها، و إن لم يمض المعاملة سلّم مقدار الزكاة من العين المشتراة إلى الحاكم أو نائبه، أو صرفها في مصارفها بإجازته، و على كلا التقديرين لا تشتغل ذمّة المشتري للمالك بثمن ذلك المقدار، و يجوز له أن يستردّه لو سلّمه إليه.

موارد صرف الزكاة:

اشارة

تصرف الزكاة في ثمانية موارد:

الأوّل و الثاني: الفقراء و المساكين،

و المراد بالفقير: من لا يملك

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 213

قوت سنته- لنفسه و عائلته- بالفعل أو بالقوّة؛ فلا يجوز إعطاء الزكاة لمن يجد من المال ما يفي بمصرفه و مصرف عائلته مدّة سنة، أو كانت له صنعة أو حرفة يتمكّن بها من إعاشة نفسه و عائلته و إن لم يملك ما يفي بمئونة سنته بالفعل، و المسكين أسوأ حالًا من الفقير.

(مسألة 536): يجوز إعطاء الزكاة لمن يدعي الفقر إذا عُلم فقره سابقاً و لم يعلم غناه بعد ذلك، و كذلك من جهل حاله من أوّل أمره و إن لم يحصل من قوله الاطمئنان بفقره، و أما من علم غناه سابقاً فلا يجوز أن يعطى من الزكاة ما لم يثبت فقره بعلم أو بحجّة معتبرة- كالوثوق بفقره-.

(مسألة 537): لا يضرّ بالفقر التمكّن من الصنعة غير اللائقة بالحال، فلا بأس بإعطاء الزكاة لمن يتمكّن من الإعاشة بمهنة و صنعة لا تناسب شأنه، و أيضاً لا يضرّ بالفقر تملّك ما يحتاج إليه من وسائل حياته اللائقة بشأنه، فيجوز إعطاء الزكاة لمن يملك داراً لسكناه، و فرساً لركوبه، و غير ذلك، و من هذا القبيل حاجاته في صنعته و مهنته، نعم إذا ملك ما يزيد على ذلك و أمكنه بيعه و الإعاشة بثمنه سنة لم يجز له أخذ الزكاة.

الثالث: العاملون عليها من قبل النبي صلّى اللّٰه عليه و آله أو الإمام عليه السلام، أو الحاكم الشرعي أو نائبه.
الرابع: المؤلّفة قلوبهم؛

و هم طائفة من الكفّار يميلون إلى الإسلام، أو يعينون المسلمين بإعطائهم الزكاة، أو يؤمن بذلك من شرّهم و فتنتهم، و طائفة من المسلمين يتقوّى إسلامهم بذلك.

الخامس: العبيد تحت الشدّة،

فيشترون من الزكاة و يعتقون.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 214

السادس: الغارمون؛

فمن كان عليه دين و عجز من أدائه جاز أداء دينه من الزكاة، و إن كان متمكّناً من إعاشة نفسه و عائلته سنة كاملة بالفعل أو بالقوّة.

(مسألة 538): يعتبر في الدين أن لا يكون قد صرف في حرام و إلّا لم يجز أداؤه من الزكاة، و الأحوط اعتبار استحقاق الدائن لمطالبته، فلو كان عليه دين مؤجّل لم يحل أجله، لم يجز أداؤه من الزكاة على الأحوط، و كذلك ما إذا قنع الدائن بأدائه تدريجاً و تمكّن المديون من ذلك من دون حرج.

(مسألة 539): لا يجوز إعطاء الزكاة لمن يدّعي الدين، بل لا بدّ من ثبوته بعلم أو بحجّة معتبرة.

السابع: سبيل اللّٰه:

كتعبيد الطرق، و بناء الجسور، و المستشفيات، و ملاجئ للفقراء، و المساجد، و المدارس الدينيّة، و نشر الكتب الاسلاميّة و غير ذلك من المصالح العامّة، و في جواز دفع هذا السهم في كلّ طاعة مع عدم تمكّن المدفوع إليه من فعلها أو مع تمكّنه إذا لم يكن مُقدماً عليه إلّا به، إشكال.

الثامن: ابن السبيل؛

و هو المسافر الذي نفدت نفقته أو تلفت راحلته، و لا يتمكّن معه من الرجوع إلى بلده و إن كان غنيّاً فيه، و يعتبر فيه أن لا يجد ما يبيعه و يصرف ثمنه في وصوله إلى بلده، و أن لا يتمكّن من الاستدانة بغير حرج، بل الأحوط وجوباً اعتبار أن لا يكون متمكّناً من بيع ماله الذي في بلده أو إيجاره، و يعتبر فيه- أيضاً- أن لا يكون سفره في

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 215

معصية، فإذا كان شي ء من ذلك لم يجز أن يعطى من الزكاة.

(مسألة 540): يعتبر في مستحق الزكاة أمور:

1- الإيمان؛ و يستثنى من ذلك المؤلّفة قلوبهم، و من يمكن صرف الزكاة فيه من سهم سبيل اللّٰه، و لا فرق في المؤمن بين الكامل بالعقل و البلوغ و غيره، و يصرفها المالك على غير الكامل بنفسه أو يعطيها لوليّه.

2- أن لا يصرفها الآخذ في حرام؛ فلا يجوز إعطاؤها لمن يصرفها فيه، و الأحوط عدم إعطائها لتارك الصلاة أو شارب الخمر أو المتجاهر بالفسق.

3- أن لا تجب نفقته على المالك؛ فلا يجوز إعطاؤها لمن تجب نفقته على المالك- كالولد و الأبوين و الزوجة الدائمة- و لا بأس باعطائها لمن تجب نفقته عليهم إذا كانوا عاجزين عن الإنفاق عليه، كما إذا كان الوالد فقيراً و كانت له زوجة تجب نفقتها

عليه جاز للولد أن يعطي زكاته لها، و إن كان الأحوط استحباباً الترك، و كذا يجوز للزوجة دفع زكاتها إلى الزوج و لو كان للإنفاق عليها.

(مسألة 541): يختصّ عدم جواز إعطاء الزكاة- لمن تجب نفقته على المالك- بما إذا كان الإعطاء بعنوان الفقر، فلا بأس بإعطائها له بعنوان آخر، كما إذا كان مديوناً، أو ابن سبيل، أو نحو ذلك.

(مسألة 542): لا يجوز اعطاء الزكاة على الأحوط لمن تجب نفقته على شخص آخر و هو قائم بها، فإن لم يقم بها- لعجز أو لعصيان- جاز إعطاؤها له.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 216

4- أن لا يكون هاشميّاً؛ فلا يجوز إعطاء الزكاة للهاشميّ من سهم الفقراء أو من غيره، نعم لا بأس بأن ينتفع الهاشمي- كغيره- من المشاريع الخيريّة المنشأة من سهم سبيل اللّٰه، و يستثنى من ذلك ما إذا كان المعطي هاشميّاً، فلا تحرم على الهاشميّ زكاة مثله، و أما إذا اضطرّ الهاشميّ إلى زكاة غير الهاشميّ فالأحوط أن يعطى منها بمقدار قوت يومه.

(مسألة 543): لا بأس بأن يعطى الهاشميّ- غير الزكاة- من الصدقات المستحبّة و إن كان المعطي غير هاشميّ، بل كذا الصدقات الواجبة، كالكفّارات و ردّ المظالم و مجهول المالك و اللقطة و منذور الصدقة و الموصى به للفقراء.

(مسألة 544): لا تجب قسمة الزكاة على موارد صرفها، و لا على أفراد صنف واحد، و لا مراعاة أقل الجمع، فيجوز إعطاؤها لشخص واحد من صنف واحد.

(مسألة 545): الأحوط أن لا يعطى للفقير من الزكاة أقل من خمسة دراهم أو من نصف دينار، و إن كان الأقوى الجواز، و لا بأس بإعطائه الزائد، نعم لا يجوز- على الأحوط- للفقير و المسكين أن يأخذ من الزكاة

زائدة عن مئونة سنة نفسه و عائلته، و إن كان عنده مال لا يكفي لمئونة سنة نفسه و عائلته فيأخذ ما بقي من المئونة لا أكثر.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 217

زكاة الفطرة

اشارة

تجب زكاة الفطرة على كلّ مكلف بشروط:

1- البلوغ.

2- العقل.

3- الحرّيّة في غير المكاتب، و أما فيه فالأحوط الوجوب.

4- الغنى، و قد تقدّم معنى الغنى و الفقر في صفحة: (212) و ما بعدها، و في حكم الغنى- على الأحوط- من يكون في عيلولة غنيّ باذل مئونته.

و يعتبر تحقّق هذه الشرائط آناً ما قبل الغروب إلى أوّل جزء من ليلة عيد الفطر على المشهور، و لكن لا يترك الاحتياط في ما إذا تحقّقت الشرائط مقارناً للغروب، و لا تجب على من بلغ أو أفاق أو انعتق أو صار غنيّاً بعد ذلك. و يعتبر في أدائها قصد القربة على النحو المعتبر في زكاة المال، و قد مرّ في صفحة: (210).

(مسألة 546): يجب على المكلّف إخراج زكاة الفطرة عن نفسه و عمّن يعوله، سواء في ذلك من تجب نفقته عليه و غيره، و سواء فيه المسافر و الحاضر.

(مسألة 547): لا يجب أداء زكاة الفطرة عن الضيف إذا لم يحسب عيالًا على مضيفه عرفاً، سواء أنزل بعد دخول ليلة العيد أم نزل قبل

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 218

دخولها- كمن دعي إلى الإفطار ليلة العيد فانّه ليس من العيال- و أما إذا صدق عليه عنوان العيال عرفاً فيجب الأداء عنه بلا إشكال فيما إذا نزل قبل دخول ليلة العيد و بقي عنده، بل الظاهر الاكتفاء بكونه منضمّاً الىٰ عياله و لو في وقت يسير، كالضيف إذا نزل عليه قبل الهلال و بقي عنده ليلة العيد

و إن لم يأكل عنده، و كذلك فيما إذا نزل بعده على الأحوط.

(مسألة 548): لا تجب الفطرة على من وجبت فطرته على غيره، و لكنّه إذا لم يؤدّها من وجبت عليه- لنسيان أو غفلة مما يسقط معه التكليف واقعاً- فالأحوط استحباباً أداؤها عن نفسه.

(مسألة 549): إذا لم يؤدّ الفقير الفطرة عن عياله الغنيّ، وجب على عياله الغني إن يؤديها بلا إشكال.

(مسألة 550): لا يجب أداء الفطرة عن الأجير- كالبنّاء و النجّار و الخادم- إذا كانت معيشتهم على أنفسهم، و لم يُعدّوا من عائلة المستأجر، و أما فيما إذا كانت معيشتهم عليه فيجب عليه أداء فطرتهم.

(مسألة 551): لا تحلّ فطرة غير الهاشميّ للهاشميّ، و العبرة بحال المعطي نفسه لا بعياله، فلو كانت زوجة الرجل هاشميّة و هو غير هاشميّ لم تحلّ فطرتها لهاشميّ. و لو انعكس الأمر حلّت فطرتها له.

(مسألة 552): يستحبّ للفقير إخراج الفطرة عنه و عمّن يعوله، فإن لم يكن عنده إلّا صاع واحد جاز له أن يعطيه عن نفسه لأحد عائلته و هو يعطيه إلى آخر منهم، و هكذا يفعل جميعهم حتّى ينتهي إلى الأخير منهم، و الأحوط أن يعطيها إلى فقير غيرهم عند انتهاء الدور، كما أن الأحوط إذا

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 219

كان فيهم صغير أو مجنون أن يأخذه الولي لنفسه و يؤدي عنه.

مقدار الفطرة و نوعها:

يجوز إعطاء زكاة الفطرة من الحنطة أو الشعير، أو التمر أو الزبيب- الكشمش- و الأرز، و الذرّة، و الأقط، و اللبن، و نحوها، و الأحوط الاقتصار على الأربعة الأُول إذا كانت من القوت الغالب، كما أنّ الأحوط أن لا تخرج الفطرة من القسم المعيب، و يجوز إخراج الفطرة من النقود عوضاً عن الأجناس المذكورة،

و العبرة في القيمة بوقت الإخراج و بمكانه.

و مقدار الفطرة صاع؛ و هو أربعة أمداد، و هي تعادل ثلاث كيلوات تقريباً.

(مسألة 553): تجب زكاة الفطرة بدخول ليلة العيد على المشهور، و يجوز تأخيرها إلى زوال شمس يوم العيد لمن لم يصلّ صلاة العيد، و الأحوط عدم تأخيرها عن صلاة العيد لمن يصلّيها. و إذا عزلها و لم يؤدّها إلى الفقير- لنسيان أو غيره- جاز أداؤها إليه بعد ذلك، و إذا لم يعزلها حتى زالت الشمس أدّاها بقصد القربة المطلقة، من دون نيّة الأداء و القضاء.

(مسألة 554): يجوز إعطاء زكاة الفطرة بعد دخول شهر رمضان و إن كان الأولى أن لا يعطيها قبل حلول ليلة العيد.

(مسألة 555): تتعيّن زكاة الفطرة بعزلها، و يجوز تبديلها بمال آخر، و إن تلفت بعد العزل ضمنها إذا وجد مستحقاً لها و أهمل في أدائها

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 220

إليه.

(مسألة 556): الأحوط وجوباً أن لا تنقل زكاة الفطرة إلى غير بلدها إذا كان في البلد من يستحقها، و لو نقلها- و الحال هذه- ضمنها إن تلفت، و أما إذا لم يكن فيه من يستحقها، و نقلها ليوصلها إليه فتلفت من غير تفريط لم يضمنها، و إذا سافر من بلده إلى غيره جاز دفعها فيه.

(مسألة 557): تصرف زكاة الفطرة فيما تصرف فيه زكاة المال، و إذا لم يكن في المؤمنين من يستحقّها يجوز إعطاؤها للمستضعفين، و هم:

الذين لم يهتدوا إلى الحقّ لقصورهم دون عناد من سائر فِرَق المسلمين.

(مسألة 558): لا تعطى زكاة الفطرة لشارب الخمر، و كذلك تارك الصلاة، أو المتجاهر بالفسق على الأحوط وجوباً.

(مسألة 559): لا تعتبر المباشرة في أداء زكاة الفطرة، فيجوز إيصالها إلى الفقير من غير

مباشرة، و أقلّ المقدار الذي يعطى للفقير من زكاة الفطرة صاع على الأحوط استحباباً، و أكثره هو الذي ذكرناه في زكاة المال في المسألة (545).

(مسألة 560): يستحبّ تقديم فقراء الأرحام على غيرهم، و مع عدمهم يتقدّم فقراء الجيران على سائر الفقراء، و ينبغي الترجيح بالعلم و الدين و الفضل.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 221

الخمس

اشارة

و هو من الفرائض المؤكّدة المنصوص عليها في القرآن الكريم، و قد ورد الاهتمام بشأنه في كثير من الروايات المأثورة عن أهل بيت العصمة و الطهارة سلام اللّٰه عليهم، و في بعضها اللعن على من يمتنع عن أدائه، و على من يأكله بغير استحقاق.

و فيه مبحثان:

الأوّل: فيما يجب فيه الخمس:

اشارة

(مسألة 561): يتعلّق الخمس بسبعة أنواع من المال:

الأوّل: ما يغنمه المسلمون في الحرب من الكفّار

الذين يحلّ قتالهم من الأموال المنقولة، و خمسها للإمام عليه السلام إذا كان القتال بإذنه، و إذا لم يكن بإذنه فالظاهر أنّه ليس فيها خمس الغنيمة، و لا فرق فيه بين القليل و الكثير، و يستثنى من الغنيمة مخارج الحفظ و الحمل و ما يرى الإمام عليه السلام صرفه لمصلحة، و كذا صفايا الأموال- نفائسها- و قطائع الملوك، فإنّها خاصّة بالإمام عليه السلام ثمّ تخمّس.

(مسألة 562): لا فرق في الحرب بين أن يبدأ الكفّار بمهاجمة المسلمين، و بين أن يبدأ المسلمون بمهاجمتهم للدعوة إلى الإسلام أو

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 222

لتوسعة بلادهم فما يغنمه المسلمون من الكفّار يجب فيه الخمس في تمام هذه الأقسام.

(مسألة 563): يجوز للمؤمن تملك مال من نصب العداوة لأهل البيت عليهم السلام أينما وجده، و يجب أداء خمسه من باب الغنيمة على الأحوط لا من باب الفائدة.

(مسألة 564): ما يؤخذ من الكافر الحربي سرقة أو غيلة و نحو ذلك لا يدخل تحت عنوان الغنيمة، لكنّه يدخل في أرباح المكاسب و يجري عليه حكمها، و سيأتي بيانه في صفحة (226).

(مسألة 565): لا يجوز تملّك ما في يد الكافر أو الناصب إذا كان المال محترماً، كأن يكون لمسلم أو لذمّي أودعه عنده، بل جواز تملّك مال الكافر الغير الحربي أيضاً لا يخلو عن إشكال.

الثاني: المعادن؛

فكلّ ما صدق عليه المعدن عرفاً- كالذهب، و الفضّة، و النحاس، و الحديد، و الكبريت، و الزئبق، و الفيروزج، و الياقوت، و الملح، و النفط، و الفحم الحجري، و أمثال ذلك- يجب خمس فيما يستخرج منه، و الأحوط إلحاق مثل الجصّ و النورة و حجر الرحى و طين الغسل و نحوها ممّا يصدق عليه اسم الأرض

و كان له خصوصية في الانتفاع به، و إن كان الأظهر وجوب الخمس فيها- اي في الملحقات- من جهة الفائدة، و لا فرق في المعدن بين أن يستخرجها في ملكه و أن يستخرجها من الأراضي المباحة غير المملوكة لأحد.

(مسألة 566): يعتبر في وجوب الخمس- فيما يستخرج من

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 223

المعادن- بلوغه النصاب الأوّل- خمسة عشر مثقالًا صيرفيّاً- من الذهب المسكوك، و الأحوط- إن لم يكن أقوى- كفاية بلوغ المقدار المذكور و لو قبل استثناء مئونة الإخراج و التصفية، فإذا كانت قيمته أقلّ من ذلك لا يجب الخمس فيه بعنوان المعدن، و إنّما يدخل في أرباح السنة.

(مسألة 567): إنّما يجب الخمس في المستخرج من المعادن بعد استثناء مئونة الإخراج و تصفيته، مثلًا إذا كانت قيمة المستخرج تساوي ثلاثين مثقالًا من الذهب المسكوك، و قد صرف عليه ما يساوي خمسة عشر مثقالًا، وجب الخمس في الباقي و هو خمسة عشر مثقالًا.

الثالث: الكنز؛

فعلى واجده أن يخرج خمسه، هذا فيما إذا كان المال المدَّخر ذهباً أو فضّة مسكوكين، و أما في غيرهما فوجوب الخمس فيه من جهة الكنز إشكال، و يعتبر فيه بلوغه النصاب على النحو المعتبر في الذهب أو الفضّة، و تستثنى منه أيضاً مئونة الإخراج على النحو المتقدّم في المعادن.

(مسألة 568): إذا وجد كنزاً و ظهر من القرائن أنّه لمسلم؛ فإن كان موجوداً و عرفه دفعه إليه، و إن جهله وجب عليه التعريف على الأحوط، فإن لم يعرف المالك، أو كان المال ممّا لا يمكن تعريفه تصدّق به عنه على الأحوط وجوباً، و إذا كان المسلم قديماً- بمعنىٰ عدم وجود له و لا لوارثه- فالأظهر أنّ الواجد يملكه و فيه الخمس، و

الأحوط استحباباً إجراء حكم ميراث من لا وارث له عليه.

(مسألة 569): إذا تملَّك أرضاً و وجد فيها كنزاً؛ فإن كان لها مالك

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 224

قبله فالأحوط أن يراجعه، فإن ادَّعاه فهو له، و إن نفاه راجع من ملكها قبله و هكذا، فإن نفاه الجميع تملَّكه إذا لم يعلم أيضاً أنه لمسلم موجود أو قديم و أخرج خمسه، و إلّا جرت عليه الأحكام المتقدّمة.

الرابع: الغوص؛

فمن أخرج شيئاً- و إن قلّ- من البحر مما يتكّون فيه- كاللؤلؤ، و المرجان، و اليسر- بغوص وجب عليه إخراج خمسه، و كذلك إذا كان بآلة خارجيّة على الأحوط وجوباً، و الأحوط عدم اعتبار النصاب فيه. و ما يؤخذ من سطح الماء أو يلقيه البحر إلى الساحل لا يدخل تحت عنوان الغوص، و يجري عليه حكم أرباح المكاسب، نعم يجب إخراج الخمس من العنبر المأخوذ من سطح الماء على الأحوط.

(مسألة 570): الحيوان المستخرج من البحر- كالسمك- لا يدخل تحت عنوان الغوص، و كذلك إذا استخرج سمكة و وجد في بطنها لؤلؤاً أو مرجاناً، و أما إذا كان الحيوان- كالصدف- مما يكون الجواهر في جوفه غالباً فيجب إخراج خمسه، و كذلك لا يدخل تحت عنوان الغوص ما يستخرج من البحر من الأموال غير المتكوِّنة فيه، كما إذا غرقت سفينة و استخرج ما فيها من الأموال بالغوص، فإنّ كلّ ذلك يدخل في الأرباح.

الخامس: الحلال المخلوط بالحرام؛

و في ذلك صور:

1- إذا علم مقدار الحرام و لم يعلم مالكه- و لو إجمالًا في ضمن أشخاص معدودين- يجب التصدّق بذلك المقدار عن مالكه قلّ أو كثر، و الأحوط وجوباً الاستجازة في ذلك من الحاكم الشرعي.

2- إذا جهل مقدار الحرام و علم مالكه، فإن أمكنت المصالحة معه

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 225

فالأولى أن يصالحه، و إلّا ردّ عليه المقدار المعلوم، و لا يجب ردّ الزائد عليه و إن كان الردّ أولى، و إن لم يرض المالك به تعيّن الرجوع إلى الحاكم الشرعي، و حينئذٍ إن رضى به فهو و إلّا أجبره الحاكم على التعيين.

3- إذا جهل كلّ من المالك و مقدار الحرام و علم أنّه لا يبلغ خمس المال، وجب

التصدّق عن المالك- بالمقدار الذي يعلم أنه حرام بإذن الحاكم الشرعي على الأحوط وجوباً- من دون حاجة إلى إخراج خمسه.

4- إذا جهل كلّ من المالك و مقدار الحرام و علم أنّه يزيد على الخمس، وجب التصدّق عن المالك- بالمقدار الذي يعلم أنّه حرام بإذن الحاكم الشرعي على الأحوط وجوباً- و لا يجزيه إخراج الخمس من المال.

5- إذا جهل كلّ من المالك و مقدار الحرام و احتمل زيادته على الخمس و نقيصته عنه يجزئ إخراج الخمس، و يحلّ له بقيّة المال.

و الأحوط الأولى إعطاؤه بقصد ما في الذمّة من دون قصد الخمس أو الصدقة عن المالك.

السادس: الأرض التي تملّكها الذميّ من مسلم ببيع أو هبة

و نحو ذلك، سواء في ذلك أرض الزراعة أو الدار أو الحانوت و غيرها، و لا يختصّ الحكم بصورة وقوع البيع على الأرض، بل إذا وقع على مثل الدار أو الحمّام أو الدكّان وجب الخمس في الأرض على الأحوط، نعم يختصّ وجوب الخمس بنفس الأرض، و لا يجب في عمارتها من البناء و الأخشاب و الأبواب و غير ذلك.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 226

السابع: أرباح المكاسب؛

و هي كلّ ما يستفيده الإنسان بتجارة أو صناعة أو حيازة أو أيّ كسب آخر. و الأحوط وجوب الخمس فيما يملكه بالوصيّة إذا كان كثيراً، و كذلك الجائزة التي لها خطر، و أما ما يأخذه من الصدقات الواجبة و المستحبّة و من الخمس أو الزكاة ففي وجوب الخمس فيها إشكال، نعم إذا ربح مما أخذه من الصدقات- مثلًا- فيجب فيه الخمس؛ كما اذا أثمر الشجر الذي أخذه من الصدقات و زاد الثمر عن مئونة سنة نفسه و عياله يجب فيه الخمس. و لا يجب الخمس في المهر، و عوض الخلع، و الهبة، و الهدية، و الجائزة الغير الخطيرة، و لا في ما يملك بالإرث إلّا إذا كان ممن لا يحتسب، فلا يترك الاحتياط فيه بإخراج خمسه.

(مسألة 571): يختصّ وجوب الخمس في الأرباح- بعد استثناء ما صرفه في سبيل تحصيلها- بما يزيد على مئونة سنته و عائلته، و يدخل في المئونة المأكول و المشروب و المسكن و المركوب و أثاث البيت، و ما يصرفه في تزويج نفسه أو من يتعلّق به، و الهدايا و الإطعام و نحو ذلك، و يختلف كلّ ذلك باختلاف الأشخاص، و العبرة في كيفيّة الصرف و كمّيته بحال الشخص نفسه، فإذا كانت حاله تقتضي أن يصرف

في مئونة سنته مائة دينار لكنّه أفرط فصرف مائتين وجب عليه الخمس فيما زاد على المائة، و أما إذا قتّر على نفسه فصرف خمسين ديناراً وجب عليه الخمس فيما زاد على الخمسين، نعم لو كان المصرف راجحاً شرعاً لم يجب فيه الخمس و إن كان غير متعارف من مثل المالك؛ و ذلك كما إذا صرف جميع

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 227

أرباحه أثناء سنته في عمارة المساجد أو زيارات المعصومين عليهم السلام، أو الإنفاق على الفقراء و نحو ذلك.

(مسألة 572): إنّ من كان بحاجة إلى رأس مال لإعاشة نفسه و عياله فحصل على مال يفي بذلك، جاز له أن يتّخذه رأس مال يتّجر به، و لا يجب فيه الخمس إذا كان بالمقدار اللائق بحاله فإنّه من المئونة، فإن اتّجر به و ربح و زاد الربح على مئونته وجب الخمس في الزائد، و إلّا فلا شي ء عليه، و أما من لم يكن بحاجة إلى اتّخاذ رأس مال للتجارة لإعاشة نفسه و عياله- كمن كان عنده رأس مال بمقدار الكفاية- أو لم يكن محتاجاً في إعاشة نفسه و عياله إلى التجارة، لم يجز له أن يتّخذ من أرباحه رأس مال للتجارة من دون تخميس، بل يجب عليه إخراج خمسه أوّلًا ثمّ اتّخاذه رأس مال له، و في حكم رأس المال ما يحتاج الصانع من آلات الصناعة و الزارع من آلات الزراعة، فقد يجب إخراج خمس ثمنها و قد لا يجب، فإن وجب الخمس و نقصت آخر السنة تلاحظ قيمتها آخر السنة.

(مسألة 573): إذا اشترى بربحه شيئاً من المؤن فزادت قيمته السوقية، أو وجدت فيه زيادة متصلة لم يجب فيه الخمس، و أمّا إذا باعه و

ربح فيه ففي وجوب الخمس في ربحه إشكال، و أما الزيادات المنفصلة فهي داخلة في الارباح، فيجب فيها الخمس إن لم تصرف في مئونة سنته، فإذا ولد الفرس المشترى لركوبه، كان النتاج من الأرباح، و من هذا القبيل ثمر الأشجار و أغصانها و أوراقها، و صوف الحيوان و وبره و حليبه و غير

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 228

ذلك.

(مسألة 574): من اتّخذ رأس ماله من قسم الحيوان، أو الفنادق ليعيش بمنافعها مع المحافظة على أعيانها لم يجب الخمس في زيادة قيمتها السوقيّة، و أما زيادته المنفصلة فتدخل في الأرباح، و كذا الزيادة المتّصلة إن أمكن تبديلها بحيث لا تختل استفادته من رأس المال، و إلّا فلا خمس فيها.

(مسألة 575): من اتّخذ رأس ماله من قسم النقود فاتّجر بشراء الأموال بها و بيعها وجب الخمس في زيادة قيمتها السوقيّة إن كانت زائدة عن حاجته في إعاشة نفسه و عياله.

(مسألة 576): من كانت تجارته في أموال مختلفة من حيوان و طعام و فرش، جاز له أن يضمّ أرباحه بعضها إلى بعض و يخرج الخمس من مجموعها إذا زاد عن مئونة سنته، و كذلك الحال فيما إذا كانت له صناعة أيضاً.

(مسألة 577): بدء السنة أوّل ظهور الربح؛ بمعنى أنّه متى ما ظهر الربح جاز صرفه في المئونة، فإذا تمّت السنة و لم يصرف الربح في مئونته وجب فيه الخمس.

(مسألة 578): إذا أمكنه أن يعيش بغير الربح- كما إذا كان عنده مال ورثه من أبيه- لم يجب عليه صرفه في مئونته، بل جاز له أن يصرف أرباحه في مئونة سنته، فإذا لم يزد عنها لم يجب فيها الخمس، نعم إذا كان عنده ما يغنيه عن صرف الربح-

كأن كانت عنده دار لسكناه- لم يجز

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 229

له أن يشتري داراً أخرى من الأرباح و يحسبها من المؤن.

(مسألة 579): إذا اشترى بربحه شيئاً من المؤن فاستغنى عنه بعد مدّة لم يجب فيه الخمس، فإذا اشترى فرساً لركوبه، ثمّ استغنى عنه لمرض يمنعه من الركوب لم يجب الخمس فيه و إن كان أحوط.

(مسألة 580): إذا ربح ثمّ مات أثناء سنته، وجب أداء خمس الزائد عن مئونته إلى زمان الموت، و لا ينتظر به إلى تمام السنة.

(مسألة 581): إذا ربح ثمّ استطاع أثناء سنته، جاز له أن يصرفه في سفر الحجّ، و لا يجب فيه الخمس، لكنّه إذا لم يحجّ بعصيان أو غيره- حتّى انتهت السنة- وجب فيه الخمس.

(مسألة 582): إذا ربح و لكنّه لم يف بتكاليف حجّه، لم يجز إبقاؤه بلا تخميس للحجّ في السنة الثانية، بل يجب إخراج خمسه عند انتهاء سنته.

(مسألة 583): ما يتعلّق بذمّته من الأموال بنذر أو دين أو كفّارة و نحوها- سواء كان التعلّق في سنة الربح، أم كان من السنين السابقة- يجوز أداؤه من ربح السنة الحالية، نعم إذا لم يؤدّ دينه إلى أن انقضت السنة وجب الخمس من دون استثناء مقداره من ربحه، إلّا أن يكون الدين لمئونة سنته و كان بعد ظهور الربح، فاستثناء مقداره من ربحه لا يخلو عن وجه و ان احتاج الىٰ التأمل.

(مسألة 584): اعتبار السنة في وجوب الخمس إنّما هو من جهة الإرفاق على المالك، و إلّا فالخمس يتعلّق بالربح من حين ظهوره،

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 230

و يجوز للمالك إعطاء الخمس قبل انتهاء السنة، و يترتّب على ذلك جواز تبديل حوله؛ بأن يؤدّي خمس

أرباحه أيّ وقت شاء و يتّخذه مبدأ سنته.

(مسألة 585): ما يتلف أثناء السنة من الأموال فيه صور:

1- أن لا يكون التالف من مال تجارته و لا من مئونة، ففي جواز تداركه من الأرباح قبل إخراج خمسها إشكال، و الأظهر عدم جواز التدارك.

2- أن يكون التالف من مئونة- كالدار التي يسكنها، و اللباس الذي يحتاج إليه و غير ذلك- ففي جواز التدارك إشكال، و الأحوط عدم الجواز، نعم يجوز له تعمير داره و شراء مثل ما تلف من المؤن أثناء سنة الربح، و يكون ذلك من الصرف في المئونة المستثناة من الخمس.

3- أن يكون التالف من أموال تجارته مع انحصار تجارته في نوع واحد، ففي هذه الصورة أيضاً يجوز تدارك التالف من الأرباح السابقة على التلف، و كذلك الحكم فيما إذا خسر في تجارته أحياناً، مثلًا؛ إذا انحصرت تجارته في بيع السكّر فاتّفق أن تلف قسم منه أثناء السنة بغرق أو غيره، أو أنّه خسر في بيعه، جاز له تدارك التالف أو خسرانه من ربحه السابق أو اللاحق في معاملة السكّر في تلك السنة، و يجب الخمس في الزائد على مئونة سنته بعد التدارك.

4- أن يقع التلف أو الخسران في مال التجارة، و لم تنحصر تجارته بنوع واحد، فيجوز التدارك في هذه الصورة أيضاً، مثلًا؛ إذا خسر في بيع السكّر أو تلف شي ء منه، جاز تداركه من ربحه السابق أو اللاحق في سنته

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 231

من بيع القماش- مثلًا-.

5- أن يقع التلف أو الخسران في مال التجارة، و كان له ربح في غير التجارة من زراعة أو غيرها، فالظاهر جواز تدارك خسران التجارة بربح الزراعة، و كذلك العكس.

(مسألة 586): يتخيّر المالك

بين إخراج الخمس من العين و إخراجه من النقود بقيمتها، و أما إخراجه من غير النقود بقيمتها فمشكل إلّا أن يكون بإجازة الحاكم الشرعي.

(مسألة 587): إذا تعلق الخمس بمال و لم يؤدّه المالك لا من العين و لا من قيمتها، ثمّ ارتفعت قيمتها السوقيّة لزمه إخراج الخمس من العين أو من قيمتها الفعليّة، و لا يكفي إخراجه من قيمتها قبل الارتفاع، و إذا نزلت القيمة قبل الإخراج يجزئ أداء القيمة الفعليّة أيضاً.

(مسألة 588): لا يجوز للمالك أن يتصرف فيما تعلّق به الخمس بعد انتهاء السنة و قبل أدائه، و يجوز ذلك بإذن من الحاكم الشرعي إذا رأى مصلحة فيه.

(مسألة 589): إذا كان الغوص أو إخراج المعدن مكسباً له كفاه إخراج خمسهما، و لا يجب عليه الخمس ثانياً إذا زاد على مئونة سنته.

(مسألة 590): المرأة التي يقوم زوجها بمصارفها يجب عليها الخمس في أرباحها إذا بقيت إلى أن مضت عليها السنة، و لا يستثنى منها شي ء لمئونتها.

(مسألة 591): الأحوط عدم اشتراط البلوغ في وجوب الخمس؛

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 232

فيجب على وليّ غير البالغ إخراج الخمس من ربحه، و إن لم يخرجه فيجب أن يخرجه هو بنفسه بعد بلوغه، و يشترط العقل في ثبوت الخمس في جميع ما يتعلق به الخمس من أرباح المكاسب و الكنز و الغوص و المعدن و الحلال المختلط بالحرام و الأرض التي يشتريها الذمّي من المسلم.

الثاني: في مستحق الخمس:

اشارة

يقسم الخمس في زماننا نصفين، نصف للإمام- عليه السلام- خاصّة، و يسمّى: سهم الإمام، و نصف للأيتام الفقراء من الهاشميين، و الفقراء و أبناء السبيل منهم، و يسمّى: سهم السادة على المشهور، و الأحوط الاستيذان من الهاشمي للتصرف في سهم الإمام عليه السلام،

و نعني بالهاشمي: من ينتسب إلى هاشم- جدّ النبي الأكرم صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم- من جهة الأب، و الأولى تقديم العلويين بل الفاطميين.

(مسألة 592): يعتبر في الطوائف الثلاث من الهاشميين الإيمان، كما يعتبر الفقر في الأيتام، و يكفي في ابن السبيل الفقر في بلد التسليم و لو كان غنياً في بلده إذا لم يتمكّن من السفر بقرض و نحوه- على ما عرفت في الزكاة-، و الأحوط وجوباً اعتبار أن لا يكون سفره معصية، و لا يعطى أكثر من قدر ما يوصله إلى بلده، بل لا يجوز إعطاؤه للفاسق الذي يكون الإعطاء إعانة له على المعصية، و الأحوط أن لا يعطى لمن يتجاهر بالفسق

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 233

و إن لم يكن الإعطاء إعانة له على المعصية.

(مسألة 593): لا يجب تقسيم نصف الخمس على هذه الطوائف، بل يجوز إعطاؤه لشخص واحد، و الأحوط- إن لم يكن أقوىٰ- أن لا يعطى ما يزيد على مئونة سنته.

(مسألة 594): الأحوط أن لا يعطي المالك خمسه لمن تجب نفقته عليه- كالوالدين، و الولد، و الزوجة- و لا بأس بإعطائه لمن تجب نفقته عليهم، كما في الزكاة، و قد مرّ ذلك في المسألة: (540).

(مسألة 595): يجوز نقل الخمس من بلده إلى بلد آخر إذا لم يكن النقل تساهلًا و تسامحاً في أداء الخمس، و لكن إذا تلف- قبل أن يصل إلى مستحقه- ضمنه إن كان في بلده من يستحقه و إن كان من غير تفريط، و إن لم يكن فيه مستحق و نقله للإيصال إليه فتلف من غير تفريط فيشكل فراغ ذمّة المالك، نعم إذا قبضه وكالة عن المستحق أو عن الحاكم فرغت ذمّته، و

لو نقله بإذن موكّله فتلف من غير تفريط لم يضمن.

(مسألة 596): تقدم أنّه يجوز للدائن أن يحسب دينه زكاة، و يشكل هذا في الخمس، فالأحوط وجوباً الاستيذان من الحاكم الشرعي في الاحتساب المذكور، فإن أراد الدائن ذلك من دون مراجعة إلى الحاكم الشرعي فالأحوط أن يتوكّل عن الفقير الهاشمي في قبض الخمس و في إيفائه دينه، أو أنّه يوكّل الفقير في استيفاء دينه و أخذه لنفسه خمساً.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 234

سهم الإمام عليه السلام

لا بدّ في صرف سهم الإمام عليه السلام من إجازة الحاكم الشرعي أو تسليمه إيّاه ليصرفه في وجوهه، و الأحوط لزوماً الاستجازة ممن يرجع إليه في تقليده، و محل صرفه: كلّ مورد أحرز فيه رضا الإمام عليه السلام، و لا ريب في جواز صرفه في مئونة الفقراء ممن يجدّ في حفظ الدين و ترويج أحكامه، و لا فرق في ذلك بين الهاشميين و غيرهم، غير أنّه إذا دار الأمر بين الهاشمي و غيره- و لم يف سهم السادة بمئونة الهاشمي، و لم يكن لغير الهاشمي جهة ترجيح- قدّم الهاشمي عليه على الأحوط.

(مسألة 597): إذا أدّى الخمس إلى الحاكم أو وكيله جاز استرجاعه في سهم السادة، و أما إذا ادّى إلى مستحقه لم يجز استرجاعه منه.

(مسألة 598): ما ذكرناه في المسألة: (533) من عدم جواز هبة الزكاة للمالك أو المصالحة عنها بمبلغ زهيد يجري في الخمس حرفاً بحرف.

(مسألة 599): إذا أدّى الخمس إلى من يعتقد استحقاقه ثمّ انكشف خلافه يجب عليه إخراجه ثانياً.

(مسألة 600): يثبت الانتساب إلى هاشم بالقطع الوجداني، و بالبيّنة العادلة، و بالاشتهار به في بلد المدّعي له.

(مسألة 601): إذا مات و في ذمّته شي ء من الخمس جرى عليه

المسائل

المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 235

حكم سائر الديون؛ فيلزم إخراجه من أصل التركة مقدّماً على الوصية و الإرث.

(مسألة 602): ما يؤخذ من الكافر أو من المسلم الذي لا يعتقد بالخمس- كالمخالف- بمعاملة أو هبة أو غير ذلك، لا بأس بالتصرّف فيه و لو علم الآخذ أن فيه الخمس، فإن ذلك محلّل من قبل الإمام عليه السلام، بل الحال كذلك في ما يؤخذ ممّن يعتقد بالخمس، و لكنّه لا يؤدّيه عصياناً.

تمّ القسم الأوّل في أحكام العبادات

و يتلوه القسم الثاني في

أحكام المعاملات

و الحمد للّٰه

أولًا و

آخراً

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 236

[القسم الثاني في المعاملات]

أحكام التجارة

اشارة

(مسألة 603): يجب على المكلّف أن يتعلّم أحكام التجارة التي يتعاطاها على الأحوط، فقد قال الإمام الصادق عليه السلام: «من أراد التجارة فليتفقّه في دينه ليعلم بذلك ما يحلّ له ممّا يحرم عليه، و من لم يتفقّه في دينه ثمّ اتّجر تورّط في الشبهات».

و يستحبّ في التجارة أمور أربعة:

1- التسوية بين المسلمين في الثمن.

2- التساهل في الثمن.

3- الدفع راجحاً و القبض ناقصاً.

4- الإقالة عند الاستقالة.

(مسألة 604): لا يجوز التصرّف في المال المأخوذ بالمعاملة التي لم تحرز صحّتها، و يأتي حكم التصرّف في صورة رضى المتبايعين.

(مسألة 605): يجب على المكلّف التكسّب لتحصيل نفقة من تجب نفقته عليه- كالزوجة و الأولاد- إذا لم يكن واجداً لها، و يستحب ذلك للأمور المستحبّة- كالتوسعة على العيال، و إعانة الفقراء-.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 237

المعاملات المكروهة

(مسألة 606): يكره في المعاملات أمور:

1- بيع العقار إلّا أن يشتري بثمنه عقاراً آخر.

2- الذباحة.

3- بيع الأكفان.

4- معاملة الأدنين.

5- التجارة بين الطلوعين.

6- تجارة الطعام.

7- الدخول في سوم الغير.

8- الحلف في المعاملة إذا كان صادقاً، و إلّا فهو حرام.

المعاملات المحرّمة

(مسألة 607): المعاملات المحرّمة ستّة:

1- بيع المسكر المائع، و الكلب غير الصيود، و الخنزير، و الميتة فيما لا منفعة محلّلة مقصودة لها، و أما فيما لها منفعة كذلك فتحرم على الأحوط، و غير هذه الأربعة من الأعيان النجسة يجوز بيعه على الأظهر إذا كانت له منفعة محلّلة- كالعذرة للتسميد- و إن كان الأحوط تركه.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 238

2- بيع المال المغصوب.

3- بيع مالا ماليّة له- كالحشرات-.

4- بيع ما تنحصر منفعته المتعارفة في الحرام- كآلات القمار و اللهو-.

5- المعاملة الربويّة.

6- المعاملة المشتملة على الغشّ، و هو: مزج المبيع المرغوب فيه بغيره مما يخفى من دون إعلام- كمزج الدهن بالشحم-، ففي النبوي:

«ليس منّا من غشّ مسلماً، أو ضرّه، أو ما كره»، و في آخر: «من غشّ أخاه المسلم نزع اللّٰه بركة رزقه، و سدّ عليه معيشته، و وكله إلى نفسه».

(مسألة 608): لا بأس ببيع المتنجّس إذا أمكن تطهيره، و يجب على البائع الإعلام بنجاسته إذا كان قد قصد منه استعماله فيما يعتبر فيه الطهارة- كالمأكول الذي يباع للأكل-، نعم لا يجب الإعلام في غير ذلك- كاللباس المتنجس- و ذلك لصحّة الصلاة فيه مع الجهل بالنجاسة.

(مسألة 609): المتنجّس الذي لا يمكن تطهيره- كالسمن و النفط- يجب على البائع- على الأحوط- الإعلام بنجاسته إذا كان المقصود استعماله فيما يعتبر فيه الطهارة، أو كان معرضاً لتنجيسه.

(مسألة 610): لا بأس ببيع الزيوت المستوردة من بلاد غير المسلمين إذا لم تعلم

نجاستها، لكن الزيت المأخوذ من الحيوان بعد خروج روحه إذا أخذ من يد الكافر يحرم أكله، و يلزم على البائع إعلام المشتري بالحال.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 239

(مسألة 611): لا يجوز بيع جلد الميتة، و ما ذبح على وجه غير شرعي من كلّ حيوان- محلّل الأكل و غيره-، و المعاملة عليه باطلة.

(مسألة 612): يجوز بيع الجلود و الشحوم المستوردة من البلاد غير الإسلاميّة، و المأخوذة من يد الكافر فيما إذا احتمل أن تكون من الحيوان المذكّى، و لكن لا تجوز الصلاة فيها، و يحرم أكلها ما لم يحرز أنّها من الحيوان المذكّىٰ، و هكذا فيما أخذ من يد المسلم إذا علم أنّه قد أخذه من يد الكافر من غير استعلام عن تذكيته.

(مسألة 613): بيع المال المغصوب باطل، و يجب على البائع ردّ ما أخذه من الثمن إلى المشتري.

(مسألة 614): يبطل البيع على الأحوط إذا لم يكن من قصد المشتري إعطاء الثمن للبائع، أو قصد عدمه، و أما إذا قصد أن يعطي الثمن من الحرام فالمعاملة محل إشكال.

(مسألة 615): يحرم بيع آلات اللهو مثل البرابط و المزامير، و الأحوط الاجتناب عن بيع المزامير التي تصنع للعب الأطفال، و أما الآلات المشتركة التي تستعمل في الحرام تارة و في الحلال أخرى، و لا تنحصر منفعتها المتعارفة في الحرام فلا بأس ببيعها و شرائها- كالراديو و المسجّلة-.

و أما التلفزيون؛ فإن عدّ في العرف من آلات اللهو فلا يجوز بيعه و شراؤه، و إلّا فلا مانع منه، و أما الإصغاء إلى برامجه المحلّلة و النظر إليها فلا بأس بهما.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 240

(مسألة 616): يحرم بيع العنب و التمر إذا قصد ببيعهما التخمير، و

لا بأس به مع عدم القصد و إن علم البائع أن المشتري يصرفه فيه.

(مسألة 617): يحرم- على المشهور- تصوير ذوات الأرواح من إنسان و غيره و إن لم يكن مجسّماً، و لكنّه يجوز على كراهية اقتناء الصور و بيعها و إن كانت مجسَّمة، و أما التصوير الفوتوغرافي المتعارف في عصرنا فلا بأس به.

(مسألة 618): يحرم شراء المأخوذ بالقمار أو السرقة أو المعاملات الباطلة، و يجب على المشتري أن يردّه إلى مالكه.

(مسألة 619): يجوز بيع أوراق اليانصيب و شراؤها، سواء أ كان بقصد تحصيل الربح أم بقصد الإعانة على أمر مشروع- كبناية مدرسة أو جسر أو نحو ذلك-، و على كلا التقديرين فالمال المعطى لمن أصابت القرعة باسمه- إذا كان المتصدّي لها شركة غير أهلية- من المال المجهول مالكه، فلا بد من مراجعة الحاكم الشرعي لإصلاحه.

(مسألة 620): الدهن المخلوط بالشحم اذا بيع شخصياً، كأن يقول:

بعتك هذا المنّ من الدهن، فالمعاملة بمقدار الشحم الموجود فيه باطلة، و ما قبضه البائع عوضاً عنه لا ينتقل إليه، و للمشتري أن يفسخ البيع بالنسبة إلى الدهن الموجود فيه، و أما لو باع منّاً من الدهن في الذمّة فأعطاه من المخلوط فللمشتري أن يردّه و يطالب البائع بالدهن الخالص.

(مسألة 621): المشهور حرمة بيع المكيل و الموزون بأكثر منه، كأن يبيع منّاً من الحنطة بمنّين منها، و يعمّ هذا الحكم ما إذا كان أحد العوضين

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 241

صحيحاً و الآخر معيباً، أو كان أحدهما جيّداً و الآخر رديئاً، أو كانت قيمتها مختلفة لأمر آخر، فلو أعطى الذهب المصوغ و أخذ أكثر منه من غير المصوغ فهو ربا و حرام.

(مسألة 622): لا يعتبر في الزيادة أن يكون الزائد

من جنس العوضين، فاذا باع منّاً من الحنطة بمنّ منها و درهم، فهو أيضاً ربا و حرام، بل لو كان الزائد من الأعمال- كأن شرط أحد المتبايعين على الآخر أن يعمل له عملًا- فهو أيضاً ربا و حرام، و كذلك إذا كانت الزيادة حكميّة، كأن باع منّاً من الحنطة نقداً بمنّ منها نسيئة.

(مسألة 623): لا بأس بالزيادة في إحدى الطرفين إذا أضيف إلى الآخر شي ء، كأن باع منّاً من الحنطة مع منديل بمنّين من الحنطة، و كذلك إذا كانت الإضافة في الطرفين، كأن باع منّاً من الحنطة مع منديل بمنّين و منديل.

(مسألة 624): يجوز بيع ما يباع بالأمتار أو العدّ- كالاقمشة و الجوز- بأكثر منه، كأن يبيع عشر جوزات بخمسة عشرة جوزة.

(مسألة 625): الأوراق النقدية- بما أنّها ليست من المكيل و الموزون- لا يجري فيها الربا المعاوضي، و لكن إذا لم تكن المعاملة شخصية فلا بد في صحّتها من امتياز الثمن عن المثمن، كبيع الدينار العراقي في الذمّة بالدينار الكويتي نقداً، و لا يجوز بيع الدينار العراقي مثلًا بمثله مع الزيادة في الذمّة، و أما تنزيل الأوراق فلا بأس به نقداً؛ بمعنى أن المبلغ المذكور فيها إذا كان الشخص مديناً به واقعاً جاز تنزيلها في

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 242

المصارف و غيرها؛ بأن يصالح الدائن بأقلّ منه حالًّا.

(مسألة 626): ما يباع في غالب البلدان بالكيل أو الوزن لا يجوز بيعه بأكثر منه حتى في البلد الذي يباع بالعدّ على الأحوط، و ما يختلف حاله في البلاد- من غير غلبة- فحكمه في كلّ بلد يتبع ما تعارف فيه؛ فلا يجوز بيعه بالزيادة في بلد يباع فيه بالكيل و الوزن، و يجوز فيما يباع

فيه بالعدّ.

(مسألة 627): لو لم يكن العوضان من جنس واحد، جاز أخذ الزيادة، كأن يبيع منّاً من الأرز بمنّين من الحنطة.

(مسألة 628): لا يجوز التفاضل بين العوضين المأخوذين من أصل واحد، فلا يجوز بيع منّ من الدهن بمنّين من الجبن، كما لا يجوز التفاضل في بيع الناضجة من فاكهة بغير الناضجة منها.

(مسألة 629): تعتبر الحنطة و الشعير من جنس واحد في باب الربا، فلا يجوز بيع منّ من أحديهما بمنّين من الآخر، و كذا لا يجوز بيع منّ من الشعير نقداً بمنّ من الحنطة نسيئة.

(مسألة 630): تحرم المعاملة الربويّة حتّى مع غير المسلم، نعم إذا كان حربيّاً أو ذميّاً- يجوز في شريعته الربا- جاز أخذ الزيادة منه بعد وقوع المعاملة الربويّة.

و تجوز المعاملة الربويّة بين الوالد و ولده و إن كان الترك أحوط، و كذا بين الزوجين.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 243

شرائط المتبايعين

(مسألة 631): يشترط في المتبايعين ستّة أمور:

الأوّل: البلوغ.

الثاني: العقل.

الثالث: الرشد.

الرابع: القصد، فلا يصح بيع المجنون، و السفيه، و الهازل.

الخامس: الاختيار.

السادس: ملك العقد.

و ستأتي أحكام جميع ذلك في المسائل الآتية.

(مسألة 632): لا يجوز استقلال غير البالغ في المعاملة على أمواله و إن إذن له الولي، نعم لا مانع في معاملته بمال الغير إذا كان مميّزاً و مأذوناً من قبل المالك، و لا حاجة إلى إذن الولي، كما لا مانع من وساطة الصبي في إيصال الثمن أو المبيع إلى البائع أو المشتري.

(مسألة 633): إذا اشترى من غير البالغ شيئاً من أمواله وجب ردّه إلى وليّه، و لا يجوز ردّه إلى الطفل نفسه، و إذا اشترى منه مالًا لغيره من دون إجازة المالك وجب ردّه إليه، أو استرضاؤه، فإن لم يتمكّن من معرفة المالك

تصدّق بالمال عنه.

(مسألة 634): لو أُكره أحد المتعاملين على المعاملة ثمّ رضى بها

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 244

صحّت، و إن كان الأحوط- حينئذٍ- إعادة الصيغة.

(مسألة 635): لا يصحّ بيع مال الغير فضولًا و من دون إجازته، نعم إذا أجازه بعد ذلك صحّ.

(مسألة 636): يجوز للأب و الجدّ- من جهة الأب- أو وصيّهما أن يبيع مال الطفل، و كذا يجوز للمجتهد العادل أو وكيله أو عدول المؤمنين- عند عدم التمكّن من الوصول إليهما- أن يبيع مال المجنون أو الطفل الفاقدين للولي، أو مال الغائب إذا اقتضت الضرورة بيعه.

(مسألة 637): إذا بيع المال المغصوب ثمّ اجازة المالك صحّ، و الظاهر كون المال و منافعه من حين الإجازة للمشتري، و العوض و منافعه للمالك الاصيل، و لا فرق في ذلك بين ان يبيعه الغاصب لنفسه أو للمالك.

شرائط العوضين

(مسألة 638): يشترط في العوضين خمسة أمور:

الأوّل: العلم بمقدار كلّ منهما بما يتقدّر به خارجاً من الوزن، أو الكيل، أو العدّ، أو المساحة عند المشهور.

الثاني: القدرة على إقباضه؛ فلو باع الدابّة الشاردة لم يصح و إن انضمّ إليها ما يتمكّن من تسليمه، نعم يصحّ بيع الضميمة بشرط كون الدابّة له إن ظفر بها.

الثالث: معرفة الخصوصيات التي تختلف بها الرغبات على

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 245

المشهور.

الرابع: أن لا يتعلّق به حقّ أحد؛ فلا يجوز بيع الوقف إلّا في موارد يأتي بيانها.

الخامس: أن يكون المبيع من الأعيان، فلو باع منفعة الدار سنة لم يصحّ، نعم لا بأس بجعل المنفعة ثمناً، و بيان هذه الأحكام يأتي في المسائل الآتية.

(مسألة 639): ما يباع في بلد بالوزن أو الكيل لا يصحّ بيعه في ذلك البلد إلّا بالوزن أو الكيل، و

يجوز بيعه بالمشاهدة في البلد الذي يباع فيه بالمشاهدة.

(مسألة 640): ما يباع بالوزن يجوز بيعه بالكيل إذا كان الكيل طريقاً إلى الوزن، و ذلك كأن يجعل كيل يحوي منّاً من الحنطة، فتباع الحنطة بذلك الكيل.

(مسألة 641): إذا بطلت المعاملة لفقدانها شيئاً من هذه الشروط، و مع ذلك رضي كلّ من المتبايعين بتصرّف الآخر في ماله جاز لهما التصرّف فيما انتقل إليهما.

(مسألة 642): لا يجوز بيع الوقف إلّا إذا خرب بحيث سقط عن الانتفاع به في جهة الوقف، أو كان في معرض السقوط، و ذلك كحصير المسجد إذا خلق و تمزّق بحيث لا يمكن الصلاة عليه، و حينئذٍ لا مانع من بيعه، و لكنّه لا بدّ أن يصرف ثمنه في ما يكون أقرب إلى مقصود الواقف من شئون ذلك المسجد مع الإمكان.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 246

(مسألة 643): لو وقع الخلاف بين أرباب الوقف على وجه يظنّ بتلف المال أو النفس- إذا بقي الوقف على حاله-، جاز بيعه و صرفه فيما هو أقرب إلى المقصود الواقف.

(مسألة 644): لو شرط الواقف بيع الوقف اذا اقتضت المصلحة جاز بيعه.

(مسألة 645): يجوز بيع العين المستأجرة من المستأجر و غيره، و إذا كان البيع لغير المستأجر لم يكن له انتزاع العين من المستأجر، و لكن يثبت له الخيار إذا كان جاهلًا بالحال، و كذا الحال لو علم بالإيجار لكنّه اعتقد قصر مدّته فظهر خلافه.

عقد البيع

(مسألة 646): لا تشترط العربيّة في صيغة البيع، بل يجوز انشاؤه بأيّة لغة كانت، بل الظاهر صحّته بالأخذ و الإعطاء من دون صيغة أصلًا.

بيع الثمار

(مسألة 647): يصحّ بيع الفواكه و الثمار قبل الاقتطاف من الأشجار إذا تناثر الورد و انعقد الحبّ، كما يجوز بيع الحصرم قبل اقتطافه، بل الأظهر جواز بيعها بعد ظهورها و إن كان قبل انعقاد الحبّ و تناثر الورد،

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 247

لكن الأولى حينئذ أن يضمّ بعض نباتات الأرض إليها، أو يشترط على المشتري أن يقتطفها في الحال، أو يبيع ثمر أكثر من سنة، و أما بيعها قبل الظهور فلا يجوز إذا كان عاماً واحداً و بغير ضميمة، و لا بأس به إذا كان مع الضميمة أو عامين فما زاد.

(مسألة 648): يجوز بيع التمر على النخل، و يلزم أن لا يجعل عوضه تمراً من ذلك النخل، إلّا أن يكون لشخص نخلة في دار شخص آخر أو بستانه، فإنّه يجوز تخمين مقدار تمرها و بيعه من صاحب الدار أو البستان بذلك المقدار من التمر.

و الظاهر عدم جواز بيع ثمر غير النخل- أيضاً- بثمره.

(مسألة 649): يجوز بيع الخيار و الباذنجان و نحوهما من الخضروات التي تلتقط و تجزّ في كلّ سنة مرّات عديدة بعد ظهورها لقطة واحدة أو لقطات، و جزّة أو جزّات مع تعيين عدد اللقطات أو الجزّات.

(مسألة 650): لا يجوز بيع سنبل الحنطة و الشعير و غيرهما بما يحصل منه، و أما بيعه بغيره- و لو كان من جنسه- فلا بأس به.

النقد و النسيئة

(مسألة 651): يجوز مطالبة كلّ من المتبايعين عوض ماله من الآخر في المعاملة النقديّة بعد المعاملة في الحال.

و تسليم الدار و الأرض و نحوهما هو: أن يخلي البائع بينها و بين

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 248

المشتري بحيث يتمكّن من التصرف فيها، و تسليم الفرش و اللباس و

نحوهما هو: جعله في سلطة المشتري بحيث لا يمنعه البائع لو أراد نقله إلى مكان آخر.

(مسألة 652): يعتبر في النسيئة ضبط الأجل بحيث لا يتطرّق إليه احتمال الزيادة و النقصان، فلو جعل الأجل وقت الحصاد مثلًا لم يصحّ على المشهور.

(مسألة 653): لا يجوز مطالبة الثمن من المشتري في النسيئة قبل الأجل، نعم لو مات و ترك مالًا فللبائع مطالبته من ورثته قبل الأجل.

(مسألة 654): يجوز مطالبة العوض من المشتري في النسيئة بعد انقضاء الأجل، و لو لم يتمكّن المشتري من أداءه فلا بد للبائع من إمهاله، أو فسخه للبيع و إرجاع شخص المبيع إذا كان موجوداً.

(مسألة 655): إذا باع مالًا نسيئة بزيادة شي ء- كنصف العشر مثلا- على قيمته النقديّة ممّن لا يعلم قيمته، و لم يُعلمه البائع بها بطلت المعاملة على المشهور، و إذا باعه ممّن يعلم قيمته النقديّة بأزيد منها نسيئة؛ بأن قال له: أبيعه منك نسيئة بزيادة خمسين فلساً على كلّ دينار من قيمته النقديّة- مثلًا- فقبل المشتري لم يكن به بأس.

(مسألة 656): اذا باع شيئاً نسيئة، و بعد مضيّ مدّة من الأجل تراضيا على تنقيص مقدار من الثمن و أخذه نقداً، لا بأس به.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 249

بيع السلف

اشارة

بيع السلف: هو تعجيل الثمن و تأجيل المثمن، فلو قال المشتري للبائع: أعطيك هذا الثمن على أن تسلّمني المتاع بعد ستّة أشهر، و قال البائع: قبلت، أو أنّ البائع قبض الثمن من المشتري و قال: بعتك متاع كذا على أن أسلّمه لك بعد ستّة أشهر، فهذه المعاملة صحيحة.

(مسألة 657): لا يجوز بيع الذهب أو الفضّة سلفاً بالنقود الذهبيّة أو الفضيّة، و لا بأس ببيع غير الذهب و الفضّة سلفاً بالذهب أو

الفضّة أو بمتاع آخر، و الأحوط أن يجعل بدل المبيع في السلف من النقود.

شرائط بيع السلف

(مسألة 658): يعتبر في بيع السلف سبعة أمور:

الأوّل: تعيين الصفات الموجبة لاختلاف القيمة، و لا يلزم الاستقصاء و التدقيق، بل يكفي التعيين بنحو يكون البيع مضبوطاً عرفاً.

الثاني: قبض تمام الثمن قبل افتراق المتبايعين، و لو كان البائع مديوناً للمشتري بمقدار الثمن، و كان الدين حالًّا، و جعل ذلك ثمناً كفى، و لو قبض البائع بعض الثمن صحّ البيع بالنسبة إلى المقدار المقبوض فقط، و ثبت الخيار له في فسخ أصل البيع.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 250

الثالث: تعيين زمان تسليم المبيع كاملًا، فلا يصحّ جعله وقت الحصاد مثلًا.

الرابع: أن لا يكون المتاع في زمان التسليم نادر الوجود بحيث لا يتمكّن البائع من تسليمه.

الخامس: تعيين مكان تسليم المبيع اذا لم يكن له تعيّن عندهما.

السادس: تعيين وزن المبيع أو كيله أو عدده، و المتاع الذي يباع بالمشاهدة يجوز بيعه سلفاً، و لكن يلزم أن يكون التفاوت بين أفراده غير معتنى به عند العقلاء- كبعض أقسام الجوز و البيض-.

السابع: إذا كان المبيع سلفاً من المكيل و الموزون لم يجز أن يجعل ثمنه من جنسه، فلا تباع الحنطة بالحنطة سلفاً.

أحكام بيع السلف

(مسألة 659): لا يجوز بيع ما اشتراه سلفاً من غير البائع قبل انقضاء الأجل، و يجوز بعد انقضائه و لو لم يقبضه، نعم لا يجوز بيع الحنطة و الشعير و غيرهما- مما يباع بالكيل أو الوزن- قبل القبض إلّا أن يبيعه بمقدار ثمنه الذي اشتراه به.

(مسألة 660): لو سلّم البائع المبيع على طبق ما قرّر بينه و بين المشتري في بيع السلف وجب على المشتري قبوله، و كذلك الحال فيما اذا كان أحسن منه بشرط أن يصدق عليه أنّه من ذلك الجنس.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 251

(مسألة 661): لو سلّم البائع أردأ ممّا قرّر بينهما فللمشتري رفضه.

(مسألة 662): يجوز للبائع أن يسلِّم غير الجنس المعيّن فيما إذا رضي المشتري به.

(مسألة 663): إذا لم يوجد المبيع سلفاً في الزمان الذي يجب تسليمه فيه فللمشتري أن يصبر إلى أن يتمكّن منه، أو يفسخ البيع و يسترجع العوض، و لا يجوز له أن يبيعه من البائع بأكثر مما اشتراه به.

(مسألة 664): إذا باع متاعاً في الذمّة مؤجّلًا إلى مدّة بثمن كذلك، بطل البيع على الأحوط.

بيع النقدين

(مسألة 665): لا يجوز و لا يصحّ بيع الذهب بالذهب، و الفضّة بالفضّة مع الزيادة، سواء في ذلك المسكوك و غيره.

(مسألة 666): لا بأس ببيع الذهب بالفضّة و بالعكس، و لا يعتبر تساويهما في الوزن.

(مسألة 667): يجب في بيع الذهب أو الفضّة بالذهب أو الفضّة تسليم العوضين قبل الافتراق، و إلّا بطل البيع.

(مسألة 668): لو سلّم بائع الذهب أو الفضّة تمام المبيع و سلّم المشتري بعض الثمن أو بالعكس و افترقا، صحّ البيع بالنسبة إلى ذلك البعض و يبطل البيع بالنسبة إلى الباقي، و يثبت الخيار في أصل البيع لمن لم

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 252

يتسلّم التمام.

(مسألة 669): لا يباع تراب معدن الفضّة بالفضّة حذراً من الوقوع في الربا، و كذلك لا يباع تراب معدن الذهب بالذهب، و يصحّ بيع تراب الذهب بالفضّة، و بيع تراب الفضّة بالذهب.

الخيارات

الخيار: هو ملك فسخ العقد، و للمتبايعين الخيار في أحد عشر مورداً:

1- قبل أن يتفرّق المتعاقدان من مجلس البيع، و لكلّ منهما فسخ البيع، و يسمّى هذا الخيار: خيار المجلس.

2- أن يكون أحد المتبايعين- أو أحد الطرفين في غير البيع من المعاملات- مغبوناً، فللمغبون حقّ الفسخ، و يسمّى: خيار الغبن.

3- اشتراط الخيار في المعاملة للطرفين- أو لأحدهما- إلى مدّة معيّنة، و يسمّى: خيار الشرط.

4- تدليس أحد الطرفين؛ بإراءة ماله أحسن ممّا هو في الواقع ليزيد في قيمته، فيثبت الخيار للطرف الآخر، و يسمّى: خيار التدليس.

5- أن يلتزم أحد الطرفين في المعاملة بأن يأتي بعمل، أو بأن يكون ماله على صفة مخصوصة، و لا يأتي بذلك العمل، أو لا يكون المال بتلك الصفة، فللآخر حقّ الفسخ، و يسمّى: خيار تخلّف الشرط.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)،

ص: 253

6- أن يكون أحد العوضين معيباً، فيثبت الخيار لمن انتقل إليه المعيب، و يسمّى: خيار العيب.

7- أن يظهر أنّ بعض المتاع لغير البائع، و لا يجيز مالكه بيعه، فللمشتري حينئذٍ فسخ البيع، و يسمّى هذا: خيار تبعّض الصفقة.

8- أن يصف البائع للمشتري صفات المتاع الذي لم يره، فينكشف أنّ المبيع غير واجد لها، فللمشتري الفسخ، و يسمّى هذا: خيار الرؤية.

9- أن يؤخّر المشتري الثمن و لا يسلِّمه إلى ثلاثة أيام، و لا يسلِّم البائع المتاع إلى المشتري، فللبائع حينئذ فسخ البيع إذا لم يشترط المشتري تأخير الثمن، و لو كان المبيع مما يفسد في يومه- كبعض الفواكه- فللبائع فسخ البيع إذا لم يؤدِّ المشتري الثمن إلى الليل و لم يشترط تأخيره، و يسمّى هذا: خيار التأخير.

10- اذا كان المبيع حيواناً، فللمشتري فسخ البيع إلى ثلاثة أيام، و كذلك الحكم إذا كان الثمن حيواناً، فللبائع حينئذٍ الخيار إلى ثلاثة أيام، و يسمّى هذا: خيار الحيوان.

11- أن لا يتمكّن البائع من تسليم المبيع، كما إذا شرد الفرس الذي باعه، فللمشتري فسخ المعاملة، و يسمّى هذا: خيار تعذّر التسليم.

(مسألة 670): إذا لم يعلم المشتري بقيمة المبيع أو غفل عنها حين البيع، و اشتراه بأزيد من المعتاد، فإن كان الفرق ممّا يعتنى به فله الفسخ، و هكذا إذا كان البائع غير عالم بالقيمة أو غفل عنها و باع بأقلّ من المعتاد، فإنّ الفرق إذا كان ممّا يعتنى به كان له الفسخ.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 254

(مسألة 671): لا بأس ببيع الشرط، و هو بيع الدار- مثلًا- التي قيمتها ألف دينار بمائتي دينار، مع اشتراط الخيار للبائع لو أرجع مثل الثمن في الوقت المقرّر إلى المشتري،

هذا إذا كان المتبايعان قاصدين للبيع و الشراء حقيقة، و إلّا لم يتحقّق البيع بينهما.

(مسألة 672): يصحّ بيع الشرط و إن علم البائع برجوع المبيع إليه حتّى لو لم يسلِّم الثمن في وقته إلى المشتري، لعلمه بأنّ المشتري يسمح له في ذلك، نعم إذا لم يسلِّم الثمن في وقته ليس له أن يطالب المبيع من المشتري، أو من ورثته على تقدير موته.

(مسألة 673): لو اطّلع المشتري على عيب في المبيع؛ كأن اشترى حيواناً فتبيّن أنّه كان أعمى، فله الفسخ إذا كان العيب ثابتاً قبل البيع، و لو لم يتمكَّن من الإرجاع، لحدوث تغيير فيه أو تصرّف فيه بما يمنع من الردّ، فله أن يسترجع من الثمن بنسبة التفاوت بين قيمتي الصحيح و المعيب، مثلًا: المتاع المعيب المشترى بأربعة دنانير إذا كان قيمة سالمه ثمانية دنانير، و قيمة معيبة ستّة دنانير، فالمسترجع من الثمن ربعه، و هو نسبة التفاوت بين الستّة و الثمانية.

(مسألة 674): لو اطّلع البائع بعد البيع على عيب في العوض سابق على البيع، فله الفسخ و إرجاعه إلى المشتري، و لو لم يجز له الردّ للتغيّر أو التصرّف فيه المانع من الردّ، فله أن يأخذ من المشتري التفاوت بين قيمة السالم من العوض و معيبه، بالبيان المتقدّم في المسألة السابقة.

(مسألة 675): لو طرأ عيب على المبيع بعد العقد و قبل التسليم ففي

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 255

ثبوت الخيار للمشتري- فضلًا عن الأرش- تأمّل، و كذلك لو طرأ على العوض عيب بعد العقد و قبل تسليمه.

(مسألة 676): الظاهر أنّه لا يلزم في خيار العيب أن يكون الفسخ فوريّاً، و لا يعتبر في نفوذه حضور من عليه الخيار.

(مسألة 677): لا يجوز للمشتري

فسخ البيع بالعيب و لا المطالبة بالتفاوت في أربع صور:

1- أن يعلم بالعيب عند الشراء.

2- أن يرضى بالمعيب بعد البيع.

3- أن يسقط حقّه من جهة الفسخ و مطالبته بالتفاوت.

4- أن يتبرّأ البائع من العيب. و لو تبرّأ من عيب خاصّ فظهر فيه عيب آخر، فللمشتري الفسخ به، و إذا لم يتمكّن من الردّ أخذ التفاوت علىٰ ما تقدّم.

(مسألة 678): إذا ظهر في المبيع عيب ثمّ طرأ عليه عيب آخر بعد القبض، فليس له الردّ، و له أخذ الأرش، و كذلك لو اشترى حيواناً معيباً فطرأ عليه عيب جديد في الأيام الثلاثة التي له فيها الخيار، و كذلك الحال- أيضاً- فيما إذا طرأ على المعيب عيب جديد في زمان، كان الخيار فيه للمشتري خاصّة.

(مسألة 679): إذا لم يعلم البائع بخصوصيّات ماله، بل أخبره بها غيره، فذكرها للمشتري و باعه على ذلك، ثمّ ظهر أنّه كان أحسن من ذلك فله الفسخ.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 256

(مسألة 680): لو أخبر البائع برأس المال فلا بدّ أن يخبر المشتري بكل ما يوجب زيادة القيمة أو نقصانها، و إن باعه برأس المال أو بأنقص منه؛ فلا بدّ أن يخبره- مثلًا- بأنّه اشتراه نقداً أو نسيئة، فلو لم يخبره ببعض تلك الخصوصيّات و اطّلع عليه المشتري بعد المعاملة فله الفسخ.

(مسألة 681): إذا أعطى شخص ماله لآخر و عيّن قيمته و قال له:

بعه بتلك القيمة، و إن بعته بأزيد منه فالزيادة أجرة بيعك، كانت الزيادة للمالك، و للوكيل أن يأخذ أجرة عمله من المالك، و إذا قال له: إن بعته بأزيد من ذلك فالزيادة لك جعالة، كانت الزيادة للوكيل.

(مسألة 682): لا يجوز للقصّاب أن يبيع لحم الخروف و يسلّم لحم

النعجة، فإن فعل ذلك ثبت الخيار للمشتري إذا كانت المعاملة شخصيّة، و له المطالبة بلحم الخروف إذا كان المبيع كليّاً في الذمّة، و كذلك الحال فيما إذا باع ثوباً على أن يكون لونه ثابتاً، فسلّم إلى المشتري ما يزول لونه.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 257

خاتمة في الإقالة:

و هي فسخ العقد من أحد المتعاملين بعد طلب الآخر منه، و الظاهر جريانها في عامّة العقود اللازمة حتّى الهبة اللازمة، غير النكاح و الضمان، و في جريانها في الصدقة إشكال.

و تقع بكلّ لفظ يدلّ على المراد و إن لم يكن عربيّاً، بل تقع بالفعل كما تقع بالقول، فإذا طلب أحد المتبايعين مثلًا الفسخ من صاحبه فدفع إليه ما أخذه منه كان فسخاً و إقالة، و وجب على الطالب إرجاع ما في يده من العوض إلى صاحبه.

(مسألة 683): لا تجوز الإقالة بزيادة عن الثمن أو المثمن أو نقصان، فلو أقال كذلك بطلت، و بقي كلّ من العوضين على ملك مالكه.

(مسألة 684): إذا جعل له مالًا في الذمّة أو في الخارج ليقيله- بأن قال له: أقلني و لك هذا المال، أو أقلني و لك عليّ كذا- فالأظهر هو الصحّة.

(مسألة 685): لو أقال بشرط مال عُيّن، أو عمل، كما لو قال للمستقيل: أقلتك بشرط أن تعطيني كذا، أو تخيط ثوبي فقبل، صحّ.

(مسألة 686): في قيام وارث المتعاقدين مقام المورّث في صحّة الإقالة إشكال، و الظاهر هو العدم.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 258

أحكام الشفعة

إذا باع أحد الشريكين حصّته على ثالث، كان لشريكه أخذ المبيع بالثمن المقرّر له في البيع، و يسمّى هذا الحقّ ب: الشفعة.

(مسألة 687): تثبت الشفعة في بيع ما لا ينقل إذا كان يقبل القسمة- كالأراضي و البساتين- بلا إشكال، و هل تثبت فيما ينقل- كالآلات و الثياب و الحيوان- و فيما لا ينقل إذا لم يقبل القسمة؟ وجهان.

(مسألة 688): تختصّ الشفعة- في غير المساكن و الأراضي- بالبيع، فإذا انتقل الجزء المشاع بالهبة المعوّضة أو الصلح أو غيرهما، فلا شفعة للشريك. و أما المساكن

و الأراضي، فاختصاص الشفعة فيها بالبيع هو الأقرب.

(مسألة 689): إذا بيع الوقف في مورد يجوز بيعه، ففي ثبوت الشفعة للشريك قولان؛ أقربهما ذلك.

(مسألة 690): يشترط في ثبوت الشفعة أن تكون العين المبيعة مشتركة بين اثنين، فإذا كانت مشتركة بين ثلاثة فما زاد و باع أحدهم، لم تكن لأحدهم شفعة، و إذا باعوا جميعاً إلّا واحداً منهم، ففي ثبوت الشفعة له إشكال، بل منع.

(مسألة 691): يعتبر في الشفيع: الإسلام؛ إذا كان المشتري مسلماً، فلا شفعة للكافر على المسلم و إن اشترى من كافر، و تثبت للمسلم على

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 259

الكافر، و للكافر على مثله.

(مسألة 692): يشترط في الشفيع أن يكون قادراً على أداء الثمن، فلا تثبت للعاجز عنه و إن بذل الرهن أو وجد له ضامن إلّا أن يرضى المشتري بذلك. نعم إذا ادّعى غيبة الثمن أجّل ثلاثة أيام، و إذا ادّعى أن الثمن في بلد آخر أجّل بمقدار وصول المال إليه و زيادة ثلاثة أيام، فإنّ انتهى فلا شفعة، و يكفي في الثلاثة أيام التلفيق. و المبدء في الشفعة زمان الأخذ بها، لا زمان البيع.

(مسألة 693): الشفيع يأخذ بقدر الثمن إذا كان مثليّاً، لا بأكثر منه و لا بأقلّ.

و في ثبوت الشفعة في الثمن القيمي- بأن يأخذ المبيع بقيمته- قولان، أقواهما ذلك.

(مسألة 694): الأقوى لزوم المبادرة إلى الأخذ بالشفعة، فيسقط مع المماطلة و التأخير بلا عذر، و لا يسقط إذا كان التأخير عن عذر كجهله بالبيع، أو جهله باستحقاق الشفعة، أو توهّمه كثرة الثمن فبان قليلًا، أو كون المشتري زيداً فبان عمراً، أو أنّه اشتراه لنفسه فبان لغيره، أو العكس، أو أنّه واحد فبان اثنين، أو العكس، أو أنّ المبيع

النصف بمائة، فتبين أنّه الربع بخمسين، أو كون الثمن ذهباً فبان فضّة، أو لكونه محبوساً ظلماً، أو بحقّ يعجز عن أدائه، و أمثال ذلك من الأعذار.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 260

أحكام الشركة

(مسألة 695): لا بدّ في عقد الشركة من إنشائها بلفظ أو فعل يدلّ عليها، و لا يعتبر فيه خلط المالين على وجه لا يتميّز كلّ منهما عن الآخر.

(مسألة 696): لو اشترك شخصان- مثلًا- فيما يربحان من أجرة عملهما- كما لو قرّر حلّاقان أن يقسّما بينهما كلّ ما يأخذانه من أجر الحلّاقة- كانت الشركة باطلة.

(مسألة 697): لا يجوز اشتراك شخصين- مثلًا- على أن يشتري كلّ منهما متاعاً نسيئة لنفسه، و يشتركا في ما يربحانه، نعم إذا و كلّ كلّ منهما صاحبه في شراء المتاع لهما نسيئة، كانت الشركة صحيحة.

(مسألة 698): يشترط في عقد الشركة: البلوغ، و العقل، و الاختيار، و عدم الحجر؛ فلا يصحّ شركة الصبي و المجنون و المكره و السفيه الذي يصرف ماله في غير موقعه.

(مسألة 699): لا بأس باشتراط زيادة الربح لمن يقوم بالعمل من الشريكين، أو للّذي يكون عمله أكثر من عمل الآخر، و يجب الوفاء بهذا الشرط، و لو اشترطت الزيادة في غير ذلك فالأظهر أنّ الشركة باطلة، و كذلك الحال لو اشترطا أن يكون تمام الربح لأحدهما، أو يكون تمام الخسران أو أكثره على أحدهما.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 261

(مسألة 700): إذا لم يشترطا لأحدهما زيادة في الربح، فإن تساوى المالان تساويا في الربح و الخسران، و إلّا كان الربح و الخسران بنسبة المالين، فلو كان مال أحدهما ضعف مال الآخر كان ربحه و ضرره ضعف الآخر، سواء تساويا في العمل أو اختلفا، أو لم

يعمل أحدهما أصلًا.

(مسألة 701): لو اشترطا في عقد الشركة أن يشتركا في العمل، أو يعمل كلّ منهما مستقلّاً، أو يعمل أحدهما فقط، وجب العمل على طبق الشرط.

(مسألة 702): إذا لم يعيّن العامل منهما، لم يجز لكلّ منهما التصرّف في رأس المال بغير إجازة الآخر.

(مسألة 703): يجب على من له العمل أن يكون عمله على طبق ما هو المقرّر بينهما، فلو قرّرا- مثلًا- أن يشتري نسيئة و يبيع نقداً، أو يشتري من المحلّ الخاصّ وجب العمل به، و لو لم يعيّن شي ء من ذلك لزم العمل بما هو المتعارف على وجه لا يضرّ بالشركة. و لا يجوز للعامل حمل رأس المال في السفر.

(مسألة 704): لو تخلّف العامل عمّا شرطاه، أو عمل على خلاف ما هو المتعارف في صورة عدم الشرط، فالمعاملة بالنسبة إلى حصّة الشريك الآخر فضوليّة، فإن لم يجز استرجع ماله أو عوضه لو كان تالفاً.

(مسألة 705): الشريك العامل في رأس المال أمين، فلا يضمن التالف كلّاً أو بعضاً ما لم يفرط.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 262

(مسألة 706): لو ادّعى العامل التلف في مال الشركة و حلف عند الحاكم، صُدّق.

(مسألة 707): لو رجع كلّ من الشريكين عن إجازة الآخر في التصرّف في مال الشركة لم يجز لهما التصرّف، و لو رجع أحدهما لم يجز للآخر ذلك، و أما هو فيجوز له التصرّف فيه.

(مسألة 708): متى طلب أحد الشريكين قسمة مال الشركة، وجب على الآخر القبول ما لم يتضرّر بها ضرراً معتدّاً به، و إن كان قد جعل أجل للشركة.

(مسألة 709): إذا مات أحد الشركاء لم يجز للآخر التصرّف في مال الشركة، و كذلك الحال في طروّ الجنون و الإغماء و السفه.

(مسألة 710): لو

اتّجر أحد الشريكين بمال الشركة، ثمّ ظهر بطلان عقد الشركة، فإن لم يكن الإذن في التصرّف مقيّداً بصحّة الشركة صحّت المعاملة، و يرجع ربحها إليهما. و إن كان الإذن مقيّداً بصحّة العقد كان العقد بالنسبة إلى الآخر فضوليّاً. فإن أجاز صحّ و إلّا بطل.

ثمّ إنّ أخذ العامل- بلا قصد التبرّع- أجرة عمله مع حفظ نسبته من الشركة، محلّ إشكال.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 263

أحكام الصلح

الصلح: هو التسالم بين شخصين على تمليك عين، أو منفعة، أو على إسقاط دين أو حقّ بعوض، و في كونه صلحاً إذا كان مجّاناً إشكال.

(مسألة 711): يعتبر في المتصالحين: البلوغ، و العقل، و الاختيار، و القصد، و عدم الحجر.

(مسألة 712): لا يعتبر في الصلح صيغة خاصّة، بل يكفي فيه كلّ لفظ أو فعل دالّ عليه.

(مسألة 713): لو تصالح مع الراعي؛ بأن يسلّم نعاجه إليه ليرعاها سنة مثلًا، و يتصرّف في لبنها و يعطي مقداراً معيّناً من الدهن صحّت المصالحة، و كذلك لو آجر نعاجه من الراعي سنة على أن يستفيد من لبنها بعوض مقدار معيّن من الدهن- غير المقيّد بالدهن المأخوذ منها- صحّت الإجارة أيضاً.

(مسألة 714): إسقاط الحقّ أو الدين لا يحتاج إلى القبول، و أما المصالحة عليه فلا بدّ فيها من القبول.

(مسألة 715): لو علم المديون بمقدار الدين- و لم يعلم به الدائن- و صالحه بأقلّ منه، لم يحلّ الزائد للمديون، إلّا أن يعلم برضا الدائن بالمصالحة حتّى لو علم بمقدار الدين أيضاً.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 264

(مسألة 716): لا تجوز المصالحة على مبادلة مالين من جنس واحد إذا كانا ممّا يكال أو يوزن مع العلم بالزيادة في أحدهما على الأحوط، و لا بأس بها مع

احتمال الزيادة.

(مسألة 717): لا بأس بالمصالحة على مبادلة دينين على شخص واحد أو على شخصين، فيما إذا لم يكن من المكيل أو الموزون، أو لم يكونا من جنس واحد، أو كانا متساويين في الكيل أو الوزن. و أما إذا كانا من المكيل أو الموزون و من جنس واحد، فجواز الصلح على مبادلتهما- مع زيادة أحدهما- مشكل.

(مسألة 718): يصحّ الصلح في الدين المؤجّل بأقلّ منه، إذا كان الغرض إبراء ذمّة المديون من بعض الدين و أخذ الباقي منه نقداً، هذا فيما إذا كان الدين من جنس الذهب أو الفضّة أو غيرهما من المكيل أو الموزون، و أما في غير ذلك فيجوز الصلح و البيع بالأقلّ من المديون و غيره. و عليه فيجوز للدائن تنزيل (الكمبيالة) في المصرف و غيره في عصرنا الحاضر، لأن النقود الرائجة ليست مما يوزن أو يكال.

(مسألة 719): ينفسخ الصلح بتراضي المتصالحين بالفسخ، و كذا إذا فسخ من جُعل له حقّ الفسخ منهما في ضمن الصلح.

(مسألة 720): لا يجري خيار المجلس، و لا خيار الحيوان، و لا خيار التأخير- المتقدّمة- في الصلح. نعم لو أخر تسليم المصالح به عن الحدّ المتعارف، أو اشترط تسليمه نقداً فلم يعمل به، فللآخر أن يفسخ المصالحة، و أمّا الخيارات الثمانية الباقية- التي سبق ذكرها في البيع- فهي

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 265

تجري في الصلح أيضاً.

(مسألة 721): لو ظهر العيب في المصالح به جاز الفسخ، و أمّا أخذ التفاوت بين قيمتي الصحيح و المعيب، ففيه إشكال.

(مسألة 722): لو اشترط في عقد الصلح وقف المال المصالح به إذا لم يكن للمصالح وارث بعد الموت- مثلًا-، صحّ و لزم الوفاء بالشرط.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 266

أحكام الإجارة

اشارة

(مسألة 723): يعتبر في المؤجر و المستأجر: البلوغ، و العقل، و الاختيار، و عدم الحجر.

(مسألة 724): لا تصحّ إجارة غير المالك إلّا إذا كان وليّاً أو وكيلًا عن المالك، و تصحّ الإجارة من الأجنبي إذا تعقّبت بالإجازة.

(مسألة 725): إذا آجر الولي مال الطفل مدّة، و بلغ الطفل أثناءها، كان له فسخ الإجارة بالنسبة إلى ما بعد بلوغه. نعم إذا كان عدم جعل ما بعد البلوغ جزءاً من مدّة الإيجار على خلاف مصلحة الطفل، لم يجز له الفسخ. و إذا آجر الوليّ الطفل نفسه إلى مدّة فبلغ أثناءها، ففي نفوذ الإجارة في هذا الفرض إشكال، و أمّا في غيره فلا إشكال في سلطنته على الفسخ.

(مسألة 726): لا يجوز استيجار الطفل الذي لا وليّ له بدون إجازة المجتهد العادل أو وكيله. و إذا لم يمكن الوصول إليه، جاز استيجاره بإجازة جماعة من عدول المؤمنين.

(مسألة 727): لا تعتبر العربيّة في صيغة الإجارة، بل لا يعتبر اللفظ في صحّتها، فلو سلّم المؤجر ماله للمستأجر بقصد الإيجار، و قبضه المستأجر بقصد الاستيجار، صحّت الإجارة.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 267

(مسألة 728): تكفي في صحّة إجارة الأخرس الإشارة المفهمة للإيجار أو الاستيجار.

(مسألة 729): لو استأجر دكّاناً أو داراً أو بيتاً بشرط أن ينتفع به هو بنفسه، لم يجز إيجاره للغير على وجه ينتفع به الغير، و يصحّ لو كان على نحو يرجع الانتفاع به لنفس المستأجر الأوّل، كأن تستأجر امرأة داراً ثمّ تتزوّج، فتؤجر الدار لبعلها لسكناها.

(مسألة 730): إذا استأجر داراً أو دكّاناً أو بيتاً، بدون أن يشترط اختصاص الانتفاع به فله أن يؤجره للغير. نعم لو أراد أن يؤجره بأزيد ممّا استأجره به، فلا بدّ أن يحدث فيه

شيئاً- مثل الترميم أو التبييض-، أو يؤجره بغير الجنس الذي استأجره به، كأن يستأجر داراً بالنقود فيؤجرها بالحنطة، و أما غير الدار و الدكّان و البيت، فلا بأس بإيجارها بأزيد ممّا استأجره به مطلقاً.

(مسألة 731): لو اشترط في الإجارة أن يكون عمل الأجير لشخص المستأجر، لم يجز له إيجاره ليعمل لشخص آخر، و يجوز ذلك مع عدم الاشتراط، إلّا أنّه لا يجوز- على الأحوط- أن يؤجره بأزيد ممّا استأجره إذا كانت الأجرتان من جنس واحد، و لا بأس بالزيادة مع اختلاف الجنس.

(مسألة 732): إذا آجر نفسه لعمل من دون تقييد بالمباشرة، لم يجز له- على الأحوط- أن يستأجر غيره لذلك العمل بعينه بأقلّ من الأجرة في إجارة نفسه. نعم لا بأس بذلك إذا كانت الأجرتان من جنسين، أو أنّه أتى

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 268

ببعض العمل- و لو قليلًا-، فاستأجر غيره للباقي بأقلّ من الأجرة.

(مسألة 733): لا بأس بأن يستأجر داراً- مثلًا- سنة بعشرة دنانير، فيسكن في نصفها و يؤجر نصفها الآخر بعشرة دنانير، و لا يجوز أن يؤجرها بأزيد من عشرة دنانير إلّا أن يحدث فيها شيئاً، فإذا أراد إيجاره بأكثر- كاثني عشر ديناراً مثلًا- فلا بدّ أن يعمل فيه شيئاً- كالترميم-.

(مسألة 734): يعتبر في العين المستأجرة- مضافاً إلى ما تقدّم- أمور:

1- التعيين؛ فلو قال آجرتك إحدى دوري لم تصحّ الإجارة.

2- أن يشاهد المستأجر العين المستأجرة، أو يعلم بخصوصيّتها؛ و لو كان ذلك بتوصيف المؤجر على المشهور.

3- التمكّن من التسليم؛ فلا تصحّ إجارة الدابّة الشاردة مثلًا.

4- إمكان الانتفاع بها مع بقاء عينها؛ فلا تصحّ إجارة الخبز و غيره من المأكولات للأكل.

5- قابليتها للانتفاع المقصود من الإجارة؛ فلا تصحّ إجارة الأرض للزراعة

إذا لم يكن المطر وافياً، و لم يمكن سقيها من النهر أو غيره.

(مسألة 735): يصحّ ايجار الشجر للانتفاع بثمرها غير الموجود فعلًا. و كذلك إيجار الحيوان للانتفاع بلبنه، أو البئر للاستسقاء.

(مسألة 736): يجوز للمرأة إيجار نفسها للإرضاع من غير حاجة إلى إجازة زوجها. نعم لو أوجب ذلك تضييع حقّه توقفت صحّة الإجارة على إجازته.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 269

شرائط المنفعة المقصودة من الإجارة:

(مسألة 737): تعتبر في المنفعة التي يستأجر المال لأجلها أمور أربعة:

الأوّل: أن تكون محلّلة؛ فلا تصحّ إجارة الدكّان لبيع الخمر أو حفظه، أو إجارة الحيوان لحمل الخمر.

الثاني: أن لا يكون بذل المال بإزائها سفهاً بنظر العقلاء على الأحوط.

الثالث: تعيين نوع المنفعة؛ فلو آجر حيواناً قابلًا للركوب و لحمل الأثقال، وجب تعيين حقّ المستأجر من الركوب، أو الحمل، أو كليهما.

الرابع: تعيين مقدار المنفعة؛ و هو إمّا بتعيين المدّة- كما في إجارة الدار و الدكّان و نحوهما- و إمّا بتعيين العمل- كخياطة الثوب المعيّن على كيفيّة معيّنة-.

(مسألة 738): يحرم- على الأحوط وجوباً- حلق اللحية اختياراً و بغير عذر شرعي، و عليه فلا يجوز- على الأحوط وجوباً- أخذ الأجرة عليه.

(مسألة 739): لو لم يعيّن مبدأ مدّة الإجارة، كان ابتداؤها إجراء الصيغة.

(مسألة 740): لو آجر داره سنة، و جعل ابتداءها بعد مضيّ شهر- مثلًا- من إجراء الصيغة صحّت الإجارة، و إن كانت العين عند إجراء

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 270

الصيغة مستأجرة للغير.

(مسألة 741): لا تصحّ الإجارة إذا لم تتعيّن مدّة الإيجار؛ فلو قال:

آجرتك الدار شهراً بدينار مهما أقمت فيها، لم تصحّ، و إذا آجرها شهراً معيّناً بدينار، و قال: كلّما أقمت بعد ذلك فبحسابه، صحّت الإجارة في الشهر الأوّل خاصة.

(مسألة 742): الدور المعدّة لإقامة الغرباء

و الزوّار، إذا لم يعلم مقدار مكثهم فيها، و حصل الاتّفاق على أداء مقدار معيّن من النقود عن إقامة كلّ ليلة مثلًا، يجوز التصرّف فيها، و حيث لم يعلم مدّة الإيجار لم تصحّ الإجارة. و للمالك إخراجهم حينما أراد.

مسائل في الإجارة

(مسألة 743): لا بأس بأخذ الأجرة على ذكر مصيبة سيّد الشهداء و سائر الأئمة عليهم السلام و ذكر فضائلهم، و كذا الخطب المشتملة على المواعظ و نحو ذلك.

(مسألة 744): لا تجوز الإجارة عن الحيّ في العبادات الواجبة، إلّا في الحجّ عن المستطيع العاجز عن المباشرة، و تجوز ذلك في المستحبّات العباديّة، إلّا أنّ في جوازها- في مثل الصلاة و الصيام- إشكالًا، و لا بأس بها في فرض الإتيان بها رجاءً.

و تجوز الإجارة عن الميّت في العبادات الواجبة و المستحبّة.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 271

(مسألة 745): لا تجوز الإجارة على تعليم مسائل الحلال و الحرام، و تعليم الواجبات- مثل الصلاة و الصيام و غيرهما- ممّا كان محلّ الابتلاء على الأحوط وجوباً، و أمّا في غيره ففي جواز الإجارة إشكال، و كذا لا يجوز على الأحوط أخذ الأجرة على تغسيل الأموات و تكفينهم و دفنهم، نعم لا بأس بأخذ الأجرة على خصوصيّة زائدة فيها على المقدار الواجب.

(مسألة 746): يعتبر في الأجرة أن تكون معلومة، فلو كانت من المكيل أو الموزون قدّرت بهما، و لو كانت من المعدود- كالبيض- قدّرت بالعدّ، فإن كانت ممّا تعتبر مشاهدته في المعاملات لزم أن يشاهدها المؤجر، أو يبيّن المستأجر خصوصيّاتها له.

(مسألة 747): لو آجر أرضاً للزراعة، و جعل الأجرة من حاصل تلك الأرض لم تصحّ، و أمّا إذا كان الحاصل من أرض أخرى فالأحوط عدم الصحّة، نعم إذا كان الحاصل موجوداً-

فعلًا- صحت الإجارة.

(مسألة 748): لا يستحقّ المؤجر مطالبة الأجرة قبل تسليم العين المستأجر، و كذلك الأجير لا يستحقّ مطالبة الأجرة قبل إتيانه بالعمل.

(مسألة 749): إذا سلّم المؤجر العين المستأجرة، وجب على المستأجر تسليم الأجرة، و إن لم يتسلّم العين المستأجرة، أو لم ينتفع بها في بعض المدّة أو تمامها.

(مسألة 750): إذا آجر نفسه لعمل و سلّم نفسه إلى المستأجر ليعمل له استحقّ الأجرة، و إن لم يستوفه المستأجر، كما إذا آجر نفسه لخياطة

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 272

ثوب في يوم معيّن، و حضر في ذلك اليوم للعمل، وجب على المستأجر إعطاء الاجرة و إن لم يسلّمه الثوب ليخيطه، و لا فرق في ذلك بين أن يكون الأجير فارغاً في ذلك اليوم أو مشتغلًا بعمل آخر، لنفسه أو لغيره.

(مسألة 751): لو ظهر بطلان الإجارة بعد انقضاء مدّتها، وجب على المستأجر أداء أجرة المثل، فلو استأجر داراً سنة بمائة دينار، و ظهر بطلانه بعد مضيّ المدّة، فإن كانت أجرتها المتعارفة خمسين ديناراً لم يجب على المستأجر أزيد من خمسين ديناراً، نعم لو كانت الأجرة المتعارفة مائتي دينار مثلًا، و كان المؤجر هو المالك أو وكيله، و كانا عالمين بأجرة المثل، لم يكن لهما أخذ الزائد على أجرة المسمّى- و هو المائة دينار- على قول، و لو ظهر بطلان الإجارة أثناء المدّة، فحكمه بالنسبة إلى ما مضى حكم ظهور البطلان بعد تمام المدّة.

(مسألة 752): إذا تلفت العين المستأجرة لم يضمنها المستأجر إذا لم يتعدّ و لم يقصّر في حفظها، و كذلك الحال في تلف المال عند الأجير- كالخيّاط-، فإنّه لا يضمن تلف الثوب إذا لم يكن منه تعدّ أو تفريط.

(مسألة 753): إذا ذبح القصّاب حيواناً

بطريق غير مشروع فهو ضامن له، و لا فرق في ذلك بين الأجير و المتبرّع بعمله.

(مسألة 754): إذا استأجر دابّة لحمل كمّية معلومة من المتاع، فحمّلها أكثر من تلك الكمّية، فتلفت الدابّة أو عابت، كان عليه ضمانها، و كذا إذا لم تعيّن الكمّية، و حمّلها أكثر من المقدار المتعارف، و على كلا التقديرين، يجب عليه دفع أجرة الزائد أيضاً.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 273

(مسألة 755): لو آجر دابّة لحمل الزجاج- مثلًا- فعثرت فانكسر الزجاج، لم يضمنه المؤجر، إلّا إذا كانت عثرتها بسببه، كأن ضربها فعثرت.

(مسألة 756): الختّان ضامن لو مات الطفل بالختان، سواء تجاوز الحدّ المتعارف أم لا، و أمّا إن تضرّر الطفل- بغير الموت- فهو ضامن لو تجاوز الحدّ، و إلّا فليس بضامن، و إن كان الأحوط هو الصلح.

(مسألة 757): لو عالج الطبيب المريض مباشرة و أخطأ، و تضرّر المريض أو مات فهو ضامن، و لو وصف الدواء- حسب ما يراه- فشربه المريض فتضرّر أو مات، فلا ضمان على الطبيب.

(مسألة 758): لو تبرّأ الطبيب من الضمان لم يضمن و لو مات المريض أو تضرّر بمباشرته، إذا كان قد أعمل دقّته و احتاط في المعالجة.

(مسألة 759): تنفسخ الإجارة بفسخ المؤجر و المستأجر إذا تراضيا على ذلك، و كذلك تنفسخ بفسخ من اشترط له حقّ الفسخ في عقد الإجارة، من المؤجر أو المستأجر أو كليهما.

(مسألة 760): إذا ظهر غبن المؤجر أو المستأجر، كان له حقّ الفسخ، نعم لو اسقط ذلك في ضمن العقد أو بعده لم يستحقّ الفسخ.

(مسألة 761): إذا غُصبت العين المستأجرة قبل التسليم إلى المستأجر، فله فسخ الإجارة و استرجاع الأجرة، و له أن لا يفسخ و يطالب الغاصب بعوض المنفعة الفائتة،

فلو استأجر دابّة شهراً بعشرة دنانير، و غصبت عشرة أيام، و كانت أجرتها المتعارف في عشرة الأيام

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 274

خمسة عشر ديناراً، جاز للمستأجر أن يطالب الغاصب بخمسة عشر ديناراً.

(مسألة 762): إذا غُصبت العين المستأجرة بعد تسليمها إلى المستأجر لم يجز له الفسخ، و كان له المطالبة من الغاصب بعوض المنفعة الفائتة.

(مسألة 763): لا تبطل الإجارة ببيع المؤجر العين المستأجرة- قبل انقضاء المدّة- من المستأجر أو من غيره.

(مسألة 764): تبطل الإجارة بسقوط العين المستأجرة عن قابليّة الانتفاع بها رأساً، أو عن قابليّتها للانتفاع المقصود من الإجارة؛ فإذا استأجر داراً سنة- مثلًا- فانهدمت قبل دخول السنة، بطلت الإجارة و إذا انهدمت أثناء السنة تبطل الإجارة بالنسبة إلى المدّة الباقية، و للمستأجر الفسخ بالنسبة إلى المدّة الماضية، فإذا فسخ كان عليه أجرة تلك المدّة على النحو المتعارف.

(مسألة 765): لو استأجر داراً تشتمل على بيتين- مثلًا- فانهدم أحدهما و عمّرها المؤجر فوراً- على وجه لم يتلف من منفعتها شي ء- لم تبطل الإجارة، و لم يكن للمستأجر حقّ الفسخ، و إذا تلف مقدار من منفعتها- و لو كان ذلك لطول مدّة العمارة- بطلت الإجارة بالنسبة إلى ذلك المقدار، و كان للمستأجر الفسخ، و أداء أجرة مثل ما استوفاه من المنفعة.

(مسألة 766): لا تبطل الإجارة بموت المؤجر أو المستأجر، إلّا فيما إذا لم يكن المؤجر مالكاً للعين المستأجرة، بل كان مالكاً لمنفعتها ما

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 275

دام حيّاً بوصيّة أو نحوها، فإذا مات أثناء مدّة الإجارة، بطلت الإجارة بالنسبة إلى المدّة الباقية.

(مسألة 767): لو وكّل شخصاً في أن يستأجر له عمّالًا، فاستأجرهم بأقلّ ممّا عيّن الموكّل، حرمت الزيادة على الوكيل و

وجب إرجاعها إلى الموكّل.

(مسألة 768): لو آجر الصبّاغ نفسه لصبغ الثوب بالنيل- مثلًا- فصبغه بغيره، لم يستحقّ أجرة أصلًا.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 276

أحكام الجعالة

الجعالة: هي الالتزام بعوض معلوم على عمل، كأن يلتزم شخص بدينار لكلّ من يجد ضالّته، و يسمى الملتزم: (جاعلًا) و من يأتي بالعمل:

(عاملًا). و تفترق عن الإجارة بوجوب العمل هناك على الأجير بعد العقد دون العامل هنا، كما تشتغل ذمّة المستأجر للأجير قبل العمل بالأجرة، و لا تشتغل ذمّة الجاعل للعامل ما لم يأت بالعمل.

(مسألة 769): يعتبر في الجاعل: البلوغ، و العقل، و الاختيار، و عدم الحجر؛ فالسفيه الذي يصرف ماله فيما لا يعني لا تصحّ الجعالة منه.

(مسألة 770): يعتبر في الجعالة أن لا يكون العمل محرّماً، أو خالياً من الفائدة، فلا يصحّ جعل العوض لشرب الخمر، أو الدخول ليلًا في محلّ مظلم مثلًا.

(مسألة 771): يعتبر في الجعالة تعيين العوض بخصوصيّاته إذا كان كلّياً، و لا يعتبر ذلك إذا كان شخصياً.

(مسألة 772): إذا كان العوض في الجعالة مبهماً و غير معيّن، فللعامل أجرة المثل.

(مسألة 773): لا يستحقّ العامل اجرةً إذا أتى بالعمل قبل الجعالة أو بعدها تبرّعاً.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 277

(مسألة 774): يجوز للجاعل فسخ الجعالة قبل الشروع في العمل، و أما بعد الشروع فيه فيشكل فسخه.

(مسألة 775): لا يجب على العامل إتمام العمل إلّا إذا أوجب تركه ضرراً على الجاعل، كأن يقول: كلّ من عالج عيني فله كذا، فشرع الطبيب بإجراء عمليّة في عينه، بحيث لو لم يتمّها لتعيّبت عينه، فيجب عليه الإتمام.

(مسألة 776): لا يستحقّ العامل العوض إذا لم يتمّ العمل الذي لا ينتفع به الجاعل لو لا الإتمام، كردّ الدابة الشاردة، و كذا

إذا جعل العوض على إتمام العمل، كأن يقول: من خاط ثوبي فله كذا، و لو جعل على نحو التوزيع على أجزاء العمل، استحقّ العامل بنسبة ما أتى به من العمل، و إن كان الأحوط الرجوع إلى الصلح حينئذٍ.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 278

أحكام المزارعة

عقد المزارعة: هو الاتّفاق بين مالك الأرض و الزارع على زرع الأرض بحصّة من حاصلها.

(مسألة 777): يعتبر في المزارعة أمور:

1- الإيجاب من المالك بقوله- للزارع مثلًا-: سلّمت إليك الأرض لتزرعها، فيقول الزارع: قبلت، أو يسلّم المالك الأرض إليه للزراعة، و يتقبّلها الزارع من دون كلام.

2- أن يكون المالك و الزارع بالغين عاقلين مختارين غير محجورين.

3- أن يجعل نصيبهما من جميع حاصل الأرض؛ فلو جعل لأحدهما أوّله، و للآخر آخره، بطلت المزارعة.

4- أن تجعل حصّة كلّ منهما على نحو الإشاعة، كالنصف و الثلث، فلو قال: ازرع و أعطني ما شئت، لم تصحّ المزارعة، و هكذا لو عُيّن للمالك أو الزارع مقدار معيّن، كعشرة أمنان مثلًا.

5- تعيين المدّة بمقدار يمكن حصول الزرع فيه. و لو عيّنا أوّل المدّة و جعلا آخرها إدراك الحاصل كفى.

6- أن تكون الأرض قابلة للزرع و لو بالعلاج و الإصلاح.

7- تعيين الزرع مع اختلاف نظريهما، و لو لم يكن لهما نظر خاصّ،

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 279

أو اتّحد نظرهما، لم يلزم التعيين.

8- تعيين الأرض؛ فلو كانت للمالك قطعات مختلفة و لم يعيّن واحدة منها، بطلت المزارعة.

9- تعيين ما عليهما من المصارف إذا لم يتعيّن مصرف كلّ منهما بالتعارف خارجاً.

(مسألة 778): لو اتّفق المالك مع الزارع على أن يكون مقدار من الحاصل للمالك، و يقسم الباقي بينهما بنسبة معيّنة لم تصحّ المزارعة على الأحوط، و إن علما

ببقاء شي ء من الحاصل بعد استثناء ذلك المقدار.

(مسألة 779): إذا انقضت مدّة المزارعة و لم يدرك الحاصل، و رضي المالك و الزارع ببقاء الزرع بالعوض أو مجّاناً فلا مانع منه، و إن لم يرض المالك به، فله أن يجبر الزارع على إزالته إن لم يتضرّر الزارع بذلك، و إلّا ففي جواز الإجبار تأمّل، كما أن إجبار المالك على بقاء الزرع و لو بأجرة محلّ تأمّل.

(مسألة 780): تنفسخ المزارعة بطروّ المانع من الزراعة في الأرض، كانقطاع الماء عنها، و لكن الزارع إذا ترك الزرع بلا عذر و كانت الأرض في تصرّفه، كان عليه أن يدفع إلى المالك مثل أجرة الأرض.

(مسألة 781): عقد المزارعة يلزم بإجراء الصيغة، و لا ينفسخ إلّا برضاهما، و لا يبعد اللزوم- أيضاً- لو دفع المالك الأرض للزارع بقصد المزارعة و تقبّلها الزارع. نعم لو اشترط في ضمن العقد استحقاق المالك أو الزارع أو كليهما الفسخ، جاز الفسخ حسب الشرط، و كذا لو خولف بعض

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 280

الشروط المأخوذة فيه من أحدهما على الآخر.

(مسألة 782): لا تنفسخ المزارعة بموت المالك أو الزارع، بل يقوم الوارث مقام مورّثه، إلّا أن يشترط مباشرة الزارع للزرع بنفسه، فتنفسخ بموته، و لو ظهر الزرع و أدرك وجب دفع حصّته إلى وارثه، و لو كان للزارع حقوق اخر ورثها الوارث أيضاً، و أمّا إجبار الوارث المالك على بقاء الزرع في أرضه فمشكل.

(مسألة 783): إذا ظهر بطلان المزارعة بعد الزرع؛ فإن كان البذر للمالك، فالحاصل له و عليه للزارع ما صرفه، و كذا أجرة عمله و أعيانه التي استعملها في الأرض- كالبقر و غيره-، و إن كان البذر للزارع فالزرع له، و عليه للمالك

أجرة الأرض و ما صرفه المالك و أجرة أعيانه التي استعملت في ذلك الزرع.

(مسألة 784): اذا كان البذر للزارع فظهر بطلان المزارعة بعد الزرع، و رضي المالك و الزرع ببقاء الزرع في الأرض بأجرة أو مجّاناً جاز، و إن لم يرض المالك بذلك، فله إجبار الزارع على إزالة الزرع و إن لم يدرك الحاصل، و ليس للزارع إجبار المالك على بقاء الزرع في الأرض و لو بأجرة، كما انه ليس للمالك إجبار الزارع على إبقاء الزرع في الأرض و لو مجّاناً.

(مسألة 785): الباقي من أصول الزرع في الأرض- بعد الحصاد و انقضاء المدّة- إذا اخضر في السنة الجديدة و أدرك، فحاصله لمالك الارض إن لم يشترط في المزارعة اشتراكهما في الأصول.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 281

أحكام المضاربة

المضاربة: هي أن يدفع الإنسان مالًا إلى غيره ليتّجر فيه، على أن يكون الربح بينهما بالنصف أو الثلث أو نحو ذلك. و يعتبر فيها أمور:

الأوّل: الإيجاب و القبول؛ و يكفي فيهما كلّ ما يدلّ عليهما من لفظ أو نحو ذلك، و لا يعتبر فيهما العربيّة و لا الماضويّة.

________________________________________

قمّى، سيد محمد حسينى روحانى، المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، در يك جلد، شركة مكتبة الألفين، كويت، اول، 1417 ه ق

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)؛ ص: 281

الثاني: البلوغ و العقل و الاختيار في كلّ من المالك و العامل؛ و أما عدم الحجر من سفه أو فلس فهو إنما يعتبر في المالك دون العامل.

و أما السفيه: ففي صحّة المضاربة معه إشكال.

الثالث: تعيين حصّة كلّ منهما من نصف أو ثلث أو نحو ذلك، إلّا أن يكون هناك تعارف خارجي ينصرف إليه الإطلاق.

الرابع: أن يكون الربح بينهما؛ فلو شُرط مقدار منه لأجنبي

لم تصحّ المضاربة إلّا إذا اشترط عليه عمل متعلّق بالتجارة.

الخامس: أن يكون العامل قادراً على التجارة فيما كان المقصود مباشرته للعمل؛ فإذا كان عاجزاً عنه لم تصحّ، هذا إذا أخذت المباشرة قيداً.

و أما إذا كانت شرطاً لم تبطل المضاربة، و لكن يثبت للمالك الخيار عند تخلّف الشرط.

و أما إذا لم يكن لا هذا و لا ذاك، و كان العامل عاجزاً من التجارة

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 282

حتّى مع الاستعانة بالغير، بطلت المضاربة، و لا فرق في البطلان بين تحقّق العجز من الأوّل و طروّه بعد حينٍ، فتنفسخ المضاربة من حين طروّ العجز.

(مسألة 786): الأقوى صحّة المضاربة بغير الذهب و الفضّة المسكوكين من الأوراق النقديّة و نحوها، و في صحّتها بالمنفعة و الدين إشكال.

(مسألة 787): لا خسران على العامل من دون تفريط، و إذا اشترط المالك على العامل في ضمن العقد أن تكون الخسارة عليهما كالربح، فالظاهر بطلان المعاملة، نعم لو اشترط على العامل أن يتدارك الخسارة من كيسه إذا وقعت صحّ و لا بأس به.

(مسألة 788): عقد المضاربة جائز من الطرفين؛ فيجوز لكلّ منهما فسخه، سواء أ كان قبل الشروع في العمل أم بعده، و سواء كان قبل تحقّق الربح أو بعده، كما أنه لا فرق في ذلك بين كونه مطلقاً أو مقيداً إلى أجل خاصّ.

(مسألة 789): يجوز للعامل- مع إطلاق عقد المضاربة- التصرّف حسب ما يراه مصلحة، من حيث البائع و المشتري و نوع الجنس، نعم لا يجوز له أن يسافر به من دون إذن المالك، إلّا إذا كان هناك تعارف ينصرف الإطلاق إليه، و عليه فلو خالف و سافر و تلف المال ضمن.

(مسألة 790): تبطل المضاربة بموت كلّ من المالك

و العامل، أما الأوّل فلفرض انتقال المال إلى وارثه بعد موته، فإبقاء المال بيد العامل يحتاج إلى مضاربة جديدة، و أما الثاني فلفرض اختصاص الإذن به.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 283

أحكام المساقاة

المساقاة: هي اتّفاق شخص مع آخر على سقي أشجار مثمرة، و إصلاح شئونها إلى مدّة معيّنة بحصّة من ثمرها.

(مسألة 791): لا يصحّ عقد المساقاة في الأشجار غير المثمرة،- كالصفصاف و الغرب-. و في صحّته في شجر الحنّاء- الذي يستفاد من ورقه- إشكال.

(مسألة 792): لا تعتبر الصيغة في المساقاة، بل يكفي دفع المالك الأشجار للفلّاح، و شروعه في العمل بهذا القصد.

(مسألة 793): يعتبر في المالك و الفلّاح: البلوغ، و العقل، و الاختيار، و يعتبر في المالك عدم الحجر بسفه و نحوه.

(مسألة 794): يعتبر تعيين مدّة المساقاة، و لو عيّن أوّلها و جعل آخرها إدراك الثمرة صحّت.

(مسألة 795): يعتبر تعيين حصّة كلّ منهما بالإشاعة- كالنصف و الثلث-، و إن اتّفقا على أن تكون من الثمرة عشرة أمنان- مثلًا- للمالك و الباقي للفلّاح بطلت المساقاة.

(مسألة 796): يعتبر في المساقاة أن يكون العقد قبل ظهور الثمرة، و لا تصحّ إذا كان العقد بعده و لم يبق عمل تتوقف عليه تربية الأشجار-

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 284

كالسقي- و إن احتيج إلى عمل آخر- كاقتطاف الثمرة و التحفّظ عليها-، و أمّا إذا بقي عمل تتوقف عليه تربية الأشجار، ففي الصحّة إشكال.

(مسألة 797): لا تصحّ المساقاة في الاصول غير الثابتة على الأحوط، كالبطيخ و الخيار.

(مسألة 798): تصحّ المساقاة في الأشجار المستغنية عن السقي بالمطر أو بمصّ رطوبة الأرض إن احتاجت إلى أعمال أُخر.

(مسألة 799): تنفسخ المساقاة بفسخها مع التراضي، و كذا بفسخ من اشترط الخيار له في

ضمن العقد، بل لو اشترط شي ء في المعاملة و لم يعمل به المشروط عليه، ثبت الخيار للمشروط له.

(مسألة 800): لا تنفسخ المساقاة بموت المالك، و يقوم ورثته مقامه.

(مسألة 801): إذا مات الفلّاح قام وارثه مقامه إن لم تؤخذ المباشرة في العمل قيداً أو شرطاً، فإن لم يقم الوارث بالعمل و لا استأجر من يقوم فللحاكم الشرعي أن يستأجر من مال الميّت من يقوم بالعمل، و يقسم الحاصل بين المالك و وارث الميّت. و أما إذا أخذت المباشرة في العمل قيداً انفسخت المعاملة، كما أنّها إذا أخذت شرطاً كان المالك بالخيار بين فسخ المعاملة و الرضا بقيام الوارث بالعمل مباشرة أو تسبيباً.

(مسألة 802): تبطل المساقاة بجعل تمام الحاصل للمالك، و مع ذلك يكون تمام الحاصل له، و ليس للفلّاح مطالبته بالأجرة. و لو كان بطلان المساقاة بسبب آخر، وجب على المالك أن يدفع للفلّاح أجرة ما

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 285

عمله على النحو المتعارف، إلّا أن تكون أجرة المثل أكثر، ففي أخذ العامل الزائد إشكال.

(مسألة 803): المغارسة باطلة، و هي أن يدفع أرضاً إلى الغير ليغرس فيها أشجاراً على أن يكون الحاصل لهما، فإذا غرسها؛ فإن كانت الاشجار لمالك الأرض، فعليه للفلّاح أجرة العمل، و إن كانت للفلّاح لم يكن له إجبار مالك الأرض على إبقائها و لو بأجرة، بل عليه- إن لم يرض المالك ببقائها- قلعها و طمّ الحفر التي تحدث في الأرض بذلك، كما أن عليه للمالك أجرة الأرض من يوم غرس الأشجار، و لا يضمن المالك نقص الأشجار بالقلع، نعم لو قلعها مالك الأرض فعابت ضمن تفاوت القيمة.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 286

المحجور عليهم من التصرّف في أموالهم

(مسألة 804): لا ينفذ تصرّف

غير البالغ في ماله مستقلّاً و لو مع إذن وليّه. و علامات البلوغ ثلاث:

1- نبات الشعر الخشن على العانة، و هي بين البطن و العورة.

2- خروج المني.

3- إكمال خمسة عشر سنة هلاليّة في الذكر، و تسع سنين في الأنثى.

(مسألة 805): نبات الشعر الخشن في الخدّ، و في الشارب، و في الصدر، و تحت الإبط، و غلظة الصوت و نحوها لا تكون أمارة على البلوغ.

(مسألة 806): لا ينفذ تصرّف المجنون- و لو كان أدواريّاً- حال جنونه في ماله، و كذلك المفلّس و السفيه.

(مسألة 807): الولاية في مال الطفل- و كذلك في مال المجنون و السفيه إذا بلغا كذلك- للأب و الجدّ له، فإن فقدا فللوصيّ إذا كان وصيّاً في ذلك، فإن فقد- أيضاً- فالولاية للحاكم الشرعي. و أما السفيه و المجنون اللذان عرض عليهما السفه و الجنون بعد البلوغ فالمشهور أن الولاية عليهما للحاكم خاصّة، و فيه إشكال.

(مسألة 808): يجوز للمالك صرف ماله في مرض موته في مصالح

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 287

نفسه و من يمت به، و كذا بيع ماله بالقيمة المتعارفة و إجارتها كذلك، بل الأظهر صحّة هبته و بيعه بأقلّ من المتعارف حتّى في الزائد عن الثلث و لو مع عدم إجازة الورثة.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 288

أحكام الوكالة

الوكالة: هي استنابة شخص غيره في عمل كانت له مباشرته ليأتي به من قبله، كأن يوكّل شخصاً في بيع داره، أو عقد امرأة له، فلا يصحّ التوكيل ممّن ليس له المباشرة، لكونه محجوراً عليه لسفه و نحوه.

(مسألة 809): لا تعتبر الصيغة في الوكالة، بل يصحّ إنشاؤها بكلّ ما دلّ عليها، فلو دفع ماله إلى شخص ليبيعه، و قبضه الوكيل بهذا

العنوان صحّت الوكالة.

(مسألة 810): يصحّ التوكيل بالكتابة، فإذا قبل الوكيل صحّت الوكالة و إن كان الوكيل في بلد آخر و تأخّر وصول الكتاب إليه.

(مسألة 811): يعتبر في الموكّل و الوكيل: العقل، و القصد، و الاختيار. و يعتبر في الموكِّل: البلوغ أيضاً.

(مسألة 812): لا يصح لمن لا يتمكَّن من مباشرة عمل شرعاً، أن يتوكّل فيه عن الغير، فالمُحرم لا يجوز أن يتوكّل في عقد النكاح، لأنّه يحرم عليه إجراء صيغة العقد.

(مسألة 813): يصحّ التوكيل العام في جميع الأعمال التي ترجع إلى الموكّل، و لا يصحّ التوكيل في عمل غير معيّن منها.

(مسألة 814): تبطل الوكالة ببلوغ العزل إلى الوكيل؛ فالعمل الصادر

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 289

منه قبل بلوغ العزل إليه صحيح.

(مسألة 815): للوكيل أن يرفض وكالته و إن كان الموكّل غائباً.

(مسألة 816): ليس للوكيل أن يوكّل غيره إلّا أن يجيزه الموكّل في ذلك، فيوكّل في حدود إجازته، فإذا قال له: اختر وكيلا عنّي، فلا بد أن يوكّل شخصاً عنه لا عن نفسه.

(مسألة 817): ليس للوكيل عزل من وكّله من قبل الموكّل بإجازته، بل لو مات الوكيل الأوّل أو عزل لا تبطل وكالة الوكيل الثاني.

(مسألة 818): إذا و كلّ الوكيل غيره عن نفسه بإجازة الموكّل، فللموكّل و الوكيل الأوّل عزله، و لو مات الوكيل الأوّل أو عزل بطلت وكالة الوكيل الثاني.

(مسألة 819): إذا وكّل شخص جماعة في عمل، و أجاز لكلّ منهم القيام بذلك العمل وحده فلكلّ منهم أن يأتي به، و إن مات أحدهم لم تبطل وكالة الباقين، و إذا لم يصرّح بقيام كلّ واحد منهم بالعمل وحده، أو صرّح بإتيانهم بالعمل جميعاً، لم يجز لواحد منهم أن يأتي بالعمل وحده، و إن مات

أحدهم بطلت وكالة الباقين.

(مسألة 820): تبطل الوكالة بموت الوكيل أو الموكّل، و لو جُنّ أحدهما أو أغمي عليه بطلت الوكالة زمان الجنون أو الإغماء أيضاً، و أما بطلانها- مطلقاً- حتى بعد زوال الجنون و الإغماء فمحل إشكال، و تبطل- أيضاً- بتلف مورد الوكالة- كموت الحيوان الذي وكّل في بيعه-.

(مسألة 821): لو جعل الموكّل عوضاً للعمل الذي يقوم به الوكيل

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 290

وجب دفعه إليه بعد إتيانه به.

(مسألة 822): إذا لم يقصّر الوكيل في حفظ المال الذي دفعه الموكّل إليه، و لم يتصرّف فيه بغير ما أجازه الموكّل فيه، فتلف اتّفاقاً لم يضمنه، و أما لو قصّر في حفظه، أو تصرّف فيه بغير ما أجازه الموكّل فيه و تلف ضمنه، فلو لبس الثوب الذي وكّل في بيعه و تلف لزمه عوضه.

(مسألة 823): لو تصرّف الوكيل في المال الذي دفعه الموكّل إليه بغير ما أجازه لم تبطل وكالته، فيصحّ منه الإتيان بما هو وكيل فيه، فلو توكّل في بيع ثوب، فلبسه ثمّ باعه، صحّ البيع.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 291

أحكام القرض

إقراض المؤمن من المستحبّات الأكيدة التي ورد الحثّ عليها في الكتاب و السنّة.

فقد روى عن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله أنّه قال: «من أقرض مؤمناً قرضاً ينظر به ميسوره كان ماله في زكاة، و كان هو في صلاة من الملائكة حتّى يؤدّيه»، و أنّه صلى اللّٰه عليه و آله قال: «من أقرض أخاه المسلم كان له بكلّ درهم أقرضه وزن جبل أحد من جبال رضوى و طور سيناء حسنات، و إن رفق به في طلبه تعدّى به على الصراط كالبرق الخاطف اللامع بغير حساب و لا عذاب، و

من شكا إليه أخوه المسلم فلم يقرضه حرّم اللّٰه عز و جل عليه الجنّة يوم يجزي المحسنين».

(مسألة 824): لا تعتبر الصيغة في القرض، فلو دفع مالًا إلى أحد بقصد القرض و أخذه ذلك بهذا القصد صحّ.

(مسألة 825): ليس للدائن الامتناع عن قبض الدين من المدين في أيّ وقت كان، و إن كان الدين مؤجّلًا، إلّا أن يعلم من الخارج أن التأجيل حقّ للدائن.

(مسألة 826): إذا جعل في القرض وقت للأداء، فالظاهر أنّه لا يحقّ للدائن أن يطالب المديون قبل حلول الوقت، و إذا لم يؤجّل فله أن يطالب

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 292

به في كلّ وقت أراد.

(مسألة 827): يجب على المديون أداء الدين فوراً عند مطالبة الدائن حيث يكون له حقّ المطالبة إن قدر عليه، و إن توانى فقد عصى.

(مسألة 828): إن لم يملك المدين غير دار السكنى و أثاث المنزل و ما يحتاج إليه فليس للدائن مطالبته، بل يجب عليه الصبر إلى أن يقدر على الأداء.

(مسألة 829): من لا يتمكّن من أداء الدين فعلًا، و يقدر على الكسب اللائق بحاله كان عليه أن يكتسب و يؤدّى دينه على الأظهر.

(مسألة 830): من لم يتمكّن من الوصول إلى دائنه و يئس منه، يلزمه أن يؤدّيه إلى الفقير صدقة عنه. و إن لم يكن الدائن هاشميّاً فالأولى أن يؤدّي المديون دينه إلى غير الهاشميّ.

(مسألة 831): إذا لم تف تركة الميّت إلّا بمصارف كفنه و دفنه الواجبة صرفت فيها، و ليس للدائن و الورثة حينئذٍ شي ء من التركة.

(مسألة 832): إذا استقرض شيئاً من النقود من الذهب أو الفضّة أو غيرهما، فنقصت قيمته جاز له أداء مثله، و إذا زادت قيمته وجب أداء مثله، و يجوز

التراضي على أداء غيره في كلتا الصورتين.

(مسألة 833): إذا كان ما استدانه موجوداً و طالبه الدائن به فالأولى أن يردّه إليه، و لا يجب عليه ذلك.

(مسألة 834): لا يجوز اشتراط الزيادة في الدين، كأن يدفع عشر بيضات على أن يستوفى خمس عشرة بيضة، بل لا يجوز اشتراط عمل

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 293

على المديون، أو زيادة من غير جنس الدين، كأن يدفع ديناراً على أن يستوفي ديناراً مع قلم مثلًا، و كذلك إذا اشترط على المديون كيفيّة خاصّة فيما يؤدّيه، كأن يدفع ذهباً غير مصوغ و يشترط عليه الوفاء بالمصوغ، فإنّ ذلك كلّه من الربا و هو حرام، نعم يجوز للمديون دفع الزيادة بلا اشتراط، بل هو مستحبّ.

(مسألة 835): يحرم الربا على المعطي و الآخذ، و الظاهر أنّ القرض لا يبطل باشتراط الزيادة فيملك المدين ما أخذه قرضا، بل يكون الشرط فقط فاسداً فلا يملك الدائن ما يأخذه من الزيادة، و لا يجوز له التصرّف فيه، نعم إذا كان المعطي راضياً بتصرّفه- حتّى لو فرض أنّه لم تكن بينهما معاملة ربويّة- جاز له التصرّف فيه.

(مسألة 836): إذا زرع المستقرض الحنطة أو مثلها ممّا أخذه بالقرض الربوي، جاز له التصرّف في حاصله و يملكه على الأظهر.

(مسألة 837): لو اشترى ثوباً بما في الذمّة، ثمّ أدّى ثمنه ممّا أخذه الدائن من الزيادة في القرض الربوي، أو من الحلال المخلوط به جاز له لبسه و الصلاة فيه إذا لم يكن قصده من الأوّل الأداء منهما، و أمّا إذا اشتراه بعين ذلك المال حرم لبسه، و بطلت صلاته فيه- على التفصيل المتقدّم في أحكام لباس المصلّي-.

(مسألة 838): يجوز دفع النقد إلى تاجر في بلد ليحوله إلى

صاحبه في بلد آخر بأقلّ ممّا دفعه.

(مسألة 839): لا يجوز دفع مال إلى أحد في بلد لأخذ أزيد منه في

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 294

بلد آخر بعد أيام إذا كان المدفوع ممّا يباع بالكيل أو الوزن- كالحنطة أو الذهب أو الفضّة- لأنّه من الرباء، و لو أعطى الدافع متاعاً أو قام بعمل بإزاء الزيادة جاز، و يجوز أخذ الزيادة في المعدود- كالأوراق النقديّة- إلّا أن يعطيه قرضاً بشرط الزيادة، فإنه حرام- كما تقدّم-.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 295

أحكام الحوالة

(مسألة 840): لو أحال المديون الدائن على شخص لينتقل الدين إلى ذمّته، و قبل الدائن ذلك و توفّرت سائر شرائط الحوالة، برئت ذمّة المحيل، و انتقل الدين إلى ذمّة المحال عليه، فليس للدائن مطالبة المديون الأوّل بعد ذلك.

(مسألة 841): يعتبر في المحيل و المحال: البلوغ، و العقل، و الرشد، و عدم التفليس إلّا في الحوالة على البري ء، فإنّه يجوز فيها أن يكون المحيل مفلّساً، كما يعتبر في المحيل و المحال الاختيار، و لا يعتبر ذلك في المحال عليه إلّا في الحوالة على البري ء أو بغير الجنس.

(مسألة 842): يعتبر في الحوالة على البري ء قبوله، و كذا يعتبر في الحوالة بغير جنس الدين قبول الدائن.

(مسألة 843): يعتبر في الحوالة أن يكون المحيل مديوناً حين الحوالة، فلا تصحّ الحوالة بما سيستقرضه.

(مسألة 844): يعتبر علم المحيل و المحال بالجنس و المقدار، فإذا كان الشخص مديناً لآخر بمنّ من الحنطة و دينار لم يصحّ أن يحيله بأحدهما من غير تعيين.

(مسألة 845): يكفي تعيّن الدين واقعاً و إن لم يعلم المحيل

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 296

و المحال بجنسه أو مقداره حين الحوالة؛ فإذا كان الدين

مسجّلًا في دفتر و قبل مراجعته حوّله على شخص، و بعد الحوالة راجع الدفتر و أخبر المحال، صحّت الحوالة.

(مسألة 846): للدائن أن لا يقبل الحوالة و إن لم يكن المحال عليه فقيراً، و لا في أداء الحوالة مماطلًا.

(مسألة 847): ليس للمحال عليه البري ء مطالبة المحال به من المحيل قبل أدائه إلى المحال، و لو تصالح المحال مع المحال عليه على أقلّ من الدين لم يجز له أن يأخذ من المحيل إلّا الأقلّ.

(مسألة 848): ليس للمحيل و المحال عليه فسخ الحوالة، و كذلك المحال و إن أعسر المحال عليه بعد ما كان موسراً حين الحوالة، بل لا يجوز فسخه مع إعسار المحال عليه حين الحوالة إذا كان المحال عالماً به، نعم لو لم يعلم به- حينذاك- كان له الفسخ و إن صار المحال عليه غنيّاً فعلًا.

(مسألة 849): يجوز اشتراط حقّ الفسخ للمحيل و المحال و المحال عليه أو لأحدهم.

(مسألة 850): إذا أدّى المحيل الدين؛ فإن كان بطلب من المحال عليه فله أن يطالب المحال عليه بما أدّاه، و ليس له ذلك إن لم يكن بطلبه.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 297

أحكام الرهن

الرهن: هو دفع المديون عيناً إلى الدائن وثيقة ليستوفي دينه منها إذا لم يؤدّه المديون.

(مسألة 851): لا تعتبر الصيغة في الرهن، بل يكفي دفع المديون مالًا للدائن بقصد الرهن و أخذ الدائن له بهذا القصد.

(مسألة 852): يعتبر في الراهن و المرتهن: البلوغ، و العقل، و الاختيار، و عدم كون الراهن سفيهاً أو مفلّساً.

(مسألة 853): يعتبر في العين المرهونة جواز تصرّف الراهن فيها؛ فإذا رهن مال الغير فصحّته موقوفة على إجازة المالك.

(مسألة 854): يعتبر في العين المرهونة جواز بيعها و شرائها، فلا يصحّ رهن الخمر

و نحوه.

(مسألة 855): منافع العين المرهونة للراهن دون المرتهن.

(مسألة 856): لا يجوز للمرتهن بيع العين المرهونة أو هبتها بغير إذن الراهن، و إذا باعها أو وهبها توقّفت صحّته على إجازة الراهن.

(مسألة 857): لو باع المرتهن العين المرهونة بإذن الراهن كان ثمنها- كالأصل- رهناً، و كذلك لو باعها فأجازه الراهن، أو باعها الراهن بإذن المرتهن على أن يكون ثمنه رهناً، و لو باعه بدون إذن المرتهن فوجه

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 298

انتقال العين إلى المشترى و بقائها مرهونة كما كانت ضعيف.

(مسألة 858): إذا حان زمان قضاء الدين و طالبه الدائن فلم يؤدّه جاز له بيع العين المرهونة و استيفاء دينه مطلقاً و إن لم يكن وكيلًا عنه في البيع، و لو باعها و زاد الثمن على الدين كانت الزيادة للراهن.

(مسألة 859): إذا لم يملك المديون غير الدار و أثاث البيت و نحو ذلك مما يحتاج إليه فليس للدائن مطالبته بالأداء، و أما العين المرهونة فيجوز للمرتهن بيعها و استيفاء دينه منها و إن كانت من المستثنيات المزبورة.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 299

أحكام الضمان

(مسألة 860): يعتبر في ضمان شخص للدائن ما في ذمّة ثالث الإيجاب منه بلفظ أو فعل مفهم للتعهّد بالدين، كما يعتبر رضا الدائن بذلك، و لا يعتبر رضا المديون.

(مسألة 861): يشترط في الضامن و الدائن: البلوغ، و العقل، و الاختيار، و عدم السفه، كما يعتبر في الدائن عدم التفليس، و لا يعتبر شي ء من ذلك في المديون؛ فلو ضمن شخص دين الصغير أو المجنون صحّ.

(مسألة 862): لا يبعد صحّة الضمان إذا علّق الضامن أداءه على عدم أداء المضمون عنه، فللدائن أن يطالب الضامن على تقدير عدم أداء المديون.

(مسألة 863):

يعتبر في الضمان تعيين الدائن و المدين و الدين، فإذا كان أحد مديوناً لشخصين فضمن شخص لأحدهما لا على التعيين لم يصحّ الضمان، و هكذا إذا كان شخصان مديونين لأحد فضمن شخص عن أحدهما لا على التعيين، كما أنّه إذا كان شخص مديوناً لأحد منّاً من الحنطة و ديناراً، فضمن شخص أحد الدينين لا على التعيين لم يصحّ الضمان.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 300

(مسألة 864): إذا أبرأ الدائن الضامن فليس للضامن مطالبة المديون بشي ء، و إذا أبرأ بعضه فليس له مطالبته بذلك البعض.

(مسألة 865): ليس للضامن حقّ الرجوع عن ضمانه.

(مسألة 866): إذا كان الضامن حين الضمان قادراً على أداء المضمون فليس للدائن فسخ الضمان و مطالبة المديون الأوّل و لو عجز الضامن عن الأداء بعد ذلك، و كذلك إذا كان الدائن عالماً بعجز الضامن و رضي بضمانه.

(مسألة 867): ليس للضامن مطالبة المديون بعد وفائه بالدين إذا لم يكن الضمان بإذن منه و طلبه، و إلّا فله مطالبته، فإن كان ما أدّاه من جنس الدين طالبه به، و إن كان من غير جنسه فليس له إجبار المديون بالأداء من خصوص الجنس الذي دفعه إلى الدائن.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 301

أحكام الكفالة

الكفالة: هي التعهّد بإحضار المديون و تسليمه إلى الدائن عند طلبه ذلك، و يسمّى المتعهّد: كفيلًا.

(مسألة 868): تصحّ الكفالة بالإيجاب من الكفيل بلفظ أو بفعل مفهم للتعهّد المذكور، و بالقبول من الدائن.

(مسألة 869): يعتبر في الكفيل: البلوغ، و العقل، و الاختيار، و القدرة على إحضار المدين، و في اعتبار عدم السفه إشكال.

(مسألة 870): تنفسخ الكفالة بأحد أمور خمسة:

1- أن يسلّم الكفيل المكفول للمكفول له.

2- قضاء دين المكفول له.

3- إبراء المكفول له المكفول.

4-

موت المكفول.

5- إبراء المكفول له الكفيل من الكفالة.

(مسألة 871): من خلّص غريماً من يد الدائن قهراً بحيث لا يظفر به وجب عليه تسليمه إيّاه.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 302

أحكام الوديعة

الوديعة: هي دفع شخص ماله إلى آخر ليبقى أمانة عنده.

و تحصل بالإيجاب و القبول اللفظيين، أو بأن يفهم المودّع الودعي بغير اللفظ أنّ دفع المال إليه لحفظه، و يتسلّمه الودعي بهذا القصد.

(مسألة 872): يعتبر في المودّع و الودعي: العقل، و يجوز أن يودّع الطفل المميّز ماله بإذن وليّه، و يجوز أن يودّع مال غيره بإذنه، و لا بأس باستيداع الطفل المميّز و إن لم يجز وليّه.

(مسألة 873): لا يجوز تسلّم ما يودعه الصبي من أمواله بدون إذن وليّه، و من أموال غيره بدون إذن مالكه، فإن تسلّمه الودعي وجب ردّ مال الطفل إلى وليّه، و ردّ مال الغير إلى مالكه، فإن قصّر و لم يردّه فتلف المال ضمنه.

(مسألة 874): من لم يتمكّن من حفظ الوديعة فالأحوط أن لا يقبلها إذا لم يعلم المودّع بذلك.

(مسألة 875): إذا طلب شخص إيداع ماله عند أحد فأظهر عدم استعداده لذلك، و مع ذلك تركه المالك عنده و مضى فتلف المال لم يكن ضامناً، و إن كان الأحوط استحباباً أن يحفظه بقدر الإمكان.

(مسألة 876): الوديعة جائزة من الطرفين، فللمودّع استرداد ماله

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 303

متى شاء، و كذا للودعي أن يردّه متى شاء.

(مسألة 877): لو فسخ الودعي الوديعة وجب عليه أن يوصل المال فوراً إلى صاحبه أو وكيله أو وليّه، أو يخبرهم بذلك، و إذا تركه من دون عذر و تلف فهو ضامن.

(مسألة 878): إذا لم يكن للودعي محلّ مناسب للحفظ الوديعة وجب عليه تهيئته

على وجه لا يقال في حقّه أنّه قصّر في حفظها، فلو أهمل و قصّر في ذلك ضمن.

(مسألة 879): لا يضمن الودعي المال إلّا أن يتعدّى فيه، أو يقصّر في حفظه، بأن يضعه- مثلًا- في محلّ لا يأمن عليه من السرقة، فلو تلف و الحال هذه- ضمن.

(مسألة 880): إذا عيّن المودّع لحفظ ماله محلّاً و قال للودعي: لا بدّ أن تحفظه فيه، و ليس لك أن تنقله إلى محلّ آخر و إن احتملت الهلاك و التلف في المحلّ الذي عيّنتُه لحفظه، فليس له حينئذ أن ينقله إلى محلّ آخر، و لو فعل و تلف ضمن.

(مسألة 881): إذا عيّن المودّع للوديعة محلّاً معيّناً، و علم الودعي أن لا خصوصيّة لذلك المحلّ عند المودّع و إنّما كان تعيينه من باب أنّه أحد موارد حفظه، فللودعي أن يضعه في محلّ آخر أحفظ من المحلّ الأوّل أو مثله، و لو تلف المال- حينئذٍ- لم يضمن.

(مسألة 882): لو جنّ المودّع وجب على الودعي أن يوصل الوديعة فوراً إلى وليّه، أو يخبر الوليّ بها، و لو تركه من غير عذر شرعي و تلفت

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 304

ضمن.

(مسألة 883): إذا مات المودّع وجب على الودعي أن يوصل الوديعة إلى وارثه، أو يخبره بها؛ فلو تركه بدون عذر شرعي و تلفت ضمن، و لكن إذا كان عدم دفعه المال إلى الوارث لتحقيق أنّ للميّت وارثاً آخر أولا، لم يكن به بأس، و إذا تلفت بغير تفريط لم يكن عليه ضمان.

(مسألة 884): لو مات المودّع و تعدّد وارثه وجب على الودعي أن يدفع المال إلى جميع الورثة، أو إلى وكيلهم في قبضه، فلو دفع تمام الوديعة إلى أحدهم من دون إجازة

الباقين ضمن سهامهم.

(مسألة 885): لو مات الودعي أو جنّ وجب على وارثه أو وليّه إعلام المودّع به فوراً، أو إيصال الوديعة إليه.

(مسألة 886): إذا أحسّ الودعي بأمارات الموت في نفسه؛ فإن أمكنه إيصال المال إلى صاحبه أو وكيله وجب، و إلّا وجب إيصاله إلى الحاكم الشرعي، و إن لم يمكنه الإيصال إليه أيضاً، فإن كان وارثه أميناً- و يعلم بالوديعة- لم تلزم الوصيّة، و إلّا وجب الإيصاء و الاستشهاد على ذلك، و إعلام الوصي و الشاهد باسم صاحب المال و خصوصيّاته و محلّه.

(مسألة 887): لو أحسّ الودعي بأمارات الموت في نفسه و لم يعمل بما تقدّم، و تلفت الوديعة ضمن؛ و إن لم يقصّر في حفظها و برأ من المرض، أو ندم بعد مدّة و أوصى بها.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 305

أحكام العارية

العارية: أن يدفع الإنسان ماله إلى الغير ليستفيد منه مجّاناً.

(مسألة 888): لا يعتبر في العارية التلفّظ، فلو دفع ثوبه لشخص بقصد الإعارة، و قصد الآخذ بأخذه الاستعارة صحّت العارية.

(مسألة 889): تصحّ إعارة المغصوب بإجازة المغصوب منه، و كذا تصحّ إعارة ما يملك عينه و لا يملك منفعته بإجازة مالك المنفعة، و كذلك الحال مع العلم بالرضا من قرائن الحال.

(مسألة 890): تصحّ إعارة المستأجر ما استأجره من الأعيان إلّا إذا اشترط عليه المباشرة في الانتفاع بها.

(مسألة 891): لا تصحّ إعارة الطفل ماله، و كذا المجنون و السفيه و المفلّس؛ نعم إذا رأى وليّ الطفل مصلحة في إعارة ماله جاز له أن يأذن فيها، و حينئذ تصحّ إعارة الطفل.

(مسألة 892): لا يضمن المستعير العارية إلّا أن يقصّر في حفظها، أو يتعدّى في الانتفاع بها، نعم لو اشترط ضمانها ضمنها، و تضمن عارية الذهب

و الفضّة و إن لم يكونا مسكوكين، إلّا إذا اشترط عدم ضمانها.

(مسألة 893): إذا مات المعير وجب على المستعير ردّ العارية إلى ورثته، و إذا عرض عليه ما يمنع من التصرّف في ماله- كالجنون- وجب

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 306

على المستعير ردّ العارية إلى وليّه.

(مسألة 894): العارية غير لازمة، فللمعير استرجاع ما أعاره متى أراد، و كذا للمستعير ردّه متى شاء.

(مسألة 895): لا تصحّ إعارة ما ليس له منفعة محلّلة- كآلات اللهو و القمار- و لا تجوز إعارة آنية الذهب و الفضّة للأكل و الشرب، و لا يبعد جواز إعارتها لغير الأكل و الشرب و إن كان الترك أحوط.

(مسألة 896): تصحّ إعارة الشاة للانتفاع بلبنها و صوفها، و إعارة الفحل للتلقيح.

(مسألة 897): لا يتحقّق ردّ العارية بنقلها إلى مكان كان صاحبها ينقلها إليه إذا لم يكن النقل بإجازة المالك- كأن يجعل الفرس في الاصطبل الذي هيّأه المالك له- فإن فعل ذلك ثمّ تلفت العارية أو أتلفها متلف ضمنها.

(مسألة 898): يجب الإعلام بالنجاسة في إعارة المتنجّس للانتفاع به فيما يعتبر فيه الطهارة، و لا يجب في إعارة الثوب المتنجّس للصلاة إعلام المستعير بنجاسته.

(مسألة 899): لا يجوز للمستعير إعارة العارية من غير إجازة مالكها، و تصحّ مع إجازته، و لا تبطل العارية الثانية- حينئذٍ- بموت المستعير الأوّل.

(مسألة 900): إذا علم المستعير بأنّ العارية مغصوبة وجب عليه إرجاعها إلى مالكها، و لم يجز دفعها إلى المعير.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 307

(مسألة 901): إذا استعار ما يعلم بغصبيّته، و انتفع به و تلف في يده؛ فللمالك أن يطالبه، أو يطالب الغاصب بعوض العين، و بعوض ما استوفاه المستعير من المنفعة، و إذا استوفى المالك

العوض من المستعير، فليس للمستعير الرجوع به على الغاصب.

(مسألة 902): إذا لم يعلم المستعير بغصبيّة العارية و تلفت في يده، و رجع المالك عليه بعوضها، فله أن يرجع على المعير بما غرمه للمالك إلّا إذا كانت العارية ذهباً أو فضّة، أو اشترط المعير ضمان العارية عليه عند التلف، و إن رجع المالك عليه بعوض المنافع جاز له الرجوع إلى المعير بما دفع.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 308

أحكام الهبة

الهبة: و هي تمليك عين مجّاناً من دون عوض.

و هي عقد يحتاج إلى إيجاب و قبول، و يكفي في الإيجاب كلّ ما دلّ على التمليك المذكور من لفظ أو فعل أو إشارة، و لا تعتبر فيه صيغة خاصّة، و لا العربيّة، و يكفي في القبول كُلّ ما دلّ على الرضا بالإيجاب من لفظ أو فعل أو نحو ذلك.

(مسألة 903): يعتبر في الواهب: البلوغ، و العقل، و القصد، و الاختيار، و عدم الحجر عليه بسفه أو فلس أو ملك.

(مسألة 904): تصحّ الهبة من المريض في مرض الموت و إن زاد علىٰ الثلث، كما يصحّ سائر تصرفاته من بيع أو صلح أو نحو ذلك.

(مسألة 905): تصحّ الهبة في الأعيان المملوكة و إن كانت مشاعة، و لا يبعد أيضاً صحّة هبة ما في الذمّة لغير من هو عليه، و يكون قبضه بقبض مصداقه، و لو وهبه ما في ذمّته كان إبراءٌ.

(مسألة 906): يشترط في صحّة الهبة القبض، و لا بدّ فيه من إذن الواهب إلّا أن يهبه ما في يده، فلا حاجة حينئذٍ إلى قبض جديد، و لا تعتبر الفوريّة في القبض، و لا كونه في مجلس العقد، فيجوز فيه التراخي عن العقد بزمان كثير، و متى تحقّق القبض

صحّت الهبة من حينه، فإذا كان للموهوب نماء سابق على القبض- قد حصل بعد الهبة- كان للواهب دون

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 309

الموهوب له، و إذا وهبه شيئين فقبض الموهوب له أحدهما دون الآخر صحّت الهبة في المقبوض دون غيره.

(مسألة 907): للأب و الجدّ ولاية القبول و القبض عن الصغير و المجنون إذا بلغ مجنوناً، أما لو جُنّ بعد البلوغ فولاية القبول و القبض للحاكم الشرعي على المشهور، و فيه إشكال، و لو وهب الوليّ أحدهما و كانت العين الموهوبة بيد الوليّ لم يحتج إلى قبض جديد.

(مسألة 908): يتحقّق القبض- في غير المنقول- بالتخلية و رفع الواهب يده عن الموهوب و جعله تحت استيلاء الموهوب له و سلطانه، و يتحقّق في المنقول بوضعه تحت يد الموهوب له.

(مسألة 909): ليس للواهب الرجوع بعد الإقباض إن كانت لذي رحم، أو بعد التلف، أو مع التعويض، و في جواز الرجوع مع التصرّف خلاف، و الأقوى جوازه إذا كان الموهوب باقياً بعينه؛ فلو صبغ الثوب أو قطعه أو خاطه أو نقله إلى غيره لم يجز له الرجوع، و له الرجوع في غير ذلك، فإن عاب فلا أرش، و إن زادت زيادة منفصلة فهي للموهوب له، و إن كانت متّصلة؛ فإن كانت غير قابلة للانفصال كالسمن و الطول فهي تابعة للعين، و إن كانت قابلة له كالصوف و الثمرة و نحوهما ففي التبعيّة إشكال.

(مسألة 910): في إلحاق الزوج أو الزوجة بذي الرحم في لزوم الهبة إشكال، و الأحوط لزوم المصالحة عند الرجوع.

(مسألة 911): لو مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة، و انتقل الموهوب إلى وارث الواهب، أو إلى الواهب نفسه إن مات

المسائل المنتخبة

(للروحاني، السيد محمد)، ص: 310

الموهوب له.

(مسألة 912): لو مات الواهب أو الموهوب له بعد القبض لزمت الهبة، فليس للواهب الرجوع إلى ورثة الموهوب له، كما أنّه ليس لورثة الواهب الرجوع إلى الموهوب له.

(مسألة 913): لا يعتبر في صحّة الرجوع علم الموهوب له، فيصحّ الرجوع مع جهله أيضاً.

(مسألة 914): الهبة المشروطة يجب فيها على الموهوب له العمل بالشرط، فإذا وهب شيئاً بشرط أن يهبه شيئاً وجب على الموهوب له العمل بالشرط، فإذا تعذّر أو امتنع المتّهب من العمل بالشرط جاز للواهب الرجوع في الهبة، بل الظاهر جواز الرجوع في الهبة المشروطة قبل العمل بالشرط.

(مسألة 915): في الهبة المطلقة لا يجب التعويض، لكن لو عوّض المتّهب لزمت الهبة و لم يجز للواهب الرجوع.

(مسألة 916): لو بذل المتّهب العوض و لم يقبل الواهب لم يكن تعويضاً.

(مسألة 917): العوض المشروط إن كان معيّناً تعيّن، و إن كان مطلقاً أجزأ اليسير إلّا إذا كانت قرينة- من عادة أو غيرها- على إرادة المساوي.

(مسألة 918): لا يشترط في العوض أن يكون عيناً، بل يجوز أن يكون عقداً أو إيقاعاً- كبيع شي ء على الواهب، أو إبراء ذمّته من دين له عليه أو نحو ذلك-.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 311

أحكام الإقرار

الإقرار: هو إخبار عن حقّ ثابت على المخبر، أو نفي حقّ له على غيره.

و لا يختصّ بلفظ، بل يكفي كلّ لفظ دالّ على ذلك عرفاً و لو لم يكن صريحاً، و كذا تكفي الإشارة المعلومة.

(مسألة 919): لا يعتبر في نفوذ الإقرار صدوره من المقرّ ابتداءً، و استفادته من الكلام بالدلالة المطابقيّة أو التضمّنيّة، فلو أستفيد من كلام آخر على نحو الدلالة الالتزاميّة كان نافذاً أيضاً، فإذا قال: الدار التي أسكنها اشتريتها

من زيد، كان ذلك إقراراً منه بكونها ملكاً لزيد سابقاً و هو يدّعي انتقالها منه إليه، و من هذا القبيل ما إذا قال أحد المتخاصمين في مال للآخر: بعنيه، فإنّ ذلك يكون اعترافاً منه بمالكيّته له.

(مسألة 920): يعتبر في المقرّ به أن يكون ممّا لو كان المُقرّ صادقاً في إخباره كان للمُقَرّ له إلزامه و مطالبته به، و ذلك بأن يكون المُقرّ به مالًا في ذمّته، أو عيناً خارجيّة، أو منفعة أو عملًا، أو حقّاً- مثل حقّ الخيار أو الشفعة، أو حقّ الاستطراق في ملكه، أو إجراء الماء في نهره، أو نصب ميزاب على سطح داره و ما شاكل ذلك- و أمّا إذا أقرّ بما ليس للمقرّ له إلزامه به فلا أثر له، فإذا أقرّ بأنّ عليه لزيد شيئاً من ثمن خمر أو قمار و نحو

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 312

ذلك لم ينفذ إقراره.

(مسألة 921): إذا أقرّ بشي ء ثمّ عقّبه بما يضادّه و ينافيه؛ فإن كان ذلك رجوعاً عن إقراره ينفذ إقراره و لا أثر لرجوعه، فلو قال لزيد: عليّ عشرون ديناراً، ثمّ قال: لا، بل عشرة دنانير، ألزم بالعشرين؛ و أمّا إذا لم يكن رجوعاً، بل كان قرينة على بيان مراده لم ينفذ الإقرار إلّا بما يستفاد من مجموع الكلام، فلو قال: لزيد عليّ عشرون ديناراً إلّا خمسة دنانير، كان هذا إقراراً بخمسة عشرة ديناراً فقط، و لا ينفذ إقراره إلّا بهذا المقدار.

(مسألة 922): يشترط في المُقرّ: التكليف، و الحرّية، فلا ينفذ إقرار الصبي و المجنون، و لا إقرار العبد بالنسبة إلى ما يتعلّق بحقّ المولى بدون تصديقه مطلقاً، و لو كان ممّا يوجب الجناية على العبد نفساً أو طرفاً، و

أمّا بالنسبة إلى ما يتعلّق به نفسه- مالًا كان أو جناية- فيتبع به بعد عتقه.

و ينفذ إقرار المريض في مرض موته على الأظهر.

(مسألة 923): إذا اقرّ بولد أو أخ أو أخت أو غير ذلك نفذ إقراره مع احتمال صدقه فيما عليه من وجوب إنفاق أو حرمة نكاح أو مشاركة في إرث و نحو ذلك، و أمّا بالنسبة إلى غير ما عليه من الأحكام ففيه تفصيل؛ فإن كان الإقرار بالولد فيثبت النسب بإقراره مع احتمال صدقه و عدم المنازع إذا كان الولد صغيراً و كان تحت يده، و لا يشترط فيه تصديق الصغير، و لا يلتفت إلى إنكاره بعد بلوغه، و يثبت بذلك النسب بينهما و بين أولادهما و سائر الطبقات على وجه، و أمّا في غير الولد الصغير فلا أثر للإقرار إلّا مع تصديق الآخر، فإن لم يصدّق الآخر لم يثبت النسب، و إن

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 313

صدّقه و لا وارث غيرهما توارثا، و في ثبوت التوارث مع الوارث الآخر إشكال، و الاحتياط لا يترك، و كذلك في تعدّي التوارث إلى غيرهما، و لا يترك الاحتياط- أيضاً- فيما لو أقرّ بولده أو غيره ثمّ نفاه بعد ذلك.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 314

أحكام النكاح

اشارة

تحلّ المرأة على الرجل بسبب عقد النكاح، و هو على قسمين:

دائم، و منقطع.

العقد الدائم، هو عقد لا تتعيّن فيه مدّة الزواج و كانت دائميّة، و تسمّى الزوجة ب: الدائمة.

العقد غير الدائم: هو ما تتعيّن فيه المدّة- كساعة أو يوم أو سنة، أو أكثر أو أقلّ- و تسمّى الزوجة ب: المتمتّع بها، و المنقطعة.

أحكام العقد

(مسألة 924): يشترط في النكاح- دواماً كان أو متعةً- الإيجاب و القبول، فلا يكفي مجرّد التراضي.

و يجوز للزوجين أو لأحدهما توكيل الغير في إجراء الصيغة، كما يجوز لهما المباشرة.

(مسألة 925): لا يعتبر في الوكيل أن يكون رجلًا، بل يجوز توكيل المرأة في إجراء العقد.

(مسألة 926): لا يجوز لهما المقاربة، و لا النظر إلى ما لا يحلّ لغير

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 315

الزوجين ما لم يحصل لهما اليقين بإجراء الوكيل عقد النكاح، و لا يكفي الظنّ، نعم لو أخبر الوكيل بذلك و حصل الاطمئنان كفى.

(مسألة 927): لو وكّلت المرأة شخصاً في أن يعقدها لرجل متعة مدّة عشرة أيام مثلًا، و لم تُعيّن العشرة، جاز للوكيل أن يعقدها له متى شاء، و إن علم إنّها قصدت عشرة أيام خاصّة لم يجز عقدها لأيّام أُخر.

(مسألة 928): يجوز أن يكون شخص واحد وكيلًا عن الطرفين، كما يجوز أن يكون الرجل وكيلًا عن المرأة في أن يعقدها لنفسه دواماً أو متعةً، و الأحوط استحباباً أن لا يتولّى الزوج الإيجاب عن الزوجة و القبول عن نفسه.

صيغة العقد الدائم

(مسألة 929): إذا باشر الزوجان العقد الدائم، فقالت المرأة:

زوّجتك نفسي على الصداق المعلوم، و قال الزوج- من دون فصل-: قبلت التزويج، صحّ العقد و لو وَكّلا غيرهما و كان اسم الزوج: أحمد و اسم الزوجة: فاطمة- مثلًا- فقال وكيل الزوجة: زوّجت موكّلك أحمد موكّلتي فاطمة، أو زوجت موكّلتي- فاطمة- موكّلك- أحمد- على الصداق المعلوم، و قال وكيل الزوج- من دون فصل-: قبلت التزويج لموكّلي- أحمد- على الصداق المعلوم صحّ العقد، و الأحوط تطابق الإيجاب و القبول: مثلًا لو قالت المرأة: زوجتك، يجب على الأحوط أن يقول

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص:

316

الزوج: قبلت التزويج.

صيغة العقد غير الدائم

(مسألة 930): إذا باشر الزوجان العقد غير الدائم بعد تعيين المدّة و المهر، فقالت المرأة: زوّجتك نفسي في المدّة المعلومة على المهر المعلوم، و قال الرجل- من دون فصل-: قبلت التزويج، صحّ العقد، و لو وكّلا غيرهما فقال وكيل الزوجة: زوّجت موكّلك موكّلتي، أو زوّجت موكّلتي موكّلك في المدّة المعلومة على المهر المعلوم، و قال وكيل الرجل- من دون فصل-: قبلت التزويج لموكّلي هكذا؛ صحّ أيضاً.

شرائط العقد:

(مسألة 931): يشترط في عقد الزواج أمور:

1- العربيّة مع التمكّن منها، و لو بالتوكيل على الأحوط؛ نعم مع عدم التمكّن منها- و لو بالتوكيل- يكفي غيرها من اللغات المفهمة لمعنى النكاح و التزويج.

2- قصد الانشاء في إجراء الصيغة؛ بمعنى أن يقصد الزوجان أو وكيلهما تحقّق الزواج بلفظي الإيجاب و القبول، فتقصد الزوجة بقولها:

زوّجتك نفسي، صيرورتها زوجة له، كما أن الزوج يقصد بقوله: قبلت،

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 317

قبول زوجيّتها له، و هكذا الوكيلان.

3، 4- البلوغ و العقل في العاقد المجري للصيغة على الأحوط وجوباً إذا كان عاقداً لنفسه؛ و أمّا إذا كان عاقداً لغيره فالأحوط استحباباً اعتبارهما فيه.

5- تعيين الزوج و الزوجة على وجه يمتاز كلّ منهما عن غيره بالاسم أو الوصف أو الإشارة؛ فلو قال: زوّجتك إحدى بناتي بطل، و كذا لو قال: زوّجت بنتي أحد ابنيك أو أحد هذين.

6- رضا الزوجين واقعاً؛ فلو أذنت الزوجة متظاهرة بالكراهة مع العلم برضاها القلبي صحّ العقد، كما أنّه إذا عُلمت كراهتها واقعاً و إن تظاهرت بالرضا بطل العقد، إلّا أن تجيز بعده.

(مسألة 932): إذا لحن في الصيغة- و كان مغيّراً للمعنى- لم يكف.

(مسألة 933): إذا كان مجري الصيغة جاهلًا بالعربيّة؛ فإن أجراها على الوجه الصحيح، و كان عارفاً

بمعنى الكلمات، و قاصداً لتحقّق المعنى صحّ العقد و إلّا بطل.

(مسألة 934): العقد الواقع فضوليّاً إذا تعقّب بالإجازة صحّ، سواء أ كان فضوليّاً من الطرفين، أم كان فضوليّاً من أحدهما.

(مسألة 935): لو أكره الزوجان على العقد ثمّ رضيا بعد ذلك و أجازا العقد صحّ، و كذلك الحال في إكراه أحدهما، و الأولى إعادة العقد في كلتا الصورتين.

(مسألة 936): الأب و الجدّ من طرف الأب لهما الولاية على الطفل

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 318

الصغير و الصغيرة، و المتّصل جنونه بالبلوغ، فلو زوّجهم الوليّ لم يكن لهم خيار في الفسخ بعد البلوغ أو الإفاقة إذا لم تكن فيه مفسدة لهم، و مع المفسدة كان العقد فضولياً، فلا يصحّ إلّا مع الإجازة بعد البلوغ أو الإفاقة، و إذا زوّج الأبوان الصغيرين- ولاية- فالعقد و إن كان صحيحاً إلّا أنّ في لزومه عليهما إشكالًا، فإذا فسخ أحدهما أو كلاهما العقد بعد البلوغ و الرشد فالاحتياط بالطلاق أو العقد الجديد لا يترك.

(مسألة 937): يجب على البالغة الرشيدة البكر أن تستأذن أباها أو الجدّ من طرف الأب في تزويجها على الأحوط، و لا تشترط إجازة الأمّ و الأخ و غيرهما من الأقارب.

(مسألة 938): يصحّ تزويج البالغة الرشيدة البكر من غير استيذانٍ من أبيها أو جدّها إذا تعقّب بالإجازة من أحدهما.

(مسألة 939): لا يعتبر إذن الأب و الجدّ إذا كانت البنت ثيّباً، و كذلك إذا كانت بكراً و لم تتمكّن من استيذانهما- لغيابهما أو نحو ذلك- مع حاجتها إلى الزواج.

(مسألة 940): لو زوّج الأب أو الجدّ صغيراً؛ فإن كان له مال حين العقد كان المهر عليه، و إلّا كان المهر على من زوّجه.

العيوب الموجبة لخيار الفسخ

(مسألة 941): إذا علم الزوج بعد

العقد بوجود أحد العيوب السبعة

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 319

الآتية في الزوجة كان له الفسخ من دون طلاق:

1- الجنون.

2- الجذام.

3- البرص.

4- العمى.

5- الإقعاد، و منه العرج البيّن.

6- الإفضاء؛ و هو اتحاد مخرج البول أو الغائط مع مخرج الحيض.

7- العفل؛ و هو لحم ينبت في الرحم يمنع من الوطء.

(مسألة 942): يجوز للزوجة فسخ العقد إذا كان الزوج مجنوناً أو مجبوباً- أي مقطوع الذكر- أو مصاباً بالعنن المانع عن الإيلاج، غير أن الجنون يختلف عن الأمرين الأخيرين في أن جنون الزوج يُسوّغ للمرأة الفسخ، سواء أ كان سابقاً على العقد و الزوجة لا تعلم به، أم كان حادثاً بعده، أو بعد العقد و الوطء معاً، و إن كان الأحوط وجوباً فيه مراجعة الحاكم الشرعي ليطلّقها. و أمّا العنن؛ فلا يجوز به الفسخ إذا حدث بعد الوطء، و كذلك الجبّ- بعد الوطء-، و إن كان الأولى حينئذٍ للزوج أن يطلّقها إذا فسخت.

(مسألة 943): يجوز للمرأة أن تفسخ العقد إذا كان الرجل خصيّاً، و الخصاء: هو سلّ الأنثيين أو رضّهما. و تفسخ به المرأة مع سبقه على العقد و التدليس عليها، و مع عدم التدليس لا يترك الاحتياط.

(مسألة 944): لا يجوز للمرأة أن تفسخ العقد لعنن الرجل إلّا بعد

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 320

رفع أمرها إلى الحاكم الشرعي أو وكيله، فيؤجّل الزوج بعد المرافعة سنة فإن وطأها أو وطأ غيرها فلا فسخ، و إلّا كان لها الفسخ؛ فإن شاءت فسخت و كان لها نصف المهر.

و إذا فسخت المرأة أو الرجل لسائر العيوب الموجبة للخيار؛ فإن كان الفسخ بعد الدخول استحقّت المرأة تمام المهر و عليها العدّة كما في الطلاق؛ و إن كان الفسخ

قبله لم تستحقّ شيئاً و لا عدّة عليها.

(مسألة 945): إذا خطب امرأة و طلب زواجها على أنّه من بني فلان فتزوّجته المرأة على ذلك، فبان أنّه من غيرهم كان لها الخيار، فإن فسخت فلها المهر إن كان بعد الدخول، و إن كان قبله فلا شي ء لها.

(مسألة 946): إذا تزوّج امرأة على أنّها بكر فبانت ثيّباً لم يكن له الفسخ، نعم ينقص من المهر المسمّى بنسبة مقدار ما به التفاوت بين مهر البكر و مهر الثيّب.

أسباب التحريم

(مسألة 947): يحرم التزويج من جهة النسب بالأمّ و إن علت، و بالبنت و إن نزلت، و بالأخت و ببنات الأخ و الأخت و إن نزلن، و بالعمّات و بالخالات و إن علون.

(مسألة 948): تحرم من جهة المصاهرة أمّ الزوجة و جدّاتها من طرف الأب أو الأمّ، فلا يجوز تزويجهنّ و إن كانت الزوجة لم يدخل بها،

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 321

و كذلك تحرم بنت الزوجة المدخول بها- سواء أ كانت بنتها بلا واسطة، أو مع واسطة، أو مع وسائط، و سواء أ كانت موجودة حال العقد أم ولدت بعده- و تحرم على الأحوط بنت الزوجة الغير المدخول بها، ما دامت أمّها باقية على الزوجيّة.

(مسألة 949): يحرم التزويج بمن تزوّج بها الأب أو أحد الأجداد، كما يحرم التزويج بمن تزوّجها الابن، أو أحد الأحفاد، أو أحد الأسباط.

(مسألة 950): يحرم الجمع بين الأختين، فإذا عقد على إحداهما حرمت عليه الثانية ما دامت الأولى باقية على زواجها، و لا فرق في ذلك بين العقد الدائم و المنقطع.

(مسألة 951): إذا طلّق زوجته- رجعياً- لم يجز له نكاح أختها في عدّتها. نعم إذا كان الطلاق بائناً صحّ ذلك، و إذا تزوّج بامرأة

بعقد منقطع فانتهت المدّة أو أبرأها لم يجز له التزويج بأختها في عدّتها على الأحوط.

(مسألة 952): إذا عقد على امرأة لم يجز له أن يتزوّج ببنت أخيها أو ببنت أختها إلّا بإذنها، و لو عقد بدون إذنها توقّفت صحّته على إجازتها، فإن أجازته صحّ و إلّا بطل، و إن علمت بالتزويج فسكتت ثمّ أجازته صحّ أيضاً، و إن كان الأحوط استحباباً تجديد العقد.

(مسألة 953): لو زنى بخالته قبل أن يعقد على بنتها حرمت عليه البنت، و كذلك الحال في بنت العمّة على الأحوط وجوباً، و لو زنى بالعمّة أو الخالة بعد العقد على البنت و الدخول بها لم تحرم عليه، و كذلك فيما إذا كان الزنا بعد العقد و قبل الدخول على الأظهر، و الأحوط استحباباً عدم

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 322

التزويج مطلقاً.

(مسألة 954): لو زنى بامرأة أجنبية فالأحوط الأولى أن لا يتزوّج ببنتها، و لو كان قد عقد عليها،- سواء أدخل بها أم لم يدخل بها- ثمّ زنى بأمّها لم تحرم عليه.

(مسألة 955): لا يجوز للمسلمة أن تتزوّج الكافر، و كذا لا يجوز للمسلم أن يتزوّج بغير الكتابية من أصناف الكفار، و أما الكتابية فالأظهر جواز تزويجها متعة، بل و كذلك دواماً، و إن كان الأحوط ترك نكاحها دواماً، و لا يجوز للمؤمن أو المؤمنة نكاح بعض المنتحلين لدين الإسلام المحكومين بالكفر- كالخوارج، و الغلاة، و النواصب- دواماً و متعة.

(مسألة 956): لو زنى بذات بعل، أو بذات العدّة الرجعية حرمت عليه مؤبّداً على الأحوط، و أما الزنا بذات العدّة- غير الرجعية- فلا يوجب حرمة المزنيّ بها، فللزاني تزويجها بعد انقضاء عدّتها و إن كان الترك أحوط.

(مسألة 957): لو زنى بامرأة ليس

لها زوج، و ليست بذات عدّة، جاز له أن يتزوجها، و يجب عليه تأخير العقد إلى أن تحيّض على الأحوط، نعم يجوز لغير الزاني تزويجها قبل ذلك أيضاً، و إن كان التأخير أحوط.

(مسألة 958): يحرم تزويج المرأة في عدّتها- رجعية كانت أو غير رجعية-؛ فلو علم الرجل أو المرأة بأنها في العدّة، و بحرمة التزويج فيها، و تزوّج بها حرمت عليه مؤبّداً و إن لم يدخل بها بعد العقد، و إذا كانا

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 323

جاهلين بأنها في العدّة، أو بحرمة التزويج فيها و تزوّج بها بطل العقد؛ فإن كان قد دخل بها حرمت عليه مؤبّداً أيضاً، و إلّا جاز التزويج بها بعد تمام العدّة.

(مسألة 959): لو تزوّج بامرأة عالماً بأنها ذات بعل، و بحرمة تزويجها حرمت عليه مؤبّداً- دخل بها أم لم يدخل-، و أما لو تزوجها مع جهله بالحال فسد العقد، و لم تحرم عليه إلّا مع الدخول بها حتّى مع علم الزوجة بالحال.

(مسألة 960): لا تحرم الزوجة على زوجها بزناها، و إن كانت مصرّة على ذلك. و الأولى- مع عدم التوبة- أن يطلّقها الزوج.

(مسألة 961): إذا تزوّجت المرأة ثمّ شكّت في أنّ زواجها وقع في العدّة أو بعد انقضائها لم تعتن بالشك.

(مسألة 962): إذا لاط البالغ بغلام فأوقب حرمت على الواطئ أبداً على الأحوط أمّ الموطوء و إن علت و أخته و بنته و إن سفلت، و لا يحرمن عليه مع الشك في الدخول، بل مع الظنّ به أيضاً، و في حرمة المذكورات إذا كان اللائط غير بالغ أو كان الملوط بالغاً إشكال، و الأظهر هو العدم.

(مسألة 963): إذا تزوّج امرأة ثمّ لاط بأبيها، أو أخيها، أو ابنها،

لم تحرم عليه، نعم لو زالت الزوجية بطلاق و نحوه وجب عليه ترك التزويج ثانياً على الأحوط.

(مسألة 964): يحرم التزويج حال الإحرام و إن لم تكن المرأة محرمة، و يقع العقد فاسداً حتى مع جهل الرجل المُحرم بالحرمة، و مع

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 324

علمه بالحرمة تحرم عليه مؤبّداً.

(مسألة 965): لا يجوز للمُحرمة أن تتزوّج برجل و لو كان مُحلًّا، و لو فعلت بطل العقد مطلقاً، و مع علمها بالحرمة تحرم عليه مؤبّداً.

(مسألة 966): إذا لم يأت الرجل بطواف النساء في الحجّ أو العمرة المفردة حرمت عليه النساء، و اذا تركته المرأة في الحجّ أو العمرة المفردة حرم عليها الرجال، نعم إذا أتيا به- بعد ذلك- ارتفعت الحرمة.

(مسألة 967): لا يجوز الدخول بالبنت قبل إكمالها تسع سنين، و لكنّه لو تزوّجها و وطأها لم يحرم عليه وطؤها بعد بلوغها، و إن كان الأحوط- حينئذٍ- طلاقها.

(مسألة 968): تحرم المطلّقة ثلاثاً على زوجها المطلّق لها، نعم لو تزوجت بغيره و دخل بها فطلّقها أو مات حلّت لزوجها الأوّل- على تفصيل يأتي في كتاب الطلاق-، و أما لو طلّقها تسعاً فهي تحرم عليه مؤبّداً.

أحكام العقد الدائم

(مسألة 969): يحرم على الزوجة الدائمة أن تخرج من دارها بدون إذن زوجها- و إن كان خروجها لأجل الأمور الجزئية- إذا كان منافياً لحقّ الزوج، و إلّا فالأولى أن لا تخرج، و يجب عليها أن تُمكِّن زوجها من نفسها بما شاء من الاستمتاعات، و ليس لها منعه من المقاربة إلّا لعذر

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 325

شرعي.

و نفقتها على زوجها- من الغذاء و اللباس و المسكن- ما دامت لم تخرج من بيته بغير عذر شرعي، فإن لم يبذل الزوج

لها نفقتها كانت النفقة ديناً ثابتاً في ذمّته.

(مسألة 970): إذا نشزت الزوجة فخرجت من عند زوجها لم تستحقّ النفقة، و إذا كانت عنده و لم تكن مطيعة له فالمشهور أنّها لا تستحقّ النفقة أيضاً، لكن فيه إشكال، و أما المهر فهو لا يسقط بالنشوز بلا إشكال.

(مسألة 971): لا يستحقّ الزوج على زوجته خدمة البيت و ما شاكلها.

(مسألة 972): إذا استصحب الزوج زوجته في سفره كانت نفقتها عليه و إن كانت أكثر من نفقتها في الحضر، و أما إذا سافرت المرأة بنفسها مع إذنه فليس على زوجها بذل ما يزيد على نفقتها في الحضر.

(مسألة 973): لو امتنع الزوج عن بذل نفقته زوجته المستحقّة لها، جاز لها أن تأخذها من ماله بدون اذنه، فإذا لم تتمكّن من الأخذ، و اضطرّت إلى اتّخاذ وسيلة لتحصيل معاشها لم يجب عليها إطاعة زوجها حال اشتغالها بتلك الوسيلة.

(مسألة 974): يجب على الولد الإنفاق على الأبوين الفقيرين، و يجب على الوالد الإنفاق على الولد الفقير، و يشترط في الوجوب قدرة المنفق على الإنفاق، و المشهور أن نفقة الأولاد- مع فقد الآباء- على الأمّ،

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 326

و إن فقدت فعلى أبيها و أمّها بالسوية، و لو كانت معهما أمّ الأب شاركتهما في النفقة، و هو لا يخلو من إشكال و إن كان أحوط.

و لا تجب النفقة على غير العمودين من الإخوة و الأعمام و الأخوال و غيرهم ذكوراً و إناثاً.

(مسألة 975): نفقة النفس مقدّمة على نفقة الزوجة، و هي مقدّمة على نفقة الأقارب، و الأقرب منهم مقدّم على الأبعد، فالولد مقدّم على ولد الولد، و تجب على المولى نفقة المملوك من الإنسان، و له أن يجعلها في كسبه مع

الكفاية، و إلّا تمّمه المولى، و الأحوط وجوب نفقة المملوك من الحيوان ما دام ملكاً له.

(مسألة 976): إذا عجز الإنسان عن الإنفاق على من تجب نفقته عليه؛ فإن كان زوجة بقيت في ذمّته يؤدّيها متى ما تمكّن، و إن كان غير زوجة سقط الوجوب و لا شي ء عليه.

(مسألة 977): نفقة الزوجة تقبل الإسقاط؛ فلو أسقطتها لم تجب على الزوج، و أما نفقة الأقارب فلا تقبل الإسقاط.

(مسألة 978): إذا كانت للرجل زوجتان دائمتان فبات عند إحداهما ليلة وجب عليه أن يبيت عند الأخرى ليلة أيضاً، و لا يجب عليه المبيت عندهما في غير هذه الصورة. نعم ليس له متاركة زوجته رأساً و جعلها كالمعلّقة، و الأحوط أن يبيت عند زوجته الدائمة الواحدة ليلة في كلّ أربع ليال.

(مسألة 979): لا يجوز ترك وطء الزوجة الدائمة أكثر من أربعة

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 327

أشهر إذا كانت شابّة، بل الحكم كذلك في المنقطعة على الأحوط.

(مسألة 980): إذا لم يعيّن المهر في العقد الدائم صحّ العقد، و مع الدخول يجب على الزوج مهر المثل.

(مسألة 981): إذا لم تعيّن المدّة لأداء المهر- حين العقد- جاز للزوجة الامتناع من المقاربة قبل أخذه- سواء أ كان الزوج متمكّناً من الأداء أم لا- و لو دخل بها الزوج برضاها قبل أداء المهر لم يكن لها الامتناع بعد ذلك من دون عذر شرعي.

النكاح المنقطع

(مسألة 982): يصحّ النكاح المنقطع و إن كان الداعي إليه أمراً آخر غير الاستمتاع، و لا بدَّ فيه من تعيين المهر و المدّة، فإن لم يتعيّن المهر و تعيّنت المدّة بطل العقد، و إن لم يتعيّن الأجل- سواء تعيّن المهر أم لم يتعيّن- ففي البطلان كلام، و الأقرب انقلابه

دائماً. و إن لم يتعيّن الأجل- سواء تعيّن المهر أم لم يتعيّن-.

و يعتبر في المدّة أن لا تزيد على عمر الزوجين عادة، و إلّا كان العقد دائماً على الأظهر، و لو نسى ذكر الأجل فالأظهر هو البطلان.

(مسألة 983): يجوز للمرأة في النكاح المنقطع أن تشترط على زوجها عدم الدخول بها، فلو اشترطت عليه ذلك لم يجز له مقاربتها و يجوز له ما سوى ذلك من الاستمتاعات، نعم لو رضيت الزوجة بعد ذلك

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 328

بمقاربته جازت له.

(مسألة 984): لا تجب نفقة الزوج في النكاح المنقطع و إن حملت من زوجها، و لا تستحقّ من زوجها المضاجعة و المبيت عندها، و لا توارث بينها و بين زوجها، و لو شرطا التوارث أو خصوص الزوج أو الزوجة ففيه إشكال، فلا يترك الاحتياط فيه.

(مسألة 985): يصحّ العقد المنقطع و لو مع جهل الزوجة بعدم استحقاقها النفقة و المضاجعة، و لا يثبت لها حق على الزوج من جهة جهلها، و يحرم عليها الخروج بغير إذن زوجها إذا كان خروجها منافياً لحقّه، بل مع عدم المنافاة- أيضاً- على الأحوط.

(مسألة 986): لو وكّلت المرأة رجلًا في تزويجها إيّاه لمدّة معيّنة بمبلغ معلوم، فخالف الوكيل فعقدها لنفسه، دواماً أو متعة لغير تلك المدّة، أو بغير ذلك المبلغ فإن أجازت العقد صحّ و إلّا بطل.

(مسألة 987): لا بأس بتزويج الأب أو الجدّ من طرفه بنته الصغيرة لمدّة قليلة لا لغاية الاستمتاع، بل لغاية أخرى من حصول المحرميّة و نحوه، إلّا أنّه لا بدّ في ذلك من مصلحة تعود إليها، و أما تزويجهما الصغير لتلك الغاية مع عدم قابليّة المدّة لاستمتاعه بوجه، فصحّته لا تخلو من إشكال.

(مسألة 988): لو

وهب الزوج مدّة زوجته المنقطعة بعد الدخول بها لزمه تمام المهر، و ينتصف المهر إذا كانت الهبة قبل الدخول على الأظهر.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 329

(مسألة 989): لا بأس على الزوج في تزويج المتمتّع بها في عدّتها منه دواماً أو منقطعاً.

مسائل متفرّقة

(مسألة 990): لا يجوز للرجل أن ينظر إلى ما عدا الوجه و الكفين من جسد المرأة الأجنبيّة و شعرها، و كذا الوجه و الكفين منها إذا كان النظر بريبة، بل الأحوط- لزوماً- تركه بدونها أيضاً، و كذلك الحال في نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي على الأحوط في غير وجهه و يديه و رأسه و رقبته و قدميه، و أما نظرها إلى هذه المواضع من الرجل فالظاهر جوازه فيما اذا لم يكن بريبة، و إن كان الأحوط ترك ذلك أيضاً.

(مسألة 991): يجوز النظر إلى نساء الكفّار إذا لم يكن نظر ريبة، سواء في ذلك الوجه و الكفّان، و ما جرت عادتهن على عدم ستره من سائر أعضاء البدن.

(مسألة 992): يجب على المرأة أن تستر شعرها و بدنها من الأجانب، بل يجب عليها ستر الوجه و الكفين عن غير المحارم مطلقاً على الأحوط، و الأولى التستّر من غير البالغ إذا كان مميّزاً.

(مسألة 993): يحرم النظر إلى عورة الغير- حتى الصبي المميّز- مباشرة، و يحرم على الأحوط إن كان من وراء الزجاج، أو في المرآة، أو في الماء الصافي و نحو ذلك. نعم يجوز لكلّ من الزوجين- و من في

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 330

حكمها- كالأمة و مولاها- النظر إلى جميع أعضاء بدن الآخر حتى العورة.

(مسألة 994): يجوز لكلّ من الرجل و المرأة أن ينظر إلى بدن محارمه- ما عدا العورة منه-

من دون ريبة، و في حكم العورة ما بين السرّة و الركبة على الأحوط فيهنّ، و أما النظر- مع الريبة- فلا فرق في حرمته بين المحارم و غيرهم.

(مسألة 995): لا يجوز لكلّ من الرجل و المرأة النظر إلى مماثله بقصد الريبة.

(مسألة 996): الأحوط ترك النظر إلى صورة المرأة الأجنبية إذا كان الناظر يعرفها.

(مسألة 997): إذا دعت الحاجة إلى أن يحقن الرجل رجلا أو امرأة- غير زوجته و من بحكمها- أو أن يغسل عورتهما، لزمه التحفّظ من لمس العورة بيده مع الإمكان، و كذلك المرأة بالنسبة إلى المرأة أو الرجل غير زوجها و من بحكمه.

(مسألة 998): لا بأس بنظر الطبيب الى بدن الأجنبية و مسّه بيده إذا توقّف عليه معالجتها، و مع إمكان الاكتفاء بأحدهما- النظر أو المسّ- لا يجوز الآخر، فلو تمكّن من المعالجة بالنظر فقط لا يجوز له المسّ، و كذا العكس.

(مسألة 999): لو اضطرّ الطبيب في معالجة المرأة- غير زوجته و من بحكمها- إلى النظر إلى عورتها فالأحوط أن ينظر إليها في المرآة، فلو لم يمكن المعالجة إلّا بالنظر إليها مباشرة جاز له ذلك.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 331

(مسألة 1000): يجب الزواج على من لا يستطيع التمالك على نفسه عن الوقوع في الحرام بسبب عدم زواجه.

(مسألة 1001): لا يجوز الخلوة بالمرأة الأجنبية في موضع لا يتيسّر الدخول فيه لغيرهما إذا احتمل أنّها تؤدّي إلى فساد، و لا بأس بالخلوة مع إمكان دخول الغير و لو كان صبيّاً مميّزاً، أو مع الأمن من الفساد.

(مسألة 1002): لو تزوّج امرأة على مهر معيّن و كان من نيّته أن لا يدفعه إليها صحّ العقد، و وجب عليه دفع المهر.

(مسألة 1003): يتحقق ارتداد المسلم بإنكاره الألوهية،

أو النبوّة، أو المعاد، أو بإنكاره حكماً من الأحكام مع علمه بثبوت الحكم على وجه يرجع إلى إنكار النبوّة، كوجوب الصلاة و الصوم و نحوهما، و يتحقق- كذلك- بالغلوّ و النصب فإنّهما يوجبان الكفر.

(مسألة 1004): إذا ارتدّ الزوج عن ملّة، أو ارتدّت الزوجة عن ملّة أو فطرة بطل النكاح، فان كان الارتداد قبل الدخول بها أو كانت الزوجة يائسة لم تكن عليها عدّة، و أما إذا كان الارتداد بعد الدخول، و كانت المرأة في سنّ من تحيض وجب عليها أن تعتدّ عدّة الطلاق، و المعروف أن المرتدّ منهما إذا رجع عن ارتداده إلى الإسلام قبل انقضاء العدّة بقي الزواج على حاله، و لكنّه مشكل جدّاً، فالاحتياط لا يترك.

(مسألة 1005): إذا ارتدّ الزوج عن فطرة حرمت عليه زوجته، و وجب عليها أن تعتدّ عدّة الوفاة إن كانت مدخولًا بها و غير يائسة، و يأتي مقدار عدّة الطلاق و الوفاة في باب الطلاق.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 332

(مسألة 1006): إذا اشترطت المرأة في عقدها أن لا يخرجها الزوج من بلدها- مثلًا- و قبل ذلك زوجها، لم يجز له إخراجها منه بغير رضاها.

(مسألة 1007): إذا كانت لزوجة الرجل بنت من غيره جاز له أن يزوّجها من ابنه من زوجة غيرها، و كذلك العكس.

(مسألة 1008): إذا كانت المرأة الحامل من السفاح مسلمة، أو كان الزاني بها مسلماً، لم يجز لها أن تسقط جنينها.

(مسألة 1009): لو فجر بمرأة ليست بذات بعل و لا في عدّة الغير ثمّ تزوّج بها بعد ما استبرأ رحمها- على النهج المتقدم في المسألة: (954)- فولدت، و لم يعلم أنّ الولد من الحلال أو الحرام فهو يلحق بهما شرعاً، و يحكم عليه بأنّه من

الحلال.

(مسألة 1010): لو تزوّج بامرأة جاهلًا بكونها في العدّة بطل العقد، و إن كان قد دخل بها تحرم عليه مؤبّداً، و إن كانت ولدت منه فالولد يلحق بهما شرعاً، هذا إذا كانت المرأة- أيضاً- جاهلة، و أما إذا كانت عالمة بكونها في العدّة و بحرمة التزويج في العدّة، فالولد يلحق بالرجل و لا يلحق بأمّه شرعاً، فانّها زانية حينئذٍ.

(مسألة 1011): لو ادعت المرأة أنّها يائسة لم تسمع دعواها، و لو ادّعت أنها خليّة من الزوج صُدّقت.

(مسألة 1012): لو تزوج بامرأة ادّعت أنّها خليّة، و ادّعى- بعد ذلك- مدّع أنها كانت ذات بعل، فالقول قول المرأة ما لم يثبت شرعاً أنّها كانت ذات بعل.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 333

(مسألة 1013): لا يجوز للأب أن يفصل ولده- ذكراً كان أم أنثى- من أمّه مدّة الرضاع- أعني حولين كاملين- لأنّ الأمّ أحقّ بحضانة ولدها في تلك المدّة، و الأحوط الأولى عدم فصل الأنثىٰ حتى تبلغ سبع سنين.

(مسألة 1014): يستحبّ التعجيل في تزويج البنت البالغة و تحصينها بالزواج، فعن الصادق عليه السلام: من سعادة المرء أن لا تطمث ابنته في بيته.

(مسألة 1015): إذا صالحت المرأة زوجها على أن لا يتزوّج عليها و يكون له مهرها صحّت المصالحة، و وجب على زوجها أن لا يتزوّج عليها، كما يجب عليها أن لا تطالب زوجها بالمهر.

(مسألة 1016): المتولّد من ولد الزنا إذا كان عن وطء مشروع فهو ولد حلال.

(مسألة 1017): إذا جامع زوجته في نهار شهر رمضان أو في حيضها ارتكب معصية، إلّا أنّها إذا حملت فولدت يعتبر الولد ولداً شرعيّاً لهما.

(مسألة 1018): إذا تيقّنت زوجة الغائب بموت زوجها فتزوّجت بعد ما اعتدّت عدّة الوفاة، ثمّ رجع زوجها الأوّل من

سفره انفصلت عن زوجها الثاني بغير طلاق، و هي محلّلة لزوجها الأوّل، ثمّ إنّ الثاني إن كان دخل بها لزمه مهر مثلها، و يجب على المرأة الاعتداد من وطئها شبهة، و لكن لا تجب على الواطئ نفقتها في أيام عدّتها.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 334

أحكام الرضاع

اشارة

يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، و تفصيل ذلك يظهر من المسائل الآتية:

(مسألة 1019): تحرم على المرتضع عدّة من النساء.

1- المرضعة؛ لأنّها أمّه من الرضاعة، كما أنّ صاحب اللبن أبوه.

2- أمّ المرضعة و إن علت، نسبيّة كانت أم رضاعيّة؛ لأنّها جدّته.

3- بنات المرضعة ولادة؛ لأنهنّ أخواته.

4- البنات النسبيّة و الرضاعيّة من أولاد المرضعة ولادة ذكوراً و إناثاً؛ لأنّ المرتضع إما أن يكون عمّهنّ أو خالهنّ من الرضاعة.

5- أخوات المرضعة و إن كانت رضاعيّة؛ لأنهنّ خالات المرتضع.

6- عمّات المرضعة و خالاتها و عمّات و خالات آبائها و أمّهاتها نسبيّة كانت أم رضاعيّة؛ فإنّهنّ عمّات المرتضع و خالاته من الرضاعة.

7- بنات صاحب اللبن النسبيّة و الرضاعيّة بلا واسطة أو مع الواسطة، لأنّ المرتضع إمّا أن يكون أخاهن، أو عمّهن، أو خالهنّ من الرضاعة.

8- أمّهات صاحب اللبن النّسبيّة و الرضاعيّة؛ لأنّهنّ جدّات المرتضع من الرضاعة.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 335

9- أخوات صاحب اللبن النسبيّة و الرضاعيّة؛ لأنهنّ عمّات المرتضع من الرضاعة.

10- عمّات صاحب اللبن و خالاته، و عمّات و خالات آبائه و أمهاته النسبيّة و الرضاعيّة؛ لأنّهنّ عمّات المرتضع و خالاته من الرضاعة.

11- حلائل صاحب اللبن؛ لأنهنّ حلائل أبيه.

(مسألة 1020): تحرم المرتضعة على عدّة من الرجال:

1- صاحب اللبن؛ لأنّه أبوها من الرضاعة.

2- آباء صاحب اللبن و المرضعة من النسب أو الرضاع؛ لأنّهم أجدادها من الرضاعة.

3- أولاد صاحب اللبن

النسبيّة و الرضاعيّة و إن نزلوا؛ لأنّها تكون أختهم، أو عمّتهم، أو خالتهم. و كذلك أولاد المرضعة ولادة و أولادهم نسباً أو رضاعاً، و كذا المرتضعون من أولادها ولادة.

4- إخوة صاحب اللبن النسبيّة و الرضاعيّة؛ لأنّهم أعمامها من الرضاعة.

5- أعمام صاحب اللبن و أخواله، و أعمام و أخوال آبائه و أمّهاته النسبيّة أو الرضاعيّة؛ لأنهم إمّا أن يكونوا أعمامها، أو أخوالها.

(مسألة 1021): تحرم بنات المرتضع أو المرتضعة نسبيّة و رضاعيّة- و إن نزلت- على آبائه و إخوته و أعمامه و أخواله من الرضاعة.

(مسألة 1022): تحرم على أبناء المرتضع أو المرتضعة، أمّهاته

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 336

و أخواته و خالاته و عمّاته من الرضاعة.

(مسألة 1023): لا يجوز أن يتزوّج أبو المرتضع أو المرتضعة بنات المرضعة النسبيّة و ان نزلت، و الأحوط الأولى أن لا يتزوّج بناتها الرضاعيّة و إن كان يحرم عليه أن ينظر منها إلى ما لا يحلّ النظر إليه لغير المحارم.

(مسألة 1024): لا يجوز أن يتزوّج أبو المرتضع أو المرتضعة بنات صاحب اللبن النسبيّة و الرضاعيّة.

(مسألة 1025): لا تحرم أخوات المرتضع و المرتضعة على صاحب اللبن، و لا على آبائه و أبنائه و أعمامه و أخواله، و إن كان الأحوط الأولى أن لا يتزوّج صاحب اللبن بها.

(مسألة 1026): لا تحرم المرضعة و بناتها و سائر أقاربها من النّساء على إخوة المرتضع و المرتضعة، كما لا تحرم عليهم بنات صاحب اللبن و سائر أقاربه من النّساء.

(مسألة 1027): إذا تزوّج امرأة و دخل بها حرمت عليه بنتها الرضاعيّة، كما تحرم عليه بنتها النسبيّة، و إذا تزوّج امرأة حرمت عليه أمّها الرضاعيّة و إن لم يكن دخل بها، كما تحرم عليه أمّها النسبيّة.

(مسألة 1028):

لا فرق في نشر الحرمة بالرضاع بين ما إذا كان الرضاع سابقاً على العقد و ما إذا كان لاحقاً له، مثلًا: إذا تزوّج الرجل صغيرة فأرضعتها أمّه أو جدّته، أو زوجة أبيه صاحب اللبن بطل العقد و حرمت الصغيرة عليه، لأنّها تكون أخته أو عمّته أو خالته.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 337

(مسألة 1029): لا بأس بأن ترضع المرأة طفل ابنها، و أما إذا أرضعت طفلًا لزوج بنتها، سواء أ كان الطفل من بنتها أم من ضرّتها بطل عقد البنت، و حرمت على زوجها مؤبّداً، لأنّه يحرم على أبي المرتضع أن ينكح في أولاد المرتضعة النسبيّة.

(مسألة 1030): إذا أرضعت زوجة الرجل بلبنه طفلًا لزوج بنته، سواء أ كان الطفل من بنته أم من ضرّتها؛ بطل عقد البنت و حرمت على زوجها مؤبّداً، لأنّه يحرم على أبي المرتضع أن ينكح في أولاد صاحب اللبن.

(مسألة 1031): ليس للرضاع أثر في التحريم ما لم تتوفّر فيه شروط ثمانية؛ و هي:

1- حياة المرضعة؛ فلو كانت المرأة ميتة حال ارتضاع الطفل منها الرضعات كلّها أو بعضها، لم يكن لهذا الرضاع أثر.

2- حصول اللبن للمرضعة في ولادة ناتجة من وطء مشروع- و إن كان عن شبهة-؛ فلو ولدت المرأة من الزنا فأرضعت بلبنها منه طفلًا لم يكن لإرضاعها اثر.

3- الارتضاع من الثدي؛ فلا أثر للحليب إذا أُلقي في فم الطفل أو حُقن به و نحو ذلك.

4- خلوص اللبن؛ فالممزوج بشي ء آخر مائع أو جامد- كاللبن و السكّر- لا أثر له.

5- كون اللبن الذي يرتضعه الطفل منتسباً بتمامه إلى شخص

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 338

واحد؛ فلو طلّق الرجل زوجته و هي حامل أو بعد ولادتها منه فتزوّجت شخصاً

آخر و حملت منه، و قبل أن تضع حملها أرضعت طفلًا بلبن ولادتها السابقة من زوجها الأوّل ثمان رضعات- مثلًا-، و أكملت بعد وضعها لحملها بلبن ولادتها الثانية من زوجها الأخير بسبع رضعات، لم يكن هذا الرضاع مؤثراً.

و يعتبر- أيضاً- وحدة المرضعة؛ فلو كان لرجل واحد زوجتان ولدتا منه فارتضع الطفل من إحداهما سبع رضعات و من الآخر ثمان رضعات- مثلًا- لم يكن لرضاعه أثر.

6- عدم قذف الطفل للحليب بالتقيّؤ لمرض و نحوه، فلو قاءه وجب الاحتياط؛ بعدم ترتيب الأثر على الرضاع من جهة النظر إلى ما لا يحل لغير المحارم، و ترتيب الأثر عليه من جهة ترك الازدواج.

7- بلوغ الرضاع درجة معيّنة؛ تحدّد من حيث الأثر بما أنبت اللحم و شدّ العظم، و من حيث العدد بما بلغ خمس عشرة رضعة، و هل تكفي عشر رضعات- أيضاً- في التحريم إذا لم يفصل بين الرضعات شي ء آخر حتى الطعام؟ فيه إشكال.

و الأحوط وجوباً ترك تزويج المحارم رضاعاً، و ترك النظر إليها كذلك.

و تحدّد من حيث الزمان بما استمرّ ارتضاع الطفل من المرأة يوماً و ليلة. و يلاحظ في التقدير الزماني أن يكون ما يرتضعه الطفل من المرضعة هو غذاؤه الوحيد طيلة المدّة المقرّرة، فلا يتناول طعاماً آخر، أو

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 339

لبناً من مرضعة أخرى، و لا بأس بتناول الماء أو الدواء أو الشي ء اليسير من الأكل بدرجة لا يصدق عليه الغذاء عرفاً.

كما يلاحظ في التقدير الكمّي توالي الرضعات الخمس عشرة؛ بأن لا يفصل بينها رضاع من امرأة أخرى، و أن تكون كلّ واحدة منها رضعة كاملة تروي الصبي، فلا تندرج الرضعة الناقصة في العدد، كما لا تعتبر الرضعات الناقصة المتعدّدة

بمثابة رضعة كاملة. نعم إذا التقم الصبي الثدي ثمّ رفضه- لا بقصد الإعراض عنه، بل لغرض التنفّس و نحوه- ثمّ عاد إليه، اعتبر عوده استمراراً للرضعة، و كان الكلّ رضعة واحدة كاملة.

8- عدم تجاوز الرضيع للحولين، فلو رضع أو أكمل بعد ذلك لم يؤثّر شيئاً.

و أما المرضعة؛ فلا يلزم في تأثير إرضاعها أن يكون دون الحولين من ولادتها.

(مسألة 1032): إذا أرضعت امرأة صبياً رضاعاً كاملًا، ثمّ طلّقها زوجها، و تزوّجت من آخر، و ولدت له و تجدّد لديها اللبن- لأجل ذلك- فأرضعت به صبيّة رضاعاً كاملًا، لم تحرم هذه الصبيّة على ذلك الصبي، لاختلاف اللبنين من ناحية تعدّد الزوج، و أما إذا ولدت المرأة مرّتين لزوج واحد و أرضعت في كلّ مرّة واحداً منهما، أصبح الطفلان أخوين، و حرم أحدهما على الآخر، كما حرما على المرضعة و زوجها، و كذلك الحال إذا كان للرجل زوجتان ولدتا منه، و أرضعت كلّ منهما واحداً منهما، فإن أحد الطفلين يحرم على الآخر كما يحرمان على المرضعتين و زوجهما،

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 340

فاللازم- إذن- في حرمة أحد الطفلين على الآخر بالرضاعة وحدة الرجل المنتسب إليه اللبن الذي ارتضعا منه، سواء اتّحدت المرضعة أم تعددت.

نعم يعتبر أن يكون تمام الرضاع المحرّم من امرأة واحدة، كما تقدّم في المسألة السابقة.

(مسألة 1033): إذا حرم أحد الطفلين على الآخر بسبب ارتضاعهما من لبن منتسب إلى رجل واحد، لم يؤدّ ذلك إلى حرمة إخوة أحدهما على إخوة الآخر، و لا إلى حرمة الأخوة على المرضعة.

(مسألة 1034): لا يجوز التزويج ببنت أخي الزوجة و بنت أختها من الرضاعة إلّا برضاها، كما لا يجوز التزويج بهما من النسب إلّا برضاها، فإنّ الرضاع بمنزلة

النسب، و كذلك الأخت الرضاعيّة بمنزلة الأخت النسبيّة؛ فلا يجوز الجمع بين الأختين الرضاعيّتين، فلو عقد على إحداهما لم يجز عقده على الاخرى، و لو عقد عليهما معاً في زمان واحد تخيّر بينهما.

و يجب على من ارتكب فاحشة اللواط بغلام ترك الزواج من بنته، و أمّه، و أخته الرضاعيّات- أيضاً- كما كان هو الحال في النسبيّات.

(مسألة 1035): لا تحرم المرأة على زوجها فيما إذا أرضعت من أقربائها- أخاها أو أولاد أخيها، أو أختها أو أولاد أختها، أو عمّها أو خالها أو أولادهما، أو عمّتها أو خالتها أو أولادهما-، و كذلك لا تحرم المرأة على زوجها فيما إذا أرضعت من أقربائه- أخاه أو أخته، أو عمّه أو عمّته، أو خاله أو خالته، أو ولد بنته من زوجته الأخرى، أو ولد أخته- و إن كان

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 341

الأولى الاحتياط في جميع هذه الصور.

(مسألة 1036): لا تحرم على الرجل امرأة أرضعت طفل عمّته أو طفل خالته، و إن كان الأحوط ترك الزواج منها، كما لا تحرم عليه زوجته إذا ارتضع ابن عمّها من زوجة اخرى له.

(مسألة 1037): لا توارث في الرضاع فيما يتوارث به من النسب.

الرضاع و آدابه

(مسألة 1038): الامّ أحقّ بإرضاع ولدها من غيرها؛ فليس للأب تعيين غيرها لإرضاع الولد إلّا إذا طالبت بأجرة و كانت غيرها تقبل الإرضاع بأجرة أقلّ أو بدون أجرة.

و يحسن بالامّ أن لا تأخذ الأجرة على إرضاع ولدها، كما ينبغي للأب أن يعطيها أجراً على ذلك و إن لم تطالبه.

(مسألة 1039): يستحبّ اختيار المرضعة المؤمنة الاثنى عشرية العفيفة الوضيئة، الحميدة في خُلقها و خَلقها، و يكره استرضاع المرأة الناقصة في عقلها، و سيّئة الخلق و كريهة الوجه و

غير الاثنى عشرية، كما يكره استرضاع الزانية من اللبن الحاصل بالزنا.

(مسألة 1040): يستحبّ إرضاع الولد حولين كاملين إذا أمكن ذلك.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 342

مسائل متفرّقة في الرضاع

(مسألة 1041): يستحبّ منع النساء من الاسترسال في إرضاع الأطفال دون تحفّظ، خوفاً من حصول الزواج بينهم بدون التفات إلى العلاقة الرضاعيّة.

(مسألة 1042): يستحبّ للمنتسبين بالرضاع احترام بعضهم بعضاً، فإنّ الرضاع لحمة كلحمة النسب.

(مسألة 1043): لا يجوز للزوجة إرضاع ولد الغير إذا زاحم ذلك حقّ زوجها ما لم يأذن زوجها لها في إرضاعه، كما لا يجوز لها إرضاع ضرّتها الصغيرة، لأنّه يؤدّي إلى حرمتها على زوجها، إذ تصبح أمّ زوجته الصغيرة، و إلى حرمة الصغيرة إذا كانت المرضعة مدخولًا بها، أو كان الرضاع بلبن زوجها.

(مسألة 1044): يمكن لأحد الأخوين أن يجعل نفسه محرماً على زوجة الآخر عن طريق الرضاع، فيباح له النظر إليها، و ذلك بأن يتزوّج طفلة، ثمّ ترضع من زوجة أخيه، فتكون المرضعة أمّ زوجته، و بذلك تندرج في محارمه و يجوز النظر إليها.

(مسألة 1045): إذا اعترف الرجل بحرمة امرأة أجنبيّة عليه بسبب الرضاع، و كان اعترافه معقولًا، لم يجز له أن يتزوّجها، و إذا ادّعى حرمة المرأة عليه- بعد عقد عليها- و صدّقته المرأة بطل العقد، و ثبت لها مهر

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 343

المثل إذا كان قد دخل بها و لم تكن عالمة بالحرمة وقتئذٍ. و أما إذا لم يكن قد دخل بها، أو كان قد دخل بها مع علمها بالحرمة، فلا مهر لها، و نظير اعتراف الرجل بحرمة المرأة اعتراف المرأة بحرمة رجل عليها قبل العقد أو بعده، فيجري فيه التفصيل الآنف الذكر.

(مسألة 1046): يثبت الرضاع المحرّم بأمرين:

الأوّل: إخبار جماعة

يوجب الاطمئنان بوقوعه.

الثاني: شهادة البيّنة العادلة على وقوع الرضاع المحرّم بالتفصيل المتقدّم، كأن تشهد على خمس عشرة رضعة متوالية و نحو ذلك، و تحصل البيّنة بشهادة رجلين، أو رجل مع امرأتين، أو نساء أربع.

(مسألة 1047): إذا لم يعلم بوقوع الرضاع أو كماله حكم بعدمه، و إن كان الاحتياط مع الظنّ بوقوعه كاملًا- بل مع احتماله أيضاً- أحسن.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 344

الطلاق و أحكامه

اشارة

(مسألة 1048): يشترط في المُطلّق أمور:

1- البلوغ؛ فلا يصحّ طلاق الصبي.

2- العقل؛ فلا يصحّ طلاق المجنون و من فقد عقله بإغماء أو شرب مسكر و نحوهما.

3- الاختيار؛ فلا يصحّ طلاق المُكرَه و المجبور.

4- قصد الفراق حقيقة بالصيغة؛ فلا يصحّ الطلاق إذا صدرت الصيغة حال النوم أو هزلًا أو سهواً أو نحو ذلك.

(مسألة 1049): لا يجوز الطلاق ما لم تكن المطلّقة طاهرة من الحيض و النفاس. و يستثنى من ذلك موارد:

الأوّل: أن لا يكون الزوج قد دخل بزوجته.

الثاني: أن تكون الزوجة مستبينة الحمل؛ فإن لم يستبن حملها و طلّقها زوجها- و هي حائض- ثمّ علم أنها كانت حاملا- وقتئذٍ- وجب عليه أن يطلّقها ثانياً على الأحوط.

الثالث: أن يكون الزوج غائباً أو محبوساً، و لم يتمكّن من استعلام حال زوجته، فيصحّ منه الطلاق و إن وقع حال حيضها، و أما إذا تمكّن الغائب أو المحبوس من استعلام الحال- من جهة العلم بعادتها، أو ببعض

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 345

الأمارات الشرعيّة- لم يجز له طلاقها ما لم تمض مدّةً يعلم فيها بالطّهر، و كذلك إذا سافر الزوج و ترك زوجته- و هي حائض- فإنّه لا يجوز له أن يطلّقها ما لم تمض مدّة حيضها، و اذا طلق الزوج زوجته في غير

هذه الصور- و هي حائض- لم يجز الطلاق. و إن طلقها باعتقاد أنها حائض و بانت طاهرة صحّ الطلاق.

(مسألة 1050): كما لا يجوز طلاق المرأة في الحيض و النفاس كذلك لا يجوز طلاقها في طهر قاربها فيه، فلو قاربها في طهر لزمه الانتظار حتىٰ تحيض و تطهر، ثمّ يطلّقها بدون مواقعة، و لو سافر عنها وجب عليه الانتظار مدّة تنتقل فيها المرأة- عادة- إلى طهر جديد، على أن لا يقلّ انتظاره عن شهر على الأحوط. و يستثنى من ذلك الصغيرة و اليائسة، فإنّه يجوز طلاقهما في طهر المواقعة، و كذلك الحامل المستبين حملها؛ و لو طلّقها- قبل ذلك- ثمّ ظهر أنّها كانت حاملا، وجب عليه طلاقها ثانياً على الأحوط.

و أما من لا تحيض- و هي في سنّ من تحيض- فلا يجوز طلاقها إذا واقعها الزوج إلّا بعد أن يعتزل عنها ثلاثة أشهر.

(مسألة 1051): لا يقع الطلاق إلّا بلفظ الطلاق بصيغة خاصّة عربيّة، و في محضر عدلين ذكرين يسمعان الإنشاء، فيقول الزوج مثلًا: (زوجتي فلانة طالق)، أو يخاطب زوجته و يقول: (أنتِ طالق) أو يقول وكيله:

(زوجة موكّلي فلانة طالق)، و إذا كانت الزوجة معيّنة لم يلزم ذكر اسمها.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 346

(مسألة 1052): لا يصحّ طلاق المتمتّع بها، بل فراقها يتحقق بانقضاء المدّة، أو بذله لها، بأن يقول الرجل: (وهبتك مدّة المتعة).

و لا يعتبر في صحّة البذل الإشهاد، و لا خلوّها من الحيض و النفاس.

عدّة الطلاق

(مسألة 1053): لا عدّة على الصغيرة التي لم تكمل التسع و إن دخل بها زوجها، و كذلك اليائسة، فيسمح لهما بالزواج بمجرّد الطلاق، و كذلك من لم يدخل بها زوجها و إن كانت بالغة.

(مسألة 1054): إذا طلّق الرجل

زوجته المدخول بها- بعد إكمال التسع و قبل بلوغها سنّ اليأس- وجبت عليها العدّة، و عدّة الحرّة- غير الحامل- ثلاثة أطهار، و يحسب الطهر الفاصل بين الطلاق و حيضها طهراً واحداً، فتنقضي عدّتها برؤية الدم الثالث.

(مسألة 1055): المطلّقة الحامل عدّتها مدّة حملها، فتنقضي بوضع الحمل تامّاً أو سقطاً و لو كان بعد الطلاق بساعة.

(مسألة 1056): إذا حملت باثنين فانقضاء عدّتها بوضع الأخير منهما.

(مسألة 1057): المطلّقة- غير الحامل- إذا كانت لا تحيض- و هي في سنّ من تحيض- عدّتها ثلاثة أشهر، فإذا طلّقها- في أوّل الشهر-

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 347

اعتدّت إلى ثلاثة أشهر هلاليّة، و إذا طلّقها- في أثناء الشهر- اعتدّت بقيّة شهرها و شهرين هلاليّين آخرين و مقداراً من الشهر الرابع تكمل به نقص الشهر الأوّل، فمن طُلّقت في غروب اليوم العشرين من شهر رجب- مثلًا، و كان الشهر تسعة و عشرين يوماً- وجب عليها أن تعتدّ إلى اليوم العشرين من شوّال، و الأحوط لها أن تعتدّ إلى اليوم الواحد و العشرين منه ليكتمل بضمّه إلى أيام العدّة من رجب ثلاثون يوماً.

(مسألة 1058): عدّة المتمتع بها إذا كانت بالغة مدخولًا بها غير يائسة حيضتان كاملتان على الأحوط، و إن كانت لا تحيض لمرض و نحوه، فعدّتها خمسة و أربعون يوماً، و عدّة الحامل المتمتع بها أبعد الأجلين من وضع حملها و من مضيّ خمسة و أربعون يوماً على الأحوط.

(مسألة 1059): ابتداء عدّة الطلاق من حين وقوعه، فلو طلّقت المرأة- و هي لا تعلم به- فعلمت به- و العدّة قد انقضت- جاز لها التزويج دون أن تنتظر مضيّ زمان ما، و إذا علمت بالطلاق- أثناء العدّة- أكملتها، و كذلك الحال في المتمتع بها.

عدّة الوفاة

(مسألة 1060): إذا توفّى الزوج وجبت على زوجته العدّة مهما كان عمر الزوجة. فتعتدّ الصغيرة و البالغة و اليائسة على السواء، من دون فرق بين الزوجة المنقطعة، و الدائمة، و المدخول بها، و غيرها. و يختلف مقدار

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 348

العدّة تبعاً لوجود الحمل و عدمه، فإذا لم تكن الزوجة حاملًا اعتدّت أربعة أشهر و عشرة أيام، و إذا كانت حاملًا كانت عدّتها أبعد الأجلين من هذه المدّة و وضع الحمل، فتستمرّ الحامل في عدّتها إلى أن تضع ثمّ ترى؛ فإن كان قد مضى على وفاة زوجها- حين الوضع- أربعة أشهر و عشرة أيام فقد انتهت عدّتها، و إلّا استمرت في عدّتها إلى أن تكمل هذه المدّة.

و مبدأ عدّة الوفاة- فيما إذا كان الزوج غائباً أو في حكمه- من حين بلوغ خبر الموت إلى الزوجة على الأحوط، دون زمان الوفاة واقعاً، و كذا الحال في المجنونة و الصغيرة.

(مسألة 1061): كما يجب على الزوجة أن تعتدّ عند وفاة زوجها، كذلك يجب عليها- إذا كانت بالغة- الحداد بترك ما فيه زينة؛ من الثياب، و الادّهان، و الطيب، فيحرم عليها لبس الأحمر و الأصفر، و الحليّ، و التزيّن بالكحل و الطيب و الخضاب، و ما إلى ذلك مما يُعدّ زينة تتزيّن به الزوجات لأزواجهنّ.

(مسألة 1062): إذا غاب الزوج عن زوجته، و بعد ذلك تأكّدت الزوجة- لقرائن خاصّة- على موت زوجها في غيبته، كان لها أن تتزوّج بآخر بعد انتهاء عدّتها، فلو تزوّجت شخصاً آخر، ثمّ ظهر أنّ زوجها الأوّل مات بعد زواجها من الثاني وجب عليها الانفصال من زوجها الثاني، فإذا كانت حاملًا فالأحوط أن تعتدّ منه عدّة الطلاق إلى أن تضع حملها، ثمّ

تعتدّ أربعة أشهر و عشراً عدّة الوفاة لزوجها الأوّل، و أما إذا لم تكن حاملًا، فتعتدّ أوّلًا عدّة الوفاة للزوج الأوّل، ثمّ تعتدّ عدّة الطلاق للثاني.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 349

(مسألة 1063): إذا ادّعت المرأة انقضاء عدّتها قُبلت دعواها بشرطين:

الأوّل: أن لا تكون المرأة مظنّة التهمة على الأحوط.

الثاني: أن يمضي زمان من الطلاق أو من موت الزوج بحيث يمكن أن تنقضي العدّة فيه.

الطلاق البائن و الرجعي

اشاره

(مسألة 1064): الطلاق البائن: ما ليس للزوج بعده الرجوع إلى الزوجة إلّا بعقد جديد، و هو ستّة:

1- طلاق الصغيرة التي لم تبلغ التسع.

2- طلاق اليائسة.

3- الطلاق قبل الدخول.

4- الطلاق الذي سبقه طلاقان.

5- طلاق الخلع و المباراة.

6- طلاق الحاكم زوجة الممتنع عن الطلاق و عن الإنفاق عليها.

و ستمرّ عليك أحكام تلك الأقسام، و أما غير الأقسام المذكورة فهو طلاق رجعي؛ و هو الذي يحقّ للمطلّق- بعده- أن يراجع المطلّقة ما دامت في العدّة.

(مسألة 1065): تثبت النفقة و السكنى لذات العدّة الرجعيّة في العدّة،

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 350

و الأحوط أن لا تخرج من دارها إلّا في حاجة لازمة، كما يحرم على زوجها إخراجها من الدار التي كانت فيها عند الطلاق على الأحوط، إلّا أن تأتي بفاحشة مبيِّنة، كما إذا كانت بذيئة اللسان، أو كانت تتردّد على الأجانب، أو يتردّدون عليها.

الرجعة و حكمها

(مسألة 1066): الرجعة: عبارة عن ردّ المطلّقة الرجعيّة في زمان عدّتها إلى نكاحها السابق. فلا رجعة في البائنة، و لا في الرجعيّة بعد انقضاء عدّتها.

و تتحقّق الرجعة بأحد أمرين:

الأوّل: أن يتكلّم بكلام دالّ على إنشاء الرجوع، كقوله: راجعتك و نحوه ..

الثاني: أن يفعل فعلًا يقصد به الرجوع إليها.

و الظاهر تحقق الرجوع بالوطء و إن لم يقصد به الرجوع إليها.

(مسألة 1067): لا يعتبر الإشهاد في الرجعة، كما لا يعتبر فيها اطّلاع الزوجة عليها، و عليه فلو رجع بها في نفسه من دون اطّلاع أحد صحّت الرجعة، و عادت المرأة إلى نكاحها السابق.

(مسألة 1068): إذا طلّق الرجل زوجته طلاقاً رجعيّاً ثمّ صالحها على أن لا يرجع إليها بإزاء مالٍ أخذه منها صحّت المصالحة و لزمت، و لكنّه مع

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 351

ذلك

لو رجع إليها بعد المصالحة صحّ رجوعه.

(مسألة 1069): لو طلّق الرجل زوجته ثلاثاً مع تخلّل رجعتين أو عقدين جديدين في البين حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره، و يعتبر في زوال التحريم بالنكاح الثاني أمور:

الأوّل: أن يكون العقد دائماً لا منقطعاً.

الثاني: أن يطأها؛ و الأحوط أن يكون الوطء في القبل.

الثالث: أن يفارقها الزوج الثاني بموت أو طلاق.

الرابع: انقضاء عدّتها من الزوج الثاني.

الخامس: أن يكون الزوج الثاني بالغاً على الأحوط. فلا اعتبار بنكاح غير البالغ.

الطلاق الخلعي

(مسألة 1070): الخلع: هو الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها.

(مسألة 1071): صيغة الخلع أن يقول الزوج- بعد أن تقول الزوجة لزوجها: بذلت لك مهري على أن تخلعني-: (زوجتي فلانة خالعتها على ما بذلت)، و الأحوط استحباباً أن يعقِّبه بكلمة: (هي طالق). و إذا كانت الزوجة معيّنة لم يلزم ذكر اسمها، لا في الخلع و لا في المباراة. و يجوز أن يكون المبذول غير المهر.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 352

(مسألة 1072): إذا وكّلت المرأة أحداً في بذل مهرها لزوجها، و وكّله زوجها- أيضاً- في طلاقها قال الوكيل: (عن موكلتي فلانة بذلت مهرها لموكّلي فلان ليخلعها عليه)، و يعقِّبه فوراً بقوله: (زوجة موكّلي خالعتها على ما بذلت هي طالق).

و لو وكّلت الزوجة شخصاً في بذل شي ء آخر- غير المهر- لزوجها يذكره الوكيل مكان كلمة المهر، مثلًا إذا كان المبذول مائة دينار قال الوكيل (عن موكّلتي بذلت مائة دينار لموكّلي فلان ليخلعها عليه) ثمّ يعقِّبه بما تقدّم.

المباراة و حكمها

المباراة: هي طلاق الزوج الكاره لزوجته بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها. فالكراهة في المباراة تكون من الطرفين.

(مسألة 1073): صيغة المباراة أن يقول الزوج: (بارأت زوجتي فلانة على مهرها فهي طالق) على الأحوط. و لو وكّل غيره في ذلك قال الوكيل:

(بارأت زوجة موكّلي فلانة على مهرها) أو (بمهرها) بدل جملة: (على مهرها). و إذا كانت المرأة معيّنة لم يلزم ذكر اسمها كما عرفته في الخلع.

(مسألة 1074): تعتبر العربيّة الصحيحة في صيغة الخلع و المباراة.

نعم لا تعتبر العربيّة في بذل الزوجة مالها للزوج ليطلّقها، بل يقع ذلك بكلّ لغة مفيدة للمعنى المقصود.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 353

(مسألة 1075): لو رجعت الزوجة عن بذلها في عدّة الخلع و المباراة جاز

للزوج أيضاً أن يرجع إليها، فينقلب الطلاق البائن رجعياً.

(مسألة 1076): يعتبر في المباراة أن لا يكون المبذول أكثر من المهر، و لا بأس بزيادته في الخلع.

مسائل متفرقة في الطلاق

(مسألة 1077): إذا وطأ الرجل امرأة شبهة باعتقاد أنّها زوجته اعتدّت عدّة الطلاق- على التفصيل المتقدّم- سواء علمت المرأة بكون الرجل أجنبيّاً أم لم تعلم به.

(مسألة 1078): إذا زنى بامرأة- مع العلم بكونها أجنبيّة- لم تجب عليها العدّة، سواء علمت بكون الرجل أجنبيّاً أم لم تعلم به، و لكن الأحوط لزوماً أن لا يتزوّج بها الزاني إلّا بعد استبرائها بحيضة.

(مسألة 1079): إذا خدع الرجل ذات بعل ففارقت زوجها بطلاق و تزوّج بها، صحّ الطلاق و الزواج، غير أنّهما ارتكبا معصية كبيرة.

(مسألة 1080): لو اشترطت الزوجة على زوجها في عقد الزواج أن يكون اختيار الطلاق بيدها- مطلقاً، أو إذا سافر، أو إذا لم ينفق عليها- بطل الشرط، و أما إذا اشترطت عليه أن تكون وكيلة عنه في طلاق نفسها- مطلقاً، أو إذا سافر، أو إذا لم ينفق عليها- صحّ الشرط، و صحّ طلاقها حينئذٍ.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 354

(مسألة 1081): إذا غاب الزوج و لم يظهر له أثر، و لم يُعلَم موته و لا حياته؛ جاز لزوجته أن ترفع أمرها إلى المجتهد العادل فتعمل بما يقرِّره.

(مسألة 1082): طلاق زوجة المجنون بيد أبيه و جدّه لأبيه.

(مسألة 1083): إذا زوّج الطفل أبوه أو جدّه من أبيه بعقد انقطاع جاز لهما بذل مدّة زوجته مع المصلحة، و لو كانت المدّة تزيد على زمان صباه؛ كما إذا كان عمر الصبي أربع عشرة سنة، و كانت مدّة المتعة سنتين مثلًا.

و ليس لهما تطليق زوجته الدائمة.

(مسألة 1084): لو اعتقد الرجل بعدالة رجلين و طلّق

زوجته عندهما؛ جاز لغيره تزويجها بعد انقضاء عدّتها، و إن لم يحرز هو عدالة الشاهدين. نعم الأحوط استحباباً أن لا يتزوّجها بنفسه، و لا يتصدّى لتزويجها للغير ما لم يحرز عدالتهما.

(مسألة 1085): إذا طلّق الرجل زوجته دون أن تعلم به، و أنفق عليها على النهج الذي كان ينفق عليها قبل طلاقها و أخبرها به بعد مدّة طويلة و أثبت ذلك، جاز له أن يستردّ ما بقي عندها مما هيّأه لمعيشتها من المأكول أو غيره.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 355

أحكام الغصب

الغصب: هو استيلاء الإنسان عدواناً على مال الغير أو حقِّه.

________________________________________

قمّى، سيد محمد حسينى روحانى، المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، در يك جلد، شركة مكتبة الألفين، كويت، اول، 1417 ه ق

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)؛ ص: 355

و هو من كبائر المحرّمات، و يؤاخذ فاعله يوم القيامة بأشدّ العذاب، و عن النبي الأكرم صلى اللّٰه عليه و آله: «من غصب شبراً من الأرض طوّقه اللّٰه من سبع أرضين يوم القيامة».

(مسألة 1086): من الغصب منع الناس عن الانتفاع بالأوقاف العامّة- كالمساجد و المدارس و القناطير و نحوها-، و كذا الحال فيما إذا اتّخذ أحد مكاناً في المسجد للصلاة أو لغيرها، فإنّ منعه عن الانتفاع به من الغصب الحرام.

(مسألة 1087): لا يجوز للراهن أن يأخذ من المرتهن رهنه قبل أن يوفّي له دينه، لأنّه وثيقة للدَّين، فلو أخذه منه قبل ذلك- من دون رضاه- فقد غصب حقّه.

(مسألة 1088): إذا غصبت العين المرهونة، فلكلّ من الراهن و المرتهن مطالبتها من الغاصب، و إن أُخذ منه بدلها لأجل تلف العين، فعلى المشهور هو- أيضاً- يكون رهناً.

(مسألة 1089): يجب على الغاصب ردّ المغصوب إلى مالكه، كما يجب عليه ردّ عوضه

إليه على تقدير تلفه.

(مسألة 1090): منافع المغصوب- كالولد و اللبن و نحوهما- ملك

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 356

لمالكه، و كذلك أجرة الدار التي غصبها، فإنّه لا بد من دفعها إلى مالكها و إن لم يسكنها الغاصب قطّ.

(مسألة 1091): المال المغصوب من الصبي أو المجنون يُردّ إلى وليّهما، و مع التلف يُردّ عوضه.

(مسألة 1092): إذا كان الغاصب شخصين معاً ضمن كلّ منهما نصف المغصوب و إن كان كلّ منهما متمكّناً من غصب المال بتمامه.

(مسألة 1093): لو اختلط المغصوب بغيره- كما إذا غصب الحنطة و مزجها بالشعير- فمع التمكّن من تمييزه يجب على الغاصب أن يميّزه و يردّه إلى مالكه.

(مسألة 1094): إذا غصب قلادة- مثلًا- فكسرها وجب ردّها إلى مالكها، و عليه أجرة صياغتها، و لو طلب الغاصب أن يصوغها ثانياً كما كانت سابقاً- فراراً عن أجرة الصياغة- لم يجب على المالك القبول، كما أن المالك ليس له إجبار الغاصب بالصياغة و إرجاع المغصوب إلى حالته الأولى.

(مسألة 1095): لو تصرّف الغاصب في العين المغصوبة بما تزيد به قيمتها- كما إذا غصب ذهباً فصاغه قرطاً أو قلادة- و طلب المالك ردّها إليه بتلك الحالة وجب ردّها إليه، و لا شي ء له بإزاء عمله، بل ليس له إرجاعها إلى حالتها السابقة من دون إذن مالكها، فلو أرجعها إلى ما كانت عليه سابقاً- من دون إذنه- ضمن للمالك أجرة صياغتها.

(مسألة 1096): لو تصرّف الغاصب في العين المغصوبة بما تزيد به

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 357

قيمتها عمّا قبلُ، و طلب المالك إرجاعها إلى حالتها السابقة وجب، و لو نقصت قيمتها الأوليّة بذلك ضمن أرش النقصان، فالذهب الذي صاغه قرطاً إذا طلب المالك إعادته إلى ما

كان عليه سابقاً، فأعاده الغاصب على ما كان عليه فنقصت قيمته ضمن النقص.

(مسألة 1097): لو غصب أرضاً فغرسها أو زرعها فالغرس و الزرع و نماؤهما للغاصب، و عليه إزالتهما فوراً و إن تضرّر بذلك، إلّا إذا رضي المالك بالبقاء، كما أنّ عليه- أيضاً- طمّ الحفر، و أجرة الأرض ما دامت مشغولة بهما، و لو حدث نقص في قيمة الأرض بقلعهما وجب عليه أرش النقصان، و ليس له إجبار المالك على بيع الأرض منه أو إجارتها إيّاه، كما أنّ المالك لو بذل قيمة الغرس و الزرع لم تجب على الغاصب إجابته.

(مسألة 1098): إذا رضي المالك ببقاء غرس الغاصب أو زرعه في أرضه بعوض لم يجب على الغاصب قلعهما، و لكن لزمته أجرة الأرض من لدن غصبها إلى زمان رضا المالك بالبقاء.

(مسألة 1099): إذا تلف المغصوب- و كان قيميّاً-؛ بأن اختلفت أفراده في القيمة السوقيّة، من جهة الخصوصيّات الشخصيّة- كالبقر و الغنم و نحوهما- وجب ردّ قيمته إن لم يكن هناك تفاوت في القيمة السوقيّة بحسب الأزمنة، و مع التفاوت فالأحوط وجوباً أن يدفع إلى المالك أعلى القيم من زمان الغصب إلى زمان التلف.

(مسألة 1100): المغصوب التالف إذا كان مثليّاً- بأن لم تختلف أفراده في القيمة من جهة الخصوصيّات الشخصيّة- كالحنطة و الشعير

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 358

و نحوهما- وجب أيضاً ردّ قيمته، و الأحوط وجوباً أن يدفع إلى المالك أعلى القيم من زمان الغصب إلى زمان التلف.

(مسألة 1101): لو غصب قيميّاً فتلف و لم تتفاوت قيمته السوقيّة في زماني الغصب و التلف، إلّا أنّه حصل فيه ما يوجب ارتفاع قيمته، كما إذا كان الحيوان مهزولًا حين غصبه ثمّ سمن، فإنّه يضمن قيمته حال

سمنه.

(مسألة 1102): إذا غُصبت العين من مالكها، ثمّ غصبها الآخر من الغاصب، ثمّ تلفت، فللمالك مطالبة أيّ منهما بقيمتها، كما أنّ له مطالبة كلّ منهما بمقدار من العوض.

ثمّ إنّه إذا أخذ العوض من الغاصب الأوّل فللأوّل مطالبة الغاصب الثاني بما غرمه للمالك، و أما إذا أخذ العوض من الغاصب الثاني، فليس له أن يرجع إلىٰ الأوّل بما دفعه إلىٰ المالك.

(مسألة 1103): إذا بطلت المعاملة لفقدها شرطاً من شروطها- كما إذا باع ما يباع بالوزن من دون وزن- فإن رضي البائع و المشتري بتصرّف كلّ منهما في مال الآخر- مع قطع النظر عن صحّة المعاملة- فهو، و إلّا فما في يد كلّ منهما من مال صاحبه كالمغصوب؛ يجب ردّه إلىٰ مالكه، فلو تلف تحت يده وجب ردّ عوضه، سواء أعلم ببطلان المعاملة أم لم يعلم.

(مسألة 1104): المقبوض بالسوم و ما يبقيه المشتري عنده ليتروّىٰ في شرائه، إذا تلف ضمن للبائع قيمته.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 359

أحكام اللقطة

اللقطة: و هي المال المأخوذ المعثور عليه بعد ضياعه من مالكه.

(مسألة 1105): إذا لم تكن للمال الملتقط علامة يُعرف بها. و بلغت قيمته درهماً (6/ 12 حمصة من الفضة المسكوكة) فالأحوط أن يتصدّق به عن مالكه، و إن كان الأظهر جواز تملك الملتقط له.

(مسألة 1106): إذا كانت قيمة اللقطة دون الدرهم، فإن علم مالكها- و لم يعلم رضاه- لم يجز أخذها من دون إجازته، و أما إذا لم يعلم مالكها فللملتقط أخذها بنية التملّك، ثمّ إذا ظهر مالكها لزم دفعها إليه، و إن كانت تالفة لم يضمن.

(مسألة 1107): اللقطة إذا كانت لها علامة يمكن الوصول بها إلىٰ مالكها، و بلغت قيمتها درهماً، وجب تعريفها في مجامع الناس سنة

كاملة من يوم الالتقاط، سواء أ كان مالكها مسلماً أم كافراً ذميّاً، هذا فيما إذا أمكن التعريف، و أما فيما لا يمكن فيه التعريف- لأجل أنّ مالكه قد سافر إلىٰ البلاد البعيدة التي لا يمكن الوصول إليها، أو لأجل أنّ الملتقط يخاف من التهمة و الخطر إن عرّف بها، أو لأجل أنّ المال الملتقط لا علامة له، ففي جميع ذلك- يسقط التعريف، و يجب التصدّق بها علىٰ الأحوط.

(مسألة 1108): لا تعتبر المباشرة في التعريف بل للملتقِط الاستنابة فيه مع الاطمئنان بوقوعه.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 360

(مسألة 1109): إذا عرّف اللقطة سنة و لم يظهر مالكها؛ فإن كانت اللقطة في الحرم- أي حرم مكّة زادها اللّٰه شرفاً- وجب عليه أن يتصدّق بها عن مالكها علىٰ الأحوط، و أما إذا كانت في غير الحرم فللملتقط أن يتملّكها، أو يحفظها لمالكها، أو يتصدّق بها عن مالكها، و الأولى هو الأخير.

(مسألة 1110): لو عرّف اللقطة سنة و لم يظفر بمالكها، فتلفت ثمّ ظفر به، فإن كان قد تحفّظ بها لمالكها، و لم يتعدّ في حفظها، و لم يفرط لم يضمن، و إن كان تملّكها ضمنها لمالكه، و إن كان تصدّق بها عن صاحبها كان المالك بالخيار بين أن يرضىٰ بالتصدّق و أن يطالبه ببدلها.

(مسألة 1111): لو لم يُعرِّف اللقطة- عمداً- عصىٰ، و لا يسقط عنه وجوبه، فيجب تعريفها بعد العصيان أيضاً.

(مسألة 1112): إذا كان الملتقط صبيّاً فللوليّ أن يتصدّىٰ لتعريف اللقطة و تملّكها له بعد ذلك أو قبله، أو التصدّق بها عن مالكها علىٰ اختلاف الموارد.

(مسألة 1113): إذا يئس اللاقط من الظفر بمالك اللقطة- قبل تمام السنة- ففي جواز التملّك، أو التصدّق بها إشكال.

(مسألة 1114): لو تلفت

اللقطة قبل تمام السنة، فإن لم يتعدّ في حفظها، و لم يفرّط، لم يكن عليه شي ء، و إلّا وجب ردّ عوضها إلىٰ مالكها.

(مسألة 1115): اللقطة ذات العلامة البالغة قيمتها درهماً إذا علم أنّ مالكها لا يوجد بتعريفها، جاز من اليوم الأوّل أن يتصدّق بها عن مالكها،

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 361

و لا ينتظر بها حتىٰ تمضي سنة.

(مسألة 1116): لو وجد مالًا، و حسب أنّه له فأخذه، ثمّ ظهر أنّه للغير فهو لقطة يجب تعريفه سنة كاملة علىٰ الأحوط.

(مسألة 1117): لا يعتبر في التعريف ذكر صفات المال الملتقط و جنسه، بل يكفي أن يقال: من ضاع له شي ء أو مال.

(مسألة 1118): لو ادّعىٰ اللقطة أحد؛ سئل عن أوصافها و علاماتها، فإذا توافقت الصفات و العلائم التي ذكرها مع الخصوصيات الموجودة فيها، و حصل الاطمئنان بأنّها له- كما هو الغالب- أعطيت له، و لا يعتبر أن يذكر الأوصاف التي لا يلتفت إليها المالك غالباً.

(مسألة 1119): اللقطة البالغة قيمتها درهماً؛ إذا ترك اللاقط تعريفها، و وضعها في مجامع الناس- كالمسجد، و الزقاق- فأخذها شخص آخر، أو تلفت، ضمنها ملتقطها.

(مسألة 1120): لو كانت اللقطة مما يفسد بالبقاء، جاز للّاقط أن يقوِّمها علىٰ نفسه و يتصرّف فيها بما شاء، و يبقى الثمن في ذمّته للمالك، كما يجوز له أن يبيعها من غيره، و الأحوط أن يكون بإجازة من الحاكم الشرعي أو وكيله إن أمكنت، و يحفظ ثمنها لمالكها، و لا يسقط التعريف عنه علىٰ الأحوط، بل يُعرّف بها سنة؛ فإن وجد صاحبها دفع إليه الثمن، و إلّا جاز تملّكه أو التصدق به عنه مع الضمان فيهما، أو الإبقاء عنده أمانة بلا ضمان.

(مسألة 1121): لا تبطل الصلاة باستصحاب اللقطة

حالها إذا كان من

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 362

قصده الظفر بمالكها و دفعها إليه.

(مسألة 1122): لو تبدَّل حذاؤه بحذاء غيره جاز له أن يتملّكه إذا علم أنّ الموجود لمن أخذ ماله، و أنّه راض بالمبادلة، و كذلك الحال فيما إذا علم أنه أخذ ماله عدواناً و ظلماً بشرط أن لا تزيد قيمة المتروك عن قيمة المأخوذ، و إلّا فالزيادة من المجهول مالكه، يترتّب عليها ما كان يترتّب عليه، و أما في غير الصورتين المذكورتين فالمتروك مجهول المالك، و حكمه حكمه.

(مسألة 1123): يجب الفحص عن المالك فيما جهل مالكه، و هو كلّ مال لم يعلم مالكه و لم يَصدق عليه عنوان اللقطة، و بعد اليأس عن الظفر به يُتصدّق به، و الأحوط أن يكون التصدق بإجازة من الحاكم الشرعي، و لا يضمنه المتصدّق إذا وجد مالكه بعد ذلك.

(مسألة 1124): إذا وجد حيوان في غير العمران- كالبراري و الجبال و الآجام و الفلوات و نحوها من المواضع الخالية من السكّان- فإن كان الحيوان يحفظ نفسه و يمتنع عن السباع لكبر جثته أو سرعة عَدوه، أو قوّته- كالبعير و الفرس و الجاموس و الثور و نحوها- لم يجز أخذه- سواء أ كان في كلاء و ماءٍ أم لم يكن فيهما- إذا كان صحيحاً يقوىٰ علىٰ السعي إليهما، فإن أخذه الواجد حينئذٍ كان آثماً و ضامناً له، و تجب عليه نفقته، و لا يرجع بها علىٰ المالك، و إذا استوفىٰ شيئاً من نمائه- كلبنه و صوفه- كان عليه قيمته، و إذا ركبه أو حمّله حملا كان عليه أجرته، و لا تبرأ ذمّته من ضمانه إلّا بدفعه إلىٰ مالكه. نعم إذا يئس من الوصول إليه و معرفته

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 363

تصدّق به عنه بإذن الحاكم الشرعي.

و إن كان الحيوان لا يقوىٰ علىٰ الامتناع من السباع جاز أخذه- كالشاة و أطفال الإبل و البقر و الخيل و الحمير و نحوها- فإن أخذه عرّفه في موضع الالتقاط، و الأحوط أن يُعرّفه في ما حول موضع الالتقاط أيضاً، فإن لم يعرف المالك جاز له تملّكه و التصرّف فيه بالأكل و البيع، و المشهور أنّه يضمنه حينئذٍ بقيمته، لكن الظاهر أنّ الضمان مشروط بمطالبة المالك، فإذا جاء صاحبه و طالبه وجب عليه دفع القيمة، و جاز له أيضاً إبقاؤها عنده إلىٰ أن يعرف صاحبها، و لا ضمان عليه حينئذٍ.

(مسألة 1125): صاحب الحيوان إذا تركه في الطريق؛ فإن كان قد أعرض عنه جاز لكلّ أحد تملّكه- كالمباحات الأصلية- و لا ضمان علىٰ الآخذ، و إذا تركه عن جهد و كلل- بحيث لا يقدر أن يبقىٰ عنده و لا يقدر أن يأخذ معه- فإذا كان الموضع الذي تركه فيه لا يقدر الحيوان علىٰ التعيّش فيه لأنّه لا ماء فيه و لا كلاء، و لا يقوىٰ الحيوان فيه علىٰ السعي إليهما جاز لكلّ أحد أخذه و تملّكه؛ و أما إذا كان الحيوان يقدر فيه علىٰ التعيّش لم يجز لأحد أخذه و لا تملّكه، فمن أخذه كان ضامناً له، و كذا إذا تركه عن جهد و كان ناوياً للرجوع إليه قبل ورود الخطر عليه.

(مسألة 1126): إذا وجد الحيوان في العمران- و هي: المواضع المسكونة التي يكون الحيوان مأموناً فيها، كالبلاد و القرى و ما حولها ممّا يتعارف وصول الحيوان منها إليه- لم يجز له أخذه، و من أخذه ضمنه، و يجب عليه التعريف، و يبقى في

يده مضموناً إلىٰ أن يؤدّيه إلىٰ مالكه، فإن

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 364

يئس منه تصدّق به بإذن الحاكم الشرعي، نعم إذا كان غير مأمون من التلف عادة- لبعض الطوارئ- لم يبعد جريان حكم غير العمران عليه؛ من جواز تملّكه بعد التعريف، و من ضمانه له عند المطالبة كما سبق.

(مسألة 1127): إذا دخلت الدجاجة أو السخلة في دار إنسان لا يجوز له أخذها، و يجوز إخراجها من الدار إذا لم تكن في معرض التلف، و ليس عليه شي ء إذا لم يكن قد أخذها، أما إذا أخذها فالأحوط جريان حكم اللقطة عليها.

(مسألة 1128): إذا احتاجت الضالّة إلىٰ النفقة؛ فإن وجد متبرّع بها أنفق عليها، و إلّا أنفق عليها من ماله و رجع بها علىٰ المالك.

(مسألة 1129): إذا كان للضالّة نماء أو منفعة و استوفاها الآخذ كان ذلك بدل ما أنفقه عليها، و لكن لا بدّ أن يكون ذلك بحساب القيمة علىٰ الأقوىٰ.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 365

أحكام الذباحة

اشارة

(مسألة 1130):: الحيوان المحلّل لحمه- وحشيّاً كان أم أهليّاً- إذا ذبح علىٰ الترتيب الآتي في هذا الباب، و خرجت روحه يحلّ أكله، نعم موطوء الإنسان، و الشاة المرتضعة بلبن الخنزيرة لا يحلّ أكلها بالذبح، و كذلك الجلّال قبل استبرائه، و قد مرّ بيانه في المطهّرات.

(مسألة 1131): الحيوان الوحشي المحلّل لحمه- كالغزال- و الحيوان الأهلي المحلّل إذا استوحش- كالبقر- يحلّ لحمهما بالاصطياد، و أمّا الحيوانات المحلّلة الأهليّة، كالشاة و الدجاجة، و البقر غير المتوحّش، و نحوها، و كذلك الحيوانات الوحشيّة إذا تأهّلت؛ فلا يحكم بطهارة لحمها و لا بحليّتها بالاصطياد.

(مسألة 1132): الحيوان الوحشي- محلل الأكل- إنما يحكم بحليّته و طهارته بالاصطياد فيما إذا كان قادراً علىٰ

العدو أو ناهضاً للطيران؛ فولد الوحش قبل أن يقدر علىٰ الفرار، و فرخ الطير قبل أن ينهض للطيران لا يحلّان بالاصطياد، و لا يحكم بطهارتهما حينئذٍ، فلو رمىٰ ظبياً و ولده غير القادر علىٰ العدو، فماتا حلّ الظبي و حرم الولد.

(مسألة 1133): ميتة الحيوان الحلال الذي ليست له نفس سائلة-

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 366

كالسمك- يحرم أكلها، لكنها طاهرة.

(مسألة 1134): الحيوان المحرّم أكله إذا لم تكن له نفس سائلة- كالحيّة- لا يحلّ بذبحه أو بصيده، لكن ميتته طاهرة.

(مسألة 1135): الكلب و الخنزير لا يقبلان التذكية، فلا يحكم بطهارتهما و لا بحليّتهما بالذبح أو الصيد. و أما السباع- و هي: ما تفترس الحيوان و تأكل اللحم، كالذئب و النمر- فهي قابلة للتذكية، فلو ذبحت أو اصطيدت- بالرمي و نحوه- حكم بطهارة لحومها و جلودها و إن لم يحلّ أكلها بذلك، نعم إذا اصطيدت بالكلب الصائد أشكل الحكم بطهارتها.

(مسألة 1136): الفيل و الدبّ و القرد، و كذلك الحشرات التي تسكن باطن الأرض- كالضبّ، و الفأر- إذا كانت لها نفس سائلة حكم بنجاسة ميتتها، نعم الظاهر أنّها لو ذبحت أو اصطيدت بالرمي و نحوه- غير الكلب- يحكم بطهارة لحومها و جلودها.

(مسألة 1137): لو خرج الجنين ميتاً من بطن أمّه- و هي حيّة- أو أخرج كذلك لم يحلّ أكله.

كيفيّة الذبح

(مسألة 1138): الكيفيّة المعتبرة في الذبح هي: أن تقطع الأوداج الأربعة تماماً، و لا يكفي شقّها عن قطعها. و الظاهر أنّ قطع الأوداج لا يتحقق إلّا إذا كان القطع من تحت العقدة المسماة ب (الجوزة). و الأوداج

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 367

الأربعة هي: المري (مجرى الطعام و الشراب)، و الحلقوم (مجرى النفس)، و العرقان الغليظان

المحيطان بالحلقوم.

(مسألة 1139): يعتبر في قطع الأوداج الأربعة أن يكون حال الحياة، فلو قطع الذابح بعضها و أرسلها فمات، ثمّ قطع الباقي حرمت الذبيحة، و لا يعتبر فيه التتابع، فلو قطع بعض الأوداج ثمّ أرسلها ثمّ أخذها و قطع الباقي قبل زهوق روح الحيوان حلّت.

(مسألة 1140): لو قطع الذئب- مثلًا- مذبح الحيوان المحلّل أكله؛ فإن لم تبق الأوداج الأربعة التي يعتبر قطعها في الذبح لم يحلّ أكله، و أما إذا كانت باقية- و كان الحيوان حيّاً- و ذبح من فوق محلّ القطع أو من تحته حلّ أكله، و كذلك إذا كان المحلّ المقطوع غير المذبح، و كان الحيوان حيّاً فإنّه يحلّ أكله بذبحه.

شرائط الذبح

اشارة

(مسألة 1141): يشترط في تذكية الذبيحة أمور:

الأوّل: المشهور أن يكون الذابح مسلماً- رجلًا كان أو امرأة أو صبيّاً مميّزاً-؛ فلا تحلّ ذبيحة الكافر، و منه المعلن بعداوة أهل البيت عليهم السلام.

الثاني: أن يكون الذبح بالحديد مع الإمكان؛ نعم إذا لم يوجد الحديد و خيف فوت الذبيحة بتأخير ذبحها، أو كانت هناك ضرورة أخرىٰ

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 368

تقتضي الذبح- و إن لم يخف فوت الذبيحة- جاز- حينئذٍ- ذبحها بكلّ ما يقطع الأوداج من الزجاجة و الحجارة الحادّة و نحوهما.

الثالث: الاستقبال بالذبيحة حال الذبح؛ بأن تُوَجِّه مقاديم بدنها- من الوجه و اليدين و البطن و الرجلين- إلىٰ القبلة، و تحرم الذبيحة بالإخلال به متعمّداً، و لا بأس بتركه نسياناً أو خطأً، أو للجهل بالاشتراط، أو لعدم العلم بجهتها، أو عدم التمكّن من توجيه الذبيحة إليها.

و الأحوط استحباباً أن يكون الذابح أيضاً مستقبلًا.

الرابع: التسمية؛ بأن يذكر الذابح اسم اللّٰه عليها بنيّة الذبح حينما يضع السكّين علىٰ مذبحها، و يكفي في التسمية

أن يقول: (بسم اللّٰه) و لا أثر للتسمية من دون نيّة الذبح، نعم لو أخلّ بها نسياناً لم تحرم الذبيحة.

الخامس: خروج الدم المتعارف علىٰ الأحوط لو لم يكن أقوىٰ؛ فلا تحلّ إذا لم يخرج منها الدم، أو كان الخارج قليلًا بالإضافة إلىٰ نوعها.

السادس: أن يكون الذبح من المذبح؛ فلا يترك الاحتياط في ترك الذبح من القفا و إن كان له وجه، بل الأحوط وضع السكّين علىٰ المذبح ثمّ قطع الأوداج، فلا يكفي إدخال السكّين تحت الأوداج ثمّ قطعها إلىٰ فوق.

السابع: أن تتحرّك الذبيحة بعد تماميّة الذبح و لو حركة يسيرة؛ بأن تطرف عينها، أو تحرّك ذنبها، أو تركض برجلها، هذا فيما إذا شك في حياتها حال الذبح، و إلّا فلا تعتبر الحركة أصلًا.

(مسألة 1142): الأحوط لزوماً عدم إبانة الرأس عمداً قبل خروج الروح من الذبيحة. بل هذا العمل في نفسه- حتىٰ في الطيور- محلّ

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 369

إشكال، و لا بأس بالإبانة إذا كانت عن غفلة، أو استندت إلىٰ حدّة السكّين و سبقه مثلًا، و كذلك الأحوط عدم قطع نخاع الذبيحة عمداً قبل أن تموت، و النخاع هو الخيط الأبيض الممتدّ في وسط الفقار من الرقبة إلىٰ الذنب.

نحر الإبل

(مسألة 1143): يعتبر في حليّة لحم الإبل و طهارته- مضافاً إلىٰ الشرائط الخمسة الأولىٰ المتقدّمة- أن يدخل سكّيناً أو رمحاً أو غيرهما من الآلات الحادّة الحديديّة في لَبّتها، و هي: الموضع المنخفض الواقع بين أصل العنق و الصدر.

(مسألة 1144): يجوز نحر الإبل باركة أو ساقطة علىٰ جنبها متوجّهة بمقاديم بدنها إلىٰ القبلة. و الأولى نحرها قائمة.

(مسألة 1145): لو ذبح الإبل بدلًا عن نحرها، أو نحر الشاة أو البقرة أو نحوهما بدلًا عن ذبحها،

حرم لحمها و حكم بنجاستها، نعم لو قطع الأوداج الأربعة من الإبل ثمّ نحرها قبل زهوق روحها، أو نحر الشاة مثلًا ثمّ ذبحها قبل أن تموت، حلّ لحمهما و حكم بطهارتهما.

(مسألة 1146): لو تعذر ذبح الحيوان أو نحره لاستعصائه، أو لوقوعه في بئر، أو موضع ضيّق لا يتمكّن من الوصول إلىٰ موضع ذكاته و خيف موته هناك، جاز أن يعقره في غير موضع الذكاة بشي ء من الرمح و السكّين و غيرهما مما يجرحه، فإذا مات بذلك العقر طهر و حلّ أكله، و تسقط فيه

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 370

شرطية الاستقبال، نعم لا بدّ من أن يكون واجداً لسائر الشرائط المعتبرة في التذكية.

آداب الذباحة و النحر

(مسألة 1147): يستحبّ عند ذبح الغنم أن تربط يداه و إحدى رجليه، و تطلق الأخرىٰ، و يمسك صوفه أو شعره حتىٰ يبرد، و عند ذبح البقر أن تعقل يداه و رجلاه و يطلق ذنبه، و عند نحر الإبل أن تربط أخفافها إلىٰ آباطها و تطلق رجلاها، هذا إذا نحرت باركة، أما إذا نحرت قائمة فينبغي أن تكون يدها اليسرىٰ معقولة، و عند ذبح الطير أن يرسل بعد الذباحة حتىٰ يرفرف.

و يستحبّ عرض الماء علىٰ الحيوان قبل أن يذبح أو ينحر، و يستحبّ أن يعامل مع الحيوان عند ذبحه أو نحره عملًا يُبعده عن الأذىٰ و التعذيب، بأن يحدّ الشفرة، و يمرّ السكّين علىٰ المذبح بقوّة، و يَجدّ في الإسراع و غير ذلك.

مكروهات الذباحة و النحر

(مسألة 1148): يكره في ذبح الحيوانات و نحرها أمور:

الأوّل: سلخ جلد الذبيحة قبل خروج روحها.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 371

الثاني: أن تكون الذباحة في الليل، أو يوم الجمعة قبل الزوال من دون حاجة.

الثالث: أن تكون الذباحة بمنظر من حيوان آخر.

الرابع: أن يذبح ما ربّاه بيده من النعم.

أحكام الصيد بالسّلاح

(مسألة 1149): يشترط في تذكية الوحش- المحلّل أكله- إذا اصطيد بالسلاح أمور:

منها: أن تكون الآلة كالسيف و السكّين و الخنجر و غيرها من الأسلحة القاطعة، أو كالرمح و السهم مما يشاك بحدّه و يخرق جسد الحيوان، فلو اصطيد بالحجارة أو العمود أو الشبكة أو الحبالة أو غيرها من الآلات التي ليست بقاطعة و لا شائكة حرم أكله و حكم بنجاسته.

و إذا اصطاد بالبندقية؛ فإن كانت الطلقة حادّة تنفذ في بدن الحيوان و تخرقه حلّ أكله و هو طاهر، و أما إذا لم تكن كذلك؛ بأن كان نفوذها في بدن الحيوان و قتله مستنداً إلىٰ ضغطها، أو إلىٰ ما فيها من الحرارة المحرّقة، فيشكل الحكم بحليّة لحمه و طهارته.

و منها: أن يكون الصائد مسلماً على المشهور؛ و لا بأس بصيد الصبي المسلم المميّز، و لا يحلّ صيد الكافر، و منه المُعلِن بعداوة أهل البيت عليهم السلام.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 372

و منها: قصد الاصطياد؛ فلو رمىٰ هدفاً فأصاب حيواناً فقتله لم يحلّ.

و منها: التسمية عند استعمال السلاح في الاصطياد؛ فلو أخلّ بها متعمّداً لم يحلّ صيده، و لا بأس بالإخلال بها نسياناً.

و منها: أن يدركه ميتاً، أو أدركه حيّاً و لكن لم يكن الوقت متسعاً لتذكيته؛ فلو أدركه حيّاً و كان الوقت متّسعاً لذبحه، و لم يذبحه حتىٰ خرجت روحه لم يحلّ أكله.

(مسألة 1150): لو

اصطاد اثنان صيداً واحداً، أحدهما مسلم دون الآخر، أو سمّى أحدهما و لم يسمّ الآخر متعمّداً لم يحلّ أكله.

(مسألة 1151): يعتبر في حليّة الصيد أن تكون الآلة مستقلّة في قتله، فلو شاركها شي ء آخر، كما إذا رماه فسقط الصيد في الماء و مات و علم استناد الموت إلىٰ كلا الأمرين لم يحلّ، و كذا الحال فيما إذا شكّ في استناد الموت إلىٰ الرمي بخصوصه.

(مسألة 1152): لا يعتبر في حليّة الصيد إباحة الآلة؛ فلو اصطاد حيواناً بالكلب أو السهم المغصوبين حلّ الصيد، و ملكه الصائد دون صاحب الآلة أو صاحب الكلب، و لكن الصائد ارتكب معصية، و يجب عليه دفع أجرة الكلب أو الآلة إلىٰ صاحبه.

(مسألة 1153): لو قسّم حيواناً- بالسيف أو بغيره مما يحلّ به الصيد- قطعتين و لم يدركه حيّاً، أو أدركه كذلك إلّا أن الوقت لم يتّسع لذبحه، فمع اجتماع شرائط التذكية تحلّ كلتا القطعتين، و أما إذا أدركه

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 373

حيّاً- و كان الوقت متّسعاً لذبحه- فالقطعة الفاقدة للرأس و الرقبة محرّمة، و القطعة التي فيها الرأس و الرقبة طاهرة و حلال فيما إذا ذبح علىٰ النهج المقرّر شرعاً.

(مسألة 1154): لو قسَّم الحيوان قطعتين بالحبالة أو الحجارة و نحوهما مما لا يحلّ به الصيد حرمت القطعة الفاقدة للرأس و الرقبة، و أما القطعة التي فيها الرأس و الرقبة فهي طاهرة و حلال فيما إذا أدركه حيّاً و اتّسع الوقت لتذكيته و ذبحه مع الشرائط المعتبرة، و إلّا حرمت هي أيضاً.

(مسألة 1155): الجنين الخارج من بطن الصيد أو الذبيحة حيّاً إذا وقعت عليه التذكية الشرعيّة حلّ أكله و إلّا حرم.

(مسألة 1156): الجنين الخارج من بطن الصيد أو الذبيحة

ميتاً طاهر و حلال بشرط كونه تامّ الخلقة و قد أشعر أو أوبر.

حكم الصيد بالكلب

(مسألة 1157): إذا اصطاد كلب الصيد حيواناً وحشيّاً محلّل اللحم، فالحكم بطهارته و حليّته بعد الاصطياد يتوقف علىٰ شروط ستّة:

الأوّل: أن يكون الكلب مُعلَّماً؛ بحيث يسترسل و يهيج إلىٰ الصيد متىٰ أغراه صاحبه به، و ينزجر عن الهياج و الذهاب إذا زجر قبل الإرسال، و الأحوط أن تكون من عادته أن لا يأكل من الصيد شيئاً حتىٰ يصل إليه صاحبه، و لا بأس بأكله منه أحياناً، كما لا بأس بأن يكون معتاداً بتناول

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 374

دم الصيد.

الثاني: أن يكون صيده بإرسال صاحبه للاصطياد؛ فلا يكفي استرساله بنفسه من دون إرسال، و كذا الحال فيما إذا استرسل بنفسه و أغراه صاحبه بعد الاسترسال- حتىٰ فيما إذا أثَّر فيه الإغراء؛ كما إذا زاد في عَدوه بسببه- علىٰ الأحوط.

الثالث: المشهور أن يكون المرسل مسلماً؛ فلا عبرة بإرسال الكافر، و منه من يعلن ببغض آل الرسول- صلّى اللّٰه عليه و عليهم- و لا بأس بإرسال الصبي المسلم إذا كان مميّزاً.

الرابع: التسمية عند إرساله؛ فلو تركها متعمّداً حرم الصيد، و لا بأس بتركها نسياناً.

الخامس: أن يستند موت الحيوان إلىٰ جرح الكلب و عقره؛ فلو مات بسبب آخر- كخنقه أو إتعابه في العَدو أو ذهاب مرارته من شدّة خوفه- لم يحلّ.

السادس: أن يكون إدراك صاحب الكلب الصيد بعد موته؛ أو أدركه حيّاً و لم يتّسع الوقت لذبحه؛ فلو أدركه حيّاً و اتّسع الوقت لتذكيته و ترك ذبحه حتىٰ مات لم يحلّ.

(مسألة 1158): إذا أدرك مرسل الكلب الصيد حيّاً و الوقت متّسع لذبحه، و لكنّه اشتغل عن التذكية بمقدّماتها من سلّ السكّين و نحوه

فمات قبل تذكيته حلّ، و أما إذا استند تركه التذكية إلىٰ فقد الآلة- كما إذا لم يكن عنده السكّين- مثلًا- حتىٰ ضاق الوقت و مات الصيد قبل تذكيته- لم

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 375

يحلّ، و لا بأس بإغرائه الكلب حينئذٍ ليقتله.

(مسألة 1159): لو أرسل كلاباً متعدّدة للاصطياد فقتلت صيداً واحداً، فإن كانت الكلاب المسترسلة كلّها واجدة للشرائط المتقدّمة، حلّ الصيد، و إن لم يكن بعضها واجداً لتلك الشروط لم يحلّ.

(مسألة 1160): إذا أرسل الكلب إلىٰ صيد حيوان- كالغزال- و صاد الكلب حيواناً آخر فهو طاهر و حلال، و كذا الحال فيما إذا أرسله إلىٰ صيد حيوان فصاده مع حيوان آخر.

(مسألة 1161): لو كان المرسل متعدّداً؛ بأن أرسل جماعة كلباً واحداً، و كان أحدهم كافراً، أو لم يسمّ متعمّداً حرم صيده، و كذا الحال فيما إذا تعدّدت الكلاب، و لم يكن بعضها معلَّماً علىٰ النحو المتقدَّم، فإن الصيد وقتئذٍ نجس و حرام.

(مسألة 1162): لا يحلّ الصيد إذا اصطاده غير الكلب من أنواع الحيوانات- كالعقاب و الصقر و الباشق و النمر و غيرها- نعم إذا أدرك الصائد الصيد و هو حيّ، ثمّ ذكّاه علىٰ الترتيب المقرّر في الشرع حلّ أكله.

صيد السمك و الجراد

(مسألة 1163): لو أخذ من الماء ما له فلس من الأسماك الحيّة و مات خارج الماء حلّ أكله، و هو طاهر، و لو مات داخل الماء فهو طاهر و لكن يحرم أكله، و أما ما لا فلس له من الأسماك فيحرم أكله مطلقاً.

(مسألة 1164): لو و ثبت السمكة خارج الماء، أو نبذتها الأمواج إلىٰ

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 376

الساحل، أو غار الماء و بقيت السمكة و ماتت قبل أخذها حرمت، و

إذا نصب الصائد شبكة فدخلتها السمكة فماتت فيها قبل أن يستخرجها الصائد فالأحوط الحرمة.

(مسألة 1165): لا يعتبر في صائد السمك الإسلام، و لا يشترط في تذكيته التسمية، فلو أخذه الكافر حلّ لحمه.

(مسألة 1166): السمكة الميتة إذا كانت في يد المسلم يحكم بحليّتها و إن لم يعلم أنّها أخذت من الماء حيّة، و إذا كانت في يد الكافر لم تَحلّ و إن أخبر بتذكيتها، إلّا أن يعلم بأنه أخرجها من الماء قبل موتها، أو أنّه أخذها خارج الماء حيّة.

(مسألة 1167): يجوز بلع السمكة حيّة، و الأولى الاجتناب عنه.

(مسألة 1168): لو شوى السمكة حيّة، أو قطّعها خارج الماء قبل أن تموت حلّ أكلها، و إن كان الاجتناب عنه أولىٰ.

(مسألة 1169): إذا قطعت من السمكة الحيّة بعد أخذها قطعة و أعيد الباقي إلىٰ الماء حيّاً حلّت القطعة المبانة عنها، سواء أمات الباقي في الماء أم لم يمت، و لكن الاجتناب أحوط.

(مسألة 1170): الجراد إذا أخذ حيّاً باليد أو بغيرها من الآلات حَلّ أكله، و لا يعتبر في تذكيته إسلام الآخذ، و لا التسمية حال أخذه، نعم لو وجده في يد كافر ميتاً و لم يعلم أنّه أخذه حيّاً لم يحلّ و إن أخبر بتذكيته، كما مرّ.

(مسألة 1171): لا يحلّ من الجراد (الدبا)، و هو ما تحرّك و لم تنبت أجنحته بعد.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 377

أحكام الأطعمة و الأشربة

اشارة

(مسألة 1172): يحلّ أكل لحم الدجاج و الحمام و العصفور بأنواعها، و البلبل و الزرزور و القبّرة من أقسام العصفور، و يحرم الخفّاش و الطاووس، و كلّ ذي مخلب- كالشاهين و العقاب و البازي- و ما كان صفيفه أكثر من دفيفه، و كلّ ما ليس له قانصة و لا حوصلة

و لا صيصية إلّا إذا كان دفيفه أكثر، فإنّه يحلّ و إن لم يكن فيه إحدىٰ الثلاث.

و يحرم الغراب بجميع أقسامه، و يكره أكل لحم الخطّاف و الهدهد.

(مسألة 1173): يحلّ من حيوان البحر من السموك ما كان له فلس، و من الطير ما كان دفيفه أكثر من صفيفه.

(مسألة 1174): الغنم و البقر و الإبل و الخيل و البغال و الحمير بجميع أقسامها محلّلة الأكل سواء فيه الوحشيّة و الأهليّة، و كذلك الغزال، و يكره لحم الخيل و البغال و الحمير الأهليّة.

(مسألة 1175): يحرم أكل ما وطأه الإنسان من الحيوان المحلّل أكله، و يحرم نسله، فإن كان ممّا يراد أكله- كالإبل و البقر و الغنم- وجب أن يذبح و يحرق، فإن كان لغير الواطئ وجب عليه أن يغرم قيمته لمالكه، و أما إذا كان ممّا يراد ظهره- كالخيل و البغال و الحمير- وجب نفيه من البلد و بيعه في بلد آخر، و يغرم الواطئ- إذا كان غير المالك- قيمته و يكون الثمن له.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 378

(مسألة 1176): يحرم الجدي- ولد الغنم- إذا رضع من لبن خنزيرة و اشتدّ لحمه و عظمه، و يحرم نسله أيضاً، و لو لم يشتدّ استبرأ سبعة أيام فيلقى علىٰ ضرع شاة، و إن كان مستغنياً عن الرضاع علف و يحلّ بعد ذلك.

(مسألة 1177): يحرم أكل لحم الجَلّال ما لم يستبرأ، فإذا استبرأ حلّ، و تقدّم معنىٰ الجلل، و كيفية الاستبراء في المطهِّرات.

(مسألة 1178): تحرم من الذبيحة عدّة أشياء علىٰ المشهور، و الأحوط وجوباً الاجتناب عن جميع ما يلي:

1- الدم.

2- الروث.

3- القضيب.

4- الفرج.

5- المشيمة.

6- الغدّة، و هي: كلّ عقدة في الجسم مدورة تشبه البندق.

7- البيضتان.

8- خرزة الدماغ، و

هي: حبّة بقدر الحمصة في وسط الدماغ.

9- النخاع و هو: خيط أبيض كالمخّ في وسط فقار الظهر.

10- العلباوان، و هما: عصبتان ممتدتان علىٰ الظهر من الرقبة إلىٰ الذنب.

11- المرارة.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 379

12- الطحال.

13- المثانة.

14- حدقة العين.

هذا في غير الطيور، و أما الطيور فالظاهر عدم وجود شي ء من الأمور المذكورة فيها ما عدا الرجيع و الدم و المرارة و الطحال و البيضتين في بعضها.

(مسألة 1179): يحلّ شرب بول الإبل لاستشفاء، و أما بول سائر الحيوانات المحلّلة و ما تنفّر عنه الطباع، فالأحوط الأولىٰ الاجتناب عنه.

(مسألة 1180): يحرم أكل التراب، و يستثنى من ذلك اليسير من تربة سيد الشهداء عليه السلام للاستشفاء، و الأولى حلّه في الماء و شربه، و لا بأس بأكل طين (الأرمني) و طين (داغستاني) للتداوي.

(مسألة 1181): لا يحرم بلع النخامة و الأخلاط الصدريّة الصاعدة إلىٰ فضاء الفم، و كذا بلع ما يخرج بتخلّل الأسنان من بقايا الطعام.

(مسألة 1182): يحرم تناول كلّ ما يضرّ الإنسان ضرراً كليّاً- كالهلاك و شبهه-.

(مسألة 1183): يحرم شرب الخمر و غيره من المسكرات، و في بعض الروايات أنّه: «من أعظم المعاصي». و عن الصادق عليه السلام «أنّ الخمر أمّ الخبائث، و رأس كلّ شرّ، يأتي علىٰ شاربها ساعة يسلب لُبّه فلا يعرف ربّه، و لا يترك معصية إلّا ركبها، و لا يترك حرمة إلّا انتهكها، و لا رحماً ماسّة إلّا قطعها، و لا فاحشة إلّا أتاها، و إن شرب منها جرعة لعنه اللّٰه

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 380

و ملائكته و رسله و المؤمنون، و إن شربها حتىٰ سكر منها نزع روح الإيمان من جسده، و ركبت فيه روح سخيفة خبيثة ملعونة، و

لم تقبل صلاته أربعين يوماً».

(مسألة 1184): يحرم لبن الحيوان المحرّم أكله و كذلك بيضه، و أما لبن الإنسان فلا بأس بشربه.

(مسألة 1185): يحرم علىٰ الأحوط الجلوس علىٰ مائدة يشرب عليها شي ء من الخمر إذا عُدّ الجالس منهم.

(مسألة 1186): إذا أدّىٰ الجوع أو العطش إلىٰ هلاك نفس محترمة، وجب علىٰ كل مسلم إنجاؤها من الهلاك، بأن يبذل لها من الطعام أو الشراب ما يسدّ به رمقها.

آداب الأكل و الشرب

(مسألة 1187): الآداب في أكل الطعام أمور:

1- غسل اليدين معاً قبل الطعام.

2- غسل اليد بعد الطعام، و التنشف بعده بالمنديل.

3- يبدأ صاحب الطعام قبل الجميع، و يمتنع بعد الجميع، و أن يبدأ في الغسل قبل الطعام بصاحب الطعام، ثمّ بمن علىٰ يمينه إلىٰ أن يتمّ الدور علىٰ من في يساره، و أن يبدأ في الغسل بعد الطعام بمن علىٰ يسار صاحب الطعام إلىٰ أن يتمّ الدور علىٰ صاحب الطعام.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 381

4- التسمية عند الشروع في الطعام، و لو كانت علىٰ المائدة ألوان من الطعام استحبت التسمية علىٰ كلّ لون بانفراده.

5- الأكل باليمين.

6- أن يأكل بثلاث أصابع أو أكثر، و لا يأكل بإصبعين.

7- الأكل مما يليه إذا كانت علىٰ المائدة جماعة، و لا يتناول من قُدّام الآخرين.

8- تصغير اللقم.

9- أن يطيل الأكل و الجلوس علىٰ المائدة.

10- ان يُجوِّد المضغ.

11- أن يحمد اللّٰه بعد الطعام.

12- أن يلعق الأصابع و يمصّها.

13- التخلّل بعد الطعام، و أن لا يكون التخلل بعودة الريحان و قضيب الرمان و الخوص و القصب.

14- أن يلتقط ما يتساقط خارج السفرة من أكله إلّا في البراري و الصحاري، فإنّه يستحبّ فيها أن يدع المتساقط عن السفرة للحيوانات و الطيور.

15- أن يكون أكله غداة و عشيّاً

و يترك الأكل بينهما.

16- الاستلقاء بعد الأكل علىٰ القفا، و جعل الرجل اليمنىٰ علىٰ اليسرىٰ.

17- الافتتاح و الاختتام بالملح.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 382

18- أن يغسل الثمار بالماء قبل أكلها.

19- أن لا يأكل علىٰ الشبع.

20- أن لا يمتلئ من الطعام.

21- أن لا ينظر في وجوه الناس لدىٰ الأكل.

22- أن لا يأكل الطعام الحارّ.

23- أن لا ينفخ في الطعام و الشراب.

24- أن لا ينتظر بعد وضع الخبز في السفرة غيره.

25- أن لا يقطع الخبز بالسكّين.

26- أن لا يضع الخبز تحت الإناء.

27- أن لا ينظّف العظم من اللحم الملصق به علىٰ نحو لا يبقىٰ عليه شي ء من اللحم.

28- أن لا يُقشّر الثمار.

29- أن لا يرمي الثمرة قبل أن يستقصي أكلها.

(مسألة 1188): الآداب في شرب الماء أمور:

1- شرب الماء مصّاً لا عبّاً.

2- شرب الماء قائماً بالنهار.

3- التسمية قبل الشرب و التحميد بعده.

4- شرب الماء بثلاث أنفاس.

5- شرب الماء عن رغبة و تلذّذ.

6- ذكر الحسين و أهل بيته- عليهم السلام- و اللعن علىٰ قتلته بعد

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 383

الشرب.

7- أن لا يكثر من شرب الماء.

8- أن لا يشرب الماء علىٰ الأغذية الدسمة.

9- أن لا يشرب الماء قائماً بالليل.

10- أن لا يشرب من محلّ كسر الكوز، و من محلّ عروته.

11- أن لا يشرب بيساره.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 384

النذر و أحكامه

النذر: هو الالتزام بفعل شي ء أو تركه للّٰه.

(مسألة 1189): يعتبر في النذر إنشاؤه بصيغته، بأن يقول الناذر مثلًا:

للّٰه عليّ أن آتي بنافلة الليل، أو أدع التعرّض للمؤمنين بسوء، و له أن يؤدّي هذا المعنىٰ بأيّ لغة أُخرىٰ غير العربيّة.

(مسألة 1190): يعتبر في الناذر: العقل، و البلوغ، و الاختيار، و القصد، و عدم الحجر؛

فيلغو نذر الصبي و إن كان مميّزاً، و كذلك نذر المجنون و لو كان أدوارياً حال جنونه، و من اشتدَّ به الغضب إلىٰ أن سلبه القصد، و المفلّس إذا تعلّق نذره بما تعلّق به حقّ الغرماء من أمواله، و السفيه و إن تعلّق نذره بمال خارجي، أو بمال في ذمّته.

(مسألة 1191): يعتبر في متعلّق النذر من الفعل أو الترك أن يكون مقدوراً للناذر، فلا يصحّ منه أن ينذر الحجّ ماشياً مع عدم قدرته علىٰ ذلك، و كذلك يعتبر فيه أن يكون راجحاً، فلو نذر فعل مباح- كشرب الماء- من دون أن يقصد به جهة راجحة- كالتقوّي علىٰ العبادة مثلًا- لم يصحّ نذره، كما لا يصحّ نذره- أيضاً- إذا أصبح متعلّقه مرجوحاً و لو دنيوياً، لأغراض طارئة، كما إذا نذر ترك التدخين و ضرّه تركه.

(مسألة 1192): يعتبر إذن الزوج في صحّة نذر زوجته إذا نافى حقّ

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 385

الزوجيّة إن كان لاحقاً، بل يعتبر إذنه علىٰ الاظهر و إن كان نذرها قبل تزوّجها بها. أمّا نذر الولد فيصحّ فيما إذا لم ينه والده، و لكن إذا نهاه الوالد عن العمل الذي التزم به، انحلّ نذره.

(مسألة 1193): إذا نذر المكلّف الإتيان بالصلاة في مكان بنحو كان منذوره تعيين هذا المكان لها لا نفس الصلاة، فإن كان في المكان جهة رجحان بصورة أوّليّة- كالمسجد- أو بصورة ثانويّة طارئة- كما إذا كان المكان أفرغ للعبادة، و أبعد عن الرياء بالنسبة إلىٰ الناذر- صحّ النذر، و إلّا لم ينعقد و كان لغواً.

(مسألة 1194): إذا نذر الصلاة أو الصوم أو الصدقة في زمان معيّن وجب عليه التقيّد بذلك الزمان في الوفاء، فلو أتىٰ بالفعل قبله أو

بعده لم يعتبر وفاءً؛ فمن نذر أن يتصدّق علىٰ الفقير إذا شُفي من مرضه، أو أن يصوم أوّل كلّ شهر، و تصدّق قبل شفائه أو صام قبل أوّل الشهر أو بعده لم يتحقّق الوفاء بنذره.

(مسألة 1195): إذا نذر صوماً و لم يحدِّده من ناحية الكميّة، كفاه صوم يوم واحد، و إذا نذر صلاة بصورة عامّة دون تحديد، كفته صلاة واحدة، و إذا نذر صدقة و لم يحدّدها نوعاً و كمّاً أجزأه كلّ ما يطلق عليه اسم الصدقة، و إذا نذر التقرب إلىٰ اللّٰه بشي ء- علىٰ وجه عامّ- كان له أن يأتى بأيّ عمل قُربيّ- كالصوم أو الصدقة أو الصلاة و لو ركعة الوتر من صلاة الليل، و نحو ذلك من طاعات و قربات-.

(مسألة 1196): إذا نذر صوم يوم معيّن جاز له أن يسافر- إذا شاء-

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 386

في ذلك اليوم فيفطر و يقضيه، و لا كفّارة عليه، و كذلك إذا جاء عليه اليوم و هو مسافر فإنه لا يجب عليه قصد الإقامة، بل يجوز له الإفطار و القضاء، و إذا لم يسافر، فإن صادف في ذلك اليوم أحد مسوغات الإفطار- كمرض أو حيض أو نفاس- أو اتّفق أحد العيدين فيه أفطر و قضاه، أما إذا أفطر فيه- من دون مسوّغ- عمداً فعليه القضاء و الكفّارة، و الأظهر أنّ كفّارة حنث النذر هي الكفّارة في مخالفة اليمين علىٰ ما يأتي.

(مسألة 1197): إذا نذر المكلّف ترك عمل في زمان محدود لزمه تركه في ذلك الزمان فقط، و إذا نذر تركه مطلقاً- قاصداً الالتزام بتركه في جميع الأزمنة- لزمه تركه مدّة حياته، فإن خالف و أتى بما التزم بتركه عامداً فعليه الكفارة. و لا

جناح عليه في الإتيان به خطأً أو غفلة أو نسياناً أو إكراهاً أو اضطراراً.

(مسألة 1198): إذا نذر المكلّف التصدّق بمقدار معيّن من ماله و مات قبل الوفاء به، فالظاهر أنّه لا يجب التصدق من التركة، إلّا أنّ الأولىٰ لكبار الورثة إخراج ذلك المقدار من حصصهم و التصدّق به من قبله.

(مسألة 1199): إذا نذر الصدقة علىٰ فقير لم يجزه التصدق بها علىٰ غيره، و إذا مات الفقير المعيّن قبل الوفاء بالنذر فالأحوط إعطاؤها لوارثه، و كذلك إذا نذر زيارة أحد الأئمة عليهم السلام معيّناً فإنّه لا يكفيه أن يزور غيره، و إذا عجز عن الوفاء بنذره فلا شي ء عليه.

(مسألة 1200): من نذر زيارة أحد الأئمة عليهم السلام لا يجب عليه عند الوفاء غسل الزيارة و لا صلاتها إذا لم ينصّ علىٰ ذلك في نذره

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 387

و التزامه.

(مسألة 1201): المال المنذور لمشهد من المشاهد المشرّفة يصرف في مصالحه، فينفق منه علىٰ عمارته، أو إنارته، أو لشراء فراش له، و ما إلىٰ ذلك من شئون المشهد.

(مسألة 1202): المال المنذور لشخص الإمام عليه السلام أو بعض أولاده دون أن يقصد الناذر مصرفاً معيّناً، يصرف علىٰ جهة راجعة الىٰ المنذور له، كأن ينفق علىٰ زوّاره الفقراء، أو علىٰ حرمه الشريف و نحو ذلك.

(مسألة 1203): الشاة المنذورة صدقة أو لأحد الأئمة عليهم السلام أو لمشهد من المشاهد إذا نمت نموّاً متصلا- كالسمن- كان النماء تابعاً لها في ارتباطها بالجهة المنذور لها، و إذا نمت نموّاً منفصلا- كما إذا أولدت شاة أخرىٰ، أو حصل منها لبن- فالنماء للناذر.

(مسألة 1204): إذا نذر المكلّف صوم يوم إذا برئ مريضه، أو قدم مسافره، فعلم ببرء المريض و قدوم المسافر

قبل نذره لم يكن عليه شي ء.

(مسألة 1205): لا شأن لنذر الأب و الأمّ في تزويج بنتهما من هاشمي و نحو ذلك، فإن البنت إذا بلغت كان لها الخيار في رفض الزواج بهاشمي و نحوه أو قبوله.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 388

العهد و حكمه

(مسألة 1206): إذا عاهد المكلّف ربّه تعالى أن يفعل فعلا راجحاً بصورة منجّزة، أو فيما إذا قضى اللّٰه له حاجته المشروعة، و أبرز تعهّده هذا بصيغة، كأن يقول: عاهدت اللّٰه، أو عليّ عهد اللّٰه أن أقوم بهذا الفعل- أو أقوم به- إذا برئ مريضي، وجب عليه أن يقوم بذلك العمل وِفقاً لتعهّده، فإن كان تعهّده بدون شرط وجب عليه العمل علىٰ أيّة حال، و إن شرط في تعهّده قضاء حاجته- مثلًا- وجب العمل إذا قضيت حاجته، و إن خالف تعهّده كانت عليه الكفّارة؛ و هي عتق رقبة، أو إطعام ستّين مسكيناً، أو صوم شهرين متتابعين، و على هذا فلا يصحّ العهد بدون صيغته، و المشهور أنّه لا يصحّ إذا لم يكن متعلقه راجحاً، و الأحوط- وجوباً- العمل به إذا لم يكن مرجوحاً شرعاً. و يعتبر في انعقاده ما يعتبر في انعقاد النذر.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 389

اليمين و حكمها

(مسألة 1207): يجب الوفاء باليمين- كالنذر و العهد- و إذا خالفها المكلّف عامداً وجبت عليه الكفّارة، و هي: عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم. و في حال العجز عن هذه الأمور يجب صيام ثلاثة أيام متواليات.

(مسألة 1208): يعتبر في انعقاد اليمين أن يكون الحالف بالغاً عاقلًا مختاراً قاصداً، فلا أثر ليمين الصغير أو المجنون و لو أدواريّاً إذا حلف حال جنونه، و لا ليمين المكره، و السكران، و من اشتدّ به الغضب حتىٰ سلبه قصده و اختياره.

(مسألة 1209): يعتبر في اليمين اللفظ، أو ما هو بمثابته كالإشارة بالنسبة إلىٰ الأخرس، فلا تكفي الكتابة، كما يعتبر أن يكون القسم باللّٰه تعالى، و ذلك يحصل بأحد أمور:

الأوّل: ذكر اسمه المختصّ به، كلفظ الجلالة و ما يلحق

به، كلفظ الرحمن.

الثاني: ذكره بأوصافه و أفعاله المختصّة التي لا يشاركه فيها غيره، كمقلب القلوب و الأبصار، و الذي نفسي بيده، و الذي فلق الحبّة و برأ

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 390

النسمة.

الثالث: ذكره بالأوصاف و الأفعال التي يغلب إطلاقها عليه بنحو ينصرف إليه تعالى و إن شاركه فيها غيره، كالربّ و الخالق و البارئ و الرازق و أمثال ذلك، بل الأحوط ذلك فيما لا ينصرف إليه أيضاً.

(مسألة 1210): يعتبر في متعلق اليمين أن يكون مقدوراً في ظرف الوفاء بها؛ فلو كان مقدوراً حين اليمين، ثمّ عجز عنه المكلّف انحلّ اليمين، و تنعقد اليمين فيما إذا كان متعلّقها راجحاً شرعاً، كفعل الواجب و المستحب و ترك الحرام و المكروه، أو راجحاً دنيويّاً مع عدم رجحان تركه شرعاً، و لو تساوىٰ متعلق اليمين و عدمه في الدين و الدنيا فالأظهر وجوب العمل بمقتضىٰ اليمين.

(مسألة 1211): إذا التزم بالإتيان بعمل أو بتركه بنذر أو عهد أو يمين، و كان مقدوراً في ظرف الوفاء به إلّا أنه تعسّر عليه، لم يجب الوفاء به إذا بلغ العسر مبلغ الحرج، و لا الكفّارة عليه حينئذٍ.

(مسألة 1212): لا تنعقد يمين الولد إذا منعه أبوه، و يمين الزوجة إذا منعها زوجها، و يمين المملوك إذا منعه المالك، و إذا أقسموا بدون إذنهم كان للأب و الزوج و المالك حلّ اليمين، بل لا يبعد أن لا تصحّ يمينهم بدون إذنهم.

(مسألة 1213): إذا ترك الإنسان الوفاء بيمينه نسياناً أو اضطراراً أو إكراهاً، لا تجب عليه الكفّارة، و على هذا الأساس، إذا حلف الوسواسي علىٰ عدم الاعتناء بالوسواس، كما إذا حلف أن يشتغل بالصلاة فوراً، ثمّ

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 391

منعه وسواسه عن ذلك، لم تجب عليه الكفّارة فيما إذا كان الوسواس بالغاً إلىٰ درجة يسلبه عن الاختيار، و إلّا لزمته الكفّارة.

(مسألة 1214): الأيمان؛ إمّا صادقة و إمّا كاذبة، فالأيمان الصادقة ليست محرّمة، و لكنّها مكروهة، فيكره للمكلّف أن يحلف علىٰ شي ءٍ صدقاً، أو أن يحلف علىٰ صدق كلامه.

و أمّا الأيمان الكاذبة فهي محرّمة، بل تعتبر من المعاصي الكبيرة.

و يستثنى من الأيمان الكاذبة ما يقصد بها الشخص دفع الظلم عنه، أو عن سائر المؤمنين، بل قد تجب فيما إذا كان الظالم يهدّد نفسه أو عرضه، أو نفس مؤمن آخر أو عرضه، و في الحالة التي يسمح له فيها باليمين الكاذبة، إن التفت إلىٰ إمكان التورية و كان عارفاً بها، يحسن أن يورّي في كلامه؛ بأن يقصد بالكلام معنىٰ غير معناه الظاهر بدون قرينة موضحة لقصده، فمثلًا: إذا حاول ظالم الاعتداء علىٰ مؤمن، فسألك عن مكانه و أين هو؟

فتقول: ما رأيته، و قد رأيته قبل ساعة، و تقصد بذلك أنك لم تره منذ دقائق.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 392

الوقف و أحكامه

(مسألة 1215): إذا تمّ الوقف بشرائطه الشرعيّة، خرج المال الموقوف عن ملك الواقف، و أصبح مالًا لا يوهب، و لا يورث، و لا يباع إلّا في موارد معيّنة، فيجوز فيها البيع كما تقدم في المسألة (642) و ما بعدها.

(مسألة 1216): يعتبر في الواقف: البلوغ، و العقل، و الاختيار، و القصد، و عدم الحجر لسفه أو تفليس، فلا يصحّ وقف الصبي، و المجنون، و المكره، و المحجور عليه.

(مسألة 1217): يعتبر في الوقف الدوام علىٰ المشهور- فلا يصحّ إذا وقّته الواقف، كما إذا وقف داره علىٰ الفقراء إلىٰ سنة، أو بعد موته- و إخراج الواقف نفسه عن

الوقف، فلو وقف دكّاناً- مثلًا- علىٰ نفسه بأن تُصرف منافعه بعد موته علىٰ مقبرته- مثلًا- لم يصحّ، و إذا وقف مالًا علىٰ الفقراء، ثمّ أصبح فقيراً فالأحوط عدم جواز الانتفاع بمنافعه. و كذلك يعتبر فيه إذا كان من الأوقاف الخاصّة القبض، فلا يصحّ من دون قبض الموقوف عليه أو قبض وكيله أو وليه. و يكفي قبض نفس الواقف إذا وقف مالًا علىٰ أولاده الصغار بقصد أن يكون ملكاً لهم كي ينتفعوا بمنافعه، لأنّه الوليّ عليهم، و أما الأوقاف العامّة فالأحوط اعتبار القبض في صحّتها.

(مسألة 1218): لا تعتبر الصيغة في الوقف فضلًا عن اللغة العربيّة، بل

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 393

يتحقّق بالعمل أيضاً، فلو بنىٰ بناءً بعنوان كونه مسجداً، و أذن بالصلاة فيه كفىٰ ذلك في وقفه، و يصبح- عندئذٍ- مسجداً، و الأحوط اعتبار القبول في الوقف علىٰ الجهات العامّة، كالمدارس و المقابر و القناطر و نحوها، و كذلك الوقف علىٰ العناوين العامّة من النّاس- كالفقراء، أو العلماء و نحوها- و أمّا المساجد فالظاهر عدم اعتبار القبول فيها، و أما اعتبار القبول في الأوقاف الخاصّة فمبنيّ علىٰ الاحتياط.

(مسألة 1219): بطلان الوقف علىٰ الحمل قبل أن يولد لا يخلو من إشكال و الاحتياط لا ينبغي تركه، نعم إذا لوحظ الحمل- بل المعدوم- تابعاً لمن هو موجود بالفعل؛ بأن يجعل طبقة ثانية أو ثالثة له صحّ الوقف بلا إشكال.

(مسألة 1220): إذا وقف الإنسان مالًا؛ فإما أن ينصب متولّياً علىٰ الوقف، و إما أن لا يجعل التولية لأحد؛ فإن نصب للتولية أحداً تعيّن، و وجب علىٰ المنصوب العمل بما قرّره الواقف من الشروط، و إن لم ينصب أحداً فالمال الموقوف؛ إن كان موقوفاً علىٰ أفراد معينين

علىٰ نحو التمليك- كأولاد الواقف مثلًا- جاز لهم التصرّف في العين الموقوفة طبقاً للوقف من دون أخذ إجازة من أحد فيما إذا كانوا بالغين عاقلين، و إذا لم يكونوا بالغين أو عاقلين كان زمام الوقف بيد وليّهم يتصرّف فيه وفقاً لمقتضيات الوقف، و إن كان المال موقوفاً علىٰ جهة عامّة أو خاصّة، أو عنوان كذلك- كالأموال الموقوفة علىٰ الفقراء أو الخيرات-، فالمتولّي له الحاكم الشرعي أو المنصوب من قبله.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 394

(مسألة 1221): المال الموقوف علىٰ أشخاص- كالأولاد طبقة بعد طبقة- إذا آجره المتولّي مدّة من الزمان ملاحظاً بذلك مصلحة الوقف، ثمّ مات أثناءها لم تبطل الإجارة، بل تبقىٰ نافذة إلىٰ أن ينتهي أمدها، و أما إذا آجرت الطبقة الأولىٰ الوقف بنفسها مدّة و انقرضت الطبقة- أثناء تلك المدّة- بطلت الإجارة بالنسبة إلىٰ بقيّة المدّة اذا لم تمضها الطبقة الثانية، و في صورة أخذ الطبقة الأولىٰ للأجرة- كلّها- يكون للمستأجر استرجاع مقدار إجارة المدّة الباقية منها من أموال الطبقة الأولىٰ.

(مسألة 1222): إذا ظهرت خيانة المتولّي للوقف، و عدم صرفه منافع الوقف في الموارد المقرّرة من الواقف فللحاكم أن يضمّ إليه من يمنعه عنها، و إن لم يمكن ذلك عزله و نصب شخصاً آخر متولّياً له.

(مسألة 1223): العين الموقوفة لا تخرج عن وصفها وقفاً بمجرد الخراب، نعم إذا كانت الوقفيّة قائمة بعنوان- كوقف البستان للتنزّه أو للاستظلال- فإن أمكن بيعها و شراء بستان أخرىٰ تعيّن ذلك، و إلّا بطلت الوقفيّة بذهاب العنوان و ترجع ملكاً للواقف، و منه إلىٰ ورثته حين موته.

(مسألة 1224): إذا كان بعض الأموال وقفاً و بعضه ملكاً طلقاً جاز لمن يرجع إليه أمر الوقف- من المتولّي أو الحاكم-

طلب تقسيمه، كما يجوز ذلك لمن يملك البعض ملكاً طلقاً.

(مسألة 1225): إذا كان الفراش وقفاً علىٰ حسينيّة- مثلًا- لم يجز نقله إلىٰ المسجد للصلاة عليه و إن كان المسجد قريباً منها، و كذلك إذا وقف مالًا علىٰ عمارة مسجد معيّن لم يجز صرفه في عمارة مسجد آخر،

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 395

إلّا إذا كان المسجد الموقوف عليه في غنىً عن العمارة إلىٰ أمد بعيد، فيجوز- عندئذٍ- صرف منافع الوقف في عمارة مسجد آخر.

(مسألة 1226): إذا وقف عقاراً لتصرف منافعه في عمارة مسجد معيّن، و يعطى لإمام الجماعة و المؤذّن في المسجد منها؛ فإن كان حاصل الوقف وافياً بالجميع فهو، و إلّا قدّم عمارة المسجد، فإن بقي من منافع الوقف شي ء- بعد العمارة- قسّم بين إمام الجماعة و المؤذن علىٰ السواء، و الأحسن لهما أن يتصالحا في القسمة.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 396

الوصيّة و أحكامها

الوصيّة: هي تمليك عين أو منفعة، أو تسليط علىٰ التصرف بعد الوفاة.

و الوصيّ: هو الشخص المعيّن لتنجيز وصايا الميّت و تنفيذها، فمن عيّنه الموصي لذلك تعيّن و سمّي: وصيّاً.

(مسألة 1227): يعتبر في الموصي: البلوغ، و العقل، و الاختيار؛ فلا تصحّ وصيّة المجنون و المكره، و كذلك الصبي إلّا إذا بلغ عشر سنين و كان قد عقل، و أوصى لأرحامه، و في نفوذ وصيّته لغير أرحامه إشكال. و كذا في اعتبار الرشد لإنفاذ وصيّة الموصي إشكال فينبغي علىٰ ورثته الكبار ألّا يتركوا الاحتياط في إنفاذ وصيّته.

و يعتبر في الموصي- أيضاً- أن لا يكون مُقدماً علىٰ موته بتناول سمّ، أو إحداث جرح عميق و نحو ذلك مما يجعله عرضة للموت، ففي حال قيام الإنسان بمثل هذه المحاولات عمداً لا تصحّ وصيّته

في ماله و لا تنفذ.

(مسألة 1228): لا يعتبر في صحّة الوصيّة اللفظ، بل تكفي الإشارة المُفهمة للمراد من الموصي و إن كان قادراً علىٰ النطق. و يكفي في ثبوت

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 397

الوصيّة وجدان كتابة للميّت دلّت القرائن علىٰ أنّه كتبها بعنوان الوصيّة، و أما لزوم العمل بما كتبه- فيما إذا علم أنّه كتبها ليوصي علىٰ طبقها بعد ذلك- فمشكل.

(مسألة 1229): إذا أوصىٰ الإنسان لشخص بمال فقبل الموصىٰ له الوصيّة، ملك بعد موت الموصي و إن كان قبوله في حياة الموصي، بل الظاهر عدم اعتبار القبول في الوصيّة، و المشهور أنّ ردّ الموصىٰ له الوصيّة التمليكيّة مبطل لها إذا كان الردّ بعد الموت و لم يسبق بقبوله، و لكنّه لا يخلو عن إشكال.

(مسألة 1230): إذا ظهرت للإنسان علامات الموت وجب عليه أمور:

منها: ردّ الأمانات إلىٰ أصحابها، أو إعلامهم بذلك إذا خاف عدم أداء الوارث.

و منها: وفاء ديونه إذا كانت عليه ديون قد حَلّ أجلها و هو قادر علىٰ وفائها و طالبه الدائن؛ و أما إذا لم يكن قادراً علىٰ وفائها، أو كان أجلها لم يحلّ بعدُ، أو لم يطالبه الدائن، وجبت عليه الوصيّة بها و الاستشهاد عليها، هذا إذا توقف أداء ديونه عليها، و إلّا لم تجب الوصيّة بها.

و منها: أداء الخمس و الزكاة و المظالم فوراً إذا كان عليه شي ء من ذلك، و كان يتمكّن من الأداء؛ و إذا لم يتمكّن من الأداء و كان له مال، أو احتمل أن يؤدّي ما عليه بعض المؤمنين تبرّعاً و إحساناً، وجبت عليه

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 398

الوصيّة به.

و منها: الوصيّة باتخاذ أجير من ماله علىٰ الإتيان بما عليه من

الصلاة و الصيام إذا ضاق الوقت عن أدائهما؛ بل إذا لم يكن له مال و احتمل أن يقضيها شخص آخر عنه مجّاناً وجبت عليه الوصيّة به أيضاً، و إذا كان له ولد أكبر يجب عليه قضاء ما فاته- علىٰ ما تقدّم- تخيّر بين الإيصال و إخباره.

و منها: إعلام الورثة بما له من مال عند غيره، أو في محلّ خفيّ لا يعلمه غيره، لئلّا يضيع حقّهم، و لا يجب علىٰ الأب نصب القيّم علىٰ الصغار إلّا إذا كان إهمال ذلك موجباً لضياعهم أو ضياع أموالهم، فإنّه يجب علىٰ الأب- و الحالة هذه- جعل القيّم الأمين عليهم علىٰ الأحوط.

(مسألة 1231): المشهور أن يكون الوصيّ للمسلم مسلماً، و أن يكون عاقلًا مطمئناً به فيما يرجع إلىٰ حقوق غير الموصي- كأداء الحقوق الواجبة- بل مطلقاً علىٰ الأحوط، و الأحوط أن يكون بالغاً أيضاً.

(مسألة 1232): يجوز للموصي أن يوصي إلىٰ اثنين أو أكثر، و في حالة تعدّد الأوصياء؛ إن نصّ الموصي علىٰ أنّ لكلّ منهم صلاحيّة التصرّف بصورة مستقلّة عن الآخر، أو علىٰ عدم السماح لهم بالتصرّف إلّا مجتمعين، أخذ بنصّه، و إن لم يكن للموصي نصّ فلا يجوز لكل منهم الاستقلال بالتصرّف، بل لا بدّ من اجتماعهم، و إذا تشاحّ الأوصياء- و لم يجتمعوا- أجبرهم الحاكم علىٰ الاجتماع، و إذا تعذّر ذلك ضمّ الحاكم إلىٰ أحدهما شخصاً آخر حسب ما يراه من المصلحة و ينفذ تصرّفهما.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 399

(مسألة 1233): إذا أوصىٰ أحد بثلث ماله لزيد ثمّ رجع عن وصيّته بطلت الوصيّة من أصلها، و إذا غيّر وصيّته- كما إذا جعل رجلًا خاصّاً قيّماً علىٰ الصغار، ثمّ جعل مكانه شخصاً آخراً- بطلت الوصيّة الأولىٰ و

لزمت الوصيّة الثانية.

(مسألة 1234): إذا أتىٰ الموصي بما يُعلم به رجوعه عن وصيّته- كما إذا أوصىٰ بداره لزيد ثمّ باعها، أو وكّل غيره في بيعها- بطلت الوصيّة.

(مسألة 1235): لو أوصىٰ بشي ء معيّن لشخص ثمّ أوصىٰ بنصفه لشخص آخر، قسّم المال بينها بالسويّة.

(مسألة 1236): إذا وهب المالك بعض أمواله و أوصى ببعضها ثمّ مات، نفذت الهبة من دون حاجة إلىٰ إجازة الوارث- كما تقدم- و يخرج ما أوصىٰ به من ثلثه من الباقي.

(مسألة 1237): إذا أوصىٰ بإبقاء ثلثه و صرف منافعه في مصارف معيّنة- كالخيرات- وجب العمل علىٰ طبق وصيّته.

(مسألة 1238): إذا اعترف في مرض الموت بدين عليه، و لم يُتّهم في اعترافه بقصد الإضرار بالورثة جاز اعترافه، و خرج المقدار المعترف به من أصل ماله، و مع الاتّهام يخرج من الثلث.

(مسألة 1239): إذا أوصىٰ المالك بإعطاء شي ء من ماله إلىٰ أحد بعد موته لم يعتبر وجود الموصىٰ له حال الوصيّة، فإن وجد في ظرف الإعطاء له أُعطي له، و إلّا صُرف فيما هو أقرب إلىٰ نظر الموصي، و إذا أوصىٰ بشي ءٍ لأحد؛ فإن كان موجوداً عند موت الموصي ملكه، و إلّا بطلت الوصيّة،

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 400

و رجع المال ميراثاً لورثة الموصي، مثلًا إذا أوصىٰ لحمل؛ فإن تولّد حيّاً ملك الموصىٰ به، و إلّا رجع المال إلىٰ ورثة الموصي.

(مسألة 1240): لا يجب علىٰ الموصىٰ إليه قبول الوصاية، و له أن يردّها في حياة الموصي بشرط أن يبلغه الردّ، بل الأحوط اعتبار تمكّنه من الإيصال إلىٰ شخص آخر أيضاً، فلو كان الردّ بعد موت الموصي، أو قبل موته و لكن الردّ لم يبلغه حتىٰ مات، أو بلغه و لم يتمكّن من الإيصاء لشدّة

المرض- مثلًا- لم يكن للردّ أثر، و كانت الوصاية لازمة، نعم إذا كان العمل بالوصيّة حرجيّاً علىٰ الموصىٰ إليه جاز له ردّها.

(مسألة 1241): ليس للوصيّ أن يفوّض أمر الوصيّة إلىٰ غيره، نعم له أن يوكّل من يثق به في القيام بشئون ما يتعلّق بالوصيّة فيما لم يكن غرض الموصي مباشرة الوصيّ بشخصه.

(مسألة 1242): إذا أوصىٰ إلىٰ اثنين مجتمعين و مات أحدهما، أو طرأ عليه جنون أو غيره ممّا يوجب ارتفاع وصايته، فللحاكم الشرعي أن يضمّ إليه شخصاً آخر، و له- أيضاً- نصب شخص ثالث مكانهما إذا كان كافياً بالقيام بشئون الوصيّة، و إذا ماتا معاً فللحاكم نصب شخص واحد إذا كان كذلك.

(مسألة 1243): إذا عجز الوصي عن انجاز الوصيّة ضمّ إليه الحاكم من يساعده فيها.

(مسألة 1244): الوصيّ أمين؛ فلا يضمن ما يتلف في يده إلّا مع التعدّي أو التفريط، مثلًا: إذا أوصىٰ الميّت بصرف ثلثه علىٰ فقراء بلده،

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 401

فنقله الوصيّ إلىٰ بلد آخر، و تلف المال في الطريق ضمن لتفريطه بمخالفته الوصيّة.

(مسألة 1245): لا بأس بالإيصاء علىٰ الترتيب، بأن يوصي إلىٰ زيد، فإن مات فإلىٰ عمرو، إلّا أنّ وصاية عمرو تتوقّف علىٰ موت زيد.

(مسألة 1246): الحجّ الواجب علىٰ الميّت بالأصالة و كذا الحقوق الماليّة- مثل الخمس و الزكاة و المظالم- تخرج من أصل المال، سواء أوصىٰ بها الميّت أم لا.

(مسألة 1247): إذا زاد شي ء من مال الميّت بعد أداء الحجّ و الحقوق الماليّة؛ فإن كان قد أوصىٰ بإخراج الثلث أو أقلّ منه، فلا بدّ من العمل بوصيّته، و إلّا كان تمام الزائد للورثة.

(مسألة 1248): لا تنفذ الوصيّة فيما يزيد علىٰ ثلث الميّت، فإن أوصىٰ بنصف ماله- مثلًا- توقّف نفوذها

في الزائد علىٰ الثلث علىٰ إمضاء الورثة، فإن أجازوا- و لو بعد موت الموصي بمدّة- صحّت الوصيّة و إلّا بطلت في المقدار الزائد، و لو أجازها بعضهم دون بعض نفذت في حصّة المجيز خاصّة.

(مسألة 1249): إذا أوصىٰ بنصف ماله مثلًا، و أجازت الورثة ذلك قبل موت الموصي نفذت الوصيّة، و لم يكن لهم ردّها بعد موته.

(مسألة 1250): إذا أوصىٰ بأداء الخمس و الزكاة و غيرهما من الديون، و باستيجار من يقضي فوائته من الصلاة و الصيام، و بالصرف في الأمور المستحبّة كإطعام المساكين- كُلّ ذلك من ثلث ماله- وجب أداء

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 402

الديون أوّلًا، فإن بقي شي ء صرف في أجرة الصوم و الصلاة، فإن زاد صُرف الزائد في المصارف المستحبّة، فإذا كان ثلثه بمقدار دينه فقط- و لم يجز الوارث وصيّته في الزائد علىٰ الثلث- بطلت الوصيّة في غير الدين.

(مسألة 1251): لو أوصىٰ بأداء ديونه و بالاستيجار للصوم و الصلاة، و بالإتيان بالأمور المستحبّة؛ فإن لم يوص بأداء الأمور المذكورة من ثلث ماله وجب أداء ديونه من أصل المال، فإن بقي منه شي ء يصرف ثلثه في الاستيجار للصلاة و الصوم و الإتيان بالأمور المستحبّة إذا وفى الثلث بذلك، و إلّا فإن أجازت الورثة الوصيّة في المقدار الزائد وجب العمل بها، و إن لم تجزها وجب الاستئجار للصلاة و الصوم من الثلث، فإن بقي منه شي ء يصرف الباقي في الأمور المستحبّة.

(مسألة 1252): إذا أوصىٰ من لا وارث له- إلّا الإمام- بجميع ماله للفقراء و المساكين و ابن السبيل؛ ففي نفوذ وصيّته في جميع المال- كما عن بعضهم، و تدلّ عليه بعض الروايات-، و عدم نفوذها- كما هو المعروف- إشكال و لا

يبعد الأول، و أما لو أوصىٰ بجميع ماله في غير الأمور المذكورة فالأظهر عدم نفوذ الوصيّة.

(مسألة 1253): تثبت دعوىٰ مدّعي الوصاية له بمال؛ بشهادة رجلين عدلين، و بشاهد و يمين، و بشهادة رجل و امرأتين، و بشهادة أربع نسوة، و يثبت ربع الوصيّة بشهادة امرأة واحدة، و نصفها باثنتين، و ثلاثة أرباعها بثلاث، و تمامها بأربع، كما تثبت الدعوىٰ الآنفة الذكر بشهادة رجلين ذميّين عدلين في دينهما عند الضرورة و عدم تيسّر عدول

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 403

المسلمين، و أما دعوىٰ القيمومة علىٰ الصغار من قبل أبيهم، أو الوصاية علىٰ صرف مال الميّت فلا تثبت إلّا بشهادة عدلين من الرجال.

(مسألة 1254): إذا لم يردّ الموصى له الوصيّة و مات في حياة الموصي، أو بعد موته قامت ورثته مقامه، فاذا قبلوا الوصيّة ملكوا المال الموصىٰ به، بل يملكونه بمجرّد عدم الردّ إذا لم يرجع الموصي عن وصيّته.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 404

أحكام الكفّارات

(مسألة 1255): الكفّارة قد تكون مرتّبة، و قد تكون مخيّرة، و قد يجتمع فيها الأمران، و قد تكون كفّارة الجمع.

(مسألة 1256): كفّارة الظهار و قتل الخطأ مرتّبة، و يجب فيهما: عتق رقبة، فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستّين مسكيناً، و كذلك كفّارة من أفطر يوماً من قضاء شهر رمضان بعد الزوال، و يجب فيها إطعام عشرة مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيام، و الأحوط أن تكون متتابعات.

(مسألة 1257): كفّارة من أفطر يوماً من شهر رمضان، أو خالف عهداً مخيّرة، و هي: عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستّين مسكيناً.

(مسألة 1258): كفّارة الإيلاء و كفّارة اليمين و كفّارة النذر- حتىٰ نذر صوم يوم معيّن- اجتمع

فيها التخيير و الترتيب، و هي عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم. فإن عجز صام ثلاثة أيام متواليات.

(مسألة 1259): كفّارة قتل المؤمن عمداً ظلماً كفّارة جمع، و هي عتق رقبة، و صيام شهرين متتابعين، و إطعام ستّين مسكيناً، و كذلك الإفطار علىٰ حرام في شهر رمضان علىٰ الأحوط.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 405

(مسألة 1260): إذا اشترك جماعة في القتل العمدي فوجوب الكفّارة علىٰ كلّ واحد منهم، و كذا في قتل الخطأ.

(مسألة 1261): إذا كان المقتول مهدور الدم شرعاً- كالزاني المحصن، و اللائط، و المرتدّ- فقتله غير الإمام، لم تجب الكفّارة إذا كان بإذنه، و أما إن كان بغير إذن الإمام ففيه إشكال.

(مسألة 1262): قيل: من حلف بالبراءة فحنث فعليه كفّارة ظهار، فإن عجز فكفّارة اليمين، و لا دليل عليه، و قيل: كفّارته إطعام عشرة مساكين، و به رواية معتبرة.

(مسألة 1263): الأحوط الأولىٰ في جَزّ المرأة شعرها في المصاب كفّارة الإفطار في شهر رمضان، و في نتف شعرها أو خدش وجهها إذا أدمته، أو شقّ الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته كفّارة يمين علىٰ الأحوط الأولىٰ.

(مسألة 1264): لو تزوّج بامرأة ذات بعل، أو في العدّة الرجعيّة لزمه أن يفارقها، و الأحوط أن يُكفّر بخمسة أصوع من دقيق، و إن كان الأقوىٰ عدم وجوبه.

(مسألة 1265): لو نام عن صلاة العشاء الآخرة حتىٰ خرج الوقت أصبح صائماً علىٰ الأحوط استحباباً.

(مسألة 1266): لو نذر صوم يوم أو أيام فعجز عنه فالأحوط أن يتصدّق لكلّ يوم بمُدّ علىٰ مسكين، أو يعطيه مُدّين ليصوم عنه.

(مسألة 1267): إذا عجز عن الصيام في المرتّبة- و لو لأجل كونه

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 406

حرجاً عليه- وجب

الإطعام، و كلّ مورد يجب فيه الإطعام؛ فإن كان بالتسليم لزم لكلّ مسكين مُدّ من الحنطة أو الدقيق أو الخبز علىٰ الأحوط في كفّارة اليمين، و أما في غيرها فيجزي مطلق الطعام- كالتمر، و الأرز، و الأقط، و الماش، و الذرّة-، و لا تجزي القيمة، و الأفضل- بل الأحوط- مدّان، و لو كان بالإشباع أجزأه مطلق الطعام.

و يستحبّ الإدام، و أعلاه اللحم، و أوسطه الخلّ، و أدناه الملح.

(مسألة 1268): يجوز إطعام الصغار مباشرة و تسليم الطعام إلىٰ وليّهم ليصرفه عليهم، و الأحوط احتساب الاثنين منهم بواحد.

(مسألة 1269): يجوز التبعيض في التسليم و الإشباع، فيشبع بعضهم و يسلّم إلىٰ الباقي، و لكن لا يجوز التكرار مطلقاً؛ بأن يشبع واحداً مرّات متعدّدة، أو يدفع إليه أمداداً متعدّدة من كفّارة واحدة إلّا إذا تعذّر استيفاء تمام العدد علىٰ الأحوط.

(مسألة 1270): الكسوة لكلّ فقير ثوب وجوباً، و ثوبان استحباباً، بل هما مع القدرة أحوط.

(مسألة 1271): لا بد من التعيين مع اختلاف نوع الكفّارة، و يعتبر التكليف و الإسلام في المكفِّر، كما يعتبر في مصرفها الفقر، و الأحوط اعتبار الإيمان. و لا يجوز دفعها لواجب النفقة، و يجوز دفعها إلىٰ الأقارب، بل لعلّه أفضل.

(مسألة 1272): المدار في الكفّارة المرتّبة علىٰ حال الأداء، فلو كان قادراً علىٰ العتق ثمّ عجز صام، و لا يستقرّ العتق في ذمّته. و يكفي في

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 407

تحقّق الموجب للانتقال إلىٰ البدل فيها العجز العرفي في وقت التكفير، فإذا أتىٰ بالبدل ثمّ طرأت القدرة أجزأ، بل إذا عجز عن الرقبة فصام شهراً ثمّ تمكّن منها اجتزأ بإتمام الصوم.

(مسألة 1273): في كفّارة الجمع- إذا عجز عن العتق- وجب الباقي، و عليه الاستغفار

علىٰ الأحوط، و كذا إذا عجز عن غيره من الخصال.

(مسألة 1274): يجب في الكفّارة المخيّرة التكفير بجنس واحد، فلا يجوز أن يكفّر بنصفين من جنسين؛ بأن يصوم شهراً أو يطعم ثلاثين مسكيناً.

(مسألة 1275): الأشبه في الكفّارة الماليّة و غيرها جواز التأخير بمقدار لا يُعدّ من المسامحة في أداء الواجب، و لكن المبادرة أحوط.

(مسألة 1276): من الكفّارات المندوبة ما روي عن الصادق عليه السلام: من أنّ كفّارة عمل السلطان قضاء حوائج الإخوان، و كفّارة المجالس أن تقول عند قيامك منها: «سبحان ربّك ربّ العزّة عما يصفون، و سلام علىٰ المرسلين، و الحمد للّٰه ربّ العالمين»، و كفّارة الضحك أن يقول: «اللهم لا تمقتني»، و كفّارة الاغتياب: الاستغفار للمغتاب، و كفّارة الطيرة: التوكّل، و كفّارة اللطم علىٰ الخدود: الاستغفار و التوبة.

(مسألة 1277): إذا عجز عن الكفّارة المخيّرة لإفطار شهر رمضان عمداً استغفر و تصدّق بما يطيق علىٰ الأحوط، و لكن إذا تمكّن بعد ذلك لزمه التكفير علىٰ الأحوط وجوباً.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 408

أحكام الإرث

اشارة

(مسألة 1278): الأرحام في الإرث ثلاث طبقات، فلا يرث أحد الأقرباء في طبقة إلّا إذا لم يوجد للميّت أقرباء من الطبقة السابقة عليها.

و ترتيب الطبقات كما يلي:

الطبقة الأولىٰ: الأبوان و الأولاد مهما نزلوا؛ فالولد و ولد الولد كلاهما من الطبقة الأولىٰ، غير أن الولد يمنع الحفيد و السبط عن الإرث عند اجتماعهما مع الولد.

الطبقة الثانية: الأجداد و الجدّات مهما تصاعدوا، و الإخوة و الأخوات، أو أولادهما مع عدم وجودهما؛ و إذا تعدّد أولاد الأخ منع الأقرب منهم الأبعد عن الميراث، فابن الأخ مقدّم في الميراث علىٰ حفيد الأخ، و هكذا، كما أن الجدّ يتقدم علىٰ أبي الجد.

الطبقة الثالثة: الأعمام و الأخوال

و العمّات و الخالات؛ و إذا لم يوجد أحد منهم قام أبناؤهم مقامهم، و لوحظ فيهم الأقرب فالأقرب؛ فلا يرث الأبناء مع وجود العمّ أو الخال أو العمّة أو الخالة إلّا في حالة واحدة، و هي أن يكون للميّت عمّ أبوي- يشترك مع أب الميّت في الأب فقط- و له ابن عمّ من الأبوين- يشارك أبا الميّت في الوالدين معاً- فإن ابن العمّ- في هذه الحالة- يُقدّم علىٰ العمّ.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 409

و إذا لم يوجد للميّت أقرباء من هذه الطبقات ورثته عمومة أبيه و أمّه، و عمّاتهما و أخوالهما و خالاتهما و أبناء هؤلاء مع عدم وجودهم، و إذا لم يوجد للميّت أقرباء من هذا القبيل ورثته عمومة جدّه و جدّته و أخوالهما و عمّاتهما و خالاتهما، و بعدهم أولادهم مهما تسلسلوا، و الأقرب منهم يُقدّم علىٰ الأبعد.

و هناك بإزاء هذه الطبقات الزوج و الزوجة، فإنّهما يرثان بصورة مستقلة عن هذا الترتيب، علىٰ تفصيل يأتي.

إرث الطبقة الأولىٰ

(مسألة 1279): إذا لم يكن للميّت قريب من الطبقة الأولىٰ إلّا أبناؤه ورثوا المال كلّه؛ فإن كان له ولد واحد- ذكراً كان أو أنثىٰ- كان له كلّ المال، و إذا تعدّد أولاده- و كانوا جميعاً ذكوراً أو إناثاً- تقاسموا المال بينهم بالسويّة، و إذا مات عن أولاد ذكور و إناث كان للولد ضِعف البنت؛ فمن مات عن ولد و بنت واحدة قسّم ماله ثلاثة أسهم، و أعطي للولد سهمان، و للبنت سهم واحد.

(مسألة 1280): إذا لم يكن للميّت قريب من الطبقة الأولىٰ غير أبويه؛ فإن كان أحدهما حيّاً فقط أخذ المال كلّه، و إن كانا معاً حيّين أخذ الأب ثلثي المال، و أخذت الأمّ الثلث مع

عدم الحاجب، و مع وجود الحاجب من الأقرباء ينقص سهم الأم من الثلث إلىٰ السدس، و يعطى

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 410

الباقي للأب، كما إذا كان للميّت إخوة، فإنّهم- و إن لم يرثوا شيئاً- إلّا أنّهم يحجبون الأمّ عن الثلث، فينخفض سهمها من الثلث إلىٰ السدس إذا توفّرت فيهم شرائط معيّنة، و هي خمسة:

1- وجود الأب.

2- أن لا يقلّ الإخوة عن رجلين، أو أربع نساء، أو رجل و امرأتين.

3- أن يكونوا إخوة الميّت لأبيه و أمّه، أو للأب خاصّة.

4- الإسلام.

5- الحريّة.

6- ان يكونوا منفصلين بالولادة لا حملًا.

(مسألة 1281): لو اجتمع الأبوان مع الأولاد فلذلك صور:

منها: أن يجتمع الأبوان مع بنت واحدة و لا تكون للميّت إخوة يحجبون الأمّ- كما سبق-؛ فيقسّم المال خمسة أسهم، فلكلّ من الأبوين سهم واحد، و للبنت ثلاثة أسهم.

و منها: أن يجتمع الأبوان مع بنت واحدة و للميّت إخوة يحجبون الأمّ؛ فيقسّم المال أسداساً، و تعطى ثلاثة أسهم كاملة منها للبنت، كما تعطى- أيضاً- ثلاثة أرباع سدس آخر، و تنخفض حصّة الأمّ إلىٰ السدس، فتكون حصّة الأب السدس و ربع السدس، فبالنتيجة يقسّم المال أربعة و عشرين حصّة؛ تعطى أربعة منها للأمّ، و خمسة منها للأب، و الباقي- و هو خمس عشرة حصّة- للبنت.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 411

و منها: أن يجتمع الأبوان مع ولد واحد، فيقسّم المال إلىٰ ستّة أسهم، يعطى كلّ من الأبوين منها سهماً، و يعطى الولد سهاماً أربعة، و كذلك الحال اذا تعدّد الأولاد مع وجود الأبوين، فإنّ لكلّ من الأب و الأمّ السدس، و تعطى السهام الأربعة للأولاد يتقاسمونها بينهم بالسوية إن كانوا ذكوراً جميعاً أو إناثاً، و إلّا قسّمت بينهم

علىٰ قاعدة: أنّ للولد ضِعف ما للبنت.

(مسألة 1282): إذا اجتمع أحد الأبوين مع الأولاد فله صور أيضاً:

منها: أن يكون أحد الأبوين حيّاً و للميّت بنت واحدة، فيعطى ربع المال للأب أو الأمّ، و يعطى الباقي كلّه للبنت.

و منها: أن يجتمع أحد الأبوين مع ولد واحد، أو أولاد ذكور للميّت، و في هذه الحالة يعطىٰ أحد الأبوين سدس المال و الباقي للولد، و مع التعدّد يقسّم بينهم بالسويّة.

و منها: أن يجتمع أحد الأبوين مع بنات للميّت، فيأخذ الأب أو الأمّ خمس المال، و يكون الباقي للبنات، يقسّم بينهن بالسويّة.

و منها: أن يجتمع أحد الأبوين مع ولد و بنت معاً، فيعطى سدس المال للأب أو الأمّ، و يقسّم الباقي بين أولاده؛ للذكر مثل حظّ الأنثيين.

(مسألة 1283): اذا لم يكن للميّت ابن أو بنت بلا واسطة كان الإرث لأولادهما، فيرث حفيده حصّة أبيه و إن كان أنثىٰ، و يرث سبطه حصّة أمّه و إن كان ذكراً، للذكر مثل حظّ الأنثيين، فلو مات شخص عن بنت ابن و ابن بنت؛ أخذت البنت سهمين و أخذ الابن سهماً واحداً.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 412

إرث الطبقة الثانية

(مسألة 1284): سبق أنّ الإخوة من الطبقة الثانية، و وراثة الأخ لأخيه تتصور علىٰ أنحاء:

1- أن يكون وارث الميّت أخاً واحداً، أو أختاً واحدة؛ فللأخ أو الأخت- في هذه الحالة- المال كلّه، سواء أ كانت الأخوّة باعتبار الأب أو الأمّ، أو باعتبارهما معاً.

2- أن يرثه إخوة متعدّدون كلّهم إخوته لأبيه و أمّه، أو كلّهم إخوته لأبيه فقط فيقسّم المال بينهم بالسويّة إن كانوا جميعاً ذكوراً أو إناثاً، و إلّا قسّم علىٰ قاعدة: إنّ للذكر ضِعف ما للأنثىٰ، فللأخت سهم و للأخ سهمان.

3- أن يرثه

إخوة متعدّدون، كلّهم إخوته لأمّة، فيقسّم المال بينهم بالسويّة، سواء أ كانوا ذكوراً أو إناثاً، أو مختلفين.

4- أن يجتمع الأخ للأبوين مع الأخ للأب، دون أخ للأمّ، فيرث المال كلّه الأخ للأبوين، و لا يرث الأخ للأب شيئاً، و مع تعدّد الإخوة للأبوين- في هذه الحالة- يتقاسمون المال علىٰ قاعدة: إن للذكر ضِعف ما للأنثىٰ.

5- أن يجتمع الإخوة للأبوين، أو الإخوة للأب- إذا لم يكن إخوة للأبوين-، مع أخ واحد أو أخت واحدة للأمّ، فيعطى للأخ أو الأخت للأمّ سدس واحد، و يقسّم الباقي علىٰ سائر الإخوة؛ للذّكر ضِعف الأنثىٰ.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 413

6- أن يجتمع الإخوة للأبوين، أو الإخوة للأب إذا لم تكن إخوة للأبوين، مع إخوة و أخوات للأمّ، فينقسم الميراث ثلاثة أسهم، يعطى سهم منها للإخوة من الأمّ يتقاسمونه بالسويّة ذكوراً و إناثاً، و السهمان الآخران للباقين: للذكر ضِعف الأنثىٰ.

7- أن يجتمع الإخوة من الابوين مع أخوة للأب، و أخ واحد أو أخت واحدة للأمّ، فيحرم الإخوة للأب من الميراث، و يعطى للأخ أو الأخت من الأمّ سدس المال، و يقسّم الباقي- كلّه- علىٰ إخوته من الأبوين؛ للذكر ضِعف الأنثى.

8- أن يجتمع للميّت إخوة من الأبوين، و إخوة للأب و إخوة للأمّ، فلا يرث الإخوة للأب- كما في الصورة السابقة- و يعطى للإخوة المتعدّدين من الأمّ ثلث المال، يقسم بينهم بالسويّة ذكوراً و إناثاً، و الثلثان الآخران للإخوة من الأبوين؛ للذّكر ضعف الأنثىٰ.

(مسألة 1285): إذا مات الزوج عن زوجة و إخوة، ورثته الزوجة- علىٰ تفصيل يأتي- و ورثته إخوته- وفقاً لما عرفت في المسائل السابقة-.

و إذا ماتت الزوجة عن إخوة و زوج، كان للزوج نصف المال و الباقي للإخوة-

طبقاً لما سبق- غير أنّ الإخوة للأمّ لا يرد عليهم النقص، و إنّما يرد علىٰ الإخوة للأب أو للأبوين، فإذا كانت التركة ستّة دراهم، و كان للميّت زوج- مثلًا- كان اللازم للإخوة من الأمّ أن يأخذوا درهمين منها، كما لو لم يوجد زوج لأختهم المتوفاة، و يعطى للزوج ثلاثة دراهم-

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 414

نصف التركة- و يبقى درهم واحد للإخوة من الأب أو الأبوين، و هذا معنىٰ أنّ الإخوة للأب أو الأبوين يرد النقص عليهم دون الإخوة من الأمّ.

(مسألة 1286): إذا لم يكن للميّت إخوة قامت ذريّتهم مقامهم في أنصبتهم، و كذلك في طريقة توزيعها بالتساوي أو الاختلاف علىٰ المشهور، فذريّة الإخوة من الأمّ توزع التركة عليهم بالتساوي ذكوراً و إناثاً، و ذريّة الأخوة من الأب أو الأبوين يكون التقسيم بينهم علىٰ قاعدة: أن للذكر ضعف حظّ الأنثىٰ علىٰ المشهور، و الأحوط الرجوع إلىٰ الصلح.

(مسألة 1287): الأجداد و الجدّات من الطبقة الثانية كالإخوة- كما سبق- و لإرثهم صور:

1- أن ينحصر الوارث في جدّ، أو جدّة لأبيه أو لأمّه؛ فالمال كلّه للجدّ أو الجدّة، و مع الجدّ الأقرب أو الجدّة لا يرث الأبعد.

2- أن يرثه جدّه و جدّته لأبيه، فللجدّ الثلثان، و للجدّة الثلث.

3- أن يرثه جدّه و جدّته لأمّه؛ فيقسم بينهم المال جميعاً بالسويّة.

4- أن يرثه أحد جدّيه لأبيه مع أحد جدّيه لأمّه؛ فللجدّ أو الجدّة من الأمّ الثلث، و الباقي للجدّ أو الجدّة من الأب.

5- أن يرثه جدّاه- الجد و الجدة- لأبيه و جدّاه لأمّه؛ فيعطى للجدّين من الأب ثلثان، للجدّ منه ضعف ما للجدّة، و يعطى للجدّين من الأمّ الثلث يقسّم بينهما بالسوية كما هو المشهور.

(مسألة 1288): إذا مات الرجل

و له زوجة و جدّان- الجدّ و الجدّة-

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 415

لأبيه و جدّان لأمّه، فيعطي لجدّيه من الأمّ ثلث مجموع التركة يقسّم بين الجدّ و الجدّة علىٰ السواء علىٰ المشهور، و ترث الزوجة نصيبها- علىٰ تفصيل سوف يأتي-، و يعطى الباقي لجدّه و جدّته لأبيه؛ للذّكر منهما ضعف حظّ الأنثىٰ.

(مسألة 1289): إذا ماتت المرأة عن زوج و جدّ و جدّة، أخذ الزوج نصف المال، و الباقي للجدّ و الجدّة، وفقاً للتفصيلات السابقة.

(مسألة 1290): إذا اجتمع الأخ أو الأخت أو الإخوة أو الأخوات مع الجدّ أو الجدّة، أو الأجداد و الجدّات؛ ففيه صور:

الأولىٰ: أن يكون كلّ من الجدّ أو الجدّة و الأخ أو الأخت جميعاً من قبل الأمّ، ففي هذه الصورة يقسّم المال بينهما بالسويّة، و إن اختلفوا في الذكورة و الأنوثة.

الثانية: أن يكون جميعاً من قبل الأب، ففي هذه الصورة يقسّم المال بينهم بالتفاضل للذكر مثل حظّ الأنثيين مع الاختلاف في الذكورة و الأنوثة، و إلّا فبالسويّة.

الثالثة: أن يكون الجدّ أو الجدّة للأب، و الأخ أو الأخت للأبوين؛ و حكم هذه الصورة حكم الصورة الثانية.

الرابعة: أن يكون الأجداد أو الجدّات متفرّقين؛ فكان بعضهم للأب و بعضهم للأمّ، سواء أ كانوا جميعاً ذكوراً أو جميعاً إناثاً، أو مختلفين في الذكورة و الأنوثة، و كانت الإخوة و الأخوات- أيضاً- كذلك؛ يعني كان بعضهم للأمّ و بعضهم للأب، كانوا جميعاً ذكوراً أو إناثاً أو مختلفين فيهما،

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 416

ففي هذه الصورة يقسّم المال علىٰ الشكل التالي: للمتقرّب بالأمّ من الإخوة أو الأخوات و الأجداد أو الجدّات جميعاً الثلث يقسّمونه بينهم بالسويّة و لو مع الاختلاف في الذكورة و الأنوثة علىٰ

المشهور، و للمتقرّب بالأب منهم كذلك الثلثان الباقيان يقتسمونهما بينهم بالتفاضل- للذّكر مثل حظّ الأنثيين- مع الاختلاف فيهما، و إلّا فبالسويّة.

الخامسة: أن يكون مع الجدّ أو الجدّة من قبل الأب أخ أو أخت من قبل الأمّ، ففي هذه الصورة يكون للأخ أو الأخت السدس إن كان واحداً، و الثلث إن كان متعدداً، يقسّم بينهم بالسويّة، و الباقي للجدّ أو الجدّة، واحداً كان أو متعدداً، نعم في صورة التعدد يقسّم بينهم بالتفاضل مع الاختلاف في الذكورة و الأنوثة، و إلّا فبالسويّة.

السادسة: أن يكون مع الجدّ أو الجدّة للأمّ أخ للأب؛ ففي هذه الصورة يكون للجدّ أو الجدّة الثلث- واحداً كان أو متعدّداً-، و للأخ الثلثان و إن كان واحداً، و إذا كانت مع أحدهما أخت للأب، فإن كانتا اثنتين فما فوق فلهنّ الثلثان، و إن كانت واحدة فلها النصف، و للجدّ أو الجدّة الثلث في كلتا الصورتين، فيبقىٰ السدس زائداً من الفريضة في الصورة الأخيرة، و لا يترك الاحتياط بالصلح فيه.

السابعة: أن يكون الأجداد أو الجدّات متفرّقين، فكان بعضهم للأب و بعضهم للأمّ، و كان معهم أخ أو أخت للأب واحداً كان أو أكثر؛ ففي هذه الصورة يقسّم المال علىٰ النحو التالي: للجدّ أو الجدّة من قبل الأمّ الثلث، و مع التعدّد يقسّم بينهم بالسويّة علىٰ ما هو المشهور و لو مع

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 417

الاختلاف في الذكورة و الأنوثة، و للجدّ أو الجدّة و الأخ أو الأخت للأب جميعاً الثلثان الباقيان يقسّمان بالتفاضل مع الاختلاف، و إلّا فبالسويّة.

و إذا كان معهم أخ أو أخت للأمّ يكون للجدّ أو الجدّة للأم مع الأخ أو الأخت لها الثلث بالسويّة علىٰ المشهور، و لو

مع الاختلاف في الذكورة و الأنوثة، و للجدّ أو الجدّة للأب الثلثان يقسّمان بالتفاضل مع الاختلاف فيهما، و إلّا فبالسويّة.

الثامنة: أن يكون مع الإخوة أو الأخوات المتفرقين جدّ أو جدّة للأب، ففي هذه الصورة يكون للأخ أو الأخت للأمّ السدس إن كان واحداً، و الثلث إن كان متعدّداً، يقتسمونه بينهم بالسوية، و للأخ أو الأخت للأب مع الجدّ أو الجدّة له الباقي يقتسمونه للذكر مثل حظّ الأنثيين مع الاختلاف و إلّا فبالسويّة، و إن كان معهم جدّ أو جدّة للأمّ فقط فللجدّ أو الجدّة مع الأخ أو الأخت للأمّ جميعاً الثلث يقتسمونه بينهم بالسوية علىٰ المشهور، و للأخ أو الأخت للأب الباقي يقتسمونه بينهم بالتفاضل مع الاختلاف، و إلّا فبالسوية.

(مسألة 1291): أولاد الإخوة لا يرثون مع الإخوة شيئاً، فلا يرث ابن الأخ و إن كان للأبوين مع الأخ أو الأخت و إن كان للأب أو الأمّ فقط.

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 418

إرث الطبقة الثالثة

(مسألة 1292): العمّ و العمّة من الطبقة الثالثة، و لإرثهما صور:

منها: أن ينحصر الوارث في عمّ واحد، أو عمّة واحدة؛ فالمال كلّه للعمّ أو العمّة، سواء كانا مشتركين مع أب الميّت في الأب و الأمّ معاً- العمّ أو العمّة للأبوين- أو في الأب فقط- العمّ أو العمّة للأب- أو في الأمّ فقط- العمّ و العمّة للأمّ-.

و منها: أن يموت الشخص عن أعمام أو عمّات، كلّهم أعمام أو عمّات للأب، أو للأمّ أو للأبوين؛ فيقسّم المال جميعاً عليهم بالسويّة.

و منها: أن يموت الشخص عن عمّ و عمّة، كلاهما للأب، أو كلاهما للأبوين فالمشهور؛ أنّ للعمّ ضِعف ما للعمّة، و لا فرق- في ذلك- بين أن يكون العمّ أو العمّة واحداً أو أكثر

من واحد، و الأحوط الرجوع الىٰ الصلح.

و منها: أن يموت الشخص عن أعمام و عمّات للأمّ؛ و الأحوط في هذه الصورة هو الرجوع إلىٰ الصلح.

و منها: أن يموت الشخص عن أعمام و عمّات، بعضهم للأبوين و بعضهم للأب و بعضه للأمّ؛ فلا يرثه الأعمام و العمّات للأب و إنما يرثه الباقون، فإذا كان للميّت عمّ واحد للأمّ، أو عمّة واحدة كذلك، فالمشهور علىٰ أنه يعطىٰ السدس، و أخذ الأعمام و العمّات للأبوين الباقي يقسّم

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 419

بينهم علىٰ قاعدة: أنّ للذّكر ضعف حظّ الأنثىٰ، و إذا كان للميّت عمّ للأمّ و عمّة لها- معاً- أخذا الثلث، و في تقسيمه بينهما بالسويّة أو بالتفاضل إشكال، و الأحوط الرجوع إلىٰ الصلح.

و منها: أن يموت الشخص عن أعمام و عمّات بعضهم للأب و بعضهم للأمّ؛ فيقوم المتقرّب بالأب- في هذه الصورة- مقام المتقرّب بالأبوين في الصورة السابقة.

(مسألة 1293): الأخوال و الخالات من الطبقة الثالثة- كما مرّ-، و إذا اجتمع منهم المتقرّبون بالأب و المتقرّبون بالأمّ، و المتقرّبون بالأبوين لم يرث المتقرّبون بالأب- أي الخال المتّحد مع أمّ الميّت في الأب فقط- و إنما يرثه الباقون.

(مسألة 1294): إذا اجتمع من الأعمام و العمّات واحداً أو أكثر، مع واحد أو أكثر من الأخوال؛ قسم المال ثلاثة أسهم: فسهم واحد للخئولة، و سهمان للعمومة، و إذا لم تكن للميّت أعمام و أخوال قامت ذريّتهم مقامهم- علىٰ نحو ما ذكرناه في الأخوة- غير أنّ ابن العمّ للأبوين يتقدم علىٰ العمّ للأب، كما تقدّم.

(مسألة 1295): إذا كان ورثة الميّت من أعمام أبيه و عمّاته، و أخواله و خالاته، و من أعمام أمّه و عمّاتها، و أخوالها و خالاتها؛

أعطى ثلث المال لهؤلاء المتقرّبين بالأمّ و في تقسيمه بينهم بالسويّة او بالتفاضل إشكال، فالأحوط الرجوع إلىٰ الصلح، و أما الباقي فثلثاه لعمّ الأب و عمّته يقسّم بينهما للذّكر مثل حظ الانثيين، و ثلثه للخال و الخالة، و في تقسيمه بينهما

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 420

بالتفاضل أو بالتسوية إشكال، فالأحوط الرجوع إلىٰ الصلح، و إذا لم يكن هؤلاء كان الإرث لذريّتهم مع رعاية الأقرب فالأقرب.

ارث الزوج و الزوجة

(مسألة 1296): للزوج نصف التركة إذا لم يكن للزوجة ولد، و له ربع التركة إذا كان لها ولد و لو من غيره، و باقي التركة يقسّم علىٰ سائر الورثة، و للزوجة- إذا مات زوجها- ربع المال إذا لم يكن للزوج ولد، و لها الثمن إذا كان له ولد و لو من غيرها، و الباقي يعطىٰ لسائر الورثة، غير أن الزوجة لها حكم خاصّ في الإرث، فإنّ بعض الأموال لا ترث منها مطلقاً، و لا نصيب لها- لا فيها و لا في قيمتها و ثمنها- و هي الأراضي بصورة عامّة، كأرض الدار و المزرعة، و ما فيها من مجرى القنوات، و بعض الأموال لا ترث منها عيناً، و لكنّها ترث منها قيمة؛ بمعنىٰ أنّ للوارث دفع القيمة إليها، و يجب عليها القبول، و ذلك في الأشجار و الزرع و الأبنية التي في الدور و غيرها، فإنّ سهم الزوجة في قيمة تلك الأموال، و أما غير تلك الأموال من أقسام التركة فترث منه الزوجة. كما يرث سائر الورثة.

(مسألة 1297): لا يجوز لسائر الورثة التصرّف فيما ترث منه الزوجة و لو قيمة- كالأشجار، و بناء الدار- إلّا مع الاستيذان منها، كما أنه لا بدّ لهم لكي يعطوا الزوجة نصيبها من

قيمة البناء و الأشجار و نحوها- ممّا للزوجة نصيب في قيمته لا في عينه- أن يقوِّموا البناء و الشجر بملاحظته ثابتاً في

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 421

الأرض بدون أجرة مدى بقائه، و يعطى إرث الزوجة من قيمته المستنبطة علىٰ هذا الأساس.

(مسألة 1298): إذا تعدّدت الزوجات؛ قسّم الربع أو الثمن عليهنّ و لو لم يكن قد دخل بهنّ أو ببعضهنّ، و يستثنى من ذلك من لم يدخل بها و كان قد تزوّجها في مرضه الذي مات فيه، فإنّها لا ترث منه كما أنّه ليس لها المهر، و لكن الزوج إذا تزوّج امرأة في مرض موتها يرث منها و لو لم يدخل بها.

(مسألة 1299): الزوجان يتوارثان فيما إذا انفصلا بالطلاق الرجعي ما دامت العدّة باقية، فإذا انتهت أو كان الطلاق بائناً فلا توارث.

(مسألة 1300): إذا طلّق الرجل زوجته في حال المرض و مات قبل انقضاء السنة- أي اثني عشر شهراً هلاليّاً- ورثت الزوجة عند توفّر شروط ثلاثة:

1- أن لا تتزوّج المرأة بغيره إلىٰ موته أثناء السنة، و إذا تزوّجت فالأحوط الصلح.

2- أن لا يكون الطلاق بعوض من الزوجة مع كراهتها له، بل يشكل إرثها منه إذا كان الطلاق بطلب منها، و إن كان من دون بذل عوض.

3- موت الزوج في ذلك المرض بسببه، فلو برئ من ذلك المرض و مات بسبب آخر لم ترثه الزوجة، و إذا مات في ذلك المرض بسبب أمر آخر فالأحوط الصلح.

(مسألة 1301): ما تستعمله الزوجة من ثياب و نحوها- بسماح من

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 422

زوجها لها بذلك- لا تعتبر جزءاً من التركة و تختصّ بالزوجة.

مسائل متفرقة في الإرث

(مسألة 1302): يعطىٰ من تركة الميّت للولد الأكبر أو للولدين

المتساويين في العمر- مع عدم وجود أخ أكبر منهما- قرآن الميّت و خاتمه و سيفه و لباسه الذي لبسه. أو أعدّه للبسه، فإذا تعدّد غير اللباس- كما إذا كان له سيفان- تعيّن الاحتياط بالصلح مع باقي الورثة.

(مسألة 1303): إذا كان علىٰ الميّت دين؛ فإن كان مستغرقاً للتركة وجب علىٰ الولد الأكبر صرف مختصّاته الآنفة الذكر في أداء الدين، و جاز له- علىٰ إشكال- فكّها بما يخصّها من الدين، و إن لم يكن مستغرقاً كان عليه المساهمة في أدائه من تلك المختصات بالنسبة، فلو كان الدين يساوي نصف مجموع التركة كان عليه صرف نصف تلك المختصّات في هذا السبيل، و جاز له فكّها بالنسبة.

(مسألة 1304): يعتبر في الوارث أن يكون مسلماً إذا كان المورِّث كذلك، فلا يرث الكافر من المسلم، و إن ورث المسلم من الكافر، و كذلك يعتبر فيه أن لا يكون قد قتل مورِّثه عمداً ظلماً، و أما إذا قتله خطأ- كما إذا رمىٰ بحجارة إلىٰ الهواء فوقعت علىٰ مورِّثه و مات بها- فيرث منه، إلّا أن إرثه من الدية محلّ نظر.

(مسألة 1305): الحمل يرث إذا انفصل حيّاً، و عليه فما دام حملا؛ إن

المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، ص: 423

علم بوحدته يفرز له نصيب الذكر، و يقسم باقي التركة علىٰ سائر الورثة، و إن احتمل تعدّد الحمل، فالمشهور أن يفرز سهم ولدين ذكرين.

و الحمد للّٰهِ ربّ العالمين

و صلّى اللّٰه علىٰ محمّد و آله الطاهرين

و لعنة اللّٰه علىٰ أعداءهم أعداء الدين

الىٰ يوم الدين

________________________________________

قمّى، سيد محمد حسينى روحانى، المسائل المنتخبة (للروحاني، السيد محمد)، در يك جلد، شركة مكتبة الألفين، كويت، اول، 1417 ه ق

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.